«القائمة النسبية».. تجربة جديدة للأردن

قلة نضج غالبية الأحزاب سياسياً دفع بمرشحي العشائر إلى الواجهة

«القائمة النسبية».. تجربة جديدة للأردن
TT

«القائمة النسبية».. تجربة جديدة للأردن

«القائمة النسبية».. تجربة جديدة للأردن

يجمع المراقبون على أن القانون الذي ستجرى على أساسه انتخابات مجلس النواب الثامن عشر في الأردن المقررة يوم 20 سبتمبر (أيلول) الحالي لن يوصل أي حزب أو تجمع سياسي إلى حكومة برلمانية، التي كانت من أبرز مطالب الربيع الأردني خلال السنوات الماضية.
وعلى الرغم من أن القانون الجديد ألغى قانون الصوت الواحد واشترط على المرشحين الدخول في قوائم على مستوى المحافظة أو الدائرة الانتخابية، فإن الغالبية العظمى من المهتمين بالعملية الانتخابية ما زالت تتأثر بالقانون السابق، واتضح ذلك من خلال الدعاية الانتخابية التي اتّسمت بالفردية دون التركيز على القائمة.
يشهد الأردن يوم الثلاثاء المقبل 20 سبتمبر الحالي معركة الانتخابات النيابية (البرلمانية)، وتتنوع الآراء حيال الصورة التي يتوقع أن تنتجها على مسرح الساسة في المملكة. وحول إمكانية البناء على هذه الانتخابات في تشكيل حكومة برلمانية، صرح الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» بأنه «لا توجد نية لأحد في تشكيل حكومة برلمانية في المرحلة الحالية، وبات من المؤكد أن القانون بحاجة لتجربته أكثر من مرة حتى تنضج الحياة السياسية والحزبية، حتى يصبح القانون أداة مناسبة للوصول إلى الحكومات البرلمانية». وأردف: «الإشكالية ليست في القانون وإنما في الحياة الحزبية نفسها، فكلما تطوّرت الحياة الحزبية أصبح من الممكن تشكيل حكومات برلمانية استنادًا إلى هذا القانون». ثم قال: «نحن بحاجة إلى تجربة تطبيق القانون لمدة دورتين، وبعدها نستطيع أن نجني ثمار هذا القانون مع تعديلات يجب أن تجرى عليه، خصوصًا أننا في عملية التطبيق سنكتشف المشكلات على الواقع وهي التي تحدد هذه التعديلات».
بدوره، قال النائب السابق الدكتور مصطفى حمارنة إن «البيئة الحاضنة ليست بالمستوى السياسي الذي يتيح إفراز عدد كافٍ من النواب على أساس برامجي وسياسي، لكي يكون باستطاعتهم تشكيل كتل سياسية برلمانية على أساس برامجي - ليست هلامية مثل المجالس السابقة - لها القدرة على التشريع وتكون شريكة الحكومة في الرؤية». وأضاف: «للأسف أنا من النواب الذين صوّتوا لصالح إقرار القانون اعتقادًا مني أنه سيساهم في تشكيل قوائم سياسية حزبية ولها برامج، ولكن، للأسف، هذا لم يحصل واستمر هذا التأطير للجهوية والعشائرية في الدوائر الانتخابية الذي لا يشجع على التنمية السياسية».
* الإسلاميون.. في الصورة
وأردف حمارنة: «أنا لا أرى للأحزاب القديمة أو الحديثة أي دور في المجلس المقبل، وحتى القوى الإسلامية تأثرت قاعدتها الشعبية في الفترات السابقة لأسباب كثيرة ومختلفة»، مشيرًا إلى أنه رشح نفسه في «قائمة المستقبل» في دائرة مأدبا (جنوب غربي عمّان)، «ولنا برنامج عمل أطلقته كتلة المبادرة البرلمانية في المجلس السابق، وسنكمل هذا البرنامج إذا كتب لنا النجاح، والقائم على مبدأ المشاركة مع الحكومة». وتابع أنه يتمنى الوصول إلى قانون يكون على أساس القوائم الحزبية لا توجد فيها «كوتات» (حصص)، علمًا بأن هذه «الكوتات» موجودة في السابق وتوسّعت في القانون.
في المقابل، رأى عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية، أن القانون في الأساس «مصمم خصيصًا للحيلولة دون تشكيل كتل برلمانية حزبية وعدم الوصول إلى حكومات برلمانية، حيث لم يمكن القانون أي تكتلات حزبية أو وطنية أردنية في الحصول على مقاعد كافية في تشكيل أغلبية أو أقلية وازنة في البرلمان». وتوقع الرنتاوي أن يكون باستطاعة حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين (الأم)، تشكيل كتلة برلمانية عددها من 15 إلى 20 نائبًا، أما بقية الأحزاب فلن تحظى إلا بمقعد أو مقعدين لكل منها في أحسن الأحوال. وأشار إلى أنه من الصعوبة بمكان جمع هذه الأحزاب على برنامج عمل واحد، ولكن قد تنشأ تكتلات على غرار المجلس السابق من دون أي روابط أو لاصق لها.
وأوضح الرنتاوي أنه «وفق القانون الحالي ستكون المنافسة السياسية الحزبية على 30 مقعدًا من أصل 130 مقعدًا، أما بقية المقاعد فستكون لنواب الحارات والجهويات والعشائر وغيرها بنفس الطريقة القديمة، وربما عدد كبير من النواب السابقين سيعاد إفرازهم.. والجديد منهم سيكون من نفس التركيبة. أما من لديه لون سياسي حزبي فإن من سيصل إلى البرلمان لا يتجاوز 30 نائبًا، منهم 20 نائبًا من جبهة العمل الإسلامي، والعشرة الباقون سيتوزعون على بقية التلاوين السياسية، بما فيها الحزبان اللذين تم الإعلان عنهما أخيرًا؛ حزب (زمزم) وجمعية جماعة الإخوان المسلمين المنشقة عن الجماعة الأم».
واستطرد الرنتاوي قائلاً إن قرار مشاركة الأحزاب في الانتخابات «جاء لأنه ليس لديها خيار آخر. فهي محاولة منها لتقديم نواب في البرلمان إذا حالفها الحظ، وإذا لم يحالفها الحظ فهي فرصة لتقديم نفسها وبرامجها ورموزها للرأي العام. وبالتالي، فهي بمثابة تمرين بالذخيرة الحية بالتعامل مع جمهورها». وذكر أن «الأحزاب، التي تخوض الانتخابات ولها برامج فكرية، محصورة بالإسلاميين وبعض القوائم القليلة لبعض الأحزاب اليسارية والوطنية، أما الأحزاب الوسطية فإنها تخوض الانتخابات بغطاء عشائري واضح بعيدة عن أي برامج».
وعن مشاركة جمعية جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات، قال الرنتاوي إنها «مخالفة للقانون، ولو كانت هناك معايير صارمة لتم إغلاقها على غرار تحويل 30 جمعية خيرية للقضاء بسبب تدخلها في الانتخابات، خصوصًا أن جمعية الجماعة تخضع لقانون الجمعيات الخيرية وليس لقانون الأحزاب السياسية». وختم كلامه بالقول إن نتيجة الانتخابات «ستكون فرز قرابة 30 نائبًا حزبيًا، والبقية المائة سيكون انتخابهم بنفس الطريقة الفردية السابقة من دون برامج وولاؤهم مضمون للحكومة».
* عمل مؤسسي وبرامجي
على صعيد آخر، أعرب موسى المعايطة، وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، عن أمله بأن تؤسس الانتخابات المقبلة لـ«عمل مؤسسي وبرامجي، من خلال تشكيل القوائم والتحالفات والائتلافات التي أعلنت خوضها الانتخابات، سواءً كان ذلك على مستوى الدائرة الانتخابية الواحدة أو الدوائر الانتخابية الـ23 على مستوى المملكة». واعتبر أن مشاركة مختلف القوى السياسية والحزبية والشعبية والمُجتمعية في الانتخابات من خلال تشكيل الكُتل والائتلافات «خطوة مُتقدمة لترسيخ الديمقراطية الأردنية وسط إقليم مُلتهب، ورسالة للعالم بأن المملكة هي واحة أمن واستقرار ومحبة، وأنموذج عملي في تعزيز مشاركة المواطن في صناعة القرار».
