50 قتيلاً بسلسلة تفجيرات ضربت معاقل النظام السوري.. و{داعش} يتبنّاها

سيارات مفخخة وانتحاريون استهدفوا غرب دمشق وحمص وطرطوس والحسكة

50 قتيلاً بسلسلة تفجيرات ضربت معاقل النظام السوري.. و{داعش} يتبنّاها
TT

50 قتيلاً بسلسلة تفجيرات ضربت معاقل النظام السوري.. و{داعش} يتبنّاها

50 قتيلاً بسلسلة تفجيرات ضربت معاقل النظام السوري.. و{داعش} يتبنّاها

هزّت، أمس، سلسلة انفجارات مناطق سيطرة النظام السوري في ريف دمشق الغربي ومدينتي حمص وطرطوس، بالإضافة إلى انفجار آخر وقع في وسط مدينة الحسكة التي يسيطر عليها مقاتلون أكراد في سوريا، وأسفرت هذه الانفجارات عن سقوط أكثر من 50 قتيلاً وعشرات الجرحى، وقد تبنّى تنظيم داعش الهجمات التي وقعت جميعها ما بين الثامنة والتاسعة صباحًا بالتوقيت المحلي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن «انفجارين متزامنين عنيفين هزا منطقة جسر أرزونة عند مدخل مدينة طرطوس الساحلية في شمال غربي البلاد، والواقعة تحت سيطرة الحكومة، أسفرا عن مقتل 35 شخصًا، بحسب تأكيدات مدير مستشفى طرطوس». وقال التلفزيون السوري الناطق باسم النظام، إن «الانفجار الأول كان لسيارة ملغومة، والثاني كان حزاما ناسفا جرى تفجيره أثناء حضور عمال الإنقاذ لمكان الانفجار الأول، وأديا إلى سقوط 35 شهيدًا و43 جريحا معظمهم في حالة جيدة».
ووقع الانفجاران، أثناء انطلاق الاحتفال بمهرجان طرطوس الصيفي. وكانت شواطئ المدينة ظهرت في تسجيلات فيديو جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي لدعوة الناس لزيارة الشواطئ السورية على البحر المتوسط. وبقيت محافظة طرطوس ذات الغالبية العلوية بمنأى عن النزاع الدامي الذي تشهده البلاد منذ منتصف مارس (آذار) 2011. وتسبب بمقتل أكثر من 290 ألف شخص، إلا أن مدينة طرطوس تعرضت في مايو (أيار) الماضي لتفجيرات غير مسبوقة أسفرت عن مقتل 48 شخصًا وتبناها تنظيم داعش.
الخبير العسكري والاستراتيجي السوري عبد الناصر العايد، اعتبر أن «هذه العمليات تعطي مؤشرًا على أن الوضع الأمني في سوريا بات هشًّا، وحتى النظام وقلاعه الأمنية باتت مخترقة، وهو غير قادر على حمايتها». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هذا دليل على أن المستقبل يحمل بعدًا أمنيًا خطيرًا، ومقبلون على مرحلة ستعاني فيه سوريا أزمة أمنية أكبر من أزمتها الحالية القائمة على جبهات وخطوط تماس هنا وهناك». وأكد العايد أن «وصول التنظيم (داعش) إلى هذه أماكن ليس غريبًا، إذ سبق له وضرب في جبلة وطرطوس وفي منطقة السيدة زينب حيث مربع (حزب الله) الأمني».
وأعلن التلفزيون السوري أيضًا، أن «سيارة ملغومة انفجرت في مدينة حمص عند ميدان باب تدمر، على مدخل حي الزهراء، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص». وفيما لم يذكر النقطة التي استهدفها الانفجار، أشار المرصد السوري إلى أن انفجار حمص «وقع عند نقطة تفتيش عسكرية تابعة للنظام، وأسفر عن مقتل أربعة من قوات الأمن».
ونقلت وسائل إعلام سورية موالية للأسد، عن قائد في الشرطة قوله، إن «انفجارا وقع غرب العاصمة دمشق عند مدخل بلدة الصبورة، على طريق يؤدي إلى الأوتوستراد السريع بين بيروت ودمشق، أسفر عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة بجروح». وقال المسؤول في الشرطة، إن «قوات الأمن أوقفت ثلاثة رجال في سيارة، لكن السائق قُتل والراكبين الآخرين خرجا من السيارة وفجرا نفسيهما بحزامين ناسفين، مما أسفر عن مقتل شخص آخر». فيما أعلن المرصد أن «ثلاثة أشخاص قتلوا في تفجير الصبورة». أما فيما يتعلّق بتفجير الحسكة، فأفادت المعلومات، بأن «دراجة نارية انفجرت في وسط مدينة الحسكة في شمال شرقي البلاد التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص منهم ثلاثة من قوة (الأسايش) المتحالفة مع وحدات حماية الشعب الكردية»، بينما انفجرت قنبلة صوتية أيضًا في مدينة القامشلي في محافظة الحسكة.
أما في الدلالات الأمنية لهذه عمليات، فرأى الخبير العسكري عبد الناصر العايد، أن «الرسالة التي وجهها تنظيم داعش من هذه التفجيرات، مفادها بأنه ما زال قادرًا على فرض وجوده من خلال الرعب، والاتساع وتنفيذ عمليات مترابطة من ضمن شبكة واسعة زمانيًا ومكانيًا، وهذا يعني أنه لا يزال قويًا»، مذكرًا بأن «تكوين (داعش) هو أنه تنظيم استخباراتي، قادر على الترويع وتنفيذ عملياته بإجرامية لا متناهية وبشكل مخطط، وعلى مستوى عالٍ من الانضباط، كما أنه قاسٍ ووحشي وإجرامي».
مسؤول العلاقات العامة في قوات سوريا الديمقراطية، عبد العزيز يونس محمود، اتهم النظام السوري بـ«الوقوف وراء تفجير الحسكة، بهدف خلق بلبلة والإخلال بالاتفاق الذي أبرمه مع وحدات حماية الشعب في قاعدة حميميم برعاية روسية». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «نظام الأسد يحاول إطالة عمره بخلق مشكلات وفتن متنقلة وارتكاب مجازر، لإرضاء من يواليه على الأرض».
وأقر القيادي الكردي بأن «انتحاريًا يقود دراجة نارية، وصل إلى دوّار باشو وسط المدينة، وفجّر نفسه على حاجز لشرطة (الأسايش)، ما أدى إلى سقوط 5 شهداء من عناصر الحاجز، وبعض المدنيين»، معتبرًا أن «النظام السوري وتنظيم داعش هما وجهان لعملة واحدة، وباتا الخطر الحقيقي الذي يهدد أمن المنطقة برمتها». وقال محمود: «هذان الطرفان يؤديان الوظيفة نفسها، فـ(داعش) بات في مراحله الأخيرة ولا يتردد في أعمال دموية انتقامية، أما النظام فيحاول إطالة عمره بالعمليات الإرهابية والقصف والتفجيرات وزرع الفتن».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم