قصة الديون الأوروبية وأزمة «المشاغبين الخمسة»

عدوى فقدان الثقة والإجراءات البطيئة تفاقم من حجم المشكلة

جانب من مظاهرات اليونان العام الماضي اعتراضًا على الضغوط الأوروبية لجدولة الديون (رويترز)
جانب من مظاهرات اليونان العام الماضي اعتراضًا على الضغوط الأوروبية لجدولة الديون (رويترز)
TT

قصة الديون الأوروبية وأزمة «المشاغبين الخمسة»

جانب من مظاهرات اليونان العام الماضي اعتراضًا على الضغوط الأوروبية لجدولة الديون (رويترز)
جانب من مظاهرات اليونان العام الماضي اعتراضًا على الضغوط الأوروبية لجدولة الديون (رويترز)

«أزمة الديون الأوروبية» هي المصطلح المختصر لكفاح أوروبا لدفع الديون التي بنتها في العقود الأخيرة خمس من دول المنطقة، وهي اليونان والبرتغال وآيرلندا وإيطاليا وإسبانيا بدرجات متفاوتة، وفشلت تلك الدول في تحقيق النمو الاقتصادي بما يكفي لتصبح قدرتها على تسديد مستحقات حملة السندات «كما يجب أن يكون».
وعلى الرغم من أن هؤلاء الخمسة اعتبروا في خطر محدق لتزايد الأزمة في الفترة ما بين عامي 2010 و2011، لكن عواقب الأزمة تجاوزت حدها، وأشار رئيس بنك إنجلترا إلى أن الأزمة المالية التي تمر بها بعض دول المنطقة أخطر على الأقل من أزمة عام 1930 التي ضربت أوروبا؛ إن لم تكن أخطر من أي وقت مضى.
وشهد الاقتصاد العالمي نموا بطيئا منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، التي كشفت عن سياسات مالية غير مستدامة في بلدان أوروبا وحول العالم، فعلى سبيل المثال فشلت اليونان في إجراء إصلاحات مالية بسبب وطأة ضعف النمو؛ الأمر الذي أدى إلى تفاقم الميزانية بشكل لا يمكن تحمله، مما دفع رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أواخر عام 2009 إلى إعلان أن الحكومات السابقة فشلت في الكشف عن حجم العجز في البلاد، وكانت في ذلك الوقت ديون اليونان تتجاوز فعلا حجم اقتصاد البلاد بأكمله، وأوضح باباندريو آنذاك أنه «لم يعد بإمكان الدولة إخفاء المشكلة».
وكان رد فعل المستثمرين آنذاك هو طلب عائدات أعلى على السندات اليونانية؛ الأمر الذي أثار تكلفة عبء الديون في البلاد، واستلزم ذلك سلسلة من عمليات الإنقاذ من الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي، وبدأت الأسواق في دفع عوائد السندات في البلدان المثقلة بالديون الأخرى في المنطقة، وتوقع مشكلات على غرار ما حدث في أثينا.

مشكلة أحفاد الإغريق
والآن، ورغم مضى نحو عام كامل على «إذعان» رئيس الوزراء اليوناني الحالي ألكسيس تسيبراس لدائني البلاد، وتوقيعه على خطة مساعدة ثالثة لليونان، لا يزال اليونانيون يعانون من التدابير القاسية المفروضة عليهم.
وفي نهاية يونيو (حزيران) 2015، لم ينجح تسيبراس في إقناع الجهات الدائنة للبلاد (الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) بتخفيف إجراءات التقشف التي فرضت بموجب أول خطتي إنقاذ أبرمتا في عام 2010.
وبعد حرمانها من المساعدة المالية، عجزت اليونان في حينها (نهاية يونيو) عن تسديد دين مستحق لصندوق النقد؛ وهو أمر نادر جدا. وسادت حالة من الهلع القطاع المصرفي وفرضت رقابة على الائتمان لا تزال مطبقة رغم تخفيفها.
وفي الخامس من يونيو 2015 رفض اليونانيون خطة الدائنين بأكثر من 61 في المائة، ورغم هذا الانتصار «الشعبي» رفض تسيبراس المجازفة بخروج بلاده من منطقة اليورو، وبعد أسبوع عصيب، وليلة طويلة، وقع تسيبراس في 13 يوليو (تموز) من أجل الحصول على قرض ثالث للبلاد على ثلاث سنوات بقيمة 86 مليار يورو، لكنه أرفق برفع جديد للضرائب وإصلاح نظام التقاعد وتدابير أخرى صارمة جدا، دفعت وسائل الإعلام إلى التحدث عن «انقلاب».
ولا تزال اليونان تطبق منذ ذلك الوقت هذه الإجراءات، رغم الاستياء الشعبي والانعكاسات غير المسبوقة لأزمة الهجرة في 2015، وصرف الاتحاد الأوروبي لليونان 28.9 مليار يورو، وبدأت مباحثات حول تخفيف ديونها التي تقدر بنحو 182 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلون يونكر إن «اليونان تخطت مرحلة خطيرة».