وأردف أن الحكومة «تتطلّع إلى مشاركة كبيرة لفرز تركيبة نيابية تمثل مختلف الأطياف والقوى السياسية والحزبية والمُجتمعية»، مؤكدًا أنه «كلّما كانت المُشاركة أوسع كانت تشكيلة مجلس النواب أقرب إلى التمثيل الحقيقي للمجتمع، وبالتالي، فإن المواطن سيكون شريكًا في صناعة القرار وانتخاب ممثليه». وأشار المعايطة إلى أن «عدم مُشاركة بعض الناخبين في هذه الانتخابات تعني أنهم يسمحون لغيرهم بأن يُقرروا نيابة عنهم شكل ولون مجلس النواب المقبل».
وبيّن أن «صناعة التغيير في مجلس النواب الجديد تتطلّب مُشاركة الجميع في الإدلاء بأصواتهم، وليس من خلال المُقاطعة التي لا تخدم المصلحة الوطنية ولا السياسية، في مرحلة يسير فيها الأردن بثقة نحو تعزيز مسيرة (الإصلاح)، باعتباره مطلبًا وطنيًا أجمع عليه المواطنون». وللعلم، أبدت جميع الأحزاب والفعاليات الشعبية والنقابية رغبتها بالمشاركة في العملية الانتخابية سواء من الترشح أو الاقتراع.
* 1289 مرشحًا ومرشحة
بلغ العدد النهائي لمقدّمي طلبات الترشح للانتخابات النيابية 1289 مرشحًا ومرشحة، توزّعوا على 230 قائمة انتخابية. وبلغ عدد السيدات المتقدمات بطلبات الترشح 257 سيدة، منهن 4 سيدات مسيحيات وسيدتان من الشيشان/ الشركس، كما تقدمت قائمتان نسائيتان للترشح في كل من الدائرة الأولى في الزرقاء تحت اسم «قائمة النشميات»، والدائرة الخامسة في عمّان تحت اسم «قائمة سيدات الأردن».
ويخوض حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن غير المرخصة، المعركة تحت قوائم «التحالف الوطني للإصلاح» البالغ عددها 19 قائمة تضم 111 مرشحًا منهم 72 من كوادر الحزب. في حين تخوض أحزاب إسلامية تابعة لجمعية جماعة الإخوان المسلمين التي انشقت عن الجماعة الأم على 7 قوائم، دون تحديد عدد المرشحين الذين يتمتعون بدعم عشائري.
ولقد أظهرت نتائج دراسة مسحية أن جميع الأحزاب أكدت نيتها المشاركة في العملية الانتخابية، ووصل عدد الأحزاب المشاركة في الترشح إلى 39 حزبًا بنسبة 78 في المائة من إجمالي الأحزاب، بينما اكتفى 11 حزبًا بالتصريح برغبتهم بالمشاركة من خلال الانتخاب فقط. كذلك بيّنت الدراسة أن المرشحين من ذوي الانتماءات الحزبية شكلوا ما نسبته 18 في المائة من إجمالي عدد المرشحين، بما مجموعه 234 مرشحًا ومرشحة، وكانت نسبة الذكور منهم 81.7 في المائة، مقارنة بنسبة الإناث 18.3 في المائة. وتوزع المرشحون من ذوي الانتماءات الحزبية على 99 قائمة انتخابية في مختلف الدوائر الانتخابية.
كذلك بينت الدراسة، أن أكثر الأحزاب ترشيحًا في الانتخابات النيابية لعام 2016 هو حزب جبهة العمل الإسلامي، إذ ترشح عنه 72 مرشحًا، أي ما يعادل 5.6 في المائة من إجمالي المرشحين على مستوى المملكة، نسبة السيدات منهم 19 في المائة منهم. وتلاه حزب التيار الوطني بـ23 مرشحًا، نسبة السيدات منهم 17 في المائة. ثم يأتي حزب المؤتمر الوطني (زمزم) بـ20 مرشحًا، نسبة السيدات 10 في المائة. بينما ترشح من حزب الاتحاد الوطني 16 مرشحًا ومثله حزب الوسط الإسلامي. أما بالنسبة للأحزاب اليسارية والقومية فقد رشحت ما مجموعه 12 مرشحًا، من بينهم سيدتان فقط توزعوا على 8 قوائم انتخابية في 6 دوائر انتخابية.
ومن اللافت حسب الدراسة أن القوائم التي ضمت مرشحين يساريين، كانت عبارة عن قوائم مختلطة بين اليسار والوسط والتحالفات العشائرية، كما أظهرت المعطيات ميل أحزاب اليمين والوسط إلى بناء تحالفاتها بصورة متباينة في مختلف الدوائر التي ترشحت فيها، أي أنه لم يلحظ أي سلوك معياري لتحالف الأحزاب اليمينية والوسطية ذاتها في مختلف الدوائر التي تترشح فيها.
