«اليونيسكو»: تعميم المراحل الابتدائية في أفريقيا وآسيا بحلول 2048

تقرير لرصد التعليم كشف أن 3 % فقط من البالغين في إيران يجيدون العمليات الحسابية

«اليونيسكو»: تعميم المراحل الابتدائية في أفريقيا وآسيا بحلول 2048
TT

«اليونيسكو»: تعميم المراحل الابتدائية في أفريقيا وآسيا بحلول 2048

«اليونيسكو»: تعميم المراحل الابتدائية في أفريقيا وآسيا بحلول 2048

كشف تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو» اليوم أن هناك نحو 40 في المائة من السكان في شتى أرجاء العالم لا يتلقون التعليم باللغة التي يتكلمونها أو يفهمونها. وأظهر التقرير العالمي تحت عنوان «التعليم من أجل الناس والكوكب»، إمكانيّات مساهمة التعليم في دفع عجلة التقدّم لتحقيق كافة الأهداف العالميّة الواردة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030. كما أفاد بأنّ التعليم بحاجة إلى نقلة نوعيّة لتحقيق هذه الإمكانيّات ومواجهة التحديات التي تواجه الإنسانية والكوكب في الوقت الراهن. واستنادًا إلى الاتجاهات الراهنة، سيتم تعميم التعليم الابتدائي في كل من مناطق شمال أفريقيا وغرب آسيا بحلول عام 2048. كما سيتم تعميم إنهاء التعليم الإعدادي والتعليم الثانوي بحلول عامي 2062 و2082 على التوالي. ومن الجدير بالذكر أنّ هذه المواعيد تتجاوز إلى حدّ كبير عام 2030 وهو الموعد النهائي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
هذا ويظهر التقرير الحاجة إلى تركيز النظم التعليميّة على القضايا البيئيّة. فمن فئة الطلاب البالغة أعمارها 15 عامًا، بلغت نسبة الذين يمتلكون المعارف الأساسيّة بشأن البيئة في كل من الأردن وتركيا، 55 في المائة و62 في المائة على التوالي. هذا ويعدّ التعليم في معظم الدول، أفضل مؤشرات الوعي بالتغيرات المناخيّة، ولكن نصف المناهج التعليميّة حول العالم لا تتطرّق تطرقًا مباشرا للتغيرات المناخيّة أو الاستدامة البيئيّة.
وفي هذا السياق، قالت المديرة العامة لليونيسكو، إيرينا بوكوفا: «لا بدّ من تحقيق تغيير جذري في معتقداتنا بشأن دور التعليم في تحقيق التنمية العالمية لأنّ للتعليم تأثيرا كبيرا على رفاهية الأفراد من جهة ومستقبل مجتمعاتنا من جهة أخرى». وأضافت قائلة: «يتحلى التعليم أكثر من أي وقت مضى بمسؤولية مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين ومواكبة تطلعاته، بالإضافة إلى تعزيز القيم والمهارات اللازمة من أجل تحقيق كل من النمو المستدام والشامل، والتعايش السلمي».
وأوصى التقرير بأهمية توفير المناهج الدراسية الشاملة للطلاب لتحفيز المهارات والمعارف الهامة والتي ستدعمهم في التحول إلى الصناعات الخضراء، وإيجاد حلول جديدة للمشاكل البيئيّة.
ويتطلب هذا الأمر أيضًا أن يتجاوز التعليم مقاعد الدراسة ليستمر في المجتمعات وأماكن العمل بين البالغين. وفي الوقت الراهن، فإنّ ثلثي البالغين حول العالم يفتقرون إلى المهارات المالية والحسابيّة، هذا ووصلت هذه النسبة في اليمن إلى 87 في المائة. كما أنّ 3 في المائة فقط من البالغين في إيران يجيدون العمليّات الحسابيّة. كما أنّ 6 في المائة فقط من البالغين في أفقر دول العالم التحقوا ببرامج محو الأميّة.
كما أن هناك حاجة ماسة إلى أن توفّر النظم التعليميّة مهارات أفضل لتتوافق مع حاجات ومتطلبات الاقتصادات المتنامية التي تشهد تغيّرًا سريعًا في المتطلبات الوظيفيّة ناهيك عن البدائل الآلية. واستنادًا إلى الاتجاهات الراهنة أيضًا، قد لا يكون لدى العالم بحلول عام 2020 سوى عدد قليل من العمال الحاصلين على التعليم العالي قياسًا بحجم الطلب، أي ما لا يتجاوز 45 مليون عامل. وفي أفريقيا الشماليّة وشرق آسيا، يتناول التعليم الثانوي مواضيع ليس عليها طلب قوي في سوق العمل ما يفسّر سبب اعتبار 40 في المائة من الشركات، وهي أعلى نسبة في أي منطقة، مسألة القوى العاملة الحاصلة على تعليم غير كاف بأنها واحدة من أهم المشاكل التي تواجه عمليّة النمو.
إن حالات عدم المساواة في التعليم والتفاوتات الواسعة بين شرائح المجتمع تسلّط الضوء على مخاطر الوقوع في براثن العنف والنزاعات التي تعد بدورها عائقا رئيسًا أمام النمو في المنطقة، حيث تحول دون وصول 19 مليون طفل لمقاعد الدراسة. وتفيد دراسة جديدة تستند إلى بيانات جمعت من مائة بلد تغطي فترة 50 سنة أن البلدان التي تعاني من تفاوت واسع في الانتفاع بالتعليم أكثر عرضة من غيرها للوقوع في براثن النزاع المسلح. وعليه يدعو التقرير الحكومات إلى تناول مسألة التفاوت في الانتفاع بالتعليم بجديّة وتعقبها من خلال جمع المعلومات مباشرة من الأسر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».