«بيروت آرت فير» يفتح أبوابه لاكتشاف المواهب الشابة

بمشاركة 18 بلدًا تشمل شمال أفريقيا وجنوب آسيا

وزير الثقافة ريمون عريجي وعقيلته لور دوتفيل في يوم افتتاح «بيروت آرت ويك» مع إحدى المنحوتات ({الشرق الأوسط}) - بيروت في عيد الفن مع بدء عرض 20 عملا إبداعيا في الوسط التجاري
وزير الثقافة ريمون عريجي وعقيلته لور دوتفيل في يوم افتتاح «بيروت آرت ويك» مع إحدى المنحوتات ({الشرق الأوسط}) - بيروت في عيد الفن مع بدء عرض 20 عملا إبداعيا في الوسط التجاري
TT
20

«بيروت آرت فير» يفتح أبوابه لاكتشاف المواهب الشابة

وزير الثقافة ريمون عريجي وعقيلته لور دوتفيل في يوم افتتاح «بيروت آرت ويك» مع إحدى المنحوتات ({الشرق الأوسط}) - بيروت في عيد الفن مع بدء عرض 20 عملا إبداعيا في الوسط التجاري
وزير الثقافة ريمون عريجي وعقيلته لور دوتفيل في يوم افتتاح «بيروت آرت ويك» مع إحدى المنحوتات ({الشرق الأوسط}) - بيروت في عيد الفن مع بدء عرض 20 عملا إبداعيا في الوسط التجاري

وسط أجواء احتفالية، تزامنت مع رابع أيام عيد الأضحى المبارك، افتتحت وسط بيروت، في مركز «بيال» الدورة السابعة لـ«بيروت آرت فير». وهو اللقاء السنوي الذي بات يجمع عشاق الفن التشكيلي ليس من لبنان وحده بل من دول عربية وغربية وكذلك شرق آسيا، المهتمين بالتعرف على فنون المنطقة أو التعريف بأعمالهم. ويوم أمس اجتمعت أعمال من أكثر من 40 غاليري، لبنانية وعربية وعالمية، آتية من 18 دولة، فيما يشبه العيد الفني، واليوم يبدأ توافد الزوار الذين تبين في السنوات الماضية أنهم مخلصون للموعد. فقد زار هذا المعرض العام الماضي بحسب الجهة المنظمة نحو 21 ألف زائر، وتجاوز حجم المبيعات 3.200.000 دولار أميركي أي أربعة أضعاف حجم المبيعات في دورة العام 2010. وهي السنة التي انطلق فيها المعرض بمبادرة من لور دوهوتفيل، الصحافية الفرنسية التي بدأت عملها في المجال، بمعارض صغيرة في بيروت والمناطق، لكنها انتهت إلى توسيع نشاطها ليتخذ صبغة عربية ودولية.
وكما كل سنة يحدد «بيروت آرت فير» هدفا أو محورا، وهذا العام تُكرَّس الدورة الجديدة لاكتشاف المواهب الشابة من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا وذلك بمشاركة 27 صالة عرض في مساحة العرض الجديدة REVEALING by SGBL.
وبعد عملية الاختيار التي خضعت لموافقة اللجنة المؤلفة من ثلاثة من هواة الفنّ المهمّين في المنطقة - باسل دلول، وأبراهام كاراباجاكيان، وطارق نحّاس - ستقدّم صالات العرض الفنانين الشباب الذين تعتبرهم فنانين واعدين. وهم من دول عدة، بينها لبنان، وسوريا، والأردن، وإيران، وفرنسا، وكوبا، وكوريا الجنوبية، ومصر، والجزائر، وبولونيا، والسوريد، وغيرها.
واهتم «بيروت آرت فير» باستمرار بإبراز المواهب الشابة، لكن الجديد هذه السنة هو الرغبة في تسليط الضوء على الفنانات اللبنانيات. وللمرة الأولى يقوم المعرض بتكريم الفنانات اللبنانيات اللواتي ساهمن في تشكيل ملامح الفن الحديث، ما بين عامي 1945 - 1975 ضمن معرض LEBANON MODERN. ومن خلال مجموعة الأعمال الفنية المختارة من المجموعات الخاصّة وأيضا من مجموعة وزارة الثقافة، يسلّط المعرض الضوء على القوة والطاقة الخلاقة التي تملكها المرأة - الفنانة والتي طالما كانت غير معروفة من عامة الجمهور. ويشكل هذا المعرض فرصة لاكتشاف أعمال هؤلاء النساء اللواتي يفعّلْنَ الساحة الفنية في لبنان من خلال نشر أعمالهن في الخارج ومن خلال خلق الروابط المهمة بين بلادهنّ وباقي العالم. كما أنه تم تنظيم معارض استعادية لكل من سلوى روضة شقير في Tate Modern العام 2013، وايتيل عدنان في صالة عرض Serpentine في لندن وفي خريف 2016 في معهد العالم العربي في باريس.
الفنانات اللواتي تعرض أعمالهن هن، بيبي زغبي (1973 – 1890)، ماري حداد (1895 – 1973)، بلانش لوهياك أمّون (1912 – 2011)، سلوى روضة شقير (1916)، هيلين الخال (1923 – 2009)، إيتيل عدنان (1925)، سيسي سرسق (1926 – 2015)، إيفيت أشقر (1928)، لور غريّب (1931)، هوغيت كالان (1931)، جوليانا سيرافيم (1934 – 2005)، ناديا صيقلي (1936)، سيتا مانوكيان (1945).
وكما درجت العادة منذ أربع سنوات، فإن هذه التظاهرة التشكيلية تترافق مع تظاهرة أخرى تسبقها بأيام وهي «بيروت آرت ويك»، حيث بدأ عرض عدد من الأعمال المميزة، في الهواء الطلق وسط بيروت. وفي الرابع عشر من الشهر تحوّلت بعض الأماكن العامة والمحلات في العاصمة إلى واجهات للتعبير الفني. وتضمن «بيروت آرت ويك» مسارا، يتألف من 20 محطة، حيث عرضت أعمال فنية بالقرب من معالم بيروت الرمزية ومنها أسواق بيروت التجارية، ساحة باب إدريس، الصيفي، حديقة سمير قصير، حديقة جبران خليل جبران وأيضا في الشوارع والمحلات في وسط بيروت التجاري ومنها ELIE SAAB، AIR FRANCE، PLUM، OFFICINE PANERAI، وHERMÈS.
في أول محطة من المسار أمام فندق «لوغراي»، يعرض العمل التركيبي المتجوّل «السلاحف» للفنان اللبناني غسان زرد. وهي 75 مجسما مصنوعة من «الفيبرغلاس» ومادة «الريزين»، تنقلّت ما بين دير القمر وجبيل وصيدا وعادت إلى بيروت لتشارك في «بيروت آرت ويك».
كشف المسار عن 20 عملا فنيا تعود إلى 17 فنانا. ويستمر عرض هذه الأعمال للمارة في وسط بيروت حتى 20 من الشهر الحالي، فيما يستمر «بيروت آرت فير» حتى 18 منه فقط.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT
20

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».