* أكثر من 4 ملايين ناخب
هذا على صعيد المرشحين، أما بالنسبة للناخبين، فإنه يربو على 4 ملايين ناخب، منهم مليون ونصف المليون في العاصمة عمّان ومليون ناخب في الزرقاء، ومن المنتظر أن ينعكس تراجع الإقبال في عمّان والزرقاء على تدني نسبة الاقتراع الإجمالية. والحقيقة أن أشكال الدعاية للانتخابات تظهر تأثر المرشحين بقانون الصوت الواحد، في ظل طغيان لافتات دعائية منتشرة في الشوارع تحمل صورًا شخصية لمرشحين بعينهم، دون بقية المنضوين في قوائمهم. حسب مراقبين، فهذا النوع من الدعاية يكشف عن تخوّفات كانت تتحدث عن فكرة «الحشوة» في القوائم، بحيث تستحوذ صور القائمين على القوائم على النسبة الأكبر، على حساب باقي أعضائها، أي «الحشوة»، أو ما جيء بهم لإكمال العدد. وما تحتويه هذه اللافتات من صبغة شخصية، مؤشر جدي على أنها دعوة للناخب لاختيار شخصية واحدة من القائمة، شخصية يبدو أنها لم تكن ستترشح عن طريق قائمة، لو سمح القانون لها بذلك. أما باقي أعضاء القوائم، وليس كلها حتمًا، فهم هناك لتجميل صورة قانون الانتخاب الذي لا يرضى بمرشحين إلا عبر قوائم، بحسب تقدير بعض المراقبين.
وبالنسبة للشعارات، بدا جليًا أن الدعاية الحالية للانتخابات بلافتاتها، لم تحمل شعارات جديدة، تغري الناخب بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، فمفردات مثل «التغيير» و«قوت المواطن» و«البطالة» و«محاربة الفقر» باتت سمة مألوفة في شعارات المرشحين والقوائم، كما كانت مع حملة مجلس النواب السابق. ولذا يتساءل المراقبون عن الجديد في هذه الشعارات، وما جاء به المرشحون، خصوصًا أن الشارع ملّ مثل هذا النمط الدعائي وفقد الثقة بها.
من جهة ثانية، بدأت تطفو قضية المال السياسي على سطح المشهد الانتخابي، خصوصًا بعد تحويل عدد من القضايا المرتبطة بها إلى القضاء، وفق الهيئة المستقلة للانتخاب، فضلاً عما تشهده بعض الدوائر الانتخابية من ظهور هذا المال بين ناخبين ومرشحين، بحسب شهود عيان، مما يدعو للتصدي له ووقفه قبل استفحاله. وبينما عالجت «الهيئة المستقلة» هذه القضية عبر تعليمات تنفيذية خاصة بالاقتراع والفرز - وخصوصًا للناخب الأمي، الذي يعد أحد مفاتيح شراء وبيع الأصوات - يتحرك المال السياسي بسرعة في العملية الانتخابية.
* المال.. والرشوة
ويتخذ هذا «المال السياسي» أشكالاً متعددة، من بينها الرشوة التي يقدمها مرشحون للناخبين لقاء ضمان أصواتهم، سواء كان الصوت لصالح مرشح معين أو توظيفه ضد مرشح آخر، إما بحجب الصوت أو منحه مرشحًا آخر لتشتيت الأصوات، والحؤول دون نجاح أحد المرشحين. لكن «المال السياسي» ليس بدعة أردنية في حال، بل حالة عالمية، يمارسها إغراء أو تدجين وتطويع الناخبين عبر المال والاسترضاء بالامتيازات. وفي هذا الصدد، قال الناخب علي بلال، إنه «تجاهل دعوات وجهها إليه مرشحون وأفراد من طواقمهم، ليقف في صفهم»، ورفض ذلك، مؤكدًا أنه «سينتخب من يريده هو لا من يفرض عليه». وأشار إلى أنه «على علم بأن هناك أشخاصًا، يجري توظيفهم من قبل مرشحين، للترويج لهم واستغلال الظروف المعيشية الصعبة لمواطنين لشراء أصواتهم».
