الأكراد.. مشكلة تركيا المستعصية

هاجس «كردستان الكبرى» في قلب تطورات الشرق الأدنى

الأكراد.. مشكلة تركيا المستعصية
TT

الأكراد.. مشكلة تركيا المستعصية

الأكراد.. مشكلة تركيا المستعصية

وصل رجل أعمال جديد، انضم لصالون الضيافة، فارتفعت حرارة النقاش. في إحدى الضواحي المشيدة (مقدمة)
بلورت الحكومة التركية موقفًا جديدًا قديمًا من المسألة الكردية، التي كانت ولا تزال محورا من محاور الاضطراب والقلاقل في منطقة الشرق الأدنى، ومصدر معاناة لنحو 20 في المائة من سكان تركيا من ذوي الأصول الكردية، مكررة القول إنه «لا توجد في تركيا مشكلة كردية». والواقع أن الحكومة التركية ردّدت غير من مرة في الأيام الأخيرة على لسان رئيس الوزراء بينلي يلدريم، أنه لا يوجد في تركيا مشكلة كردية، وأن المواطنين الأكراد أنفسهم يعانون بسبب نشاط منظمة حزب العمال الكردستاني، التي تصنفها السلطات التركية «منظمة إرهابية»، وأعلنت أنها ستتبع خطة جديدة لربط شرق وجنوب شرقي تركيا بغربها وتحقيق المستوى نفسه من الخدمات.
مثّلت انتخابات السابع من يونيو (حزيران) الماضي في تركيا منعطفًا كبيرًا غيّر من مسار التعامل مع المشكلة الكردية في تركيا، عندما أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن مفاوضات السلام الداخلي التي كانت انطلقت منذ عام 2012، وشهدت تصاعدا كبيرا خلال العامين 2014 و2015، قد جمّدت و«دخلت الثلاجة» وأنه «لا يوجد في تركيا ما يسمى بالمشكلة الكردية».
وعقب التحوّلات في نظرة السلطات التركية للمشكلة الكردية القائمة منذ عشرينات القرن الماضي، عادت منظمة حزب العمال الكردستاني إلى التصعيد مجددًا، وأعلنت في العشرين من يوليو (تموز) 2015 إنهاء الهدنة التي كانت أعلنتها تزامنًا مع مرحلة مفاوضات السلام الداخلي، وصعّدت من عملياتها التي تستهدف الجيش وقوات الأمن التركية. وفي الشهر الماضي قرّرت إدخال تغيير نوعي على عملياتها عبر إعلان القيادي بالمنظمة، جميل باييك، نقل عمليات المنظمة إلى داخل المدن لاستهداف قوات الأمن.
وفعلاً، نفذت المنظمة في أغسطس (آب) الماضي أكثر من عملية استهدفت مراكز الشرطة في مدن شرق تركيا وجنوب شرقها، منها استهداف مديرين أمن الازيغ بسيارة مفخخة؛ ما أوقع 3 قتلى و217 مصابًا، 85 منهم من الشرطة والباقي من المدنيين، و«عملية جيزرة» (جزيرة ابن عمر) في شيرناق جنوب شرقي تركيا، التي نفذت بالطريقة نفسها، وقتل فيها 11 شرطيا.
مع هذا، وبالتوازي مع دعوة صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي - الحزب الكردي الأبرز في تركيا - إلى العودة لعملية السلام الداخلي في البلاد، فإن حكومة يلدريم تبدو عازمة الآن على العودة إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى حل للمشكلة الكردية، وهو ما أكده أيضا الرئيس إردوغان. ولقد اعتبر دميرطاش، من جانبه، أن «القضية الكردية في تركيا هي بمثابة جرح تقوم بعض الجهات بوخزه؛ لذا لا بد من العودة إلى طاولة المفاوضات وعملية السلام».
* الحقوق الغائبة
في نهاية عام 2012، تحدثت تقارير إعلامية عن لقاءات مكثفة بين الاستخبارات التركية وبعض قادة منظمة حزب العمال الكردستاني في العاصمة النرويجية أوسلو؛ الأمر الذي نفاه المتحدث باسم الحكومة التركية آنذاك نائب رئيس الوزراء بولنت أرينتش. لكن ما لبث أن عاد رئيس الوزراء التركي - وقتها - رجب طيب إردوغان ليعلن صحة ما سبق تداوله عبر الإعلام.
وأقر إردوغان بوجود «محاولات لبسط أرضية سلام توافقية» بين الحكومة وقادة حزب العمال الكردستاني خلال لقاء مع التلفزيون الرسمي التركي «تي آر تي» بتاريخ 28 ديسمبر (كانون الأول) 2012، وأشار إلى وجود لقاءات مباشرة بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني لطي صفحة النزاع المسلح وبدء صفحة جديدة تحمل عنوان «عملية السلام».
وفي هذا الوقت أيضا استطاعت الحكومة التركية أن تقرّ عبر البرلمان حزمة إصلاحات ديمقراطية استهدفت منح بعض الحقوق للأكراد، وتضمنت إمكانية تعلّم اللغة الكردية، وحق التحدث باللغة الكردية في المحاكم والمؤسسات الرسمية والمناطق العامة، وحق ممارسة الدعاية السياسية الانتخابية باللغة الكردية، وإقامة عدد من المشروعات لتوفير فرص العمل في المناطق ذات الأغلبية الكردية، كذلك أعيد إطلاق الأسماء الكردية القديمة لبعض القرى في شرق وجنوب شرقي تركيا.
* أسباب التراجع
واليوم يثور في الأوساط السياسية الكثير من التساؤلات حول أسباب التراجع، بل الانقلاب المفاجئ في موقف منظمة حزب العمال الكردستاني عقب انتخابات السابع من يونيو 2015.
ولقد تناول ميديام يانيك، الباحث في مركز الدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التركي «سيتا»، الأسباب التي دفعت حزب العمال الكردستاني إلى الانقلاب على عملية السلام في دراسة أكاديمية أدرجت تحت عنوان «لماذا انقلب حزب العمال الكردستاني على عملية السلام؟» وعدّد الكثير من الأسباب لهذا التراجع، في مقدمتها ضلوع عناصر من حزب العمال الكردستاني في إدارة منطقة شرق وجنوب شرقي تركيا بصورة مستقلة وبشكل تعسفي، حيث كان يقوم أفراد حزب العمال الكردستاني بجباية الضرائب ومحاكمة المواطنين القاطنين في تلك المناطق بشكل جائر، وغيرها الكثير من الأفعال غير القانونية، وعلى الرغم من مطالبة الحكومة التركية لهم للتوقف عن هذه الإجراءات التي تتعارض مع مبادئ عملية السلام.
ويقول يانيك إن «النزاع بين الطرفين بهذا الخصوص كان محتدمًا قبل الانتخابات ببضعة أشهر، وأبدت الحكومة التركية مرونة تامة إزاء هذه الأحداث، وانتظرت من منظمة حزب العمال الكردستاني موقفا مقابلا، لكنها تعنتت واختارت طريق الانقلاب على عملية السلام، لتحقيق حلمها فيما يتعلق بالاستقلال الذاتي التام؛ استنادا إلى الظروف التي باتت مواتية في المنطقة».
* هاجس «كردستان الكبرى»
ثم، مع التطورات في سوريا والعراق، بدأت تركيا تشعر بالقلق من احتمالات تحقق مشروع «كردستان الكبرى»، ولا سيما مع بدء نشاط منظمة حزب العمال الكردستاني لفرض سيطرتها على مناطق في شرق تركيا وجنوب شرقها بالقوة، ونصب حواجز وحفر خنادق لتكريس سلطتها التعسفية في هذه المناطق. وحسب يانيك، فإن «هذه النقطة، أي الحديث عن إقامة كيان فيدرالي كردي في سوريا إلى جانب إقليم كردستان ذي الحكم الذاتي في العراق، هي إحدى النقاط الأساسية التي أقلقت تركيا». ومن ثم استطرد شارحًا «إن السيادة المحورية الكردية التي تحققت في إطار عمليات كوباني (عين العرب) و(ثورة روج آفا) (الشمال محافظتي الحسكة والرقة) في سوريا، والدعم الأميركي والروسي الوفير لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا وذراعه العسكرية ميليشيا (وحدات حماية الشعب) الكردية، وكذلك التعاطف العالمي الضخم تجاه النجاح الذي حققه المقاتلون الأكراد ضد تنظيم داعش الإرهابي.. كل هذه كانت عوامل حفّزت حزب العمال الكردستاني لقلب طاولة الحوار والعودة إلى السلاح في تركيا، لإعلان الاستقلال في ذلك الوقت الذي يعد الأكثر مناسبة في تاريخ النزاع الكردي».
* ارتباك تركي
لقد بدا من خلال التطورات الأخيرة مدى حالة القلق التي تنتاب صنّاع القرار في تركيا من احتمالات أن تؤدي الامتدادات التي تحظى بها منظمة حزب العمال الكردستاني في العراق وسوريا وإيران، إلى توحيد مناطق الكثافة الكردية في البلدان الثلاثة. إن القواسم الثقافية والعشائرية التي تربط أكراد تركيا والأكراد في الدول الثلاث دفعت بقمة السلطة في تركيا إلى حالة من الارتباك في التعامل مع ملف المسألة الكردية داخليًا. وأطلقت القوات المسلحة وقوات الأمن التركية عملية عسكرية موسعة منذ 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015، للقضاء على عناصر حزب العمال الكردستاني المتحصنة داخل بعض المدن التركية. وأدت هذه العملية التي استهدفت إزالة مظاهر «الحكم الذاتي» التي سعت المنظمة لتثبيتها داخل أحياء بعض البلدات الكبيرة، ولا سيما في شيرناق وبلدة جيزرة (جزيرة ابن عمر) تحديدا، وكذلك في مدينتي ماردين وديار بكر وغيرهما، إلى واقع مأسوي بالنسبة للسكان الذين اضطر عشرات الآلاف منهم إلى النزوح من قراهم للتوجه إلى مناطق آمنة.
