الانتخابات الفلسطينية المعلقة

ضغوط إقليمية ومشكلات سياسية وقانونية وسيادية توقف أول تجربة متفق عليها منذ 10 سنوات

الانتخابات الفلسطينية المعلقة
TT

الانتخابات الفلسطينية المعلقة

الانتخابات الفلسطينية المعلقة

لم يخيب قرار المحكمة العليا الفلسطينية، بوقف الانتخابات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، التي كانت مقررة يوم 8 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، توقعات كثيرين لم يصدّقوا أصلاً أنها ستجرى. وظلوا على مدار أسابيع طويلة يجاهرون في الشوارع والمجالس ومواقع التواصل الاجتماعي، وحتى في الوكالات الإخبارية المحلية، بقناعاتهم أن هذه الانتخابات «ستلغى». ولقد كان هؤلاء، على الأقل، يؤمنون أكثر من غيرهم أن قوة الانقسام الكبير متعمقة إلى حد لن يسمح للديمقراطية أن تنتصر، كما في مرات سابقة، وأن إجراء الانتخابات سيعمق هذا الانقسام أكثر وأكثر، مثلما أن إلغاءها سيعمقه كذلك. وهذا ما كان. وبعد أسابيع طويلة وصعبة وقاسية، أظهرت أفضل ما عند البعض وأسوأ ما عند البعض الآخر، في حرب تشكيل القوائم، لطمت محكمة العدل العليا الجميع، بقرار وقف هذه الانتخابات لأسباب بدت أنها «إجرائية»، لكنها كانت في حقيقة الأمر أكثر من ذلك، فهي سياسية وفصائلية وإقليمية وقانونية وسيادية.
ومع أن هذه الانتخابات انتخابات مجالس محلية «بحتة»، أي أنها تخص بلديات خدماتية ومجالس قروية، لكن أهميتها تكمن في أنها كانت ستكون «بروفة» لفحص شعبية الفصيلين الأكبر، فتح وحماس، في أول «مكاسرة» مباشرة لهما منذ عام 2006، كما أنها كانت تمثل لدى كثيرين أول «بارقة أمل» عملية لمغادرة الانقسام، باعتبارها خطوة أولى تمهد لإجراء انتخابات عامة لاحقة، تحدد الحزب الحاكم في كرسي الرئاسة والمجلس التشريعي الفلسطيني، وبالتالي، الحزب الذي سيحكم البلاد والعباد.
اختصر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مسألة الانتخابات المحلية برمتها، حين قال قبل أيام قليلة فقط من إعلان إلغاء الانتخابات: «صحيح أن هذه الانتخابات خدمية، لكن لها طابعًا سياسيًا، لذلك يجب علينا أن نذهب لنمارس حقنا وننتخب من يمثلنا لكي نصل إلى قرار وطني يقول نعم لفلسطين التي توحدنا. والانتخابات ستكون إشارة للجميع بأن الشعب الفلسطيني يقرر بإرادته من يمثله من دون تدخلات». وأضاف عباس: «لنتكلم كفلسطينيين بعيدا عن كل التدخلات الخارجية لتحقيق أهدافنا في الحرية والاستقلال، لتكون لنا علاقات طيبة مع كل دول العالم، لكن من دون أي تدخل في شؤوننا الداخلية التي يجب أن تحترم، كما نحن نحترم الشؤون الداخلية لكل الدول».
لكن رياح الواقع لم تجرِ بما تشتهي سفن الرئيس.
أيام قليلة فقط زادت الضغوط الخارجية العربية لإلغاء العملية برمتها. ورفع محامون قضايا لمحكمة العدل العليا ضد الانتخابات لأنها لن تجرى في القدس، ولأن مرجعيتها القضائية في غزة ستكون في محاكم تابعة لحماس، وهي نفس المحاكم التي لا يعترف بها القضاء الفلسطيني، وأسقطت على الأقل 5 قوائم لحركة فتح في 5 بلديات بقطاع غزة. وساعات قليلة فقط قبل اتخاذ قرار العدل العليا، بدت الحرب على الأبواب بين فتح وحماس مع اشتعال المعركة الكلامية حول «الانتهاكات» و«العربدة» و«إفشال الانتخابات».
* مسوغات قرار متوقع
من دون مقدمات كثيرة، أصدرت محكمة العدل العليا، الخميس الماضي، قرارها بوقف إجراء الانتخابات المحلية إلى موعد غير محدد، بسبب «استكمال النظر في قضية» رفعها المحامي نائل الحوح، يطالب فيها بوقف الانتخابات، بسبب عدم إجرائها في مدينة القدس المحتلة. وعقدت المحكمة الخميس الماضي جلسة للنظر في الدعوى المرفوعة، وقررت عقد جلسة ثانية للنظر في القضية بتاريخ 21 سبتمبر (أيلول) الجاري. وجاء في قرار هيئة المحكمة، برئاسة القاضي هشام الحتو: «بالتدقيق والمداولة قانونا، والاستماع إلى أقوال وكيل المستدعين في جلسة علنية تمهيدية علنية، والاطلاع على البيّنات المقدمة في الطلب حول وقف تنفيذ القرارات المطعون فيها، فإن المحكمة تجد من خلال ما يدور حاليا بخصوص العملية الانتخابية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحرمان مدينة القدس وضواحيها من حق المواطنين في الانتخابات، وحول قانونية القرارات التي ستصدر في قطاع غزة حول الاعتراضات المقدمة من المرشحين المستدعين، الأمر الذي يؤثر في النتيجة الانتخابية، وبما أن الأصل أن تتم الانتخابات في جميع أرجاء الوطن، بما في ذلك القدس وضواحيها، وأن يكون لكل مواطن الحرية الكاملة في الاختيار والترشح والانتخاب والاعتراض، وبما أن هناك مناطق لا تتمتع بالاعتراف القضائي والقانوني نتيجة الظروف الواقعية التي يعيشون فيها بعد الاعتراف بالقضاء وتشكيل المحاكم، وخوفا من إصدار قرارات قضائية تكون موضع جدل ونقاش، وحفاظا على السلم الأهلي والمصلحة العامة، وقانونية انتخاب المرشحين، الأمر الذي نرى معه في ظل هذه الظروف، وما يحيط بها من آثار على آراء المواطنين، وبما أن القرار الإداري لا يمكن تجزئته، فإننا نقرر، وعملا بأحكام المادتين 286 و287 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001، دعوة المستدعى ضدهم لبيان الأسباب الموجبة لإصدار القرار المطعون فيه، أو المانعة من إلغائه حتى إذا كانوا يعارضون في إصدار قرار قطعي عليهم تقديم لائحة جوابية خلال 15 يوما من تاريخ تبليغهم لائحة الدعوى، ووقف قرار مجلس الوزراء رقم (03-108-17-م. و-ر.ح) لعام 2016 بإجراء الانتخابات، مؤقتا، لحين البت في الدعوى، على أن يتقدم المستدعون بكفالة عدلية قدرها مائة ألف دينار أردني تتضمن للمستدعى ضدهم أي عطل وضرر قد يلحق بهم، وتعيين جلسة ليوم الأربعاء 21-9-2016 لنظر الدعوى».
وفورا قالت لجنة الانتخابات المركزية، إنها تلقت قرار محكمة العدل العليا في رام الله، وأعلنت بناء عليه أنها أوقفت جميع إجراءاتها المتعلقة بالانتخابات المحلية بشكل فوري، بعدما عملت اللجنة على مدى أكثر من شهرين لإيجاد بيئة صالحة للانتخابات. وقالت لجنة الانتخابات: «إنها إذ تحترم قرار محكمة العدل العليا، فإنها تأمل ألا يطول الوقت حتى تتمكن من استئناف العملية وإجراء الانتخابات، وتعود الديمقراطية إلى فلسطين، عودة يفتخر بها الشعب الفلسطيني أينما كان». ومثل لجنة الانتخابات فعلت الحكومة الفلسطينية المسؤولة عن إجراء الانتخابات، وقالت إنها تحترم قرار المحكمة الفلسطينية. وقال وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، إن وزارته ستلتزم بشكل تام بقرار المحكمة العليا بوقف إجراء الانتخابات المحلية. وأكد الأعرج أن الهيئات المحلية المستقيلة، ستستمر كهيئات تسيير أعمال. لكن ذلك لم يكن مقبولا عند الفصيل الكبير حماس وآخرين كذلك.
* تبادل اتهامات متصاعد
فورا بعد صدور القرار، هاجمت حركة حماس قرار المحكمة مؤكدة رفضها للقرار. إذ قال سامي أبو زهري، الناطق باسم حماس، إن «قرار المحكمة العليا في رام الله هو قرار مسيس جاء لإنقاذ حركة فتح بعد سقوط قوائمها في عدد من المواقع الانتخابية»، مضيفا أنه «قرار مرفوض». كذلك عدّت الكتلة البرلمانية لحركة حماس قرار المحكمة العليا بوقف إجراء انتخابات البلديات، هروبا لحركة فتح من المشهد السياسي الانتخابي. لكن فتح ردت بالقول إن حماس هي التي أفشلت الانتخابات. وارتكزت فتح إلى قرارات القضاء التابع لحماس في غزة، الذي كان قد أسقط قبل قرار محكمة العدل العليا، عدة قوائم انتخابية تابعة لحركة فتح هناك، وهو ما وصفته الحركة بمجزرة ترتكب بحق قوائمها. وقال فايز أبو عيطة، المتحدث باسم حركة فتح، إن «حماس أفشلت وعطلت الانتخابات لأنها ذهبت إلى محاكم تابعة لها بطعون واهية». وكانت محكمة بداية خان يونس قررت إلغاء 5 قوائم تابعة لفتح، لمخالفتها القانون وعدم استيفاء الشروط اللازمة.