أما الناخب أيمن الصمادي، فذكر أن «أشكال المال السياسي بدأت تظهر قبل فترة من خلال التبرعات والمساعدات العينية»، مشيرًا إلى أن «ظاهرة شراء الأصوات، أفقدت مجلس النواب السابق هيبته وجعلته عرضة للنقد، وساهم ذلك في تدني مستوى أداء المجلس». وأوضح أنه تنتشر في منطقته «شعارات انتخابية باهتة، تتناول التأمين الصحي والتعليم وتخفيض أسعار النفط والكهرباء ومحاربة الفاسدين، وما إلى ذلك مما سمع به المواطن من شعارات دون أن يرى أي تطبيق لها على أرض الواقع».
وفي هذا السياق نشير إلى أن دائرة الإفتاء العام في المملكة حرمت شراء الأصوات في الانتخابات، من خلال فتوى نشرتها على موقعها الإلكتروني. ونصت الفتوى على أنه «يحرم على المرشح أن يدفع المال للناس مقابل انتخابه وحشد الأصوات لصالحه، سواء أكان نقدًا، أو هدايا، ومن يفعل ذلك، فكيف يؤتمن على مصالح وطنه ومقدراته». وتابعت أنه «من غير اللائق بالمواطن الأردني أن يتعامل مع قضية الانتخابات بهذا الأسلوب، ومن غير اللائق على النائب كذلك أن يحشد الأصوات لصالحه بهذه الطريقة، ومما يذمّ به المجتمع أن تكون المجالس النيابية قائمة على شراء الضمائر، وماذا يُتوقع ممن يرى المال كل شيء فيبيع صوته، أو يشتري صوت غيره؟ وماذا يُتوقع منه إذا صار صاحب قرار؟».
* قانون الانتخاب الجديد
- يرتكز قانون الانتخاب الجديد على نظام «القائمة النسبية المفتوحة».
- ينهي هذا القانون مبدأ الصوت الواحد، وسيؤدي إلى أن تكون ثمة حكومات برلمانية في المستقبل.
- نظام القائمة النسبية المفتوحة للدول التي تتمتع بوجود أحزاب قوية: «أن يشكل كل حزب قائمة تحتوي على مرشحيه في الانتخابات، حيث يتم وفق النظام الانتخابي اختيار مرشح أو أكثر من القائمة الحزبية، بينما يتم تحديد نسب تمثيل هذه الأحزاب في البرلمان بناء على نسب الأصوات التي حصل عليها كل حزب».
وأما فيما يتعلق باختيار ممثلي الحزب وفق هذا القانون، فإنه يتم بحسب ترتيب الأصوات التي حصلوا عليها.
- بما أن الحياة الحزبية في الأردن ليست قوية، فاعتمد القانون الجديد على أن يشكل مجموعة من الأفراد قائمة محددة بناء على تيار يجمعهم أو فكر سياسي أو اجتماعي أو حزب.
- يرى كثيرون أن في نظام القائمة النسبية المفتوحة مساحة كافية لفوز الفقراء والأقليات، وتمثيلهم بصورة عادلة في البرلمان.
- أصبحت كل محافظة تمثل دائرة واحدة، باستثناء العاصمة عمّان التي خصصت لها 5 دوائر، وإربد 4 دوائر، والزرقاء دائرتان، ليكون المجموع الكلي 23 دائرة.
- يمتلك كل ناخب عددًا من الأصوات يساوي عدد المقاعد المخصصة لدائرته الانتخابية، ولن يكون هناك عدد يقل عن 3 مقاعد للدائرة الواحدة.
- يقوم الناخب بالإدلاء بصوته لقائمة واحدة فقط من القوائم المرشحة أولاً، ثم يصوت لكل واحد من المرشحين ضمن هذه القائمة أو لعدد منها.
- عدد النواب وفق القانون 130 نائبًا أي أقل بـ20 نائبًا من السابق، مع الإبقاء على 15 مقعدًا مخصصًا للنساء «الكوتا» و9 مقاعد للمسيحيين و3 مقاعد للشركس والشيشان.
- يبلغ عدد المقاعد المخصصة للنساء ضمن «الكوتا» 15 مقعدًا، بواقع مقعد واحد لكل محافظة، على ألا يلغي ذلك حقهن في الحصول على مقعد في حال فوزهن بالتنافس.
- المقاعد المخصصة للشركس والشيشان والمسيحيين، فإنهم يترشحون فقط ضمن قوائم في الدوائر الانتخابية التي خصصت لهم فيها مقاعد.
- تعامل كل دائرة من دوائر البادية الثلاث (الشمالية والوسطى والجنوبية) معاملة المحافظة.



يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
TT

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني فرض الأحكام العرفية، وتعليق الحكم المدني، وإرساله قوة عسكرية مدعومة بالهيلوكوبترات إلى البرلمان. ثم اضطراره للتراجع عن قراره في وجه معارضة عارمة. بيد أن تراجع الرئيس خلال ساعات قليلة من هذه المغامرة لم يزد المعارضة إلا إصراراً على إطاحته، في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ التحوّل الديمقراطي في البلاد عام 1980 بعد فترة من الحكم التسلطي. ولقد تطوّرت الأوضاع خلال الأيام والساعات الأخيرة من الاحتجاجات في الشوارع إلى تصويت برلماني على عزل يون. وبعدما أقر البرلمان عزل الرئيس ردّ الأخير بتأكيد عزمه على المقاومة والبقاء... في أزمة مفتوحة لا تخلو من خطورة على تجربة البلاد الديمقراطية الطريّة العود.

دبلوماسي مخضرم خدم في كوريا الجنوبية قال، قبل بضعة أيام، معلقاً على الأزمة المتصاعدة: «إذا تم تمرير اقتراح العزل، يمكن وقف (الرئيس) يون (سوك - يول) عن مباشرة مهام منصبه لمدة تصل إلى 180 يوماً، بينما تنظر المحكمة الدستورية في القضية. وفي هذا (السيناريو)، يتولى رئيس الوزراء هان دوك سو منصب الرئيس المؤقت، وتُجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً».

وبالفعل، دعا هان دونغ - هون، زعيم حزب «قوة الشعب»، الحاكم، إلى تعليق سريع لسلطات الرئيس مستنداً - كما قال - إلى توافر «أدلة موثوقة» على أن يون سعى إلى اعتقال القادة السياسيين بعد إعلانه الأحكام العرفية الذي لم يدُم طويلاً. ومما أورده هان - الذي كان في وقت سابق معارضاً للمساعي الرامية إلى عزل يون - إن «الحقائق الناشئة حديثاً قلبت الموازين ضد يون، بالتالي، ومن أجل حماية كوريا الجنوبية وشعبنا، أعتقد أنه من الضروري منع الرئيس يون من ممارسة سلطاته رئيساً للجمهورية على الفور». وتابع زعيم الحزب الحاكم أن الرئيس لم يعترف بأن إعلانه فرض الأحكام العرفية إجراء غير قانوني وخاطئ، وكان ثمة «خطر كبير» من إمكانية اتخاذ قرار متطرف مماثل مرة أخرى إذا ظل في منصبه.

بالتوازي، ذكرت تقارير إعلامية كورية أن يون يخضع حالياً للتحقيق بتهمة الخيانة إلى جانب وزير الدفاع المستقيل كيم يونغ - هيون، (الذي ذُكر أنه حاول الانتحار)، ورئيس أركان الجيش الجنرال بارك آن - سو، ووزير الداخلية لي سانغ - مين. وحقاً، تمثل الدعوة التي وجهها هان، وهو وزير العدل وأحد أبرز منافسي يون في حزب «قوة الشعب»، تحولاً حاسماً في استجابة الحزب الحاكم للأزمة.

خلفية الأزمة

تولى يون سوك - يول منصبه كرجل دولة جديد على السلطة، واعداً بنهج عصري مختلف في حكم البلاد. إلا أنه في منتصف فترة ولايته الرئاسية الوحيدة التي تمتد لخمس سنوات، شهد حكمه احتكاكات شبه دائمة مع البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهديدات «بالإبادة» من كوريا الشمالية، ناهيك من سلسلة من الفضائح التي اتهم وعائلته بالتورّط فيها.

وعندما حاول يون في خطابه التلفزيوني تبرير فرض الأحكام العرفية، قال: «أنا أعلن حالة الطوارئ من أجل حماية النظام الدستوري القائم على الحرية، وللقضاء على الجماعات المشينة المناصرة لنظام كوريا الشمالية، التي تسرق الحرية والسعادة من شعبنا»، في إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي المعارض، مع أنه لم يقدم أي دليل على ادعائه.

إلا أن محللين سياسيين رأوا في الأيام الأخيرة أن الرئيس خطّط على الأرجح لإصدار مرسوم «الأحكام العرفية الخرقاء» أملاً بحرف انتباه الرأي العام بعيداً عن الفضائح المختلفة والإخفاق في معالجة العديد من القضايا المحلية. ولذا اعتبروا أن عليه ألا يطيل أمد حكمه الفاقد الشعبية، بل يبادر من تلقاء نفسه إلى الاستقالة من دون انتظار إجراءات العزل، ومن ثم، السماح للبلاد بانتخاب رئيس جديد.

بطاقة هوية

ولد يون سوك - يول، البالغ من العمر 64 سنة، عام 1960 في العاصمة سيول لعائلة من الأكاديميين اللامعين. إذ كان أبوه يون كي - جونغ أستاذاً للاقتصاد في جامعة يونساي، وأمه تشوي سيونغ - جا محاضرة في جامعة إيوها للنساء قبل زواجها. وحصل يون على شهادته الثانوية عام 1979، وكان يريد في الأصل أن يدرس الاقتصاد ليغدو أستاذاً، كأبيه، ولكن بناءً على نصيحة الأخير درس الحقوق، وحصل على شهادتي الإجازة ثم الماجستير في الحقوق من جامعة سيول الوطنية - التي هي إحدى «جامعات النخبة الثلاث» في كوريا مع جامعتي يونساي وكوريا - وأصبح مدّعياً عاماً بارزاً قاد حملة ناجحة لمكافحة الفساد لمدة 27 سنة.

ووفق وسائل الإعلام الكورية، كانت إحدى محطات حياته عندما كان طالب حقوق عندما لعب دور القاضي في محاكمة صورية للديكتاتور (آنذاك) تشون دو - هوان، الذي نفذ انقلاباً عسكرياً وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وفي أعقاب ذلك، اضطر يون إلى الفرار إلى الريف مع تمديد جيش تشون الأحكام العرفية ونشر القوات والمدرّعات في الجامعة.

بعدها، عاد يون إلى العاصمة، وصار في نهاية المطاف مدعياً عاماً، وواصل ترقيه الوظيفي ما يقرب من ثلاثة عقود، بانياً صورة له بأنه حازم وصارم لا يتسامح ولا يقدّم تنازلات.

مسيرته القانونية... ثم الرئاسة

قبل تولي يون سوك - يول رئاسة الجمهورية، كان رئيس مكتب الادعاء العام في المنطقة المركزية في سيول، وأتاح له ذلك محاكمة أسلافه من الرؤساء. إذ لعب دوراً فعالاً في إدانة الرئيسة السابقة بارك غيون - هاي التي أُدينت بسوء استخدام السلطة، وعُزلت وأودعت السجن عام 2016. كذلك، وجه الاتهام إلى مون جاي - إن، أحد كبار مساعدي خليفة الرئيسة بارك، في قضية احتيال ورشوة.

أما على الصعيد السياسي، فقد انخرط يون في السياسة الحزبية قبل سنة واحدة فقط من فوزه بالرئاسة، وذلك عندما كان حزب «قوة الشعب» المحافظ - وكان حزب المعارضة يومذاك - معجباً بما رأوه منه كمدّعٍ عام حاكم كبار الشخصيات، وأقنع يون، من ثم، ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2022 تغلّب يون على منافسه الليبرالي لي جاي - ميونغ، مرشح الحزب الديمقراطي، بفارق ضئيل بلغ 0.76 في المائة... وهو أدنى فارق على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في البلاد.

الواقع أن الحملة الانتخابية لعام 2022 كانت واحدةً من الحملات الانتخابية القاسية في تاريخ البلاد الحديث. إذ شبّه يون غريمه لي بـ«هتلر» و«موسوليني». ووصف حلفاء لي الديمقراطيون، يون، بأنه «وحش» و«ديكتاتور»، وسخروا من جراحة التجميل المزعومة لزوجته.