وكشفت جمعية حقوق الإنسان التركية، فرع مدينة ديار بكر بجنوب شرقي تركيا، في تقرير لها بمناسبة «اليوم العالمي للسلام» الموافق الأول من سبتمبر (أيلول)، عن أن العمليات العسكرية في جنوب شرقي تركيا والاشتباكات مع عناصر المنظمة منذ يوليو من العام الماضي أسفرت عن سقوط 1551 قتيلا و1683 جريحا من مدنيين ورجال شرطة وجنود وعناصر تابعين للمنظمة.
وأضاف التقرير أن «الإجراءات القضائية والإدارية التي اتخذت خلال تلك الفترة تضمنت توقيف 7884 شخصًا، من بينهم 275 طفلا واعتقال 1959 شخصا، من بينهم 81 طفلا، وفتح تحقيقات إدارية مع 13067 موظفا حكوميا بسبب مشاركتهم في مظاهرات ووقفات في أنحاء مدن جنوب شرقي تركيا».
ومع استمرار العمليات العسكرية وإخفاقها في تحقيق النتائج المرجوة على مدى نحو 4 أشهر، أعلن رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو أنه في حال تخلي حزب العمال الكردستاني عن سلاحه وإخراج عناصره من تركيا بشكل كامل، يمكن لعملية السلام أن تعود تدريجيًا إلى التفاوض والمحادثات. غير أن الرئيس إردوغان سارع برد لاذع على هذه التصريحات، مؤكدا أنه لا يمكن إطلاقا الحديث عن بدء عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني من جديد.
وسبق هذا تنافر الرؤى حول «اتفاقية ضولمة بهجة»، التي وقعت في فبراير (شباط) 2015 بين الحكومة التركية برئاسة داود أوغلو وحزب الشعوب الديمقراطي لإتمام عملية السلام، لكن إردوغان اعترض عليها اعتراضا شديدًا، ولم يعمل بأي من مبادئها على الرغم من توقيع الطرفين عليها، وكان هذا سببا فيما بعد من بين أسباب كثيرة أدت إلى استقالة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو. ومن ثم، مع تولي حكومة بينلي يلدريم في مايو (أيار) الماضي خلفا لحكومة داود أوغلو بدأ الحديث عن أنه «لا وجود مشكلة كردية في تركيا» لكي تجرى مفاوضات لحلها.
* جذور المشكلة
لا يختلف الخبراء والمتابعون للشأن التركي على أن المشكلة الكردية هي أكبر مشكلات تركيا منذ تأسيسها عام 1924 وحتى اليوم. ولقد رأى مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال «أتاتورك» أن التنوع العرقي والإثني الذي تميّزت به الدولة العثمانية كان أحد أسباب سقوطها، وبالتالي، يجب على الجمهورية التركية الوليدة مواجهة ذلك الأمر لتجنب المصير نفسه. وعلى هذا الأساس، أنكرت تركيا منذ نشأتها تنوّعها العرقي، واعتبرت كل مواطن يعيش داخل حدودها «تركيًّا» بغض النظر عن جذوره ولغته الأم.
واتبع خلفاء «أتاتورك» النهج نفسه وبأساليب أكثر تشددًا وإجحافًا؛ ما أدى إلى التنكر لحقوق الأقليات العرقية في تركيا من عرب وشركس ولاز (قوقازيون) وبوشناق (بوسنيون)، وكذلك الأكراد الذين يشكلون أكبر أقلية؛ كونهم يمثلون 20 في المائة من سكان تركيا البالغ 78 مليونا.
ولم يتوقف الأمر عند حد إنكار الحقوق الثقافية والاجتماعية لأكراد تركيا، ولا حتى حقوقهم السياسية، بل وصل إلى إهمال وتهميش شبه متعمدَين لمناطق جنوب تركيا وجنوب شرقها، حيث يشكل الأكراد غالبية السكان؛ ولذلك تراكمت مشاعر الغضب بين الأكراد الذين رأوا أنهم يعاملون بصفتهم مواطنين من الدرجة الثانية في البلاد.
ومع انتشار المد اليساري في العالم في ستينات وسبعينات القرن الماضي، احتكرت الحركة السياسية اليسارية الكردية التكلم باسم أكراد تركيا، وأسس حزب العمال الكردستاني عام 1978، وما لبث أن بدأ حرب عصابات ضد الدولة التركية عام 1984 كلفت تركيا حتى الآن حياة أكثر من 40 ألف شخص، وأكثر من 500 مليار دولار، فضلا عن الاضطراب السياسي والشرخ الاجتماعي.
* تاريخ المفاوضات
