الأدب الجزائري.. وازدواجية اللغة

ظهور جيل من الأدباء ارتقوا به إلى مراتب عليا

يمينة مشاكرة  -  ليلى صبار  -  كمال داود  -  واسيني الأعرج  -  ياسمينة خضرا
يمينة مشاكرة - ليلى صبار - كمال داود - واسيني الأعرج - ياسمينة خضرا
TT

الأدب الجزائري.. وازدواجية اللغة

يمينة مشاكرة  -  ليلى صبار  -  كمال داود  -  واسيني الأعرج  -  ياسمينة خضرا
يمينة مشاكرة - ليلى صبار - كمال داود - واسيني الأعرج - ياسمينة خضرا

هل هو تقصير من القارئ العربي، وخاصة المشارقي، أم هناك إشكالية ما في التوزيع والتعريف بأعمال جزائرية تستحق أن تكون في الصف الأول على رفوف المكتبات؟
يعتري القارئ إذا قرأ الأدب الجزائري الدهشة، والحيرة، فدهشته تبدأ بوعيه بهذا الإنتاج الضخم من الأعمال الأدبية في فترة وجيزة (إذا بدأ المشوار منذ بداية الثورة الجزائرية في منتصف الخمسينات، مع الأخذ بعين الاعتبار للأعمال التي صدرت قبل هذا التاريخ رغم قلتها)، إذ شهدت الجزائر طفرة نوعية من الأعمال الأدبية ببروز جيل من الأدباء الذين استطاعوا أن يرتقوا بالأدب الجزائري بشكل عام إلى مراتب عليا تعادل أو تفوق أدب دول عربية أخرى ذوات ماض طويل وعريق في هذا المجال.
ورغم هذا الإنتاج الغزير والمميز في أكثر من مقام يحتار المرء لماذا لم يحظ هذا الأدب حقه من الانتشار على مستوى العالم العربي بشكل عام.
ونتساءل: هل هو تقصير من القارئ العربي، وخاصة المشارقي، الذي لا يريد أن يغامر أبعد من مسافة جغرافية اعتاد عليها، أم أنه لم يسمع كثيرا بهؤلاء الكتاب بسبب إشكالية ما في التوزيع والتعريف بأعمال تستحق فعلا أن تكون في الصف الأول على رفوف المكتبات؟
سؤال يبحث عن جواب
في الواقع يمتاز الأدب الجزائري عن أمثاله في الدول العربية الأخرى - حتى في دول المغرب العربي - بالازدواجية اللغوية: اللغة العربية، واللغة الفرنسية. (وبالطبع هناك من كتب بالأمازيغية). فهو أكثر بلد عربي كتب أبناؤه أعمالا بالفرنسية، وقد أبدع بعضهم أيما إبداع. ولكن هنا تبرز جدلية قديمة: هل يمكن أن نعتبر هذا الأدب عربيا، أم جزائريا، أم فرنسيا؟ ودون الدخول في هذه الجدلية وتبرير الرأي بشواهد وحجج (فهو ليس موضوعنا اليوم) نقول إن هذا الأدب «الفرنكوفوني» لا يجد الانتشار الكافي ذلك أن الأمية اللغوية في العالم العربي متفشية بشكل كبير، فإذا علمنا أن آخر إحصائية للأمية في العالم العربي تصل إلى خمسة وأربعين في المائة باللغة العربية، فما بالك باللغات الأجنبية الأخرى، وعلى رأسها اللغتان العالميتان: الفرنسية والإنجليزية. ورغم غزارة هذه الأعمال وقيمتها الأدبية الكبيرة (بعض الكتاب نالوا جوائز قيمة على أعمالهم)، فإن نسبة كبيرة من القراء العرب يجهلون كتابا بحجم كاتب ياسين، صاحب رائعة «نجمة» أو محمد مولسهول (ياسمينة خضرا) صاحب الأعمال الكثيرة الناجحة، التي لاقت رواجا لا بأس به في فرنسا، والمغرب العربي بشكل عام (فضل الليل على النهار، سنونو