التحالف يقصف حامية دير الزور.. ومقتل 83 من جيش النظام يخلط الأوراق

القيادة الأميركية اعترفت بالغارة.. وقالت إنها بالخطأ * الهدنة تتراجع.. وواشنطن وروسيا تتبادلان اللوم

شرطيان من القوات الحكومية يسيران في أحد أسواق حلب العتيقة التي تعرضت للدمار بفعل القصف (أ.ف.ب)
شرطيان من القوات الحكومية يسيران في أحد أسواق حلب العتيقة التي تعرضت للدمار بفعل القصف (أ.ف.ب)
TT

التحالف يقصف حامية دير الزور.. ومقتل 83 من جيش النظام يخلط الأوراق

شرطيان من القوات الحكومية يسيران في أحد أسواق حلب العتيقة التي تعرضت للدمار بفعل القصف (أ.ف.ب)
شرطيان من القوات الحكومية يسيران في أحد أسواق حلب العتيقة التي تعرضت للدمار بفعل القصف (أ.ف.ب)

لقي العشرات من جنود النظام السوري، مصرعهم في غارات شنها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، على مواقع لهم في حامية عسكرية في دير الزور في شرق البلاد.
وأقر التحالف بشن الغارة. وقال بيان صادر عن قيادة القوات الأميركية في الشرق الأوسط، إن طائراتها كانت تتعقب تحركات تنظيم داعش في المنطقة، وقامت بقصف مواقعه، لكنها تبلغت من قبل الجانب الروسي أن الموقع الذي قصف يتبع لقوات النظام السوري، فأوقفت الغارة. وفيما اتهم النظام التحالف بتقديم غطاء جوي لتنظيم داعش الذي يحاصر قواته في جزء من المدينة ومحيطها، قال الجيش الروسي إن 60 جنديًا على الأقل سقطوا في الغارات، مشيرا إلى أن الحادث وقع بسبب غياب التنسيق.
ونعت القيادة العامة لقوات النظام الجنود. وقال بيان بثه التلفزيون السوري، إن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب قام بتنفيذ جولتين من القصف الجوي الذي استهدف مواقع كتيبتي المدفعية والصواريخ في جبل الثردة الحامي لمدينة دير الزور، أسفر عن مقتل 83 قتيلاً وجرح أكثر من 120 آخرين، ومهد لتقدم قوات «داعش» للسيطرة على الموقعين. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن مصادر عسكرية تابعة للنظام السوري داخل مطار دير الزور العسكري، أن عدة طائرات تابعة للتحالف الدولي استهدفت مواقع لقوات النظام في محيط المطار وجبل ثردة المطل على المطار والقريب منه. وقال المرصد، إنه «لا يستطيع أن يؤكد أو ينفي الخبر بسبب وجود طائرات روسية كانت تقصف المنطقة بشكل مكثف بالوقت ذاته».
وفي حال كان التحالف مسؤولاً عن الضربة، فإنه يكون قد خلط الأوراق الميدانية في سوريا أمس، إثر تنفيذه الضربة التي سبقت هجومًا لتنظيم داعش، أسفر عن سيطرة التنظيم على جبل ثردة، وكتيبة المدفعية، بحسب ما أكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط».
وقال المرصد إن الضربة الجوية، أسفرت عن مقتل أكثر من 80 قتيلاً من قوات النظام وجرح أكثر من مائة، في ضربة هي الأولى من نوعها تنفذها طائرات التحالف ضد قوات النظام منذ بدء عملياتها في سوريا في 23 سبتمبر (أيلول) 2014. ومن شأن هذه الضربة أن تساهم في ضرب قدرات قوات النظام التي تسيطر على المرتفعات حول مدينة دير الزور، وتستخدمها للدفاع عن المدينة منذ عامين. وقد نفذت قوات النظام، الخميس الماضي، هجومًا استطاعت خلاله تحقيق بعض التقدم في غرب المدينة على حساب التنظيم.
وتعد مدينة دير الزور، آخر معاقل النظام في المحافظة الحدودية مع العراق في شرق سوريا، وتقاتل قوات النظام منذ عامين للدفاع عن المدينة، ومطارها العسكري، حيث نفذ التنظيم عشرات الهجمات ضدها. واستطاع التنظيم السيطرة على أجزاء من المدينة، إثر التقدم إلى أحيائها الغربية والشمالية الغربية خلال الشتاء الماضي.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة قصفت جنودًا سوريين يخوضون قتالاً ضد مقاتلي تنظيم داعش قرب المطار في دير الزور، مما أدى إلى مقتل 62 جنديًا وإصابة نحو 100، قبل أن يعلن المرصد ارتفاع الحصيلة إلى 80 جنديًا على الأقل في هذه الضربات التي شنتها «طائرات تابعة للتحالف الدولي»، نقلاً عن «مصادر عسكرية تابعة للنظام السوري».
وتحدثت وزارة الدفاع الروسية عن أنه «إذا كانت الضربات قد نفذت بطريق الخطأ، فهذا دليل على رفض واشنطن المتصلب تنسيق عملياتها العسكرية في سوريا مع روسيا. وقالت الوزارة إن معركة شرسة تجرى حاليًا بين جيش النظام السوري ومسلحي التنظيم المتشدد». وأوضح الجيش الروسي أنه «مباشرة بعد الضربات التي شنتها طائرات التحالف، شن مقاتلو تنظيم داعش هجومًا»، مشيرًا إلى وقوع «معارك ضارية مع الإرهابيين» في المنطقة المجاورة لمطار دير الزور.
وفي وقت سابق, تبادلت كل من واشنطن وموسكو الاتهامات وإلقاء اللوم مع تراجع وتدهور هدنة وقف إطلاق النار في سوريا، وتأخر وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة. ولقد لوّحت واشنطن وهددت بعدم التعاون العسكري مع موسكو ما لم تضغط موسكو على النظام السوري ليسمح بنفاذ آمن لقوافل المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، التي يقيم فيها أكثر من 250 ألف سوري من المدنيين المحاصرين من قبل قوات النظام.
هذا، وبدا القلق واضحًا إزاء الوضع المتدهور في سوريا في اجتماع الرئيس الأميركي باراك أوباما مع كبار مستشاريه مساء الجمعة، حين عقد اجتماع ضم كبار مستشاري الأمن القومي ووزير الخارجية جون كيري، ووزير الدفاع آشتون كارتر، وخرج بيان البيت الأبيض يشير بشكل واضح إلى «قلق أوباما العميق من الوضع في سوريا، وإلى إلقاء اللوم على النظام الروسي والسوري في تراجع الهدنة».