إضافة إلى ذلك، شنّ يون حملته الانتخابية بناء على إلغاء القيود المالية والموقف المناهض للمرأة. لكنه عندما وصل إلى السلطة، ألغى وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، قائلاً إنها «مجرد مقولة قديمة بأن النساء يُعاملن بشكل غير متساوٍ والرجال يُعاملون بشكل أفضل». وللعلم، تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين في كوريا الجنوبية الأسوأ حالياً في أي بلد عضو في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

أيضاً، أدى استخدام يون «الفيتو» تكراراً إلى ركود في العمل الحكومي، بينما أدت تهم الفساد الموجهة إلى زوجته لتفاقم السخط العام ضد حكومته.

تراجع شعبيته

بالتالي، تحت ضغط الفضائح والخلافات، انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب كوريا» أن شعبيته انخفضت إلى 19 في المائة فقط. وتعد «كارثة» الأحكام العرفية الحلقة الأخيرة في سلسلة من الممارسات التي حددت رئاسة يون وأخطائها.

إذ ألقي باللوم على إدارة يون في التضخم الغذائي، وتباطؤ الاقتصاد، والتضييق المتزايد على حرية التعبير. وفي أواخر 2022، بعدما أسفر تدافع حشود في احتفال «الهالوين» (البربارة) في سيول عن سقوط 159 قتيلاً، تعرضت طريقة تعامل الحكومة مع المأساة لانتقادات واسعة.

زوجته في قلب مشاكله!

من جهة ثانية، كانت كيم كيون - هي، زوجة الرئيس منذ عام 2012، سبباً آخر للسخط والانتقادات في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية. فقد اتهمت «السيدة الأولى» بالتهرب الضريبي، والحصول على عمولات لاستضافة معارض فنية عن طريق عملها. كذلك واجهت اتهامات بالانتحال الأدبي في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه وغيرها من الأعمال الأكاديمية.

لكن أكبر فضيحة على الإطلاق تورّطت فيها كيم، كانت قبولها عام 2023 هدية هي حقيبة يد بقيمة 1800 جنيه إسترليني سراً من قسيس، الأمر الذي أدى إلى مزاعم بالتصرف غير اللائق وإثارة الغضب العام، لكون الثمن تجاوز الحد الأقصى لما يمكن أن يقبله الساسة في كوريا الجنوبية وشركاؤهم قانونياً لهدية. لكن الرئيس يون ومؤيديه رفضوا هذه المزاعم وعدوها جزءاً من حملة تشويه سياسية.

أيضاً أثيرت تساؤلات حول العديد من القطع الثمينة من المجوهرات التي تملكها «السيدة الأولى»، والتي لم يعلَن عنها كجزء من الأصول الرئاسية الخاصة. وبالمناسبة، عندما فُتح التحقيق في الأمر قبل ست سنوات، كان زوجها رئيس النيابة العامة. أما عن حماته، تشوي يون - سون، فإنها أمضت بالفعل حكماً بالسجن لمدة سنة إثر إدانتها بتزوير وثائق مالية في صفقة عقارية.

يُضاف إلى كل ما سبق، تعرّض الرئيس يون لانتقادات تتعلق باستخدام «الفيتو» الرئاسي في قضايا منها رفض مشروع قانون يمهد الطريق لتحقيق خاص في التلاعب المزعوم بالأسهم من قبل زوجته كيم كيون - هي لصالح شركة «دويتشه موتورز». وأيضاً استخدام «الفيتو» ضد مشروع قانون يفوّض مستشاراً خاصاً بالتحقيق في مزاعم بأن مسؤولين عسكريين ومكتب الرئاسة قد تدخلوا في تحقيق داخلي يتعلق بوفاة جندي بمشاة البحرية الكورية عام 2023.

وهكذا، بعد سنتين ونصف السنة من أداء يون اليمين الدستورية عام 2022، وعلى أثر انتخابات رئاسية مثيرة للانقسام الشديد، انقلبت الأمور ضد الرئيس. وفي خضم ارتباك الأحداث السياسية وتزايد المخاوف الدولية يرزح اقتصاد كوريا الجنوبية تحت ضغوط مقلقة.

أمام هذا المشهد الغامض، تعيش «الحالة الديمقراطية» في كوريا الجنوبية أحد أهم التحديات التي تهددها منذ ظهورها في أواخر القرن العشرين.