الأسر المصرية ما بين احتفالات عيد الأضحى واستعدادات العودة للمدارس

أطباق اللحوم تتنافس على موائد المصريين رغم غلاء الأسعار

تحايلاً على غلاء الأسعار.. المصريون يقبلون على شراء اللحوم من منافذ البيع المخفضة  المساجد  تحرص على توزيع الحلوى والألعاب لإدخال البهجة على قلوب الأطفال والكبار - في سوق الماشية بالقاهرة التجار والمشترون يفحصون الحيوانات استعدادًا ليوم النحر (رويترز)
تحايلاً على غلاء الأسعار.. المصريون يقبلون على شراء اللحوم من منافذ البيع المخفضة المساجد تحرص على توزيع الحلوى والألعاب لإدخال البهجة على قلوب الأطفال والكبار - في سوق الماشية بالقاهرة التجار والمشترون يفحصون الحيوانات استعدادًا ليوم النحر (رويترز)
TT

الأسر المصرية ما بين احتفالات عيد الأضحى واستعدادات العودة للمدارس

تحايلاً على غلاء الأسعار.. المصريون يقبلون على شراء اللحوم من منافذ البيع المخفضة  المساجد  تحرص على توزيع الحلوى والألعاب لإدخال البهجة على قلوب الأطفال والكبار - في سوق الماشية بالقاهرة التجار والمشترون يفحصون الحيوانات استعدادًا ليوم النحر (رويترز)
تحايلاً على غلاء الأسعار.. المصريون يقبلون على شراء اللحوم من منافذ البيع المخفضة المساجد تحرص على توزيع الحلوى والألعاب لإدخال البهجة على قلوب الأطفال والكبار - في سوق الماشية بالقاهرة التجار والمشترون يفحصون الحيوانات استعدادًا ليوم النحر (رويترز)

يحل عيد الأضحى هذا العام على الأسر المصرية بالتزامن مع استعدادات الأسر لعودة أبنائهم للانتظام الدراسي بعد أسبوعين تقريبا، مما يشكل تحديا أمام ميزانية غالبية الأسر. ونظرا لطول فترة أيام العطلة، فقد فضلت بعض الأسر الميسورة الاستغناء عن طقوس العيد التقليدية في المنزل وزيارات الأقارب، وفضلوا قضاء العيد على الشواطئ وفي المنتجعات سواء في الساحل الشمالي أو في الغردقة وشرم الشيخ ورأس سدر شمال شرقي العاصمة.
وقد بدأت استعدادات الأسر المصرية لعيد الأضحى قبل عدة أيام لشراء اللحوم كل حسب رغبته وقدرته المادية، ومع ارتفاع الأسعار في ظل استمرار أزمة ارتفاع سعر الدولار بالسوق السوداء، تخلت بعض الأسر عن ذبح الأضاحي، وشهدت الأيام الماضية توافد المواطنين على منافذ بيع اللحوم المخفضة التي وفرتها القوات المسلحة المصرية، ووزارة التموين، في سبيل الحصول على طبق الفتة الشهير صباح أول أيام العيد. وقد تخطت أسعار اللحوم هذا العام حاجز المائة جنيه مصري، فوصل سعر كيلو اللحم البتلو إلى 120 جنيها، في حين وصل سعر كيلو لحم الضأن إلى 95 جنيها، مما قلص فرص شراء اللحوم على الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل. وتعتبر فواكه اللحوم ملاذا للفقراء للتغلب على الغلاء وتقديم طبق الفتة أول أيام العيد فيقبلون على شراء «الفشة» و«الكرشة» والطحال واللسان، وهي أيضا لم تسلم من الغلاء فقد قفز سعرها للضعف هذا العام وتخطى 50 جنيها. في حين حاولت بعض الأسر تقليص الميزانية والاستغناء عن شراء ملابس جديدة أو قضاء العيد ما بين المنزل وزيارة الأقارب.
وتقول منال مجدي، ربة منزل: «لم يسلم الأرز من الغلاء فقد زاد سعر الكيلو 3 جنيهات ووصل سعره إلى 8 جنيهات بعد أن كان سعره من قبل لا يتخطى 4 جنيهات». بينما ذهبت السيدة مها منير إلى أنها لم تشتر لأطفالها هذا العيد ملابس جديدة واكتفت بشراء ملابس الزي المدرسي، التي كلفتها ما يزيد على الألف جنيه للطفل الواحد وقررت توفير النقود لطلبات المستلزمات الدراسية.
وتبدأ الاستعدادات في المطبخ المصري منذ ليلة «وقفة عرفات» حيث يتم سلق كميات من اللحم وتجهيز الفتة، لتناولها عقب صلاة العيد. وتخرج الأسر للصلاة في المساجد القريبة من المنازل في ظل حظر الصلاة في الخلاء في كثير من الساحات المفتوحة للظروف الأمنية. وتقوم المساجد بعمل مسابقات دينية ترفيهية للأطفال وتوزيع أكياس الحلوى والألعاب لإدخال البهجة على الصغار. وينتشر في الشوارع باعة الدببة المحشوة وبالونات الهيليوم التي صممت على شكل خراف أشهرها الخروف «شون ذا شيب»، التي أصبحت مظهرا مبهجا من مظاهر العيد.
وبعد صلاة العيد يبدأ على الفور الصراع في العثور على «جزار» أو قصاب لذبح الأضاحي، وتقضي معظم الأسر يومها في تقسيم وتوزيع لحوم الأضحية على الفقراء والمساكين والمحتاجين لكي يعم الخير على الجميع. فتعم الفرحة على الأسر التي لا تتناول اللحوم إلا في الأعياد.
وعادة ما يتناول المصريون الفتة أيضا بوصفها وجبة الغداء في أول أيام العيد، وتقدم مع الحساء وأنواع السلطة والخبز المحمص. ويقدم اللحم إما مسلوقا أو مطهوا بالفرن. ويقضي المصريون اليوم الأول بالمنزل بعد مشقة الذبح، أو لزيارة الأهل والأقارب.
أما ثاني أيام العيد فتقدم بعض الأسر الرقاق المحشو باللحم المفروم مع صينية بطاطس مع فخذ الغنم والأرز. في حين تفضل بعض الأسر شي اللحوم في الهواء الطلق، وعادة ما يتم شي «الريش» وشرائح لحم الغنم. وفي المساء تنشغل بعض ربات البيوت بتجهيز «الممبار» بتنظيفه وحشوه بالأرز المتبل بالبهارات أو اللحم المفروم، وكان ذلك يمثل طقسا رئيسيا من طقوس العيد في غالبية البيوت المصرية، حيث كان الجدات تجمع نساء العائلة للمساهمة في عملية إعداد «الممبار» وطهيه ومن ثم توزيعه على الأسرة والأقارب، وقد خفت هذا الطقس وتوارى في كثير من البيوت.
في اليوم الثالث والرابع تختلف العادات والتقاليد قليلا حيث يفضل البعض تغيير الطعام والاستغناء عن اللحوم، وربما تناول الطعام في أحد المطاعم وقضاء يوم في الحدائق أو المتنزهات أو بنزهة نيلية أو على البحر في المدن الساحلية. وتشهد أيام عيد الأضحى أيضا إقبالا على دور السينما؛ حيث عروض الأفلام الكوميدية الجديدة التي تضفي بهجة على العيد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».