وقال أبو عيطة: «إن قوائم فتح تتعرض لمجزرة في محاكم حماس، ونحن لم نتوجه إلى محاكم حماس في غزة؛ لأننا كنا نعرف النتيجة سلفا»، مضيفا: «الغرض الأساسي من هذه الطعون والأحكام هو إفشال الانتخابات وإعفاء حركة حماس من هذا الاستحقاق الديمقراطي». ووصف أبو عيطة قرار العدل العليا «بالحل الأمثل لمواجهة غطرسة محاكم حماس التي تعمل على إفشال الانتخابات من خلال القبول بطعون غير بريئة، هدفها إسقاط قوائم فتح، وليس إسقاط أشخاص مرشحين من خلال تلك القوائم».
وهذه الحرب الكلامية لا يتوقع أن تتوقف خلال أيام وأسابيع على صعد مختلفة، بيانات وناطقين وناشطين ومواقع إخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي.
* إلى متى؟
لا أحد يملك إجابة حول الوقت الذي يمكن فيه الاتفاق مجددًا على انتخابات جديدة، وخصوصا أن فشل هذه الانتخابات، التي كانت ستجرى للمرة الأولى بمشاركة حماس منذ سيطرت على قطاع غزة في 2007، أظهر تعقيدات الوضع محليًا وإقليميًا.
ومنذ 2007 لم تجر في الأراضي الفلسطيني أي انتخابات رئاسية أو تشريعية بسبب الانقسام، وفشلت 3 محاولات لإجراء انتخابات محلية كذلك قبل أن تنجح بشكل جزئي ومبتور في عام 2012، عندما أجريت في الضفة الغربية فقط من دون مشاركة حماس التي اشترطت آنذاك التوصل إلى اتفاق مصالحة قبل إجراء الانتخابات المحلية، وقالت إن الانتخابات المحلية هي ثمرة للمصالحة وليس العكس.
وكانت آخر انتخابات قد أجريت بشكل مشترك بين الضفة وغزة، في عامي 2004 و2005، على 3 مراحل، ثم أعلنت السلطة أنها تريد إجراء الانتخابات 3 مرات عامي 2010 و2011 من دون أن تجريها فعلا. ويتوقع أن يعلن عباس لاحقا قرارا رئاسيا بشأن الانتخابات الحالية المعلقة.
* الأسباب غير المعلنة
بغض النظر عما أعلنته العدل العليا، وما يرى كثيرون أنه متعلق بعدم رغبة فتح وحماس أصلاً خوض التجربة، ثمة أسباب كثيرة أخرى غير معلنة. ويقول الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري: «قرار إلغاء الانتخابات سيئ لكنه متوقع.. ابتدأنا برفض فتح إجراء الانتخابات ووصلنا إلى أن حماس ندمت على الموافقة عليها، وانتهينا إلى وضع أن فتح وحماس تخشيان منها، وأصبحت كفة التأجيل ترجح أكثر وأكثر، وخصوصا بعد ضغط الرباعية العربية لإلغائها. والسؤال أصبح كيف؟ ومَن سيتحمل المسؤولية عن هذا القرار؟ أخذت محكمة العدل العليا القرار ولكن لو لم تتخذه يمكن أن نشهد ما هو أعظم.. فلن تسمح حماس بفوز فتح وخصوصًا في غزة، ولن تسمح فتح بفوز حماس وخصوصًا في الضفة. الانتخابات من دون وفاق وطني وتحت الاحتلال وفي ظل الانقسام قفزة بالمجهول». ويضيف: «على الرغم من أن فتح وحماس تنفيان أنهما سعتا إلى تجنب الانتخابات، فإن كثيرين يصدقون أنهما في ظل إسقاط قوائم كثيرة للأولى في غزة، وفشل الثانية في تشكيل قوائم منافسة في الضفة، كانتا على الأقل يأملان بنهاية مماثلة».
