الأكراد.. مشكلة تركيا المستعصية

وصل رجل أعمال جديد، انضم لصالون الضيافة، فارتفعت حرارة النقاش. في إحدى الضواحي المشيدة (مقدمة)
بلورت الحكومة التركية موقفًا جديدًا قديمًا من المسألة الكردية، التي كانت ولا تزال محورا من محاور الاضطراب والقلاقل في منطقة الشرق الأدنى، ومصدر معاناة لنحو 20 في المائة من سكان تركيا من ذوي الأصول الكردية، مكررة القول إنه «لا توجد في تركيا مشكلة كردية». والواقع أن الحكومة التركية ردّدت غير من مرة في الأيام الأخيرة على لسان رئيس الوزراء بينلي يلدريم، أنه لا يوجد في تركيا مشكلة كردية، وأن المواطنين الأكراد أنفسهم يعانون بسبب نشاط منظمة حزب العمال الكردستاني، التي تصنفها السلطات التركية «منظمة إرهابية»، وأعلنت أنها ستتبع خطة جديدة لربط شرق وجنوب شرقي تركيا بغربها وتحقيق المستوى نفسه من الخدمات.
مثّلت انتخابات السابع من يونيو (حزيران) الماضي في تركيا منعطفًا كبيرًا غيّر من مسار التعامل مع المشكلة الكردية في تركيا، عندما أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن مفاوضات السلام الداخلي التي كانت انطلقت منذ عام 2012، وشهدت تصاعدا كبيرا خلال العامين 2014 و2015، قد جمّدت و«دخلت الثلاجة» وأنه «لا يوجد في تركيا ما يسمى بالمشكلة الكردية».
وعقب التحوّلات في نظرة السلطات التركية للمشكلة الكردية القائمة منذ عشرينات القرن الماضي، عادت منظمة حزب العمال الكردستاني إلى التصعيد مجددًا، وأعلنت في العشرين من يوليو (تموز) 2015 إنهاء الهدنة التي كانت أعلنتها تزامنًا مع مرحلة مفاوضات السلام الداخلي، وصعّدت من عملياتها التي تستهدف الجيش وقوات الأمن التركية. وفي الشهر الماضي قرّرت إدخال تغيير نوعي على عملياتها عبر إعلان القيادي بالمنظمة، جميل باييك، نقل عمليات المنظمة إلى داخل المدن لاستهداف قوات الأمن.
وفعلاً، نفذت المنظمة في أغسطس (آب) الماضي أكثر من عملية استهدفت مراكز الشرطة في مدن شرق تركيا وجنوب شرقها، منها استهداف مديرين أمن الازيغ بسيارة مفخخة؛ ما أوقع 3 قتلى و217 مصابًا، 85 منهم من الشرطة والباقي من المدنيين، و«عملية جيزرة» (جزيرة ابن عمر) في شيرناق جنوب شرقي تركيا، التي نفذت بالطريقة نفسها، وقتل فيها 11 شرطيا.
مع هذا، وبالتوازي مع دعوة صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي - الحزب الكردي الأبرز في تركيا - إلى العودة لعملية السلام الداخلي في البلاد، فإن حكومة يلدريم تبدو عازمة الآن على العودة إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى حل للمشكلة الكردية، وهو ما أكده أيضا الرئيس إردوغان. ولقد اعتبر دميرطاش، من جانبه، أن «القضية الكردية في تركيا هي بمثابة جرح تقوم بعض الجهات بوخزه؛ لذا لا بد من العودة إلى طاولة المفاوضات وعملية السلام».
* الحقوق الغائبة
في نهاية عام 2012، تحدثت تقارير إعلامية عن لقاءات مكثفة بين الاستخبارات التركية وبعض قادة منظمة حزب العمال الكردستاني في العاصمة النرويجية أوسلو؛ الأمر الذي نفاه المتحدث باسم الحكومة التركية آنذاك نائب رئيس الوزراء بولنت أرينتش. لكن ما لبث أن عاد رئيس الوزراء التركي - وقتها - رجب طيب إردوغان ليعلن صحة ما سبق تداوله عبر الإعلام.
وأقر إردوغان بوجود «محاولات لبسط أرضية سلام توافقية» بين الحكومة وقادة حزب العمال الكردستاني خلال لقاء مع التلفزيون الرسمي التركي «تي آر تي» بتاريخ 28 ديسمبر (كانون الأول) 2012، وأشار إلى وجود لقاءات مباشرة بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني لطي صفحة النزاع المسلح وبدء صفحة جديدة تحمل عنوان «عملية السلام».
وفي هذا الوقت أيضا استطاعت الحكومة التركية أن تقرّ عبر البرلمان حزمة إصلاحات ديمقراطية استهدفت منح بعض الحقوق للأكراد، وتضمنت إمكانية تعلّم اللغة الكردية، وحق التحدث باللغة الكردية في المحاكم والمؤسسات الرسمية والمناطق العامة، وحق ممارسة الدعاية السياسية الانتخابية باللغة الكردية، وإقامة عدد من المشروعات لتوفير فرص العمل في المناطق ذات الأغلبية الكردية، كذلك أعيد إطلاق الأسماء الكردية القديمة لبعض القرى في شرق وجنوب شرقي تركيا.
* أسباب التراجع
واليوم يثور في الأوساط السياسية الكثير من التساؤلات حول أسباب التراجع، بل الانقلاب المفاجئ في موقف منظمة حزب العمال الكردستاني عقب انتخابات السابع من يونيو 2015.
ولقد تناول ميديام يانيك، الباحث في مركز الدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التركي «سيتا»، الأسباب التي دفعت حزب العمال الكردستاني إلى الانقلاب على عملية السلام في دراسة أكاديمية أدرجت تحت عنوان «لماذا انقلب حزب العمال الكردستاني على عملية السلام؟» وعدّد الكثير من الأسباب لهذا التراجع، في مقدمتها ضلوع عناصر من حزب العمال الكردستاني في إدارة منطقة شرق وجنوب شرقي تركيا بصورة مستقلة وبشكل تعسفي، حيث كان يقوم أفراد حزب العمال الكردستاني بجباية الضرائب ومحاكمة المواطنين القاطنين في تلك المناطق بشكل جائر، وغيرها الكثير من الأفعال غير القانونية، وعلى الرغم من مطالبة الحكومة التركية لهم للتوقف عن هذه الإجراءات التي تتعارض مع مبادئ عملية السلام.
ويقول يانيك إن «النزاع بين الطرفين بهذا الخصوص كان محتدمًا قبل الانتخابات ببضعة أشهر، وأبدت الحكومة التركية مرونة تامة إزاء هذه الأحداث، وانتظرت من منظمة حزب العمال الكردستاني موقفا مقابلا، لكنها تعنتت واختارت طريق الانقلاب على عملية السلام، لتحقيق حلمها فيما يتعلق بالاستقلال الذاتي التام؛ استنادا إلى الظروف التي باتت مواتية في المنطقة».
* هاجس «كردستان الكبرى»
ثم، مع التطورات في سوريا والعراق، بدأت تركيا تشعر بالقلق من احتمالات تحقق مشروع «كردستان الكبرى»، ولا سيما مع بدء نشاط منظمة حزب العمال الكردستاني لفرض سيطرتها على مناطق في شرق تركيا وجنوب شرقها بالقوة، ونصب حواجز وحفر خنادق لتكريس سلطتها التعسفية في هذه المناطق. وحسب يانيك، فإن «هذه النقطة، أي الحديث عن إقامة كيان فيدرالي كردي في سوريا إلى جانب إقليم كردستان ذي الحكم الذاتي في العراق، هي إحدى النقاط الأساسية التي أقلقت تركيا». ومن ثم استطرد شارحًا «إن السيادة المحورية الكردية التي تحققت في إطار عمليات كوباني (عين العرب) و(ثورة روج آفا) (الشمال محافظتي الحسكة والرقة) في سوريا، والدعم الأميركي والروسي الوفير لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا وذراعه العسكرية ميليشيا (وحدات حماية الشعب) الكردية، وكذلك التعاطف العالمي الضخم تجاه النجاح الذي حققه المقاتلون الأكراد ضد تنظيم داعش الإرهابي.. كل هذه كانت عوامل حفّزت حزب العمال الكردستاني لقلب طاولة الحوار والعودة إلى السلاح في تركيا، لإعلان الاستقلال في ذلك الوقت الذي يعد الأكثر مناسبة في تاريخ النزاع الكردي».
