محادثات كيري ولافروف في جنيف تستأنف لانتزاع اتفاق بشأن سوريا

المفاوضات ستركز على خفض العنف وتوسيع المساعدات الإنسانية للشعب

محادثات كيري ولافروف في جنيف تستأنف لانتزاع اتفاق بشأن سوريا
TT

محادثات كيري ولافروف في جنيف تستأنف لانتزاع اتفاق بشأن سوريا

محادثات كيري ولافروف في جنيف تستأنف لانتزاع اتفاق بشأن سوريا

يستأنف وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، اليوم (الجمعة)، المفاوضات بشأن خطة لوقف إطلاق النار في سوريا.
وكان المتحدث باسم الخارجية الأميركية، جون كيربي، قال في بيان إنّ المحادثات في سويسرا «تأتي عقب المباحثات الأخيرة بشأن سوريا، وستركز على خفض العنف وتوسيع المساعدات الإنسانية للشعب السوري، والمضي قدمًا نحو حل سياسي لإنهاء الحرب الأهلية» في سوريا.
واتصل كيري بنظيره الروسي أمس، وبحثا بشكل خاص التعاون المحتمل بين البلدين «بهدف القضاء على المجموعات الإرهابية الناشطة في سوريا والمساهمة في حل المشكلات الإنسانية وتشجيع تسوية سياسية للنزاع السوري»، كما أعلنت موسكو من جهتها.
وأفاد مسؤولان أميركيان أنّهما يعتقدان أن التوصل لاتفاق لا يزال ممكنًا بين الدولتين بشأن النزاع السوري، لكن المحادثات لن تستمر للأبد.
وقلل مسؤولون كبار بوزارة الخارجية الأميركية في حديثهم إلى الصحافيين على متن طائرة كيري، من إمكانية الوصول إلى انفراجة نهائية مع لافروف اليوم، وإن قالوا إنّ «تقدما مطردًا» حدث في الأسابيع الأخيرة. فيما أفاد مسؤول: «نزيح قضايا عن الطاولة بعد أن حدثت انفراجة بشأنها وما زالت لدينا قضايا عالقة لم نستطع إغلاقها». وأضاف: «لا يمكننا أن نضمن في هذه المرحلة أننا على وشك الانتهاء»، مشيرًا إلى أن القضايا العالقة تنطوي على أمور فنية كثيرة وبالغة التعقيد.
وسيكون اجتماع كيري ولافروف هو الثالث في أسبوعين. وتحدث الرجلان مرات عدة عبر الهاتف، في محاولة لتقليص هوة الخلافات بينهما بشأن خطة سلام سورية.
وقال مسؤول أميركي ثانٍ إنّه على الرغم من أن كيري سيحاول تحقيق تقدم، فإن «للصبر حدودًا»، ولن تواصل الولايات المتحدة ببساطة المحادثات إذا لم يتم التوصل لنتيجة «في وقت قريب نسبيًا». فيما رفض المسؤولان ذكر تفاصيل بشأن ما قد تفعله واشنطن إذا انهارت المحادثات.
وقال المسؤول الأول: «لو كنا نعتقد أن الروس يحاولون إضاعة الوقت لما عدنا للمحادثات. وإذا وصلنا لنقطة نعتقد فيها أنهم يضيعون الوقت فعندها ستروننا على الأرجح نسلك اتجاهًا مختلفًا».
ويواجه مقترح كيري للتعاون العسكري مع روسيا بشأن سوريا مقاومة قوية من مسؤولين في وزارة الدفاع والمخابرات، الذين يرون أن موسكو ليست أهلاً للثقة.
وذكر المسؤول الثاني أن واحدًا من الأسباب التي تدفع كيري لمواصلة المساعي هو أن المعارضة السورية تدعمها كوسيلة لوقف أسوأ عنف تشهده بلادهم.
وبموجب الخطة التي يناقشها كيري ولافروف، سيضع اتفاق لوقف الأعمال القتالية حدًا للعنف بين الفصائل المتحاربة وسيفتح ممرات إنسانية.
وتصر روسيا على ضرورة انفصال جماعات معارضة عن المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة في مدن مثل حلب. وتريد واشنطن أن تمتنع قوات الأسد الجوية عن قصف قوات المعارضة والمدنيين.
وشدد المسؤول الأميركي الثاني على أن أي اتفاق مع روسيا ينبغي أن يتضمن رفعًا للحصار الذي تفرضه قوات النظام حول حلب. قائلاً: «لا يزال هذا بشكل كبير النقطة المحورية في المحادثات التي نجريها وسيكون موضوعًا للنقاش بشكل كبير اليوم».
وقوبل كيري ولافروف بتشتيت غير مرغوب فيه قبل محادثاتهما في جنيف بعد الأنباء بأن كوريا الشمالية أجرت خامس تجربة نووية لها، الأمر الذي أدى إلى وقوع انفجار أقوى من القنبلة التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية، بعد خمس سنوات ونصف السنة من الفوضى في سوريا، حيث سقط أكثر من 260 ألف قتيل، حيث يتهم كيري من قبل معارضيه بأنه يلهث وراء لافروف في محاولة لانتزاع اتفاق في سوريا بأي ثمن قبل 4 أشهر من انتهاء رئاسة باراك أوباما.
وعقد الوزيران اجتماعات لا تحصى آخرها في قمة مجموعة العشرين في الصين في 4 و5 سبتمبر (أيلول) الحالي، وفي جنيف في 26 أغسطس (آب) الماضي.
وتبحث القوتان اللتان تربطهما علاقات متوترة منذ 2012، أيضًا التعاون العسكري في سوريا، لفرض احترام وقف إطلاق النار والتصدي معًا للمسلحين.
لكن هذه المباحثات المتعددة لم تثمر حتى الآن، رغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشاد بـ«نوع من التقارب في المواقف»، بعد اجتماع غير رسمي مع أوباما في قمة مجموعة العشرين الاثنين.
في المقابل أشاد أوباما بحذر بلقاء «مثمر» مع بوتين.
ميدانيًا، تلقى «جيش الفتح»، تحالف الفصائل الجهادية والإسلامية الأبرز في سوريا، ضربة قوية بمقتل قائده العسكري أبو عمر سراقب، مساء الخميس في غارة جوية في شمال سوريا.
ويأتي مقتل أبو عمر سراقب في وقت خسر فيه «جيش الفتح» أحد أبرز المعارك في سوريا، التي يخوضها منذ أكثر من شهر في جنوب مدينة حلب، بعدما تمكن الجيش السوري من إعادة فرض الحصار على الأحياء الشرقية في المدينة.
وأعلنت جبهة فتح الشام، جبهة النصرة سابقًا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، على حسابها على موقع «تويتر» مساء الخميس مقتل القائد العام لتحالف «جيش الفتح» في غارة جوية في محافظة حلب.
وكان الجيش السوري أحكم الخميس حصاره على الأحياء الشرقية لمدينة حلب في شمال البلاد، حيث يعيش 250 ألف شخص وسط أسواق خالية من البضائع.
وسيطر الجيش السوري بغطاء جوي روسي مكثف الخميس على منطقة الراموسة عند الأطراف الجنوبية لمدينة حلب، ليستعيد بذلك كل النقاط التي خسرها لصالح فصائل مقاتلة قبل أكثر من شهر.
وبالسيطرة على الراموسة تكون قوات النظام السوري استعادت السيطرة على طريق الإمدادات القديم إلى الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرتها، ليضاف إلى طريق الكاستيلو شمالاً.
وتشهد مدينة حلب منذ عام 2012 معارك وقصفًا متبادلاً بين الفصائل المعارضة في أحيائها الشرقية وقوات النظام التي تسيطر على الأحياء الغربية.
من جهة ثانية، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأربعاء، أن تركيا والولايات المتحدة مستعدتان للعمل معًا في سوريا لطرد تنظيم داعش من معقله في الرقة.
والخميس أشارت وكالة أنباء الأناضول الحكومية التركية إلى اتصال هاتفي بين إردوغان وبوتين، لبحث وقف لإطلاق النار في حلب «بأسرع ما يمكن».
وفي حين تدعم تركيا المعارضة السورية، تدعم روسيا النظام.
وأعلنت 73 منظمة غير حكومية الخميس أنها ستعلق تعاونها مع الأمم المتحدة في سوريا احتجاجًا على عجز المنظمة الدولية عن مواجهة ضغوط النظام السوري.



رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
TT

رغم إعلان «هدنة غزة»... الحوثيون يهاجمون إسرائيل والحاملة «ترومان»

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرّر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

على الرغم من التوصل إلى «هدنة غزة» واصلت الجماعة الحوثية، الجمعة، تصعيدها الإقليمي، إذ تبنّت مهاجمة إسرائيل في 3 عمليات بالصواريخ والمسيرّات، بالإضافة إلى مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» في شمال البحر الأحمر.

وبينما لم تصدر تعليقات على الفور من الجيشَيْن الأميركي والإسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية» استهدفت منطقة حرف سفيان، التابعة لمحافظة عمران الواقعة إلى الشمال من صنعاء.

وخلال حشد في أكبر ميادين صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أعلن المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر.

وزعم المتحدث الحوثي أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

وبالتزامن مع ذلك، زعم المتحدث العسكري الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتوعّد المتحدث الحوثي بأن قوات جماعته جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وأنها ستراقب «تطورات الوضع» في غزة، و«ستتخذ الخيارات التصعيدية المناسبة» في حال نكثت إسرائيل الاتفاق مع حركة «حماس».

وبينما أعلنت وسائل إعلام الجماعة تلقي خمس غارات في منطقة حرف سفيان، لم تتحدث على الفور عن الآثار التي تسبّبت فيها لجهة الخسائر البشرية أو المادية.

ومع التفاؤل الدولي والإقليمي واليمني بأن تؤدي الهدنة في غزة إلى استعادة مسار السلام في اليمن، إلا أن مراقبين يمنيين يتخوّفون من استمرار الجماعة الحوثية في تصعيدها سواء البحري أو الداخلي، مستبعدين أن تجنح إلى السلام دون أن تنكسر عسكرياً.

تهديد بالتصعيد

جاءت الهجمات الحوثية والضربات الأميركية، غداة الخطبة الأسبوعية لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، التي استعرض فيها إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال 15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتِّفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

عناصر حوثية خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

يُشار إلى أن الجماعة تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران، ومحطة كهرباء جنوب صنعاء، وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

عرقلة السلام

عاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب إعلان خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.

السفينة التجارية «غلاكسي ليدر» قرصنها الحوثيون واحتجزوا طاقمها منذ 14 شهراً (رويترز)

وأدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، خلال 14 شهراً، إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتَيْن، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

وإذ استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، كانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان أغلبيتها من نصيب الحديدة الساحلية، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.