دي ميستورا يعتبر الأسد المعرقل الوحيد.. وواشنطن تهدد موسكو بوقف التعاون العسكري

«الدفاع» الروسية تتجاهل نداءات الأمم المتحدة وتلقي بالمسؤولية على المعارضة.. إيغلاند: المساعدات عبرت الحدود من تركيا

المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في مؤتمر صحافي حول الأزمة السورية عقد في جنيف أمس (أ.ب)
المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في مؤتمر صحافي حول الأزمة السورية عقد في جنيف أمس (أ.ب)
TT

دي ميستورا يعتبر الأسد المعرقل الوحيد.. وواشنطن تهدد موسكو بوقف التعاون العسكري

المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في مؤتمر صحافي حول الأزمة السورية عقد في جنيف أمس (أ.ب)
المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في مؤتمر صحافي حول الأزمة السورية عقد في جنيف أمس (أ.ب)

في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة، أن النظام السوري هو المعرقل الوحيد لتوصيل مساعداتها إلى أنحاء البلاد التي مزقتها الحرب، هدد البيت الأبيض روسيا بوقف التعاون العسكري معها إذا لم تتدخل لدى نظام بشار الأسد، للسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون عراقيل.
وأعرب المبعوث الخاص للأمين العام المعني بسوريا، ستيفان دي ميستورا، عن الأسف إزاء التأخير المستمر في الحصول على تصاريح من الحكومة السورية للسماح بتوصيل مساعدات الأمم المتحدة إلى أنحاء البلاد التي مزقتها الحرب، داعيا إلى أن يتم إصدار تلك التصاريح «فورًا». وأشار دي ميستورا إلى أن «الحكومة (السورية)، وأكرر الحكومة وحدها المعرقل لدخول المساعدات»، مؤكدا وجود دخول عشرات الشاحنات إلى شرق حلب في انتظار الإذن لها بالدخول. وقال إن النظام يطلب ما يسميه «خطابات تيسير»، وهذا مصطلح بيروقراطي للحصول على تصاريح وإذن بالوصول. وأضاف: «إن الحكومة السورية أعلنت استعدادها لإصدار رسائل تيسير لخمس مناطق، لتأذن للأمم المتحدة بالوصول إليها.. الأمم المتحدة مستعدة للذهاب. رسائل التيسير تلك لم ترد بعد».
من جهته أعلن مسؤول الفريق الإنساني بشأن سوريا، يان إيغلاند، أمس، أن نحو عشرين شاحنة تنقل مساعدات إنسانية من الأمم المتحدة وصلت إلى شرق حلب عبر الحدود التركية، وتنتظر في «منطقة عازلة» تقع بين تركيا وسوريا، معربا عن أمله في توزيعها اليوم الجمعة، في تلك المنطقة التي يعيش فيها نحو 250 ألف شخص في ظروف صعبة.
وفي هذا السياق, ألقى البيت الأبيض باللوم على النظام السوري في منع المساعدات الإنسانية من الدخول إلى المناطق المحاصرة في سوريا، وطالب روسيا بممارسة النفوذ الذي «تدعيه» على نظام الأسد للسماح بإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، مهددا بوقف التعاون العسكري المقرر في الاتفاق بين واشنطن وموسكو ما لم يتم السماح للمساعدات بالنفاذ دون عراقيل
جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، قال أمس إن النظام السوري هو العقبة الرئيسية أمام فرص زيادة قوافل المساعدات الإنسانية. وتابع: «نحن واضحون حول ما يجب علينا عمله وما يجب على روسيا القيام به. إننا نريد أن نرى وقفا للعنف في سوريا»، قبل أن يضيف: «معظم التقارير والمؤشرات تشير إلى انخفاض العنف بشكل كبير في سوريا بفضل الاتفاق، وهذا شيء إيجابي، لكننا نريد أن يقوم الروس بممارسة النفوذ الذي يدعون امتلاكه على النظام السوري».
ووفق كلام إرنست: «مصداقية روسيا على المحك الآن، وهم (أي الروس) إما غير قادرين على وإما غير راغبين في ممارسة النفوذ الذي يدعونه على النظام السوري». واستطرد بلهجة تهديد «لن يحصل الروس على التعاون العسكري معنا ما لم يتم السماح للمساعدات بالنفاذ وما لم يضغط الروس على النظام السوري للالتزام بوقف إطلاق النار والأعمال العدائية».