انتقادات وأخطاء
وفي موازاة ذلك، انتقد المدير العام لآلية الاستقرار الأوروبية كلاوس ريغلينغ، الوقت الطويل لتلك الخطوة، وأن الأمر استلزم «تسعة أشهر بدلا من ثلاثة» لإصدار أول تقييم للبرنامج بسبب «المفاوضات الطويلة».
وبحسب المفوضية الأوروبية، يفترض أن يتراجع إجمالي الناتج الداخلي اليوناني هذا العام بنسبة 0.3 في المائة، في مواصلة لموجة انخفاض مستمر منذ عام 2009، باستثناء عام 2014.
وبحسب الخبراء والمراقبين، يأخذ على تسيبراس رفع الضرائب بدلا من خفض النفقات العامة لبلوغ أهداف الفائض الأولي في الموازنة المفروض في الخطة؛ وهو: 0.5 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي هذا العام، و1.75 في المائة لعام 2017، و3.5 في المائة لعام 2018.
ويرى صندوق النقد الدولي وحاكم البنك المركزي اليوناني يانيس ستوراناس، أن معدل الفائض المقدر بنحو 3.5 في المائة من قبل الدائنين لعام 2018: «غير واقعي».
لكن الحكومة اليونانية تعهدت أيضا بخفض أكبر في رواتب التقاعد وعدد الموظفين؛ في حال لم يحققوا الأهداف المطلوبة، وأيضا تعهدت بإطلاق عملية الخصخصة المثيرة للجدل.

عدوى فقدان الثقة
وترتفع السندات استجابة لمثل هذا النوع من الأزمات، حيث يرى المستثمرون ارتفاع المخاطر المرتبطة بالاستثمار في سندات البلاد، وفي المقابل يحتاجون إلى عائدات أعلى لتعويضهم عن تلك المخاطر، وهنا تبدأ حلقة مفرغة فكلما زادت الأزمات المالية والاقتصادية للبلاد ارتفعت العائدات على السندات؛ الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من الضغط المالي مما يدفع المستثمرين لطلب مزيد من العوائد وهكذا، وتسبب هذه الدورة في فقدان عام لثقة المستثمرين قد يتسبب في البيع، مع بعض الضعف التمويلي في بلدان أخرى تعاني حالة مشابهة، وتسمى هذه العادة باسم «العدوى».
واتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات بدت وكأنها بطيئة في سلسة من عمليات الإنقاذ لاقتصادات أوروبا المضطربة، ففي ربيع عام 2010 أنفق الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي ما يقرب من 110 مليارات يورو، أي ما يعادل (163 مليار دولار)، ومهدت هيكلة الديون اليونانية لجولات جديدة من أموال الإنقاذ.. كما نقلت كل من آيرلندا والبرتغال حصصهما من عمليات الإنقاذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010، ومايو (أيار) 2011 على التوالي، وأنشأت الدول الأعضاء في منطقة اليورو هيئة الاستقرار المالي الأوروبي (EFSF) لتوفير قروض عاجلة للدول التي تعاني الصعوبات المالية.

نقطة تحول
وفي عام 2012، وصلت الأزمة إلى نقطة تحول عندما أعلن رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، أن البنك المركزي الأوروبي سيفعل «كل ما يلزم» للحفاظ على منطقة اليورو معا، وانخفضت العوائد في البلدان الأوروبية المتعثرة بشكل حاد خلال النصف الثاني من العام، خصوصا أن الأسعار والعوائد تتحرك في اتجاهين متعاكسين، ورغم أن بيان دراغي في ذلك الوقت لم يحل المشكلة، إلا أنه جعل المستثمرين يشترون السندات بشكل أكثر راحة في الدول الصغيرة في المنطقة، وفي الوقت ذاته كسبت البلدان المتعثرة وقتا أطول لمعالجة القضايا الأوسع نطاقا.
وساعدت الإجراءات من قبل صانعي السياسة الأوروبية على تحقيق الاستقرار في الأسواق المالية على المدى القصير، ووجهت انتقادات واسعة مؤخرا للبنك المركزي الأوروبي على نطاق واسع كونه يؤجل الحل الحقيقي إلى موعد لاحق، خصوصا أن خطط شراء الأصول لم ترفع معدلات التضخم إلى المستويات المرغوبة بنحو 2 في المائة.
وتعاني أوروبا اليوم انخفاض العائد على الديون الأوروبية إلى مستويات متدينة، فقد جذبت العائدات العالية في إسبانيا وإيطاليا المشترين إلى سندات بلادهم؛ الأمر الذي يجعل المستثمرين يحصلون على أكبر قدر من الراحة مع أخذ مخاطر الاستثمار في أسواق سندات المنطقة، وتعيش أوروبا الأزمة على شكل تباطؤ في معدلات النمو ويزيد الخطر بأن أوروبا ستغرق في الانكماش.

