الجزائر: هيئة حكومية تطالب بالعودة إلى تطبيق الإعدام

بعد استفحال ظاهرة خطف الأطفال واغتصابهم

الجزائر: هيئة حكومية تطالب بالعودة إلى تطبيق الإعدام
TT

الجزائر: هيئة حكومية تطالب بالعودة إلى تطبيق الإعدام

الجزائر: هيئة حكومية تطالب بالعودة إلى تطبيق الإعدام

أعلن رئيس الهيئة الحقوقية الحكومية بالجزائر عن رفع مقترح إلى رئاسة الجمهورية، التي يتبع لها، يتعلق برفع التجميد عن عقوبة الإعدام بحق خاطفي وقاتلي الأطفال، دونا عن بقية الضالعين في الجرائم التي ينص على فيها القانون على الإعدام، خاصة في وقت تشهد فيه مناطق بالجزائر منذ عامين استفحال خطف الأطفال، وقتلهم لأسباب مرتبطة في الغالب بتصفية حسابات بين عائلات.
وذكر فاروق قسنطيني، رئيس «اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان»، أمس في مقابلة مع الإذاعة الحكومية أن تقريره السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان، الذي يقدمه للرئاسة نهاية كل عام، سيتضمن هذه المرة طلب العودة إلى تنفيذ الإعدام في جرائم خطف وقتل الأطفال.، مشيرا إلى أن قانون العقوبات يتناول 17 جريمة تنص على الإعدام، من بينها خطف الأطفال، وهي العقوبة الوحيدة التي تطالب «اللجنة» بتطبيقها، بحسب قسنطيني، الذي طالما رافع لفائدة التخلي عن تطبيق الإعدام، بذريعة أن هذا الأمر «تجاوزه الزمن». وكان هذا الموقف محل سخط التيار الإسلامي، خصوصا قادة «جمعية علماء المسلمين الجزائريين».
وجاء نداء قسنطيني في سياق غضب عارم، عبر عنه مواطنون في مظاهرات بالشوارع، بسبب اختطاف وقتل طفل في الخامسة من عمره بإحدى البلدات بشرق البلاد، وأثبتت تحريات الشرطة أن زوجة عمه قتلته بطعنات خنجر في صدره وظهره. وذكر قسنطيني أن القصاص من خاطفي الأطفال «أصبح مطلبا شعبيا لا بد من التجاوب معه بإيجابية».
وقال وزير العدل الطيب لوح بالبرلمان، قبل شهرين، بمناسبة الرد على سؤال شفوي لأحد البرلمانيين الإسلاميين يتعلق بعقوبة الإعدام، إن تطبيقها «يتطلب إطلاق نقاش واسع وموضوعي على مستوى مختلف فئات المجتمع، بعيدا عن التأثيرات الظرفية والقناعات المسبقة حول الموضوع»، وأوضح لوح، بشأن استفسار البرلماني عن سبب تجميد تنفيذ الإعدام رغم استمرار إصدار الأحكام به في المحاكم الجنائية بالبلاد، أن «القضية ذات أبعاد قانونية وسياسية واجتماعية وأخلاقية، وموقف الحكومة الجزائرية في هذا الشأن يجب أن يكون منسجما مع خصوصيات المجتمع، التي صقلت على مر التاريخ بتجارب كثيرة في هذا المجال».
أما وزير الداخلية نور الدين بدوي ففسر ظاهرة خطف وقتل الأطفال، التي استفحلت خلال السنوات الأخيرة، بكون «التحريات الأولية أثبتت أن أغلب حالات الخطف تتم بدافع الاعتداء الجنسي من طرف شواذ ومسبوقين قضائيا، وأحيانا نتيجة نزاع عائلي أو بدافع الانتقام أو طلب فدية».
وتحدث الوزير عن إجراءات مستعجلة اتخذتها السلطات لمواجهة ظاهرة خطف الأطفال، تتمثل في إنشاء 50 فرقة أمنية متخصصة في حماية الأطفال، وقال إن المديرية العامة للأمن بدأت بنشرها على المدن الكبيرة حيث الجرائم متفشية.
وبسؤال بدوي عن سبب رفض الحكومة العودة إلى تطبيق أحكام الإعدام، أجاب قائلا: «لقد تم توقيف تطبيق هذه العقوبة بقرار سياسي، والعودة إلى الوضع السابق يحتاج أيضا إلى قرار سياسي».
يشار إلى أن تطبيق عقوبة الإعدام توقف منذ تنفيذها بحق أربعة إسلاميين عام 1993، ينتمون لـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، اتهموا بتفجير مطار العاصمة في صيف 1992، وهي حادثة خلفت 40 قتيلا وكانت مقدمة لموجة عنف غير مسبوقة في البلاد، ما زالت تعاني آثارها إلى اليوم.
من جهة أخرى، صرح قسنطيني في حواره للإذاعة، بأن التقرير الذي سيرفعه إلى الرئاسة، يتضمن ملاحظات سلبية عن الخدمات الطبية التي يتلقاها المواطنون في المستشفيات، مشيرا إلى نقص العتاد الطبي في المصحات، وعن «تصرفات غير لائقة تصدر عن ممرضين وأعوان شبه الطبيين ضد المرضى في العيادات العمومية». وانتقد قسنطيني بشدة «ضعف تكوين القضاة»، بحجة أن الأحكام التي ينطقون بها لا ترضي في غالب الأحيان المتقاضين «لرداءتها».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم