موسكو: نسعى إلى نشر اتفاق الهدنة في سوريا تلافيًا لأي تفسير خاطئ

وزارة الدفاع الروسية شككت في قدرة واشنطن على تنفيذه * الفصل بين المعارضة السورية و«الإرهابيين» أولوية يشدد عليها الكرملين

موسكو: نسعى إلى نشر اتفاق الهدنة في سوريا تلافيًا لأي تفسير خاطئ
TT

موسكو: نسعى إلى نشر اتفاق الهدنة في سوريا تلافيًا لأي تفسير خاطئ

موسكو: نسعى إلى نشر اتفاق الهدنة في سوريا تلافيًا لأي تفسير خاطئ

أكدت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو تريد نشر الاتفاق الروسي الأميركي حول إحلال الهدنة في سوريا ومحاربة الإرهاب والتسوية السياسية «من أجل منع أي تفسير خاطئ للاتفاق».
فلقد أكد مصدر في وزارة الخارجية الروسية، لوكالة «نوفوستي»، أن الجانبين الروسي والأميركي يعملان على إطلاع شركائهما على مضمون الاتفاق. ولم يستبعد المصدر تنظيم إيجازات في مجلس الأمن الدولي لتعريف أعضاء المجلس ببنود حزمة الوثائق التي أقرتها موسكو وواشنطن في أعقاب محادثات أجريت في جنيف بمشاركة وزيري الخارجية، الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري. واستطرد قائلا: «طبعا، إننا مهتمون بنشر تلك الوثائق، لكي لا تكون هناك أي مواربات أو إمكانية لتفسير مضمون الوثائق بشكل خاطئ». وكان وزير الخارجية الروسي قال، يوم الثلاثاء، إنه يلاحظ توجه بعض الأطراف لتلميع تنظيم «جبهة النصرة» بغية شطبه من قائمة المنظمات الإرهابية، واقترح نشر الاتفاق الروسي الأميركي وتبنيه كقرار لمجلس الأمن الدولي بغية منع أي مواربات لدى تنفيذه. لكنه ذكر أن الأميركيين يفضلون إبقاء الاتفاق سريا.
من جهة ثانية, أكد الكرملين أولوية الفصل بين المعارضة و«جبهة النصرة» لتحقيق نتائج ومواصلة تنفيذ الاتفاق الأميركي - الروسي، وهو الموضوع الذي كان محور اهتمام محادثات هاتفية بين الوزيرين سيرغي لافروف وجون كيري أمس. وفي هذه الأثناء وزارة الدفاع الروسية شككت في قدرة الولايات المتحدة على الفصل بين الجانبين، وواصلت توجيه أصابع الاتهام للمعارضة فقط بانتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن هذا لم يمنع الوزارة من الدعوة لتمديد العمل بالاتفاق 48 ساعة أخرى. وسياسيا اعتبر برلماني روسي أن واشنطن وموسكو «توصلتا لاتفاق حول سوريا على الرغم من وجود معارضة في الولايات المتحدة ذاتها».
كان دميتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الكرملين (الرئاسة الروسية)، قد قال في تصريحات، أمس، إن «وقف إطلاق النار يولد دون شك أملا في أن يساهم في التسوية السلمية للأزمة السورية، ويخلق الأجواء الضرورية لعملية التسوية السياسية». وشدد بيسكوف على أن «المهمة الرئيسية الآن هي الانتظار إلى حين أن يتم الفصل بين المعارضة المعتدلة والمجموعات الإرهابية»، معربا عن يقينه أن «المضي قدما دون حل تلك المهمة سيكون أمرا مستبعدا». وكانت هذه «المهمة الرئيسية» وفق ما وصفها المتحدث، موضوعًا جوهريًا بحثه أمس وزيرا الخارجية الروسي لافروف ونظيره الأميركي كيري، خلال محادثات هاتفية، تناولا فيها سير تنفيذ الاتفاق الأميركي - الروسي حول سوريا، و«جهود تثبيت وقف إطلاق النار، وضمان الوصول الإنساني، والتصدي معا للإرهابيين في (جبهة النصرة) و(داعش)، وفق ما قالت الخارجية الروسية في بيان رسمي حول محادثات الوزيرين. وأضافت الوزارة أن «الوزير لافروف أكد (لنظيره كيري) ضرورة تنفيذ الولايات المتحدة العاجل لتعهدها بشأن الفصل بين فصائل المعارضة السورية التي ترعاها واشنطن، و(جبهة النصرة)، وتلك المجموعات التي انصهرت عمليا مع ذلك الفرع لتنظيم القاعدة».
في غضون ذلك، شككت وزارة الدفاع الروسية في «قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ تعهدها بشأن الفصل بين المعارضة والجماعات الإرهابية». وكان فيكتور بوزنيخير، النائب الأول لرئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان الروسية، قد أشار خلال مؤتمر صحافي أمس إلى أن «بعض وسائل الإعلام الغربية تنشر معلومات تقول فيها إن ستة أيام تبقى لتنفيذ الاتفاق الأميركي - الروسي»، ليرد بعد ذلك تلك المعلومات مدعيًا أن «الجانب الروسي ينفذ كامل التعهدات التي أخذها على عاتقه»، إلا أن «قدرة الجانب الأميركي على تنفيذ تعهداته بالفصل بين فصائل المعارضة و(جبهة النصرة) تبقى موضع شك لدى الجانب الروسي، حسب قوله. واتهم بوزنيخير من وصفها بالمجموعات المسلحة بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، إذ حملها مسؤولية 37 حالة إطلاق للنار وقصف تعرضت له قوات النظام السوري والمجموعات الطائفية التي تقاتل إلى جانبه ويطلق عليها الروس عادة صفة «مقاومة شعبية». غير أن وزارة الدفاع الروسية ورغم خرق الاتفاق 37 مرة فإنها تدعم تمديد العمل باتفاق وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة أخرى، حسب قول بوزنيخير.
في هذه الأثناء، سياسيا، أعرب أليكسي بوشكوف، رئيس لجنة مجلس النواب (الدوما) للشؤون الدولية، عن اعتقاده بأن إزاحة رأس النظام السوري لم تعد واحدة من المهام الملحة للسياسة الأميركية. وأردف بوشكوف أمس أن «تقرير مصير الأسد جرى تأجيله إلى وقت لاحق. ولم يعد تغييره مهمة مباشرة للولايات المتحدة، التي أقرت بوجود مهام أكثر إلحاحا وهي التصدي لـ(داعش) و(جبهة النصرة)». ولفت بوشكوف إلى أن الاتفاق حول سوريا أدى إلى تقارب بين الموقفين الأميركي والروسي: «وهذا جرى على الرغم من المعارضة الشديدة لهذه العملية في الولايات المتحدة ذاتها»، حسب قول البرلماني الروسي الذي يشير على الأرجح إلى موقف البنتاغون السلبي من التعاون مع روسيا في سوريا.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.