ديون البنوك
ولا يعد الحل بسيطا، لأن البنوك الأوروبية لا تزال واحدة من أكبر أصحاب الديون الحكومية في المنطقة، وحافظت البنوك على كمية معينة من الأصول لموازناتها النسبية لكمية الدين لديهم، وبالنسبة للبنوك فقد عانت انخفاضا حادا في حجم الأصول في الميزانية العمومية الخاصة بهم، واحتمالات التعسر، ويرجع ذلك إلى الترابط المتزايد للنظام المالي، وترتفع احتمالات أن سلسلة إخفاقات البنوك ستتحول إلى عدوى أكثر تدميرا أو «تأثير الدومينو».
وفي وقت سابق هذا العام، قرر المركزي الأوروبي خفض سعر الفائدة على الودائع إلى سالب 0.4 في المائة، ومعدل الفائدة الرئيسي إلى الصفر المئوي، وقد تم اعتماد هذه السياسة لترسيخ الثبات المتوسط في معدلات التضخم إلى معدل أعلى على المدى الطويل.
وقد أدى انخفاض أسعار الفائدة في منطقة اليورو إلى انخفاض صافي الفرق بين معدل الفائدة - وهو الفرق بين معدل الفائدة على الإقراض ومعدل الفائدة على الإيداع - في أكبر 13 بنك أوروبي للمرة الأولى منذ عامين، كما انخفضت الأرباح قبل خصم الضريبة بنحو 20 في المائة.
وتضررت البنوك في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة من سبب آخر، وهو قرار البريطانيين بالتصويت في يونيو الماضي لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، فهبطت أسهم البنوك العالمية الكبيرة خارج المملكة المحتدة من 7 وحتى 20 في المائة في شهر منذ التصويت وحتى النصف الثاني من يوليو، على الرغم من تحسن أجزاء أخرى من أسواق المال؛ لكن البنوك لم تستطع وضع نقطة عودة لحجم الخسائر في ظل ضعف الفائدة، وتواجه البنوك الأوروبية حالة من عدم اليقين حول ما إذا كانوا في حاجة إلى تراخيص جديدة، خصوصا في البنوك الأوروبية العاملة في السوق البريطانية، والعكس.
ومن المتوقع أنه بعد الانفصال البريطاني (البريكست) ستحد البنوك من عدد موظفي البنوك العاملة في السوق البريطاني، إضافة إلى توقعات بقلة عدد الصفقات والمعاملات البنكية داخل العاصمة المالية لندن على مدار العامين المقبلين.