سعت تركيا مرتين من قبل خلال حكم تورغوت أوزال في الثمانينات، ثم في فترة رئيس الوزراء الراحل نجم الدين إربكان لحل المشكلة الكردية عبر مفاوضات السلام، لكن لم يكتب للمحاولتين النجاح. واستمر الفشل إلى أن قرر حزب العدالة والتنمية، الذي تولى السلطة في عام 2003 حل المشكلة الكردية داخليًا، باعتراف رئيسه رجب طيب إردوغان عام 2005 بوجود «مشكلة كردية» في تركيا، وباشر سلسلة من الإصلاحات الدستورية والديمقراطية جنبا إلى جنب مع عشرات المشروعات الاقتصادية والتنموية في مناطق الأغلبية الكردية.
وبعد سنوات من المفاوضات السرية مع زعيم حزب العمال المسجون في تركيا عبد الله أوجلان، أطلقت الحكومة ما أسمتها «عملية التسوية» بعد دعوة واضحة من الأخير لأعضاء حزبه بترك السلاح والانخراط في العملية السياسية عام 2013، لكن الهدنة التي استمرت سنتين لم تصمد طويلا على وقع التطورات المتسارعة في الجارة سوريا؛ إذ رأت الحركة الكردية أن ضعف قبضة الدولة المركزية في سوريا فرصة تاريخية قد تتيح للأكراد، للمرة الأولى في تاريخهم، بإنشاء دولة خاصة بهم في الشمال السوري؛ الأمر الذي انعكس على قرار الحركة السياسية الكردية في تركيا بشقيها: العسكري المتمثل بحزب العمال، والسياسي المتمثل بحزب الشعوب الديمقراطي.
* مخاوف التدويل
لا تشك أنقرة في أن هناك تنسيقًا بين الأكراد على طرفي الحدود التركية – السورية، أي بين منظمة حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا.
ويرى خبراء، أن المشكلة الكردية بأبعادها الحالية تحمل بذور تدويل المشكلة، وأن ذلك لو حدث سيشكل خطرا على تركيا في ظل حالة الجفاء بينها ومعظم حلفائها التقليديين، الذين يقدّمون الدعم السياسي والعسكري للفصائل الكردية المسلحة في سوريا المصنفة على قوائم الإرهاب في تركيا.
وفوق ذلك، تبدو الحكومة التركية تميل في تعاملها مع الأزمة من رؤية المؤسسة العسكرية بعدما جربت رؤيتها الخاصة في الحل لسنوات عن طريق المفاوضات التي انتهت إلى إعلان الساسة الأتراك، وفي مقدمتهم إردوغان، أنه «لا توجد مشكلة كردية في تركيا» رغم اعترافهم بوجود مشاكل كثيرة للأكراد.
* سبل الخروج
تركيا، في الواقع، تفتقر حتى الآن إلى دستور يكرس مبدأ المواطنة ويراعي التنوع الثقافي والعرقي والإثني في البلاد. ويقول وحيد الدين إنجة، الباحث المتخصص بالشؤون الكردية إن «إقامة منطقة حكم ذاتي للأكراد أمر غير واقعي؛ لعدم وجود مؤشرات تدل على إمكانية نجاح تلك المساعي، فضلا عن استحالة سلخ مناطق جغرافية عن دولة قوية عسكريًا واقتصاديا مثل تركيا عبر صدام مسلح».
وأضاف إن «هذا المسعى سيتسبب في الضرر للأكراد بدلا من أن ينفعهم؛ لأن الجماعات التي تطالب بالحكم الذاتي لا تملك المقومات للحفاظ عليه. وبالتالي، فإن الهدف من هذا الإعلان هو الحفاظ على المناطق التي يعدها حزب العمال الكردستاني وتفرعاته مكتسبات في الشمال السوري».
وقلل إنجة من أهمية إعلان حزب العمال الكردستاني الانفصال، ومقابلته من الحكومة بالإعلان عن اجتثاث مقاتلي الحزب، مؤكدا أنها مجرد تصريحات إعلامية يقابلها إدراك الطرفين بأنهما يخوضان حربا «لا غالب فيها ولا مغلوب». وأشار إلى أن «هناك مطالب حقوقية للأكراد، لا يمكن التعامل معها بالنهج العسكري الذي فشل طوال أربعين سنة في عهد (تركيا القديمة الكمالية)، رغم إدراك الجميع حق الدولة في منع حمل السلاح بوجهها»، داعيا الجميع إلى سلوك طريق ثالث لحل الأزمة دون سلاح.
من جهته، رأى جان أجون، الباحث في علاقات الجوار التركي بمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي «ستا»، أن الاتحاد الديمقراطي، الذي يعدّ امتدادا لحزب العمال الكردستاني في سوريا، يخطط للانتقال إلى القسم الغربي للفرات وضم «جيب» عفرين لتكوين ممرّ في الجنوب التركي، ويرى أن تصعيد حزب العمال الكردستاني للمواجهات في تركيا تكتيك يهدف إلى تحويل الانتباه إلى الداخل، لتحقيق الاستراتيجية المتمثلة في حفظ مكتسبات في سوريا وضم عفرين إلى مقاطعاته.
ويستبعد أجون أن ينجح الحزب في هذا المسعى في مواجهة الدولة التركية التي نجحت من خلال عملية درع الفرات في جرابلس في قطع هذا الخط، فضلا عن أهمية التنسيق الذي بدأ أخيرًا مع إيران وكردستان العراق لتطويق احتمال إقامة كيان «كردستان الكبرى».



شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

إيشيبا
إيشيبا
TT

شيغيرو إيشيبا... رئيس وزراء اليابان الجديد يعدّ العدة لتجاوز الهزيمة الانتخابية الأخيرة

إيشيبا
إيشيبا

الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في اليابان شرعت أخيراً الأبواب على كل الاحتمالات، ولا سيما في أعقاب حدوث الهزيمة الانتخابية التي كانت مرتقبة للحزب الديمقراطي الحر الحاكم. هذه الهزيمة جاءت إثر تبديل «استباقي» في زعامة الحزب المحافظ - المهيمن على السلطة في اليابان معظم الفترة منذ الخمسينات - في أعقاب قرار رئيس الحكومة السابق فوميو كيشيدا الاستقالة (حزبياً ومن ثم حكومياً) في أعقاب التراجع الكبير في شعبية الحزب، وتولّي غريمه الحزبي الأبرز شيغيرو إيشيبا المنصبَين. ومن ثم، دعا إيشيبا بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي إلى إجراء انتخابات عامة عاجلة ومبكّرة يوم 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن إجراء انتخابات عاجلة، انتهت بفقدان الائتلاف الحاكم المكوّن من الديمقراطيين الأحرار وحليفه حزب «كوميتو» الغالبية البرلمانية.

ألحق الناخبون اليابانيون الأحد الماضي هزيمة مؤلمة بالحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن مع استثناءات قليلة على حكم البلاد منذ عام 1955، وكانت هزيمته الأخيرة الأولى له التي تفقده الغالبية المطلقة في مجلس النواب منذ 15 سنة. وهنا، يتفق المراقبون على أن الحزب المحافظ والكبير النفوذ إنما حصد نقمة الشارع وغضبه بسبب التضخم المتصاعد والتباطؤ الاقتصادي وضعف قيمة العملة الوطنية «الين»، ناهيك من الفضائح المالية التي تورّطت بها قيادات حزبية، وصلات بعض الأعضاء بـ«كنيسة التوحيد» (الحركة المونية). وهكذا أخفق الحزب مع حليفه الصغير في جمع ما هو أكثر من 215 مقعداً من أصل 465 في حين كانت الغالبية المطلقة تحتاج إلى 233 مقعداً.

نكسة مبكرة للزعيم الجديد

هذه الهزيمة المريرة شكّلت أيضاً نكسة كبرى ومبكرة لزعيم الحزب ورئيس الوزراء الجديد شيغيرو إيشيبا، الذي أخفق رهانه بامتصاص النقمة الشعبية وترسيخ موقعه عبر الانتخابات المبكّرة.

وحقاً، أعلن إيشيبا في أول تعليق له على النتيجة نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية، أن الناخبين «أصدروا حكماً قاسياً» بحق حزبه الذي عليه أن «يأخذه بجدية وامتثال». لكنه أردف أنه لا يعتزم التنحي من رئاسة الحكومة، موضحاً «بالنسبة لي، فإنني سأعود إلى نقطة البداية، وأسعى للدفع قدماً بتغييرات داخل هيكل الحزب، وتغييرات أخرى أعمق لمواجهة الوضع السياسي». وفي حين ذكر إيشيبا أنه ليس لدى الحزب أي فكرة جاهزة لتحالف جديد فإن كل سياسات الحزب ستكون مطروحة على بساط البحث.