كابل، صفارات بغداد..) وآسيا جبار عضو الأكاديمية الفرنسية التي تعتبر من أفضل من كتب بالفرنسية بين كتاب دول المغرب، وأخذت كتاباتها طابعا نسائيا فكانت من أفضل من دافع عن قضايا المرأة الجزائرية (ظل السلطانة، نساء الجزائر، الحب والفانتازيا..). ويبرز من هؤلاء الكتاب (وهناك أكثر من خمسة عشر كاتبا) الكاتب محمد ديب، حاصل على جائزة الفرنكوفونية (الحريق، سطوح أورسول، إغفاءة حواء، ثلوج المرمر)، ومولود فرعون الكاتب بالأمازيغية في روايته المتميزة «ابن الفقير» وبوعلام صلصال (حي داروين، 2084 نهاية العالم)، ورشيد بوجدرة (التفكك، الطلاق، الحلزون العنيد)، والكاتب المبدع مالك حداد (سأهديك غزالة، رصيف الأزهار لا يجيب، الشقاء في خطر)، والطاهر جاعوط - اغتيل إبان العشرية السوداء - (الباحثون عن العظام، العسس، الصيف الأخير للعقل)، ليلى صبار (اعترافات مجنون، فاطمة والجزائريات في الساحة، شهرزاد ذات العينين الخضراوين)، وبرز مؤخرا الكاتب كمال داود في أول عمل روائي (مورسو: نحقيق مضاد) نال فيه جائزة غونكور لأول رواية. هؤلاء الكتاب، وأعمالهم على سبيل المثال لا الحصر تستحق الترجمة (وإن كان بعضها قد تمت ترجمته) والانتشار على نطاق أوسع للتعريف بهذا الأدب الذي يعالج في جله مواضيع تخص الجزائريين، وإن اختلفت اللغة، ويساهم في طرح معضلات مجتمع عربي لا تختلف عن مثيلاتها في المجتمعات العربية الأخرى.
في الجانب الآخر نجد الكتاب باللغة العربية وهم أكثر من أن نلم بهم جميعا في هذا المقال (يمكن أن نحصي أكثر من خمسة وعشرين كاتبا)، وقد شهدت الجزائر هذه الطفرة من الكتاب في وقت قصير مقارنة ببلدان عربية أخرى، ولكن يمكن أن نذكر منهم أهمهم، فمن غير شك يبقى الكاتب واسيني الأعرج في طليعة الكتاب الجزائريين نوعا وكما، ونالت أعماله عدة جوائز أدبية، وانتشرت أعماله بشكل كبير، وخاصة منها (البيت الأندلسي، مملكة الفراشة، أصابع لوليتا) وأخيرا (2084: نهاية العربي الأخير). ويجدر في هذا المقام الحديث أيضا عن الكاتبة يمينة مشاكرة الأقل شهرة رغم إبداعها في رواية (المغارة المتفجرة). ونذكر أيضا أمين الزاوي - كاتب باللغتين العربية والفرنسية من أشهر أعماله (الملكة، آخر يهود تامنتيت)، رشيد ميموني (النهر المتحول، شرف القبيلة، حزام الغولة). هذه الأعمال هي غيض من فيض، أعمال أخرى كثيرة لكتاب آخرين أيضا تغني المكتبة الجزائرية، وبالطبع هناك الأعمال الشعرية الكثيرة أيضا، لشعراء كتبوا أيضا بالفرنسية والعربية وصدرت دواوينهم باللغتين في بعض الأحيان. وجل هذه الأعمال الأدبية تعالج بجدية مواضيع تهمنا جميعا، من حرية المرأة، وطغيان التقاليد، والقمع السلطوي، والفساد، والإرهاب، وسواها. فهذا الأدب يستحق وبجدارة أن يتم الاطلاع عليه ليس فقط من قبل المهتمين بالأدب والثقافة بل من قبل القارئ العادي الذي سيجد فيها متعة القراءة، وثراء الفكر.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.