ارتياح في أميركا
ورغم المشكلات التي تمر بها البنوك الأوروبية، فإنها لديها الكثير من القواسم المشتركة مع نظرائهم في اليابان على عكس عمالقة وول ستريت الأميركية، فقد حذر بنك جي بي مورغان من تخلف تقييم البنوك الأوروبية ليتركوا مساحة واسعة لمنافسيهم الأميركيين، حيث يتطلع المستثمرون بشكل إيجابي نحو البنوك الأميركية في هذه الفترة، خصوصا في ظل مؤشرات تدل على تعافٍ طفيف للاقتصاد الأميركي.
وقال جي بي مورغان إن «البنوك الأوروبية انضمت إلى مؤسسات مرحلة بعد الأزمة جنبا إلى جنب مع اليابانيين؛ فقد فقدت البنوك اليابانية خسائر ائتمانية بنحو 700 مليار يورو لعد فقاعة العقارات في 2008، وبالمثل البنوك الأوروبية لا تزال في وضع استرداد الخسائر، على النقيض من ذلك البنوك الأميركية التي تجاوزت أرباحها 11 مرة منذ الأزمة المالية العالمية».
وأفاد جي بي مورغان بأن البنوك المركزية تتحرك من خلال التيسير الكمي، لإغراق الأسواق بالأموال «الرخيصة» التي لم تثبت فاعلية في اليابان أو أوروبا، وقد أدى تأثير التيسير الكمي على المدى الطويل الضغوط في إيرادات البنوك الأوروبية وانخفاض صافي هوامش الفائدة.
ويحدث ذلك في حين خفضت البنوك اليابانية التكاليف والاعتراف الكامل بالقروض المتعثرة لميزانية عمومية «نظيفة»، كما يصفها المحللون، والتنازل عن بعض النسب المقررة منها مع مرور الوقت لاستيعاب الخسائر الناتجة وإعادة رسملة البنوك، لكن البنوك الأوروبية على العكس لا تستطيع أن تأخذ النهج نفسه؛ فقواعد المساعدات الحكومية في الاتحاد الأوروبي لا تسمح بذلك.
وقال فولفغانغ شيوبله، وزير المالية الألماني، إنه ينبغي على المنظمين العالميين عدم معاقبة أوروبا، أو أي منطقة أخرى، تحاول أن تكمل متطلبات رسملة المصارف المتعثرة بنهاية العام الحالي.
وأضاف في حديث على هامش اجتماع وزراء مالية اليورو في سلوفاكيا منذ يومين، أن القواعد يجب ألا تكون سلبية بشكل خاص على مناطق معينة لهيكلة الميزانيات العمومية للبنوك والأسواق المالية بشكل مختلف في جميع أنحاء العالم، وذكر أن الشركات الأوروبية تمول عن طريق البنوك في حين يتم ذلك في الولايات المتحدة عبر أسواق رأس المال.
وستحدد لجنة بازل الأطر النهائية لإعادة رسملة البنوك المتعثرة بعد الأزمة في أوروبا، وسيتم تعيين هيئة رقابية للاجتماع في 14 و15 من سبتمبر (أيلول) الجاري، التي تضم الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والبنك المركزي الأوروبي وأعضاء من بنك إنجلترا المركزي.



الخريف يدعو الشركات السعودية والتونسية إلى بناء شراكات في الصناعات الواعدة

جانب من الدورة الثانية عشرة للجنة السعودية التونسية المشتركة في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من الدورة الثانية عشرة للجنة السعودية التونسية المشتركة في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

الخريف يدعو الشركات السعودية والتونسية إلى بناء شراكات في الصناعات الواعدة

جانب من الدورة الثانية عشرة للجنة السعودية التونسية المشتركة في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من الدورة الثانية عشرة للجنة السعودية التونسية المشتركة في الرياض (الشرق الأوسط)

طالب وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، خلال انعقاد الدورة الثانية عشرة للجنة السعودية التونسية المشتركة، بضرورة مضاعفة التنسيق في القطاعات المحركة للنمو، مع وضع القطاع الخاص في قلب أعمال اللجنة، داعياً الشركات في البلدين إلى بناء شراكاتٍ عملية في الصناعات الواعدة وسلاسل القيمة.

وانطلقت في العاصمة الرياض، الأحد، أعمال الدورة الثانية عشرة للجنة السعودية التونسية المشتركة، التي تنظمها وزارة الصناعة والثروة المعدنية، بمشاركة ممثلين من الجهات الحكومية في الجانبين، وذلك لمناقشة فرص توسيع آفاق التعاون الثنائي، وتطوير الشراكات الاستراتيجية في العديد من القطاعات الاقتصادية والتنموية.

وترأس الجانب السعودي في أعمال اللجنة وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريّف، فيما ترأس الجانب التونسي وزير الاقتصاد والتخطيط، الدكتور سمير عبد الحفيظ، بحضور وفدين رسميين وممثلين عن القطاعات الحكومية في البلدين.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد الوزير الخريّف على متانة العلاقات السعودية التونسية والروابط الأخوية والاقتصادية بين البلدين الشقيقين الممتدة لأكثر من سبعين عاماً، التي تترجمها اليوم رؤى مشتركة وبرامج عمل طموحة تواكب تطلعات قيادة البلدين وشعبيهما ومصالحهما المشتركة.

مشاريع استراتيجية

وأشار إلى أن اللجنة السعودية التونسية المشتركة، التي انطلقت منذ عام 1998، تمثل إطاراً مؤسسياً يستهدف تحويل التعاون إلى برامج ومبادرات تنفيذية، مؤكداً تطلعه إلى أن تكون هذه الدورة نقطةَ انطلاقٍ جديدة لمشاريع استراتيجية مشتركة، واتفاقات أكثر تأثيراً في التنمية الاقتصادية للبلدين، وذلك من خلال توسيع نطاق التنسيق المشترك لاستكشاف فرص التكامل الاقتصادي والصناعي والشراكات الاستثمارية، مع التزام اللجنة بمتابعة وتنفيذ المشاريع المشتركة عبر فرق عمل، وجداول زمنية، ومؤشراتٍ لقياس الأداء، بما يضمن انتقال مخرجات هذه الدورة من إطار التوصيات إلى حيز التنفيذ العملي.

وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

كما نوَّه بنتائج الاجتماع الثالث لفريق العمل المشترك للتعاون التجاري المنعقد في تونس خلال يوليو (تموز) 2025، وما نتج عنه من توافقات في الاعتراف المتبادل بشهادات مطابقة المنتجات، مما انعكس إيجاباً على نمو التبادل التجاري بنسبة بلغت 38 في المائة حتى سبتمبر (أيلول) الماضي مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنصرم.

المتغيرات الإقليمية

من جانبه، أكد وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي، أن أعمال الدورة الثانية عشرة للجنة تمثل فرصةً متجددة لاستشراف آفاقٍ أوسع للتعاون الاستراتيجي بما يواكب المتغيرات الإقليمية والدولية.

وأشار إلى أن ملتقى الأعمال السعودي التونسي الذي يعقد، الاثنين، على هامش أعمال اللجنة يشكِّل منصةً مهمة لبناء شراكات فاعلة بين القطاع الخاص في البلدين، تدعم مستهدفات التنمية الاقتصادية. ولفت إلى الإسهامات التنموية للمملكة في الجمهورية التونسية، من خلال تمويل عددٍ من المشاريع والبرامج في عدد من المجالات منها المياه، والري، والتنمية الريفية والبيئية، إلى جانب عدد من قصص النجاح الاستثمارية للشركات السعودية في تونس، خصوصاً في قطاعات استراتيجية، من بينها السياحة، والصناعة، والزراعة، والصحة والتعليم.

وركزت أعمال اللجنة في دورتها الحالية على تعزيز آليات التعاون المشترك، ومناقشة الفرص الاستثمارية، وتبادل الخبرات في قطاعات رئيسة تشمل الصناعة، والتعدين، والسياحة، والنقل والخدمات اللوجيستية، والقضاء والعدل، وذلك بهدف رفع كفاءة التبادل التجاري، ودعم نفاذ المنتجات السعودية إلى مختلف الأسواق الدولية، وتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري. وعلى هامش أعمال اللجنة، يقام، الاثنين، ملتقى الأعمال السعودي التونسي، الذي تنظمه وزارة الصناعة والثروة المعدنية بالتعاون مع وزارة الاستثمار واتحاد الغرف السعودية، بمشاركة واسعة من ممثلي القطاع الخاص في كلا الجانبين، بهدف تعزيزِ الشراكات التجارية والاستثمارية، واستكشاف الفرص الواعدة في البلدين الشقيقين.


النساء يقدن 46.8 % من المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية

سيدات يعملن في إحدى الجهات بالسعودية (واس)
سيدات يعملن في إحدى الجهات بالسعودية (واس)
TT

النساء يقدن 46.8 % من المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية

سيدات يعملن في إحدى الجهات بالسعودية (واس)
سيدات يعملن في إحدى الجهات بالسعودية (واس)

أسهمت زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل بشكل إيجابي في الاقتصاد السعودي ومناخ الاستثمار، من خلال توفير قاعدة أوسع من الكفاءات، وتقليص فجوة الأجور بين الجنسين، وتعزيز التنوع والشمولية، ورفع الإنتاجية العامة؛ حيث تُمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للنساء في جميع أنحاء المملكة نسبة 46.8 في المائة.

وحسب تقرير حديث صادر عن وزارة الاقتصاد والتخطيط، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بلغت مشاركة المرأة في القوى العاملة بالسعودية 33.5 في المائة، أي ما يُقارب ضعف النسبة المسجلة في عام 2015. وتشغل النساء الآن أدواراً إدارية متوسطة وعليا بـ44.1 في المائة، وهذه المكاسب تعكس تحولاً أوسع نحو الفرص والشمولية والديناميكية الاقتصادية.

وبلغ إجمالي عدد النساء العاملات في الربع الأول من العام الماضي 3.4 مليون امرأة، مقارنةً بـ1.2 مليون امرأة في الربع الأخير من عام 2021.

مجموعة العشرين

وقفزت نسبة تمثيل المرأة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات من 7 في المائة خلال 2018 إلى 35 في المائة مع نهاية العام الماضي، متجاوزة بذلك المتوسطات المسجلة في الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة العشرين و«وادي السيليكون».

ونمت مشاركة النساء في قطاع السياحة 65.6 في المائة خلال الفترة من 2020 إلى 2023، متجاوزة بشكل كبير نمو توظيف الذكور الذي بلغ 31.8 في المائة في الفترة نفسها.

وبلغت نسبة المعلمات في وزارة التعليم 51.8 في المائة عام 2021، ما يشير إلى أن النساء يُشكلن الأغلبية الطفيفة بين الكادر التدريسي.

ويُشير التقرير إلى بلوغ النسبة في الخدمة المدنية 42 في المائة بنهاية الربع الثالث من 2022، وارتفاع ملكيتهم للسجلات التجارية إلى 40 في المائة.

إصلاحات قانونية

وفي إطار «رؤية 2030»، تهدف المملكة إلى بناء مجتمع شامل تستطيع فيه النساء المشاركة الكاملة والإسهامات الفاعلة في تنمية البلاد. وتشمل الأولويات الرئيسية تعزيز جودة التعليم والتدريب والتعلم للفتيات والنساء، وتحسين الخدمات الصحية، وضمان حق العمل، ودعم ريادة الأعمال النسائية، وتمكين المرأة في مجالات التكنولوجيا الرقمية والخدمات المالية.

وتلتزم المملكة بمعالجة الحواجز الاجتماعية والثقافية والتشريعية التي تعوق المشاركة الكاملة للمرأة في صنع القرار والتمكين الاقتصادي، وذلك من خلال جهود منسقة بين الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية.

وتشمل المبادرات الرئيسية إجراء البحوث لتحديد التحديات، وتنفيذ إصلاحات قانونية وتنظيمية، وتطوير برامج القيادة النسائية، والتعاون مع أصحاب المصلحة لترويج السياسات المستجيبة للنوع الاجتماعي، والمشاركة المجتمعية لرفع الوعي ورصد التقدم المحرز بانتظام.

الشمولية الجندرية

وحسب التقرير، حققت المملكة تقدماً كبيراً في تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، ومن خلال إصلاحات تشريعية ومبادرات مستهدفة، زادت مشاركة المرأة في مختلف المجالات، فعلى المستوى السياسي، تشغل النساء حالياً نسبة 20 في المائة من مقاعد مجلس الشورى، في انعكاس لالتزام المملكة بالشمولية الجندرية في مواقع السلطة.

وتمتد مشاركة المرأة إلى المناصب القيادية في الوزارات والمؤسسات الحكومية. وقد تقدمت المملكة إلى المرتبة الـ13 عالمياً في مؤشر المساواة في الأجور بين الجنسين لعام 2024، وهي من أعلى النسب عالمياً.

وطبقاً للتقرير، في العام الماضي، شغلت النساء نسبة 44.1 في المائة من المناصب الإدارية العليا والمتوسطة، متجاوزة بذلك المستهدف الوطني البالغ 40 في المائة.

وقد أسهمت هذه الجهود في تحول سوق العمل؛ حيث ارتفع عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص من 1.7 مليون في 2019 إلى أكثر من 2.3 مليون خلال العام الماضي، وانخفض معدل البطالة إلى 7 في المائة في الفصل الأخير من 2024.


2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
TT

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

مع إسدال الستار على عام 2025، يتضح أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تجاوزت بكثير كونها نزاعاً حول الرسوم الجمركية أو فائض الميزان التجاري، لتتحول إلى صراع طويل الأمد على إعادة هندسة النظام الاقتصادي العالمي. فقد مثَّل هذا العام محطة مفصلية رسَّخت انتقال المواجهة من أدوات تقليدية إلى سباق شامل يشمل التكنولوجيا، وسلاسل الإمداد، والمعايير الدولية، والتحالفات الجيوسياسية.

وعلى امتداد أشهَرَ عامٍ اتسم بالتقلبات، حافظ الطرفان على نهج «التصعيد المحسوب»، بحيث ارتفعت وتيرة الإجراءات من دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة، وسط إدراك متبادل بأن كلفة الانفصال الاقتصادي الكامل ستكون باهظة على الاقتصاد العالمي برمته.

* من نزاع تجاري إلى مسار استراتيجي طويل

عند مراجعة المسار الزمني للصراع، يظهر أن جذوره تعود إلى عام 2018، غير أن حصيلة السنوات اللاحقة، وخصوصاً خلال 2025، تؤكد أن الحرب التجارية باتت تعبيراً عن تنافس استراتيجي شامل.

فمع تمسّك بكين بخططها لتوطين الصناعات المتقدمة ضمن رؤية «صنع في الصين 2025»، ازداد القلق الأميركي من تآكل التفوق التكنولوجي الغربي في قطاعات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والتكنولوجيا الحيوية.

علم صيني بجوار علامة «صنع في الصين» على لوحة دوائر وقد استهدفها ترمب بعقوبات تجارية (رويترز)

وقد أسهمت جائحة «كوفيد - 19»، ثم تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، في ترسيخ قناعة غربية بأن الاعتماد الاقتصادي المفرط على الصين يحمل مخاطر استراتيجية، ما مهَّد لاعتماد سياسات «إزالة المخاطر» بدلاً من «فك الارتباط» الكامل.