بطاقة هوية

وُلد شيغيرو إيشيبا يوم 4 فبراير (شباط) 1957 لعائلة سياسية مرموقة، مثله في ذلك الكثير من ساسة الحزب الديمقراطي الحر. إذ إن والده جيرو إيشيبا كان محافظاً لإقليم توتوري، الريفي القليل السكان بجنوب غرب اليابان، بين عامي 1958 و1974، قبل أن تُسند إليه حقيبة وزارة الداخلية. من الناحية الدينية، رئيس الوزراء الحالي مسيحي بروتستانتي تلقى عمادته في سن الـ18 في توتوري، كما أن جد أمّه قسٌّ من روّاد المسيحية في اليابان.

تلقّى شيغيرو دراسته الجامعية وتخرّج مجازاً بالحقوق في جامعة كييو، إحدى أعرق جامعات اليابان الخاصة، ومقرها العاصمة طوكيو، وفيها التقى زوجته المستقبلية يوشيكو ناكامورا، وهما اليوم والدان لابنتين.

وبعد التخرّج توظّف في مصرف «ميتسوي»، قبل أن يسير على خُطى والده فيدخل ميدان السياسة بتشجيع من صديق والده ورئيس الوزراء الأسبق كاكوي تاناكا (1972 - 1974).

وبالفعل، انتُخب وهو في سن التاسعة والعشرين، عام 1986، نائباً عن الديمقراطيين الأحرار في البرلمان (مجلس النواب) عن دائرة توتوري الموسّعة حتى عام 1996، ثم عن دائرة توتوري الأولى منذ ذلك الحين وحتى اليوم. وعُرف عنه طوال هذه الفترة اهتمامه ودرايته بملفّي الزراعة والسياسة الدفاعية. وحقاً، خدم لفترة نائباً برلمانياً لوزير الزراعة في حكومة كييتشي ميازاوا.

مسيرة سياسية مثيرة

في واقع الأمر، لم تخلُ مسيرة شيغيرو إيشيبا السياسية من الإثارة؛ إذ تخللها ليس فقط الترّقي في سلّم المناصب باتجاه القمّة، بل شهدت أيضاً مواقف اعتراضية واستقلالية وضعته غير مرة في مسار تصادمي مع حزبه وحزب والده.

في عام 1993، خرج من صفوف حزبه الديمقراطي الحر ليلتحق بحزب «تجديد اليابان» الذي أسسته قيادات منشقة عن الحزب بقيادة تسوتومو هاتا (رئيس الوزراء عام 1994) وإيتشيرو أوزاوا (وزير داخلية سابق) حتى عام 1994. ثم انتقل إلى حزب «الحدود الجديدة» الذي أُسس نتيجة اندماج «تجديد اليابان» مع قوى أخرى، وفيه مكث بين 1994 و1996، وبعدها ظل نائباً مستقلاً إلى أن عاد إلى صفوف الديمقراطيين الأحرار ويستأنف ضمن إطار الحزب الكبير ترقّيه السياسي السريع ضمن قياداته.

في أعقاب العودة عام 1997، تبوّأ إيشيبا عدداً من المسؤوليات، بدأت بمنصب المدير العام لوكالة الدفاع – أي حقيبة وزير الدفاع منذ أواخر 2007 –. ولقد شغل إيشيبا منصب وزير الدفاع بين عامي 2007 و2008 في حكومتي جونيتشيرو كويزومي وياسوو فوكودا، ثم عُيّن وزيراً للزراعة والغابات والثروة السمكية في حكومة تارو آسو بين 2008 و2009. وكذلك، تولّى أيضاً منصب الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر بين 2012 و2014.

مع الأخذ في الاعتبار هذه الخلفية، كان طبيعياً أن يدفع طموح إيشيبا الشخصي هذا السياسي الجريء إلى التوق لخوض التنافس على زعامة الحزب، وبالتالي، رئاسة الحكومة.

بالمناسبة، جرّب شيغيرو إيشيبا حظه في الزعامة مرّات عدة. وكانت المرة الأولى التي يرشح نفسه فيها عام 2008 إلا أنه في تلك المنافسة احتل المرتبة الخامسة بين المتنافسين. بعدها رشح نفسه عامي 2012 و2018، وفي المرتين كان غريمه رئيس الوزراء الأسبق الراحل شينزو آبي... «وريث» اثنتين من السلالات السياسية اليابانية البارزة، والزعيم الذي شغل منصب رئاسة الحكومة لأطول فترة في تاريخ المنصب.

