المعارضة السورية تسعى لوضع طريق الإغاثة إلى حلب تحت رقابة دولية

البنتاغون: مقتل وزير إعلام «داعش» في قصف جوي بالرقة

عائلة سورية تحمل أمتعتها داخل حافلة قبل مغادرتها بلدتها جرابلس (غيتي)
عائلة سورية تحمل أمتعتها داخل حافلة قبل مغادرتها بلدتها جرابلس (غيتي)
TT

المعارضة السورية تسعى لوضع طريق الإغاثة إلى حلب تحت رقابة دولية

عائلة سورية تحمل أمتعتها داخل حافلة قبل مغادرتها بلدتها جرابلس (غيتي)
عائلة سورية تحمل أمتعتها داخل حافلة قبل مغادرتها بلدتها جرابلس (غيتي)

تحول العوائق السياسية واللوجستية دون إيصال المساعدات إلى الأحياء المحاصرة في مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، في وقت كشفت مصادر في المعارضة السورية عن مساعٍ لـ«تأميم» طريق الكاستيلو في المدينة، بغرض ضمان إيصال المساعدات إلى أحياء حلب المحاصرة.
ومع إعلان موسكو أن مدينة المعضمية في جنوب دمشق «باتت مستعدة لاستقبال قافلة المساعدات» اليوم الأحد، تبقى مدينة حلب، أبرز المتضررين من التجاذب السياسي الدولي، في ظل «غموض يحيط بالاتفاق الأميركي – الروسي»، كما قالت مصادر بارزة في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن عدم إيصال المساعدات إلى حلب «لا يحمل مؤشرات إيجابية على نجاح الهدنة». وأردفت: «إننا قلقون من هذا الاتفاق على ضوء التجاذب الروسي الأميركي حول مطالبة موسكو، وواشنطن، بالكشف عن بنوده». في هذا الوقت، أعرب ديفيد سوانسون، المسؤول في مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من أجل سوريا، أمس السبت عن شعوره بالإحباط إزاء العجز عن إيصال المساعدات المطلوبة بشدة لمدينة حلب السورية المقسمة، بعد أيام من سريان هدنة بوساطة الولايات المتحدة وروسيا. وقال سوانسون: «حتى اليوم السبت لم يتم إحراز أي تقدم وهو ما يعد شيئا محبطا للغاية للمجتمع الإنساني». ولقد نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن سوانسون قوله: «الأمم المتحدة مستعدة لإرسال 20 شاحنة من المساعدات الإنسانية فور تلقي إشارة البدء ويليها 20 شاحنة أخرى في اليوم التالي». وتابع سوانسون إن ما يقرب من 80 ألف شخص سوف يستفيدون من هذه المساعدة التي تستهدف المناطق المحاصرة التي تسيطر عليها المعارضة في شرق حلب.
قوافل المساعدات الإغاثية، موجودة على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا منذ الأسبوع الماضي، لكنها لم تدخل بعد إلى أحياء حلب المحاصرة. ويعتبر توصيل المساعدات إلى حلب اختبارا حاسما للهدنة. ويُعتقد أن تنازع السيطرة على طريق الكاستيلو في حلب أحد أسباب تأخير توصيل المساعدات. وفي هذا الشأن قال نائب رئيس محافظة «حلب حرة» منذر سلال لـ«الشرق الأوسط» إن العوائق التي تحول دون وصولها «سياسية ولوجستية»، موضحا أن الاتفاق حول آلية إدخالها والجهة التي ستسلم المساعدات والجهة التي ستراقب وصولها إلى العائلات الحلبية «لم تنتهِ بعد»، لافتا إلى أن المفاوضات «تتناول طريقة تأمين طريق المساعدات، وإخراج الطريق من سيطرة النظام ومن سيطرة قوات المعارضة أيضا»، مشيرا إلى أن المساعدات المتوقفة عند معبر باب الهوى «تنتظر النتيجة النهائية للاتفاقات». أما بالنسبة للعوائق التقنية، فقال سلال إنها مرتبطة بمن سيتسلمها، «هل سيكون هناك جمعيات أو منظمات دولية، أم أن المجلس المحلي لحلب سيتسلمها، ومن هي الجهة التي ستشرف على العملية بأكملها؟».
وبانتظار حلحلة على مستوى تلك العقبات، اخترق المشهد طلب من المعارضة بتدويل طريق المساعدات من الحدود التركية إلى أحياء حلب الشرقية. وقالت مصادر معارضة لـ«الشرق الأوسط» إن تدويل هذا الطريق «مطلبنا، وسننقله للأميركيين»، موضحة أن المساعي تنطلق من وجوب «جعل الطريق إنسانيا»، لافتةً إلى أن آلية تحويله «لم تثر بعد، ولم يتحدد ما إذا كانت لجان أممية أو مدنية أو عسكرية دولية يمكن أن تنتشر عليه لضمان وصول المساعدات». ومن جهته، قال سلال إن «هناك مساعي لجعل الطريق أمميا، وذلك لضمانة وصول قوافل المساعدات إلى الأحياء المحاصرة في حلب»، بمعنى «خروج طريق المساعدات إلى حلب عن سيطرة النظام وسيطرة المعارضة أيضا».
غير أن المتحدث باسم «الهيئة العليا للمفاوضات» الوزير السابق الدكتور رياض نعسان آغا، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن مطلب المعارضة «ليس تدويلا، بمعنى انتشار قوات أممية على الطريق المؤدي إلى حلب عبر الكاستيلو، بل نطالب بأن يوضع طريق المساعدات تحت رقابة دولية». وأضاف «نحن نريد إدخال المساعدات إلى الأحياء المحاصرة، وعليه يجب أن ينسحب النظام من طريق مرور المساعدات تنفيذا للاتفاق الأميركي الروسي الذي أبلغنا به راتني عبر رسالته إلى المعارضة، وتنفيذ إدخال المساعدات». وللعلم، تنتشر قوات النظام على طريق الكاستيلو، وهو الطريق الإلزامي للوصول إلى أحياء حلب الشرقية المحاصرة، امتدادا إلى مزارع الملاح، بينما تتمركز قوات المعارضة في منطقة حريتان بالريف الشمالي لحلب المحاذية لطريق الكاستيلو، كما تتمركز في منطقة الشقيّف جنوب طريق الكاستيلو، وهي المعبر إلى أحياء حلب الشرقية.