* السياسة الأميركية والبعد الانتخابي

أحد أبرز ملامح 2025 كان تداخل الاعتبارات الاقتصادية مع الحسابات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة. فمع دخول البلاد مرحلة تحضيرية انتخابية للكونغرس، تحوّل التشدد تجاه الصين إلى ملف شبه توافقي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وخلال العام، استُخدمت أدوات التجارة والتكنولوجيا لإرسال رسائل مزدوجة: للخارج عبر كبح الطموحات الصينية، وللداخل عبر طمأنة الناخب الأميركي وحماية الوظائف في قطاعات التصنيع والتكنولوجيا، مما أضفى على الحرب التجارية بعداً سياسياً لا يقل وزناً عن بعدها الاقتصادي.

* حصيلة عام العقوبات والقيود المتبادلة

تميَّز عام 2025 بتكريس منطق العقوبات والضوابط المتبادلة. فمن الجانب الأميركي، توسّعت القيود على تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقائق الدقيقة المتطورة، خصوصاً تلك المرتبطة بالحوسبة الفائقة والتطبيقات العسكرية، مع إضافة عشرات الكيانات الصينية إلى القوائم المقيدة.

ترمب يستعرض الرسوم المفروضة على الصين ودول أخرى في البيت الأبيض 2 أبريل 2025 (رويترز)

أما بكين، فجاء ردّها عبر مسارين متوازيين:

الأول، تعزيز الدعم الحكومي للشركات الوطنية في قطاعات استراتيجية، مثل الرقائق والبطاريات والسيارات الكهربائية والطائرات التجارية.

والثاني، استخدام المعادن النادرة كورقة ضغط، عبر فرض قيود على تصدير بعض المواد الأساسية لصناعة الشرائح الإلكترونية.

وحصيلة هذه الإجراءات كانت تعميق حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، ودفع الشركات متعددة الجنسيات إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الاستثمارية والإنتاجية.

* إعادة رسم سلاسل التوريد

أحد أبرز دروس عام 2025 تمثّل في أن سلاسل التوريد العالمية لم تنهَر، لكنها خضعت لإعادة تموضع واسعة. فقد أدت القيود المتبادلة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في قطاعات الإلكترونيات والسيارات، مما انعكس على أسعار المستهلكين في عدد من الاقتصادات الكبرى.

في المقابل، خرجت دول آسيوية وأميركية لاتينية رابحة نسبياً من هذا التحول، مع انتقال جزء من خطوط الإنتاج إليها. وبرزت الهند وفيتنام وماليزيا والمكسيك بوصفها محطات بديلة ضمن استراتيجية «تنويع مصادر التصنيع»، من دون أن يعني ذلك تراجعاً حاداً لدور الصين، التي حافظت على مكانتها كمركز صناعي يصعب الاستغناء عنه.

ورغم المخاوف، فإن الاقتصاد العالمي لم يشهد صدمة كبرى خلال 2025، غير أن الضغوط التراكمية كانت واضحة. فقد أسهم نقص الشرائح المتوسطة في رفع أسعار الهواتف والسيارات، كما أبقى الصراع التجاري على مستويات تضخم مرتفعة نسبياً في قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة.

وسجَّل العام تراجعاً ملحوظاً في الاستثمارات الغربية المباشرة داخل الصين، مقابل توسّع لافت في الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية، في بحث واضح عن أسواق أقل حساسية من الناحية الجيوسياسية.

وبحسب تقديرات مؤسسات مالية دولية، فإن استمرار هذه المواجهة قد يقتطع ما بين 0.3 و0.5 في المائة من النمو العالمي على المدى المتوسط، إذا تحوّلت القيود الحالية إلى واقع دائم.

* أدوات نفوذ جديدة

وبرزت المعادن النادرة خلال 2025 كأحد أهم ميادين الصراع غير المعلنة. فالصين، التي تهيمن على إنتاج ومعالجة هذه المعادن، استخدمتها كورقة تفاوضية، بينما كثّفت الولايات المتحدة وحلفاؤها جهودهم لتأمين بدائل عبر الاستثمار في مشروعات الليثيوم والنيكل والكوبالت خارج النفوذ الصيني.

وتحوّلت هذه المعركة الصامتة إلى عنصر حاسم في سباق التحول الطاقي العالمي، حيث بات تأمين المواد الخام لا يقل أهمية عن تطوير التكنولوجيا نفسها.