ثم في أعقاب استقالة آبي (الذي اغتيل عام 2022) لأسباب صحية عام 2020، رشّح إيشيبا نفسه، إلا أنه خسر هذه المرة وجاء ثالثاً، وذهبت الزعامة ورئاسة الحكومة ليوشيهيدي سوغا. وفي العام التالي، بعدما أحجم إيشيبا عن خوض المنافسة، فاز الزعيم ورئيس الحكومة السابق السابق فوميو كيشيدا. بيد أن الأخير قرّر في أغسطس (آب) أنه لن يسعى إلى التجديد الموعد المقرر في سبتمبر (أيلول). وهكذا، بات لا بد من الدعوة إلى إجراء انتخابات الزعامة الأخيرة التي فاز بها إيشيبا، متغلباً بفارق بسيط وفي الدورة الثانية على منافسته الوزيرة اليمينية المتشدّدة ساني تاكاييشي، التي كانت تصدرت دور التصويت الأولى. وهكذا، صار زعيماً للحزب الديمقراطي الحر ومرشحه لرئاسة الحكومة الرسمي، وعلى الأثر، اختاره مجلس النواب رئيساً للوزراء في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم.

أفكاره ومواقفه

على الرغم من طول بقاء إيشيبا في قلب الحلبة السياسية، فإن طبيعته الاستقلالية، عقّدت أمام المحللين وضعه في خانة واضحة. فهو تارة يوصف بأنه وسطي ليبرالي، تارة أخرى يوصف بـ«الإصلاحي»، وفي أحيان كثيرة يُعرّف بأنه يميني محافظ، بل متشدد. ومما لا شك فيه، أن طبيعة تركيبة الحزب الديمقراطي الحرّ، القائمة على أجنحة تسمح بتعدّد الولاءات الشخصية وتوارثها داخل أروقة تلك الأجنحة، وهذا من دون أن ننسى أن بداية الحزب نفسه جاءت من اندماج حزبين محافظين هما الحزب الحر (الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني عام 1955.

على المستوى الاجتماعي، أبدى إيشيبا مواقف متحررة في عدد من القضايا بما في ذلك تأييده شخصياً زواج المثليين، كما أنه من مؤيدي ترك الخيار لكل من الزوجين بالاحتفاظ بالاسم الأصلي قبل الزواج. أما على الصعيد الاقتصادي، وتأثراً بكونه ممثلاً لمنطقة ريفية قليلة السكان، فإنه أبدى ولا يزال اهتماماً كبيراً بالتناقص السكاني وضرورة الاهتمام بالاقتصاد الريفي؛ ما يعني العمل على تقليص الفوارق بين الحواضر الغنية والأرياف الفقيرة.

لم تخلُ مسيرة إيشيبا السياسية من الإثارة... إذ اتخذ مواقف اعتراضية واستقلالية

وضعته أكثر من مرة في مسار تصادمي مع حزبه

السياسة الدولية

في ميدان العلاقات الخارجية والسياسة الدولية، تُعرف عن إيشيبا مواقفه المتشددة المتوافقة مع أفكار التيار المحافظ داخل الحزب الحاكم، وبالأخص إزاء التصدي لخطر نظام كوريا الشمالية وقضية تايوان، حيث يقف بقوة بجانب نظامها الديمقراطي في وجه التهديد الصيني.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، حليف اليابان الأكبر، رأى رئيس الوزراء الحالي قبل أشهر أن سبب إحجام واشنطن عن الدفاع هو أن أوكرانيا ليست عضواً في حلف دفاع مشترك مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو). واستطراداً، في ربط الوضع الأوكراني بحالة تايوان، يعتبر إيشيبا أن تأسيس حلف أمني آسيوي خطوة ضرورية لردع أي هجوم صيني على تايوان، لا سيما في «التراجع النسبي» في القوة الأميركية.

وفي التصور الذي عبَّر عنه إيشيبا بـ«ناتو» آسيوي يواجه تهديدات روسيا والصين وكوريا الشمالية، يجب أن يضم الحلف العتيد دولاً غربية وشرقية منها فرنسا، وبريطانيا وألمانيا، وكذلك الهند، والفلبين، وكوريا الجنوبية، وأستراليا وكندا.

من جهة ثانية، تطرّق إيشيبا خلال الحملة الانتخابية إلى التحالف الأميركي - الياباني، الذي وصفه بأنه «غير متوازٍ» ويحتاج بالتالي إلى إعادة ضبط وتوازن. وكان في أول مكالمة هاتفية له بعد ترؤسه الحكومة اليابانية مع الرئيس الأميركي جو بايدن، أعرب عن رغبته في «تعزيز الحلف» من دون أن يعرض أي تفاصيل محددة بهذا الشأن، ومن دون التطرق إلى حرصه على إجراء تغييرات في الاتفاقيات الثنائية كي يتحقق التوازن المأمول منها.