واشنطن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

واشنطن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»
TT

واشنطن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

واشنطن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

دعت سفارة الولايات المتحدة في اليمن، السبت، جماعة الحوثيين إلى إطلاق موظفي السفارة المعتقلين منذ ثلاث سنوات «فوراً ودون شروط»، واصفة أعمال الجماعة القمعية ضد عمال الإغاثة والموظفين الأمميين بـ«الإرهابية الوحشية».

وكانت الجماعة الحوثية قد بدأت أخيراً إجراءات محاكمة المعتقلين لديها من موظفي السفارة الأميركية والوكالات الأممية والمنظمات الدولية الإغاثية، من خلال إحالتهم إلى نيابة خاضعة للجماعة في صنعاء، مختصة بأمن الدولة وقضايا الإرهاب، وهو ما أثار قلق رؤساء الوكالات الأممية والدولية، مع تجدّد المطالب بسرعة إطلاق سراح المحتجزين فوراً.

وجاءت الدعوات الأميركية في بيان للسفارة، أشارت فيه إلى أن الجماعة الحوثية تحتجز منذ ثلاث سنوات «مواطنين يمنيين أبرياء ظلماً وبصورة غير شرعية (...) لم يرتكبوا أي جرائم».

وأضافت السفارة أن الجماعة تحتجز الموظفين السابقين لدى السفارة «بصفتهم رهائن لمجرد أنهم يعملون لدى السفارة الأميركية في صنعاء، لبناء التفاهم والعلاقات القوية بين اليمن والولايات المتحدة، وتوفير احتياجات أسرهم». وزادت بالقول «إنهم يمنيون وطنيون وجدوا ببساطة عملاً ذا معنى مع السفارة الأميركية».