هذه أسباب قد يتفق عليها البعض أو يعارضها، لكن الضغوط العربية التي أشار إليها المصري لا يعرف عنها الشارع كثيرا. وتقول مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن «أسبابًا متداخلة تقف وراء إلغاء الانتخابات، ولا يمكن إرجاع الأمر لسبب بعينه»، مستطردة: «من بينها الضغوط العربية من أجل مصالحة داخلية في فتح تضمن عودة محمد دحلان، ومن ثم مصالحة مع حماس قبل إجراء أي انتخابات... إضافة إلى ضغوط داخلية من أجل عدم تعميق الانقسام كما يعتد مسؤولون».
* دحلان.. الضغوط
وتركز جهات عربية في ضغطها على عباس إلى ضرورة أن تكون فتح قوية وجاهزة للمواجهة الديمقراطية، وبالتالي تحقيق الفوز في الانتخابات المحلية، والأكثر أهمية لاحقًا التشريعية والرئاسية. أما عباس فلا يرى أبدًا أن فتح ضعيفة بغياب دحلان أو قوية بوجوده. ولا يزال عباس يرفض عودة دحلان، لكنه كذلك لا يريد خسارة «الأشقاء» العرب. ولم يكن تسريب مقطع فيديو لعباس وهو يقول: «فكّونا من العواصم» من دون أن يسميها، عبثيا أو بالصدفة، لكنه مدروس إلى حد كبير في رسالة واضحة: «سنلم الشمل وفق ما نراه وليس ما تراه العواصم».
وبدأت فتح إجراءات يمكن وصفها بإجراءات لم الشمل فعلا، لكنها أيضا لسد الأبواب في الوقت نفسه. وعقدت محكمة الحركة جلسات من أجل بحث عودة المفصولين في خطوة يتوقع أن تنتج عنها إعادة البعض، ورفض إعادة البعض الآخر من دون أن يشمل ذلك دحلان. وتريد فتح بحسب المصادر إغلاق هذا الملف بإجراءات أخرى قانونية. وأعلن أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، اللواء جبريل الرجوب، إنه سيعقد اجتماعًا موسعًا للحركة برئاسة عباس، بعد عودته من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر الجاري، وسيشارك في هذا الاجتماع أعضاء اللجنة المركزية وأعضاء المجلسين الثوري والاستشاري وأمناء سر أقاليم حركة فتح. وأضاف الرجوب أن الاجتماع سيبحث سبل مواجهة التحديات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وإقرار آليات عمل تنظيمية لعقد المؤتمر السابع للحركة قبل نهاية العام الجاري، مع تحديد الزمان والمكان، وذلك في إطار تجديد الشرعيات. ويفترض أن يفرز المؤتمر السابع لجنة مركزية جديدة للحركة ومجلسا ثوريا كذلك. فإذا نجحت الضغوط قد يكون من بينهم دحلان، وإذا فشلت فلن يكون لوقت طويل. لكن يبدو من السخف اختزال المسألة بمصالحة فتحاوية فتحاوية أو فتحاوية حمساوية، إذ أعلن قبل ذلك عن سلسلة مصالحات وسلسلة قرارات بالانتخابات وفشلت كلها.
ثمة انقسام كما يحلو للبعض أن يصفه في العقول والقلوب يؤذي الحالة الفلسطينية كلها ويمنعها من التقدم. وهنا يعلق الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم: «الانتخابات المحلية تعرينا أكثر، وتكشف هشاشة مناعتنا الوطنية وانقسامنا العميق. ومع مجزرة الطعون لقوائم فتح وما سبقها من تهديد ووعيد وإرهاب للناس في الضفة، ماذا كنتم تنتظرون؟ وخلال عقد من الزمن والنظام السياسي الفلسطيني وعلى رأسه القيادة قاموا بحسن نية أحيانا وبتنبلة أحيانا كثيرة بتجريف الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية. تراجع على جميع المستويات وغياب الحريات ومنظومة القيم والتكافل بين الناس وكسر روح الشعب والمقاومة الوطنية الجامعة. هناك هجوم عربي قبل أن يكون إسرائيلي، ولا نزال ننتظر وندافع عن أنفسنا بتبرير أقوالنا وأفعالنا. الحكمة تقتضي العودة لروح الشعب وترميم ما قام به النظام السياسي من تجريف لحياتنا، هي فرصة جديدة كي نقول لأنفسنا وللجميع إننا نستطيع مواجهة وصاية العرب قبل العجم ومواجهة فرض سياسة الإذعان والإملاءات، قبل أن تحرق الفوضى ما تبقى منا».
* لكن ماذا لو أجريت الانتخابات؟
هل كانت ستضمن فعلا فوزا واضحا لأحد الفصيلين الأكبر فتح وحماس؟ وهل ساهمت سطوة العائلات في إفقاد هذه الانتخابات الحمى اللازمة؟
مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية «المرصد» يقول إن أكثر من 860 قائمة ترشحت لتلك الانتخابات مقابل 670 قائمة في انتخابات عام 2012. ويشير إلى أن الواقع الميداني فرض على كل الأطراف من اليسار واليمين والمستقلين التنافس على مجالس في بعض الهيئات الانتخابية والتحالف في هيئات أخرى، وكان هذا جلي في قوائم المستقلين، إضافة إلى قوائم الائتلاف (تحالفات حزبية)، كما في قوائم التحالف الديمقراطي، ما يعني صعوبة إعلان طرف من الأطراف اكتساح نتائج الانتخابات المحلية، علما بأن هناك 182 قائمة أغلبها لفتح ستفوز بالتزكية (136 فتح، و23 قائمة مستقلة، و22 ائتلاف بين أكثر من حزب، وقائمة واحدة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين). وحسب المرصد «فإن العائلات طغت بالأهمية والحضور في الانتخابات المحلية بصورة كبيرة، وجرى التقسيم بالغالب على أساس الانتماء العائلي حتى في القوائم الحزبية. وفي كثير من المناطق شكلت العائلات قوائمها الخاصة، وهذا سبب آخر لعدم القدرة على تسويق منتصر واحد من قبل الأطراف السياسية».
* طرائف الانتخابات
على الرغم من وجود أكثر من 860 قائمة انتخابية متنافسة، فإن رئاسة هذه القوائم كانت حكرًا على الرجال بنسبة 99.1 في المائة مقابل 0.9 في المائة للنساء، وهذا قاسم مشترك لكل القوائم المتنافسة (التحالف الديمقراطي وفتح والائتلاف والمستقلون). ولقد تعالت الانتقادات على إخفاء صور وأسماء النساء في بعض المواقع من القوائم الانتخابية، لكن ما يضاف إلى ذلك هو التمثيل المتدني للنساء. ويمكن القول إن ما ضمن وجود النساء في كثير من القوائم الحزبية والعائلية هو نظام «الكوتا» (الحصص) الخاصة بتمثيل النساء، مقابل إخفاق برامج التمكين السياسي للنساء، حيث قبلت أيضًا النساء بالمواقع المخصصة لهن ضمن «الكوتا»، وفي أكثر من 70 في المائة من القوائم لم يزد عدد النساء عن مرشحتين فقط.
* مسلسل طويل.. ومستمر
أجريت أول انتخابات عامة في فلسطين في عام 1996، لانتخاب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني. أما الانتخابات الرئاسية الثانية فعقدت في 25 يناير (كانون الثاني) 2005، في حين أجريت الانتخابات التشريعية الثانية بتاريخ 9 يناير 2006 طبقا لقانون رقم 9 لعام 2005، تحت إشراف لجنة الانتخابات المركزية. وفيما يخص الانتخابات المحلية الأولى، فإنها أجريت على عدة مراحل تحت إشراف اللجنة العليا للانتخابات المحلية التي يرأسها وزير الحكم المحلي، وقامت بتنفيذ 4 مراحل من الانتخابات المحلية بين عامي 2004 و2005. وفيما بعد نقلت صلاحيات تنظيم الانتخابات المحلية إلى لجنة الانتخابات المركزية، ودعي إلى الانتخابات المحلية الثانية خلال 2010 و2011، إلا أنها أجلت لسنتين على التوالي.
وفي 10 يوليو (تموز) 2012، أصدر مجلس الوزراء قرارًا لإجراء الانتخابات المحلية في كل محافظات الضفة الغربية بتاريخ 20 أكتوبر 2012. وشارك في هذه الانتخابات 272 هيئة محلية من أصل 353. ولذلك أصدر مجلس الوزراء قرارًا آخر لاستكمال العملية الانتخابية بانتخابات تكميلية عقدت في 22 ديسمبر (كانون الأول) 2012، وشارك فيها 81 هيئة محلية، وبطبيعة الحال لم تجر في غزة.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أصدر مجلس الوزراء قرارًا يدعو لإجراء انتخابات لجميع مجالس الهيئات المحلية في يوم واحد، بحيث يكون الاقتراع يوم 8 أكتوبر 2016. ومثل إعلانات أخرى كثيرة لن تجرى هذه الانتخابات في موعدها. وفي مرات كثيرة أخرى أعلن عن الاتفاق عن انتخابات رئاسية وتشريعية خلال فترة محددة، ومثل كل مرة وكل شيء آخر يعلن عنه الطرفان، لم تنفذ.



يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
TT

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني فرض الأحكام العرفية، وتعليق الحكم المدني، وإرساله قوة عسكرية مدعومة بالهيلوكوبترات إلى البرلمان. ثم اضطراره للتراجع عن قراره في وجه معارضة عارمة. بيد أن تراجع الرئيس خلال ساعات قليلة من هذه المغامرة لم يزد المعارضة إلا إصراراً على إطاحته، في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ التحوّل الديمقراطي في البلاد عام 1980 بعد فترة من الحكم التسلطي. ولقد تطوّرت الأوضاع خلال الأيام والساعات الأخيرة من الاحتجاجات في الشوارع إلى تصويت برلماني على عزل يون. وبعدما أقر البرلمان عزل الرئيس ردّ الأخير بتأكيد عزمه على المقاومة والبقاء... في أزمة مفتوحة لا تخلو من خطورة على تجربة البلاد الديمقراطية الطريّة العود.

دبلوماسي مخضرم خدم في كوريا الجنوبية قال، قبل بضعة أيام، معلقاً على الأزمة المتصاعدة: «إذا تم تمرير اقتراح العزل، يمكن وقف (الرئيس) يون (سوك - يول) عن مباشرة مهام منصبه لمدة تصل إلى 180 يوماً، بينما تنظر المحكمة الدستورية في القضية. وفي هذا (السيناريو)، يتولى رئيس الوزراء هان دوك سو منصب الرئيس المؤقت، وتُجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً».

وبالفعل، دعا هان دونغ - هون، زعيم حزب «قوة الشعب»، الحاكم، إلى تعليق سريع لسلطات الرئيس مستنداً - كما قال - إلى توافر «أدلة موثوقة» على أن يون سعى إلى اعتقال القادة السياسيين بعد إعلانه الأحكام العرفية الذي لم يدُم طويلاً. ومما أورده هان - الذي كان في وقت سابق معارضاً للمساعي الرامية إلى عزل يون - إن «الحقائق الناشئة حديثاً قلبت الموازين ضد يون، بالتالي، ومن أجل حماية كوريا الجنوبية وشعبنا، أعتقد أنه من الضروري منع الرئيس يون من ممارسة سلطاته رئيساً للجمهورية على الفور». وتابع زعيم الحزب الحاكم أن الرئيس لم يعترف بأن إعلانه فرض الأحكام العرفية إجراء غير قانوني وخاطئ، وكان ثمة «خطر كبير» من إمكانية اتخاذ قرار متطرف مماثل مرة أخرى إذا ظل في منصبه.

بالتوازي، ذكرت تقارير إعلامية كورية أن يون يخضع حالياً للتحقيق بتهمة الخيانة إلى جانب وزير الدفاع المستقيل كيم يونغ - هيون، (الذي ذُكر أنه حاول الانتحار)، ورئيس أركان الجيش الجنرال بارك آن - سو، ووزير الداخلية لي سانغ - مين. وحقاً، تمثل الدعوة التي وجهها هان، وهو وزير العدل وأحد أبرز منافسي يون في حزب «قوة الشعب»، تحولاً حاسماً في استجابة الحزب الحاكم للأزمة.

خلفية الأزمة

تولى يون سوك - يول منصبه كرجل دولة جديد على السلطة، واعداً بنهج عصري مختلف في حكم البلاد. إلا أنه في منتصف فترة ولايته الرئاسية الوحيدة التي تمتد لخمس سنوات، شهد حكمه احتكاكات شبه دائمة مع البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهديدات «بالإبادة» من كوريا الشمالية، ناهيك من سلسلة من الفضائح التي اتهم وعائلته بالتورّط فيها.