ويبقى قطاع الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات ساحة المعركة الحقيقية. فعلى مدار 2025، حافظت الشركات الأميركية على تفوقها في تصميم الشرائح عالية الأداء، بينما واصلت الصين سباقها لتقليص الفجوة عبر بناء قدرات تصنيع محلية.

تُظهر هذه الصورة الجوية حاويات في ميناء شنغهاي الدولي بالصين (أ.ف.ب)

غير أن الضغوط الأميركية على الموردين الأوروبيين واليابانيين حالت دون حصول بكين على أحدث معدات تصنيع الرقائق، مما أبقى مسألة الاكتفاء الذاتي الصيني رهناً بتطورات تقنية وسياسية معقّدة.

وفي هذا السياق، تعكس الفجوة بين البلدين اختلافاً أعمق في الرؤية؛ إذ تدفع واشنطن نحو نموذج ابتكار تقوده السوق، بينما تعتمد بكين نموذجاً مركزياً يدمج الذكاء الاصطناعي في التخطيط الحكومي، مما ساهم في بروز نظامين تقنيين عالميين ومعايير رقمية متباينة.

* تحالفات وتوازنات نهاية العام

لم يكن الجنوب العالمي خارج مشهد 2025، بل تحوّل إلى ساحة تنافس نشطة. فبينما استفادت دول عدة من انتقال الاستثمارات والمصانع، وجدت نفسها في الوقت ذاته أمام ضغوط غير مباشرة للاصطفاف أو الالتزام بمعايير تقنية وتجارية مختلفة، مما فرض تحديات على استقلال قراراتها الاقتصادية.

وعلى المستوى الجيوسياسي، كثَّفت واشنطن جهودها لتعزيز تحالفاتها في آسيا، ولا سيما عبر الشراكة الرباعية «كواد»، واتفاقيات تكنولوجية ودفاعية جديدة.

وفي المقابل، واصلت الصين توسيع حضورها الاقتصادي في آسيا وأميركا اللاتينية والخليج، مع إعادة ضبط مبادرة «الحزام والطريق» والتركيز على المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية.

* من حصاد 2025 إلى أسئلة 2026

ورغم التصعيد، تتجنب واشنطن وبكين الانزلاق إلى مواجهة كاملة؛ فكلاهما يدرك أن الانفصال الاقتصادي الشامل (Decoupling) غير ممكن عملياً.

لكن بحسب الخبراء والمراقبين، فسيظل المشهد المقبل متوتراً، مع مجموعة من السيناريوهات المحتملة، ويأتي على رأسها:

1. استمرار سياسة «نزع المخاطر»:

من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها تقليص اعتمادهم على الصين في المعادن والرقائق، مما سيؤدي إلى إعادة أحد أكبر التحولات في سلاسل الإمداد منذ عقدين.

2. تسريع الصين تصنيع الرقائق محلياً:

ستكثف بكين استثماراتها في تكنولوجيا ومعدات تصنيع الرقائق، مع احتمال إطلاق جيل جديد من الشرائح محلية الصنع يقترب من المستوى الغربي، مما قد يغيّر معادلة القوة التقنية.

3. مفاوضات محدودة لتخفيف الاحتقان:

قد تشهد 2026 محاولات لإعادة قنوات الحوار التجاري، خصوصاً في ظل تخوّف الأسواق العالمية من تباطؤ النمو. غير أن هذه المفاوضات -إن حدثت- ستكون جزئية ولن تعالج جذور الأزمة.

4. ازدياد الحضور الآسيوي في المشهد العالمي:

ستستفيد دول آسيا الناشئة من إعادة التمركز الصناعي، ما يمنحها ثقلاً اقتصادياً أكبر ويجعلها طرفاً مساهماً في تشكيل ملامح نظام اقتصادي عالمي جديد.

وفي المحصلة، يكشف حصاد عام 2025 أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة لم تعد حدثاً ظرفياً، بل مساراً طويلاً لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.

ومع أن الطرفين حرصا على إدارة الصراع دون كسر الخطوط الحمراء، فإن العام المقبل مرشح لحمل استمرار التوتر، مع مفاوضات محدودة لا تمس جذور الخلاف.

والسؤال الذي سيرافق العالم إلى 2026 هو ما إذا كان هذا السباق سينتهي إلى توازن جديد يعيد تعريف العولمة، أم إلى انقسام طويل الأمد يفرض نظاماً اقتصادياً أكثر تسييساً وتعدداً في الأقطاب، حيث تصبح التكنولوجيا والتجارة أدوات نفوذ لا تقل شأناً عن القوة العسكرية.

متداولون يعملون في بورصة نيويورك خلال يوم تداول مختصر قبل عطلة عيد الميلاد في 24 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)