مع وصول تعزيزات أميركية لحسم معركة الموصل.. الخلافات تطيح بحدود نينوى

دعوات لتقسيمها إلى 6 أو 8 محافظات بعد تحريرها من «داعش»

جنود أميركيون في بلدة الكوير شرق الموصل في إطار التحضيرات لتحرير المدينة (رويترز)
جنود أميركيون في بلدة الكوير شرق الموصل في إطار التحضيرات لتحرير المدينة (رويترز)
TT

مع وصول تعزيزات أميركية لحسم معركة الموصل.. الخلافات تطيح بحدود نينوى

جنود أميركيون في بلدة الكوير شرق الموصل في إطار التحضيرات لتحرير المدينة (رويترز)
جنود أميركيون في بلدة الكوير شرق الموصل في إطار التحضيرات لتحرير المدينة (رويترز)

فيما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية وصول 400 جندي استعدادًا لمعركة تحرير الموصل من سيطرة تنظيم داعش، باتت الخارطة الإدارية لمحافظة نينوى، وعاصمتها الموصل، مهددة بالتقسيم والتشظي بسبب تفاقم الخلافات السياسية بين كل الأطراف، مما ينذر بـ«قنابل موقوتة» في مرحلة ما بعد التحرير.
وبشأن وصول هذا العدد من الجنود الأميركيين، قال كبير متحدثي القوات الأميركية في العراق الكولونيل جون دوريان، إن «قوة إضافية قوامها 400 جندي أميركي تم إرسالها إلى العراق خلال الأسبوع الماضي»، مبينًا أن «الاستعدادات جارية الآن لشن الهجوم المرتقب على مدينة الموصل المتوقع حدوثه في خريف العام الحالي». وأضاف دوريان أن «هناك عملاً ضخمًا يجري الآن لتهيئة الظروف وتفاصيل الأمور اللوجيستية المطلوبة للشروع بعمليات تحرير الموصل، وبعد ذلك سنستمر بسحق العدو بالضربات وبالقصف الجوي والمدفعي». من جانبهم، كشف مسؤولون عسكريون أميركيون، أن «عدد القوات الأميركية الموجودة في العراق ارتفع الآن إلى 4400 جندي، بعد أن كانت بحدود 3900 جندي فقط خلال الأسبوع الماضي».
إلى ذلك، أكد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، أمس، أن الخطط العسكرية لاستعادة الموصل من تنظيم داعش جاهزة، وأن من المحتمل استعادة المدينة قبل نهاية العام. وقال في مقابلة مع تلفزيون «فرانس 24» إن «الجيش وقوات البشمركة الكردية سينفذان الهجوم بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، لكن لم يتحدد بعد دور ميليشيات الحشد الشعبي». وأوضح أنه «كانت هناك اجتماعات متعددة بين قادة البيشمركة وقادة الجيش العراقي، واتفقوا أخيرا على وضع الخطة العسكرية ودور كل طرف»، مشيرا إلى أن توقيت تنفيذ الهجوم على الموصل لم يحدد بعد، رغم أن قادة عراقيين قالوا: إن «الهجوم قد يبدأ بحلول أواخر الشهر المقبل»، حسب وكالة «رويترز».
وكانت القوات العراقية أكملت تحرير قاعدة وناحية القيارة من تنظيم داعش، بوصفه إحدى المحطات الهامة في التقدم باتجاه مركز مدينة الموصل. لكن وبموازاة العمليات العسكرية المتوقع انطلاقها لتحرير الموصل بعد عطلة عيد الأضحى بدأت تتفجر خلافات سياسية حادة بشأن الحدود الإدارية لمحافظة نينوى ومقترحات تقسيمها إلى عدة محافظات جديدة.
وفي هذا السياق، أعلن عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى الشيخ أحمد مدلول الجربا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من السابق لأوانه الحديث عن حدود محافظة نينوى الإدارية، لأنها ليست معروفة حتى الآن نتيجة للأوضاع السياسية المعقدة، إذ إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن في حال أردنا الحديث عن تقسيمها إلى محافظات جديدة؛ وفق أي حدود يمكن أن نتحدث، هل هي حدود 19/ 3/ 2003 قبيل الاحتلال الأميركي للعراق التي سرعان ما تغيرت بسبب سيطرة البيشمركة الكردية على مناطق واسعة بعد ذلك، أم حدود ما قبل 9/ 6/ 2014 عشية احتلال (داعش) لنينوى، أم الحدود اليوم طبقًا لنظرية الأكراد وهو أنها رسمت بالدم»؟ مبينًا أنه «ما لم نحسم قضية الحدود الإدارية التي أطاحت بها الخلافات السياسية، فإن من الصعب الحديث عن تحويل نينوى إلى محافظات لكي ننهي مشكلة الأقليات أو ما شابه ذلك». وأوضح الجربا أنه «لا مانع من إقامة إقليم نينوى على أسس إدارية شريطة أن يكون وفقًا لحدود ما قبل عام 2003، أما بعدها فإن الأمور ليست كذلك لأسباب تتعلق بالتوجهات السياسية لبعض القيادات، من بينها مثلاً أن محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي يعمل على تقسيم المحافظة، لأن ما يهمه الموصل المدينة، حيث لديه الاستعداد لأن يتخلى عن تلعفر مثلاً، بحيث ترتبط بالمركز لأنه يريد التخلص من قضاء تلعفر».
وفيما يتعلق بوضع الأقليات، قال الجربا إن «موضوعها معقد وهناك تداخل سكاني، ولا يمكن حل الموضوع بموجب تقسيمات إدارية مختلف عليها تمامًا».
في سياق ذلك، هاجم عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية عن محافظة نينوى عبد الرحمن اللويزي، «دعوات تقسيم نينوى بذريعة حماية الأقليات». وقال اللويزي في مؤتمر صحافي في بغداد إننا «نستغرب من تعالي أصوات تقسيم نينوى في ظل صمت مطلق من كل الأصوات السياسية، كأن تقسيم المحافظة أضحى أملاً مسلمًا به». وأشار إلى أن «هنالك أصواتًا متعالية تدعو إلى تقسيم محافظة نينوى إلى 3 محافظات (سنجار للإيزيديين وسهل نينوى للأقليات ومحافظة للعرب) بذريعة حماية الأقليات».
لكن رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي خسرو عبد الله كوران، قلل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من أهمية المخاوف بشأن تقسيم نينوى إلى عدة محافظات، قائلاً إن «محافظة نينوى عراق مصغر أصلاً، حيث فيها كل التنوع العراقي من قوميات وأطياف وأديان، كما أنها محافظة كبيرة من حيث العدد والمساحة، وبالتالي فإن تقسيمها إلى عدة محافظات لا يحمل جانبًا سياسيًا بقدر ما هو قضية إدارية بحتة»، مشيرًا إلى أن «محافظة أربيل سوف تقسم إلى أكثر من محافظة لأسباب إدارية مثلما كان عليه الأمر سابقًا، إذ إن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العهد الملكي وحتى اليوم تستحدث بين كل فترة وأخرى محافظات جديدة لأغراض إدارية بحتة».
وبشأن الصبغة الطائفية والعرقية للمحافظات الجديدة، قال كوران إن «من الصعب الحديث عن مناطق سكنية خالصة لهذا المكون أو ذاك، ولكن مع ذلك فإن استحداث مثل هذه المحافظات يمكن أن يقلل من المخاوف والاحتقان الطائفي والعرقي»، موضحًا أن «حدود أي محافظة ليست مقدسة، وبالإمكان تغييرها حسب مقتضيات الظروف».
أما محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فقد أكد أن «هناك مشروعًا لتقسيم نينوى إلى 6 أو 8 محافظات على أن يترك ذلك لأهالي المحافظة، حيث يمكن أن يكون سهل نينوى محافظة واحدة أو محافظتين بسبب التعدد السكاني فيه عرقيًا ومذهبيًا، وكذلك الأمر بالنسبة لقضاء تلعفر الذي يحتوي على العرب والتركمان ومن المذهبين السني والشيعي، وبالتالي هم أحرار في الاندماج في محافظة واحدة أو تشكيل محافظتين، وهو ما ينطبق على سنجار»، مبينًا أن «كل هذه الأمور تبقى متروكة لأهالي نينوى أنفسهم، حيث من الصعب فرض إرادة مسبقة على الناس هناك في مرحلة ما بعد (داعش)».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.