وعندما حاول يون في خطابه التلفزيوني تبرير فرض الأحكام العرفية، قال: «أنا أعلن حالة الطوارئ من أجل حماية النظام الدستوري القائم على الحرية، وللقضاء على الجماعات المشينة المناصرة لنظام كوريا الشمالية، التي تسرق الحرية والسعادة من شعبنا»، في إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي المعارض، مع أنه لم يقدم أي دليل على ادعائه.

إلا أن محللين سياسيين رأوا في الأيام الأخيرة أن الرئيس خطّط على الأرجح لإصدار مرسوم «الأحكام العرفية الخرقاء» أملاً بحرف انتباه الرأي العام بعيداً عن الفضائح المختلفة والإخفاق في معالجة العديد من القضايا المحلية. ولذا اعتبروا أن عليه ألا يطيل أمد حكمه الفاقد الشعبية، بل يبادر من تلقاء نفسه إلى الاستقالة من دون انتظار إجراءات العزل، ومن ثم، السماح للبلاد بانتخاب رئيس جديد.

بطاقة هوية

ولد يون سوك - يول، البالغ من العمر 64 سنة، عام 1960 في العاصمة سيول لعائلة من الأكاديميين اللامعين. إذ كان أبوه يون كي - جونغ أستاذاً للاقتصاد في جامعة يونساي، وأمه تشوي سيونغ - جا محاضرة في جامعة إيوها للنساء قبل زواجها. وحصل يون على شهادته الثانوية عام 1979، وكان يريد في الأصل أن يدرس الاقتصاد ليغدو أستاذاً، كأبيه، ولكن بناءً على نصيحة الأخير درس الحقوق، وحصل على شهادتي الإجازة ثم الماجستير في الحقوق من جامعة سيول الوطنية - التي هي إحدى «جامعات النخبة الثلاث» في كوريا مع جامعتي يونساي وكوريا - وأصبح مدّعياً عاماً بارزاً قاد حملة ناجحة لمكافحة الفساد لمدة 27 سنة.

ووفق وسائل الإعلام الكورية، كانت إحدى محطات حياته عندما كان طالب حقوق عندما لعب دور القاضي في محاكمة صورية للديكتاتور (آنذاك) تشون دو - هوان، الذي نفذ انقلاباً عسكرياً وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وفي أعقاب ذلك، اضطر يون إلى الفرار إلى الريف مع تمديد جيش تشون الأحكام العرفية ونشر القوات والمدرّعات في الجامعة.

بعدها، عاد يون إلى العاصمة، وصار في نهاية المطاف مدعياً عاماً، وواصل ترقيه الوظيفي ما يقرب من ثلاثة عقود، بانياً صورة له بأنه حازم وصارم لا يتسامح ولا يقدّم تنازلات.

مسيرته القانونية... ثم الرئاسة

قبل تولي يون سوك - يول رئاسة الجمهورية، كان رئيس مكتب الادعاء العام في المنطقة المركزية في سيول، وأتاح له ذلك محاكمة أسلافه من الرؤساء. إذ لعب دوراً فعالاً في إدانة الرئيسة السابقة بارك غيون - هاي التي أُدينت بسوء استخدام السلطة، وعُزلت وأودعت السجن عام 2016. كذلك، وجه الاتهام إلى مون جاي - إن، أحد كبار مساعدي خليفة الرئيسة بارك، في قضية احتيال ورشوة.

أما على الصعيد السياسي، فقد انخرط يون في السياسة الحزبية قبل سنة واحدة فقط من فوزه بالرئاسة، وذلك عندما كان حزب «قوة الشعب» المحافظ - وكان حزب المعارضة يومذاك - معجباً بما رأوه منه كمدّعٍ عام حاكم كبار الشخصيات، وأقنع يون، من ثم، ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2022 تغلّب يون على منافسه الليبرالي لي جاي - ميونغ، مرشح الحزب الديمقراطي، بفارق ضئيل بلغ 0.76 في المائة... وهو أدنى فارق على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في البلاد.

الواقع أن الحملة الانتخابية لعام 2022 كانت واحدةً من الحملات الانتخابية القاسية في تاريخ البلاد الحديث. إذ شبّه يون غريمه لي بـ«هتلر» و«موسوليني». ووصف حلفاء لي الديمقراطيون، يون، بأنه «وحش» و«ديكتاتور»، وسخروا من جراحة التجميل المزعومة لزوجته.