وحسب نعسان آغا فإن مطلب الإشراف الدولي على إدخال المساعدات «لم يكن مطلبنا في الأساس، وإن المعارضة كانت ترغب بإدخال المساعدات عبر معبر الراموسة، خوفا من استيلاء النظام على المساعدات، لكن التغيرات الميدانية والضغط الروسي دفعا للقبول بمرورها عبر الكاستيلو، مقابل انسحاب النظام مسافة 3.5 كيلومتر عن طريق الكاستيلو، كما جاء في رسالة راتني للمعارضة». وأردف: «النظام لن يسمح بإدخال المساعدات، وسيواصل وضع العراقيل، لذلك يجب أن يكون هناك دور دولي بالرقابة على إدخال المساعدات»، متابعا أن إدخال المساعدات «يجب أن يشمل سائر المناطق السورية، وبشكل عاجل إلى حلب وكذلك مدينة مضايا التي سجل فيها إصابة عشرات الأطفال بمرض السحايا، وتنفيذ القرارات الأممية خصوصا 2254».
دعوات المعارضة هذه، تلتقي مع ترحيب 101 منظمة إنسانية وحقوقية وتنموية، إقليمية ودولية، بوقف الأعمال العدائية في سوريا، معتبرة أن الاتفاق قد يصبح خطوة مهمة بالنسبة لمستقبل سوريا. وفي بيان مشترك، قالت المنظمات إن وقف الأعمال العدائية هذا الأسبوع والتي تفاوض عليها روسيا والولايات المتحدة «يمكن أن يكون خطوة هامة إلى الأمام بالنسبة لمستقبل سوريا، لأنه سيحفظ حياة عدد لا يحصى كل يوم» من المدنيين. وأضاف البيان أن روسيا والولايات المتحدة أحدثتا انخفاضا كبيرا في العنف ووقف الغارات الجوية، ويجب أن يستخدم البلدان نفوذهما على نظام الأسد، والمعارضة لضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ودون عوائق». كما أشار البيان إلى أن ما لا يقل عن 275 ألف إنسان محاصرون شرق حلب، يحتاجون للغذاء والوقود والإمدادات الطبية، بالإضافة لتفشي التهاب السحايا، في بلدة مضايا بدمشق ينبغي أن تعطى أولوية.
إلى ذلك، شارفت أحياء حلب على كارثة إنسانية مع انخفاض مخزون المدنيين من المواد الغذائية والطبية والوقود. وحسب كلام سلال لـ«الشرق الأوسط» فإن الوضع الإنساني في المدينة «سيئ، ولم يعد موجودا إلا ما هو مخزن منذ فترة، إذ يقتات الحلبيون على المعلبات، بينما يقتصدون بالخبز الذي باتت صناعته صعبة في ظل انخفاض الوقود». وأشار إلى أن مواطني حلب «لا يتناولون الخضار والفواكه، بينما أصبحت المحروقات عملة نادرة». وأشار إلى أن المخزون من الأدوية واللوازم الطبية «لم يعد كبيرا، وهو المخزون الذي دخل إثر فتح معبر الراموسة قبل إقفاله»، مشددا على أن الاحتياطي من اللوازم الطبية في المستشفيات «لا يكفي لعلاج الحالات المرضية وعلاج الأمراض المستعصية، كما أنه يمنعها من تقديم الخدمات الطبية على نطاق واسع في حال اندلعت معارك مرة أخرى».
وكانت الأمم المتحدة وجهت أصابع الاتهام إلى الحكومة السورية في تعطيل المساعدات من خلال عدم تقديم خطابات تكفل الدخول. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن قافلة الشاحنات الأولى تحمل طحينا يكفي لأكثر من 150 ألف شخص بينما تحمل القافلة الثانية مواد غذائية تكفي نحو 35 ألف شخص لمدة شهر.
من جهة أخرى, أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أول من أمس «مقتل وزير إعلام تنظيم داعش، وائل عادل حسن سلمان الفياض، في قصف جوي لقوات التحالف قرب مدينة الرقة السورية»، مضيفا أن الضربة الجوية استهدفته بينما كان على متن دراجة نارية خارج منزله. وقال المتحدث باسم البنتاغون، بيتر كوك، إن هذا القيادي كان «يشرف على إنتاج شرائط الفيديو الدعائية التي تتضمن مشاهد إعدامات وتعذيب»، قبل بثها بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأوضح أنه كان أيضا متعاونا مقربا من القيادي الثاني في التنظيم أبو محمد العدناني، الذي قتل في غارة في 30 أغسطس (آب) الماضي، كما كان «عضوا مهما» في مجلس شورى التنظيم. وختم المتحدث كوك قائلا إن «تصفية قادة في تنظيم داعش يضعف قدرات هذا التنظيم على الاحتفاظ بالأراضي التي يسيطر عليها، كما يضعف قدراته على التخطيط والتمويل والقيام بهجمات» في العراق وسوريا وباقي أنحاء العالم. وأكد كوك أن الولايات المتحدة الأميركية ستواصل أعمالها مع شركائها حتى القضاء على تنظيم داعش الإرهابي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.