وتطرّق البيان الأميركي إلى مرور أكثر من أربعة أشهر منذ أن أقدم الحوثيون «بوحشية» على احتجاز يمنيين آخرين بصفتهم رهائن، مما أدى مرة أخرى إلى إبعاد مواطنين متفانين في خدمة بلدهم بعيداً عن أسرهم لمجرد أداء عملهم الاعتيادي لدى الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية.

وشنّت الجماعة المدعومة من إيران في يونيو (حزيران) الماضي أوسع حملة اعتقالات للعاملين في مجال الإغاثة والمنظمات الأممية والدولية والمحلية، وسط تقديرات باعتقال نحو 70 شخصاً، بينهم نساء، ليُضافوا إلى عشرات آخرين من موظفي الأمم المتحدة والعاملين السابقين في الهيئات الدبلوماسية الأجنبية.

الحوثيون احتجزوا العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية في اليمن (إ.ب.أ)

وأشارت السفارة إلى أن الجماعة الحوثية «تنضم إلى قائمة طويلة ومخزية من الجماعات الإرهابية الوحشية» التي تلحق الأذى الجائر بالرجال والنساء الأبرياء، استناداً فقط إلى اتهامات لا أساس لها من الصحة، وأدلة ملفقة، واعترافات بالإكراه.

وأعرب البيان عن القلق العظيم إزاء التقارير التي تشير إلى أن «ميليشيا الحوثي» أحالت الكثير من هؤلاء المعتقلين اليمنيين الأبرياء إلى المحاكمة بتهم لا أساس لها من الصحة.

وأكدت السفارة تضامنها مع هؤلاء اليمنيين الأبرياء وأسرهم الذين تحمّلوا هذه المحنة المؤلمة التي تنتهك بشكل صارخ الحقوق الإنسانية لهؤلاء المعتقلين.

وشدد البيان على أن السفارة لن ترتاح حتى يعود المحتجزون إلى أحبائهم الذين يفتقدونهم بشدة، داعياً الحوثيين إلى «الإفراج الفوري غير المشروط» عن جميع هؤلاء المعتقلين.

قلق دولي ويمني

كان رؤساء الوكالات الأممية والمنظمات الدولية أصدروا قبل أيام بياناً مشتركاً عبّروا فيه عن قلقهم البالغ بعد إحالة الحوثيين عدداً من المعتقلين من موظفي الوكالات والمنظمات إلى «النيابة الجزائية» المتخصصة في قضايا أمن الدولة والإرهاب الخاضعة للجماعة في صنعاء.

ويثير القرار الحوثي، حسب رؤساء الوكالات الأممية والمنظمات الدولية، «مخاوف جدية» بشأن سلامة وأمن العاملين في هذه الوكالات والمنظمات وأسرهم.

وفي حال تمت إدانة هؤلاء المحتجَزين عبر المحاكم الحوثية، فإن العقوبة التي تنتظرهم هي الإعدام، بالنظر إلى التهم التي كانت الجماعة روّجتها بحقهم، وهي تهم مزعومة بـ«الجاسوسية» لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل.

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء غداة مقتل زعيم حركة «حماس» الفلسطينية يحيى السنوار (أ.ف.ب)

وفي أحدث البيانات الحكومية، جدّدت وزارة حقوق الإنسان اليمنية إدانتها «بشدة» استمرار اختطاف وإخفاء أكثر من 70 موظفاً وناشطاً، بينهم 5 نساء، منذ مطلع يونيو 2024 في سجون الحوثيين ومعتقلاتهم، الذين وصفتهم بـ«الميليشيا الإرهابية».

وذكرت الوزارة، في بيان، أن المختطفين، الذين بينهم 19 من موظفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ما زالوا حتى اللحظة مخفيين قسراً، ولم يستطع أهاليهم معرفة أماكن احتجازهم أو حالاتهم الصحية في أقبية الميليشيات. ووصفت ذلك بأنه «انتهاك صارخ لحقوقهم في الحياة، والحرية، والأمن الشخصي».

وأشار البيان إلى أن المحتجَزين والمختطفين يقبعون في سجون سرية، ويتعرّضون لصنوف من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية؛ لإجبارهم على الإدلاء بأقوال واعترافات تدينهم.