* ارتباك تركي
لقد بدا من خلال التطورات الأخيرة مدى حالة القلق التي تنتاب صنّاع القرار في تركيا من احتمالات أن تؤدي الامتدادات التي تحظى بها منظمة حزب العمال الكردستاني في العراق وسوريا وإيران، إلى توحيد مناطق الكثافة الكردية في البلدان الثلاثة. إن القواسم الثقافية والعشائرية التي تربط أكراد تركيا والأكراد في الدول الثلاث دفعت بقمة السلطة في تركيا إلى حالة من الارتباك في التعامل مع ملف المسألة الكردية داخليًا. وأطلقت القوات المسلحة وقوات الأمن التركية عملية عسكرية موسعة منذ 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015، للقضاء على عناصر حزب العمال الكردستاني المتحصنة داخل بعض المدن التركية. وأدت هذه العملية التي استهدفت إزالة مظاهر «الحكم الذاتي» التي سعت المنظمة لتثبيتها داخل أحياء بعض البلدات الكبيرة، ولا سيما في شيرناق وبلدة جيزرة (جزيرة ابن عمر) تحديدا، وكذلك في مدينتي ماردين وديار بكر وغيرهما، إلى واقع مأسوي بالنسبة للسكان الذين اضطر عشرات الآلاف منهم إلى النزوح من قراهم للتوجه إلى مناطق آمنة.
وكشفت جمعية حقوق الإنسان التركية، فرع مدينة ديار بكر بجنوب شرقي تركيا، في تقرير لها بمناسبة «اليوم العالمي للسلام» الموافق الأول من سبتمبر (أيلول)، عن أن العمليات العسكرية في جنوب شرقي تركيا والاشتباكات مع عناصر المنظمة منذ يوليو من العام الماضي أسفرت عن سقوط 1551 قتيلا و1683 جريحا من مدنيين ورجال شرطة وجنود وعناصر تابعين للمنظمة.
وأضاف التقرير أن «الإجراءات القضائية والإدارية التي اتخذت خلال تلك الفترة تضمنت توقيف 7884 شخصًا، من بينهم 275 طفلا واعتقال 1959 شخصا، من بينهم 81 طفلا، وفتح تحقيقات إدارية مع 13067 موظفا حكوميا بسبب مشاركتهم في مظاهرات ووقفات في أنحاء مدن جنوب شرقي تركيا».
ومع استمرار العمليات العسكرية وإخفاقها في تحقيق النتائج المرجوة على مدى نحو 4 أشهر، أعلن رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو أنه في حال تخلي حزب العمال الكردستاني عن سلاحه وإخراج عناصره من تركيا بشكل كامل، يمكن لعملية السلام أن تعود تدريجيًا إلى التفاوض والمحادثات. غير أن الرئيس إردوغان سارع برد لاذع على هذه التصريحات، مؤكدا أنه لا يمكن إطلاقا الحديث عن بدء عملية السلام مع حزب العمال الكردستاني من جديد.
وسبق هذا تنافر الرؤى حول «اتفاقية ضولمة بهجة»، التي وقعت في فبراير (شباط) 2015 بين الحكومة التركية برئاسة داود أوغلو وحزب الشعوب الديمقراطي لإتمام عملية السلام، لكن إردوغان اعترض عليها اعتراضا شديدًا، ولم يعمل بأي من مبادئها على الرغم من توقيع الطرفين عليها، وكان هذا سببا فيما بعد من بين أسباب كثيرة أدت إلى استقالة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو. ومن ثم، مع تولي حكومة بينلي يلدريم في مايو (أيار) الماضي خلفا لحكومة داود أوغلو بدأ الحديث عن أنه «لا وجود مشكلة كردية في تركيا» لكي تجرى مفاوضات لحلها.