التداعيات المحتملة للنكسة الانتخابية الأخيرة

في أي حال، نكسة الحزب الديمقراطي الحر في الانتخابات العامة الأخيرة تفرض على شيغيرو إيشيبا «سيناريو» جديداً ومعقّداً... يبداً من ضمان تشكيلة حكومة موسّعة تخلف حكومته الحالية، التي لا تحظى عملياً بتفويض شعبي كافٍ. وهذا يعني الانخراط بمساومات ومفاوضات مع القوى البرلمانية تهدف إلى تذليل العقبات أمامه.

المهمة ليست سهلة حتماً، لكن خبرة الساسة اليابانيين التقليديين في التفاوض والمساومات أثبت فعالياتها في مناسبات عدة، بما فيها الفضائح وانهيار التحالفات، وكانت دائماً تثمر عقد صفقات طارئة حتى مع القوى المناوئة.

شينزو آبي (آ. ب.)

 

حقائق

رؤساء وزارات اليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية

في عام 1955، أي بعد مرور عقد من الزمن على هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، التقى حزبان سياسيان يمينيان وتفاهما على الاندماج في حزب تحوّل ما يشبه الظاهرة في الأنظمة الديمقراطية في العالم.الحزبان المقصودان هما الحزب الحر (أو الحزب الليبرالي) والحزب الديمقراطي الياباني، ولقد نتج من هذا الاندماج الحزب الديمقراطي الحر، الذي هيمن على مقدرات السياسة اليابانية منذ ذلك الحين باستثناء خمس سنوات، فقط خسر فيها السلطة لقوى معارضة أو منشقة عنها. وطوال الفترة التي تقرب من 70 سنة خرج من قادة الحزب الكبير زعماء نافذون رسخوا الاستقرار ورعوا الاستمرارية وأسهموا، بالتالي، في تحقيق «المعجزة الاقتصادية» اليابانية المبهرة.وفيما يلي، أسماء رؤساء الحكومات التي تولت السلطة منذ منتصف الخمسينات:- الأمير ناروهيكو هيغاشيكوني (من الأسرة المالكة) 1945- البارون كوجيرو شيديهارا (مستقل) 1945 – 1946- شيغيرو يوشيدا (الحزب الحر) 1946 – 1947- تيتسو كاتاياما (الحزب الاشتراكي) 1947 – 1948- هيتوشي آشيدا (الحزب الديمقراطي) 1948- شيغيرو يوشيدا (الحزب الديمقراطي الليبرالي / الحزب الحر) 1948 – 1954- إيتشيرو هاتاياما (الحزب الديمقراطي الياباني / الحزب الديمقراطي الحر) 1954 – 1956- تانزان إيشيباشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1956 – 1957- نوبوسوكي كيشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1957 – 1960- هاياتو إيكيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 1960 – 1964- إيساكو ساتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1964 – 1972- كاكوي تاناكا (الحزب الديمقراطي الحر) 1972 – 1974- تاكيو ميكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1974 – 1976- تاكيو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 1976 – 1978- ماسايوشي أوهيرا (الحزب الديمقراطي الحر) 1978 – 1980- زينكو سوزوكي (الحزب الديمقراطي الحر) 1980 – 1982- ياسوهيرو ناكاسوني (الحزب الديمقراطي الحر) 1982 – 1987- نوبورو تاكيشيتا (الحزب الديمقراطي الحر) 1987 – 1989- سوسوكي أونو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989- توشيكي كايفو (الحزب الديمقراطي الحر) 1989 – 1991- كيئيتشي ميازاوا (الحزب الديمقراطي الحر) 1991 – 1993- موريهيرو هوسوكاوا (الحزب الياباني الجديد) 1993 – 1994- تسوتومو هاتا (حزب «تجديد اليابان») 1994- توميئيتشي موراياما (الحزب الاشتراكي) 1994 – 1996- ريوتارو هاشيموتو (الحزب الديمقراطي الحر) 1996 – 1998- كايزو أوبوتشي (الحزب الديمقراطي الحر) 1998 – 2000- يوشيرو موري (الحزب الديمقراطي الحر) 2000 – 2001- جونيتشيرو كويزومي (الحزب الديمقراطي الحر) 2001 – 2006- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2006 – 2007- ياسوو فوكودا (الحزب الديمقراطي الحر) 2007 – 2008- تارو آسو (الحزب الديمقراطي الحر) 2008 – 2009- يوكيو هاتوياما (الحزب الديمقراطي الياباني) 2009 – 2010- ناوتو كان (الحزب الديمقراطي الياباني) 2010 – 2011- يوشيهيكو نودا (الحزب الديمقراطي الياباني) 2011 – 2012- شينزو آبي (الحزب الديمقراطي الحر) 2012 – 2020- يوشيهيدي سوغا (الحزب الديمقراطي الحر) 2020 – 2021- فوميو كيشيدا (الحزب الديمقراطي الحر) 2021 – 2024- شيغيرو إيشيبا (الحزب الديمقراطي الحر) 2024.....