نتنياهو خضع للمتدينين اليهود وفجر أزمة في حكومته

عشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين تظاهروا احتجاجًا على تعطل القطارات يوم السبت

نتنياهو خضع للمتدينين اليهود وفجر أزمة في حكومته
TT

نتنياهو خضع للمتدينين اليهود وفجر أزمة في حكومته

نتنياهو خضع للمتدينين اليهود وفجر أزمة في حكومته

تشهد الحكومة الإسرائيلية أزمة داخلية تهدد بانقسام في حزب الليكود الحاكم، على أثر رضوخ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لإرادة الأحزاب الدينية المتشددة. وقد اتسع تأثير هذه الأزمة ليدخل الحكومة في صدام مع عشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين، الذين لم يتمكنوا من السفر بالقطار، أمس، للوصول إلى الوحدات العسكرية.
وقد انفجرت الأزمة في أعقاب قرار نتنياهو، منع شركة القطارات الحكومية من القيام بأعمال صيانة في السكك الحديدية، أول من أمس، السبت، باعتباره يوم عطلة يُحرِّم المتدينون على اليهود أي عمل خلاله. ونتيجة لذلك تعطلت حركة القطارات طيلة يوم أمس، واضطر نحو مائتي ألف إسرائيلي للبحث عن وسائل نقل أخرى. وقد عم الغضب الشديد في صفوف هؤلاء، وبينهم عشرات الآلاف من الجنود في الجيش الإسرائيلي، ممن يستقلون القطارات للعودة إلى معسكراتهم. وقد عبروا عن غضبهم بمظاهرات ضمت الآلاف أمام محطات القطار في طول البلاد وعرضها.
وأبدى وزير المواصلات في حكومة نتنياهو، يسرائيل كاتس، دعمه للمتظاهرين. وقال إن هناك أعمال صيانة تجري في كل يوم سبت في كثير من المرافق الاقتصادية، وضمنها شركة القطارات. وقرار وقف العمل يلحق أضرارا كبيرة بالاقتصاد، وكذلك بعشرات الآلاف من الجنود والمواطنين. وراح أبعد من ذلك، حين انتقد نتنياهو على رضوخه للأحزاب الدينية. وقال إن مثل هذا الموقف يفتح باب جهنم أمام غالبية الإسرائيليين: «الذين يحترمون الدين والمتدينين، ولكنهم يرفضون سياسة الإكراه الديني».
واعتبر نتنياهو تصريحات كاتس «تحريضا للجنود وللجمهور على الحكومة». واتصل بعدد من الوزراء والنواب الأعضاء في الليكود، مؤكدا أنه أصدر أوامره لأن الزعيم الروحي لحركة «يهدوت هتوراة»، أمر نواب الحزب بالانسحاب من الحكومة في حال تدنيس يوم السبت. وراح يجس النبض لديهم حول رد فعلهم في حال اتخذ قرارا بفصل الوزير كاتس من الحكومة.
وشكا نتنياهو من أن كاتس يتمرد عليه وذكرهم بأنه فقط في الشهر الماضي، اتخذ قرارا في سكرتارية حزب الليكود لتقليص صلاحيات رئيس الحكومة في تعيين مساعدين ومستشارين. وقال مسؤول رفيع في الليكود، إن «نتنياهو يئس من كاتس»، لكنه يريد التأكد من أن إقالته لن تسبب له الضرر، ولكنه لم يجد أي مسؤول في الليكود يوافقه على فصله.
وقال مسؤول مقرب من كاتس في حزب الليكود، أمس، إن «نتنياهو ينظر بغيرة وحسد إلى كل من يبرز في الحلبة السياسية، حتى لو كان رفيقا له في الحزب، وصديقا على طول الدرب. ففي كل إنجاز يحققه كاتس في وزارته، نجده يفتش عن وسيلة للمساس به، لكنه يعرف الآن، أن معركته مع كاتس مختلفة عن المعارك الداخلية السابقة، التي انتهت بانسحاب وزراء كثيرين من الحكومة واعتزال السياسة. فالوزير كاتس، رجل قوي ويحظى بتأييد جماهيري أكبر من تأييد نتنياهو». و«إن كان على شخص ما أن يستخلص العبر ويستقيل فهو نتنياهو وليس كاتس. وأي مساس بكاتس سيؤدي إلى شق الليكود وطرد نتنياهو ورجاله».
ومن جهته، أعلن كاتس أنه يرى نفسه مرشحا طبيعيا لمنافسة نتنياهو على رئاسة الليكود والحكومة، الأمر الذي يؤكد أن المعركة بينهما ستشتد وتحتد في القريب.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.