* جذور المشكلة
لا يختلف الخبراء والمتابعون للشأن التركي على أن المشكلة الكردية هي أكبر مشكلات تركيا منذ تأسيسها عام 1924 وحتى اليوم. ولقد رأى مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال «أتاتورك» أن التنوع العرقي والإثني الذي تميّزت به الدولة العثمانية كان أحد أسباب سقوطها، وبالتالي، يجب على الجمهورية التركية الوليدة مواجهة ذلك الأمر لتجنب المصير نفسه. وعلى هذا الأساس، أنكرت تركيا منذ نشأتها تنوّعها العرقي، واعتبرت كل مواطن يعيش داخل حدودها «تركيًّا» بغض النظر عن جذوره ولغته الأم.
واتبع خلفاء «أتاتورك» النهج نفسه وبأساليب أكثر تشددًا وإجحافًا؛ ما أدى إلى التنكر لحقوق الأقليات العرقية في تركيا من عرب وشركس ولاز (قوقازيون) وبوشناق (بوسنيون)، وكذلك الأكراد الذين يشكلون أكبر أقلية؛ كونهم يمثلون 20 في المائة من سكان تركيا البالغ 78 مليونا.
ولم يتوقف الأمر عند حد إنكار الحقوق الثقافية والاجتماعية لأكراد تركيا، ولا حتى حقوقهم السياسية، بل وصل إلى إهمال وتهميش شبه متعمدَين لمناطق جنوب تركيا وجنوب شرقها، حيث يشكل الأكراد غالبية السكان؛ ولذلك تراكمت مشاعر الغضب بين الأكراد الذين رأوا أنهم يعاملون بصفتهم مواطنين من الدرجة الثانية في البلاد.
ومع انتشار المد اليساري في العالم في ستينات وسبعينات القرن الماضي، احتكرت الحركة السياسية اليسارية الكردية التكلم باسم أكراد تركيا، وأسس حزب العمال الكردستاني عام 1978، وما لبث أن بدأ حرب عصابات ضد الدولة التركية عام 1984 كلفت تركيا حتى الآن حياة أكثر من 40 ألف شخص، وأكثر من 500 مليار دولار، فضلا عن الاضطراب السياسي والشرخ الاجتماعي.
* تاريخ المفاوضات
سعت تركيا مرتين من قبل خلال حكم تورغوت أوزال في الثمانينات، ثم في فترة رئيس الوزراء الراحل نجم الدين إربكان لحل المشكلة الكردية عبر مفاوضات السلام، لكن لم يكتب للمحاولتين النجاح. واستمر الفشل إلى أن قرر حزب العدالة والتنمية، الذي تولى السلطة في عام 2003 حل المشكلة الكردية داخليًا، باعتراف رئيسه رجب طيب إردوغان عام 2005 بوجود «مشكلة كردية» في تركيا، وباشر سلسلة من الإصلاحات الدستورية والديمقراطية جنبا إلى جنب مع عشرات المشروعات الاقتصادية والتنموية في مناطق الأغلبية الكردية.
وبعد سنوات من المفاوضات السرية مع زعيم حزب العمال المسجون في تركيا عبد الله أوجلان، أطلقت الحكومة ما أسمتها «عملية التسوية» بعد دعوة واضحة من الأخير لأعضاء حزبه بترك السلاح والانخراط في العملية السياسية عام 2013، لكن الهدنة التي استمرت سنتين لم تصمد طويلا على وقع التطورات المتسارعة في الجارة سوريا؛ إذ رأت الحركة الكردية أن ضعف قبضة الدولة المركزية في سوريا فرصة تاريخية قد تتيح للأكراد، للمرة الأولى في تاريخهم، بإنشاء دولة خاصة بهم في الشمال السوري؛ الأمر الذي انعكس على قرار الحركة السياسية الكردية في تركيا بشقيها: العسكري المتمثل بحزب العمال، والسياسي المتمثل بحزب الشعوب الديمقراطي.
* مخاوف التدويل
لا تشك أنقرة في أن هناك تنسيقًا بين الأكراد على طرفي الحدود التركية – السورية، أي بين منظمة حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا.
ويرى خبراء، أن المشكلة الكردية بأبعادها الحالية تحمل بذور تدويل المشكلة، وأن ذلك لو حدث سيشكل خطرا على تركيا في ظل حالة الجفاء بينها ومعظم حلفائها التقليديين، الذين يقدّمون الدعم السياسي والعسكري للفصائل الكردية المسلحة في سوريا المصنفة على قوائم الإرهاب في تركيا.
وفوق ذلك، تبدو الحكومة التركية تميل في تعاملها مع الأزمة من رؤية المؤسسة العسكرية بعدما جربت رؤيتها الخاصة في الحل لسنوات عن طريق المفاوضات التي انتهت إلى إعلان الساسة الأتراك، وفي مقدمتهم إردوغان، أنه «لا توجد مشكلة كردية في تركيا» رغم اعترافهم بوجود مشاكل كثيرة للأكراد.
* سبل الخروج
تركيا، في الواقع، تفتقر حتى الآن إلى دستور يكرس مبدأ المواطنة ويراعي التنوع الثقافي والعرقي والإثني في البلاد. ويقول وحيد الدين إنجة، الباحث المتخصص بالشؤون الكردية إن «إقامة منطقة حكم ذاتي للأكراد أمر غير واقعي؛ لعدم وجود مؤشرات تدل على إمكانية نجاح تلك المساعي، فضلا عن استحالة سلخ مناطق جغرافية عن دولة قوية عسكريًا واقتصاديا مثل تركيا عبر صدام مسلح».
وأضاف إن «هذا المسعى سيتسبب في الضرر للأكراد بدلا من أن ينفعهم؛ لأن الجماعات التي تطالب بالحكم الذاتي لا تملك المقومات للحفاظ عليه. وبالتالي، فإن الهدف من هذا الإعلان هو الحفاظ على المناطق التي يعدها حزب العمال الكردستاني وتفرعاته مكتسبات في الشمال السوري».
وقلل إنجة من أهمية إعلان حزب العمال الكردستاني الانفصال، ومقابلته من الحكومة بالإعلان عن اجتثاث مقاتلي الحزب، مؤكدا أنها مجرد تصريحات إعلامية يقابلها إدراك الطرفين بأنهما يخوضان حربا «لا غالب فيها ولا مغلوب». وأشار إلى أن «هناك مطالب حقوقية للأكراد، لا يمكن التعامل معها بالنهج العسكري الذي فشل طوال أربعين سنة في عهد (تركيا القديمة الكمالية)، رغم إدراك الجميع حق الدولة في منع حمل السلاح بوجهها»، داعيا الجميع إلى سلوك طريق ثالث لحل الأزمة دون سلاح.
من جهته، رأى جان أجون، الباحث في علاقات الجوار التركي بمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي «ستا»، أن الاتحاد الديمقراطي، الذي يعدّ امتدادا لحزب العمال الكردستاني في سوريا، يخطط للانتقال إلى القسم الغربي للفرات وضم «جيب» عفرين لتكوين ممرّ في الجنوب التركي، ويرى أن تصعيد حزب العمال الكردستاني للمواجهات في تركيا تكتيك يهدف إلى تحويل الانتباه إلى الداخل، لتحقيق الاستراتيجية المتمثلة في حفظ مكتسبات في سوريا وضم عفرين إلى مقاطعاته.
ويستبعد أجون أن ينجح الحزب في هذا المسعى في مواجهة الدولة التركية التي نجحت من خلال عملية درع الفرات في جرابلس في قطع هذا الخط، فضلا عن أهمية التنسيق الذي بدأ أخيرًا مع إيران وكردستان العراق لتطويق احتمال إقامة كيان «كردستان الكبرى».