إضافة إلى ذلك، شنّ يون حملته الانتخابية بناء على إلغاء القيود المالية والموقف المناهض للمرأة. لكنه عندما وصل إلى السلطة، ألغى وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، قائلاً إنها «مجرد مقولة قديمة بأن النساء يُعاملن بشكل غير متساوٍ والرجال يُعاملون بشكل أفضل». وللعلم، تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين في كوريا الجنوبية الأسوأ حالياً في أي بلد عضو في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

أيضاً، أدى استخدام يون «الفيتو» تكراراً إلى ركود في العمل الحكومي، بينما أدت تهم الفساد الموجهة إلى زوجته لتفاقم السخط العام ضد حكومته.

تراجع شعبيته

بالتالي، تحت ضغط الفضائح والخلافات، انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب كوريا» أن شعبيته انخفضت إلى 19 في المائة فقط. وتعد «كارثة» الأحكام العرفية الحلقة الأخيرة في سلسلة من الممارسات التي حددت رئاسة يون وأخطائها.

إذ ألقي باللوم على إدارة يون في التضخم الغذائي، وتباطؤ الاقتصاد، والتضييق المتزايد على حرية التعبير. وفي أواخر 2022، بعدما أسفر تدافع حشود في احتفال «الهالوين» (البربارة) في سيول عن سقوط 159 قتيلاً، تعرضت طريقة تعامل الحكومة مع المأساة لانتقادات واسعة.

زوجته في قلب مشاكله!

من جهة ثانية، كانت كيم كيون - هي، زوجة الرئيس منذ عام 2012، سبباً آخر للسخط والانتقادات في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية. فقد اتهمت «السيدة الأولى» بالتهرب الضريبي، والحصول على عمولات لاستضافة معارض فنية عن طريق عملها. كذلك واجهت اتهامات بالانتحال الأدبي في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه وغيرها من الأعمال الأكاديمية.

لكن أكبر فضيحة على الإطلاق تورّطت فيها كيم، كانت قبولها عام 2023 هدية هي حقيبة يد بقيمة 1800 جنيه إسترليني سراً من قسيس، الأمر الذي أدى إلى مزاعم بالتصرف غير اللائق وإثارة الغضب العام، لكون الثمن تجاوز الحد الأقصى لما يمكن أن يقبله الساسة في كوريا الجنوبية وشركاؤهم قانونياً لهدية. لكن الرئيس يون ومؤيديه رفضوا هذه المزاعم وعدوها جزءاً من حملة تشويه سياسية.

أيضاً أثيرت تساؤلات حول العديد من القطع الثمينة من المجوهرات التي تملكها «السيدة الأولى»، والتي لم يعلَن عنها كجزء من الأصول الرئاسية الخاصة. وبالمناسبة، عندما فُتح التحقيق في الأمر قبل ست سنوات، كان زوجها رئيس النيابة العامة. أما عن حماته، تشوي يون - سون، فإنها أمضت بالفعل حكماً بالسجن لمدة سنة إثر إدانتها بتزوير وثائق مالية في صفقة عقارية.

يُضاف إلى كل ما سبق، تعرّض الرئيس يون لانتقادات تتعلق باستخدام «الفيتو» الرئاسي في قضايا منها رفض مشروع قانون يمهد الطريق لتحقيق خاص في التلاعب المزعوم بالأسهم من قبل زوجته كيم كيون - هي لصالح شركة «دويتشه موتورز». وأيضاً استخدام «الفيتو» ضد مشروع قانون يفوّض مستشاراً خاصاً بالتحقيق في مزاعم بأن مسؤولين عسكريين ومكتب الرئاسة قد تدخلوا في تحقيق داخلي يتعلق بوفاة جندي بمشاة البحرية الكورية عام 2023.

وهكذا، بعد سنتين ونصف السنة من أداء يون اليمين الدستورية عام 2022، وعلى أثر انتخابات رئاسية مثيرة للانقسام الشديد، انقلبت الأمور ضد الرئيس. وفي خضم ارتباك الأحداث السياسية وتزايد المخاوف الدولية يرزح اقتصاد كوريا الجنوبية تحت ضغوط مقلقة.

أمام هذا المشهد الغامض، تعيش «الحالة الديمقراطية» في كوريا الجنوبية أحد أهم التحديات التي تهددها منذ ظهورها في أواخر القرن العشرين.