في الجانب الآخر, كان واضحا يوم أمس أن الرؤية الروسية لسير تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بعيدة تماما عن الرؤية الدولية التي عبر عنها المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا في مؤتمره الصحافي؛ إذ واصلت وزارة الدفاع الروسية كيل الاتهامات للمعارضة السورية بأنها ما زالت تنتهك وقف إطلاق النار من حين لآخر، وحملتها مسؤولية عرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى أحياء حلب الشرقية، هذا في الوقت الذي قال فيه المبعوث الدولي دي ميستورا إن «قوافل المساعدات الإنسانية جاهزة، لكن لا يمكنها التحرك بسبب رفض النظام السوري منح التصريحات الضرورية لدخولها إلى حلب». أما وزارة الخارجية الروسية، فعادت وردت اليوم على التشكيك الأميركي بتنفيذ روسيا لالتزاماتها، بينما كانت الدبلوماسية الروسية على عجل بصورة عامة لبدء المحادثات حول التنسيق لتوجيه ضربات في سوريا بالتعاون مع الأميركيين، الذين قالت وزارة الدفاع إنهم لم يقدموا معلومات دقيقة عن مواقع انتشار مجموعات المعارضة.
فيكتور بوزنيخير، النائب الأول لمدير العمليات في الأركان الروسية، كان قد زعم في تصريحات صحافية يوم أمس، أن «القوات الحكومية توقفت عن إطلاق النار وبدأت عملية سحب تدريجي للدبابات والعربات المدرعة والمدفعية إلى المسافة المحددة (بموجب اتفاق لافروف كيري) تنفيذا لشروط إنشاء منطقة منزوعة السلاح». ثم أكد بعد ذلك نشر مجموعات طائفية تقاتل إلى جانب النظام على الطريق، وذلك حين أشار إلى تجهيز حاجز على طريق الكاستيلو «وتم تسليمه إلى الهلال الأحمر السوري، بينما تم نشر مجموعات المقاومة الشعبية (البستان) و(الدرع) لحماية المعبر»، حسب قول بوزنيخير. ومعروف أن روسيا تطلق على المجموعات التي تقاتل إلى جانب النظام صفة «مقاومة شعبية»، أما «البستان» فالأرجح أنه يقصد الجماعة التابعة لرامي مخلوف، ابن خال الأسد؛ ما يعني أن النظام عمليا لم ينسحب من تلك الطريق كما يدعي المسؤول العسكري الروسي، بل قام بنشر قوات موالية له لمراقبة الطريق وفق ما يقول مراقبون. واكتفى بوزنيخير بالقول إنه لا معلومات لديه حول قيام قوى المعارضة على الطرف الآخر بخطوات كالتي اتخذها النظام بسحب قواته.
من جانب آخر، قال بوزنيخير إن «الشركاء الأميركيين لم يقدموا للجانب الروسي معلومات دقيقة حول مواقع انتشار فصائل المعارضة»، مردفا أن «المعلومات التي قدمها الأميركيون عبارة عن قائمة عامة لمجموعات المعارضة التي يتحكمون بها، دون أن يذكروا عدد الأفراد في تلك المجموعات ولا مناطق انتشارها ولا أسماء قادتها». وحذر، من ثم، من أن مثل هذا التعامل من جانب الأميركيين «لن يعقد التصدي لمقاتلي (جبهة النصرة) فحسب، بل وسيهدد إيصال المساعدات الإنسانية».
في غضون ذلك، ذهب العقيد إيغور كونشينكوف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، أبعد من ذلك بتصريحاته زاعما أن «الجيش (النظامي) السوري فقط يلتزم بوقف إطلاق النار»، متهما المعارضة السورية بأنها «تزيد من قصفها للأحياء المدنية»، أما الولايات المتحدة فيبدو أنها تحاول التنصل من التزامها بالفصل بين المعارضة والإرهابيين، وفق ما يرى كوناشينكوف. كذلك زعم الأخير مكررًا «أن روسيا تنفذ التزاماتها منذ اللحظات الأول لبدء العمل بالاتفاق مع الولايات المتحدة». وتجاهل المسؤول العسكري الروسي تأكيدات دي ميستورا بأن قوافل المساعدات الإنسانية لا تستطيع التحرك بسبب تعطيل النظام السوري الذي لم يمنح التصريحات الضرورية. إذ تعمد كوناشينكوف تجاهل كلام دي ميستورا وحمّل المسؤولية عن عرقلة دخول المساعدات الإنسانية للمعارضة حين شكك باستعداد الولايات المتحدة والمعارضة على الانسحاب المتزامن مع القوات الحكومية من محيط طريق الكاستيلو لتأمين وصول المساعدات.
في هذه الأثناء، تقول روسيا إنها تواصل اهتمامها باللحظة التي سيبدأ فيها العمل المشترك مع الولايات المتحدة ضد الجماعات الإرهابية في سوريا. وأكد غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن المركز التنفيذي لتنسيق العمليات بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا «يجب أن يبدأ عمله بموجب اتفاق التاسع من سبتمبر (أيلول) خلال سبعة أيام من تاريخ الاتفاق، أي أنه سيبدأ خلال أيام في جنيف». ومن جانبها، علقت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، على إبداء الولايات المتحدة شكوكها بشأن تنفيذ روسيا لالتزاماتها التي ينص عليها الاتفاق حول سوريا، وقالت إن «مثل تلك التصريحات الأميركية ليست منطقية وغير بناءة».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.