وزير خارجية قبرص لـ«الشرق الأوسط»: الرياض مفتاح المنطقة

شعرنا بقلق من الانقلاب الفاشل في تركيا بسبب وجود 43 ألف عسكري تركي على أرض الجزيرة

وزير الخارجية القبرصي إيوانيس كاسوليديس
وزير الخارجية القبرصي إيوانيس كاسوليديس
TT

وزير خارجية قبرص لـ«الشرق الأوسط»: الرياض مفتاح المنطقة

وزير الخارجية القبرصي إيوانيس كاسوليديس
وزير الخارجية القبرصي إيوانيس كاسوليديس

قبل ساعات من لقاء وزير الخارجية القبرصي إيوانيس كاسوليديس في الصباح الباكر الاثنين الماضي، بالعاصمة نيقوسيا، كانت الاتصالات مع ماريا باتورا مسؤولة الإعلام بالخارجية القبرصية تؤكد على ضرورة الحضور قبل لقاء الوزير بـ15 دقيقة الى مقر مدخل الوزارة الموجود بشارع الإدارات الحكومية «بريسدنشال افنيو» بوسط نيقوسيا. ووزير خارجية قبرص إيوانيس كاسوليديس كان مرتاحا للغاية وهو يتحدث عن العلاقات العربية القبرصية والتاريخية منذ عهد الرئيس الراحل المصري عبد الناصر والأسقف مكاريوس، في مكتبه بمقر الوزارة الذي لا يبعد سوى أمتار قليلة عن القصر الرئاسي بوسط العاصمة نيقوسيا، وتعتبر قبرص من أوائل الدول التي اعترفت بفلسطين كدولة بعد أن رفعت مستوى التمثيل الدبلوماسي معها إلى درجة سفير، وتشعر في العاصمة نيقوسيا بالانضباط كعاصمة أوروبية عبر ممر ليدرا بالاس، وهو مقر للقوات الدولية حاليا، لكن العبور ميسر، حيث تقابلك ابتسامات وعبارات ترحيب مرسومة، تعبر عن التفاهم والتناغم الشديد بين الجانبين اليوناني والتركي لحل المشاكل العالقة في الجزيرة المتوسطية.
وفي الساعة التاسعة تماما، خرج الوزير كاسوليديس من مكتبه يرحب بابتسامة عريضة بصحيفة «الشرق الأوسط»، وتحدث الوزير لأكثر من ساعة ونصف الساعة عن العلاقات الطيبة لبلاده بالمنطقة العربية، وتطرق إلى لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي خلال زيارته للقاهرة بحضور سامح شكري وزير الخارجية وكذلك أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية. وأكد في حديثه عن آماله لأن يرفرف العلم السعودي فوق أراضي بلاده قريبا بافتتاح سفارة سعودية في نيقوسيا، بعد افتتاح 4 سفارات خليجية في عاصمة بلاده لقطر والإمارات والكويت وعمان، وأخرى مماثلة لبلاده في العاصمة الرياض، الأمر الذي تأخر رغم التبادل الدبلوماسي بين البلدين منذ سنوات طويلة. وأكد أن السعودية هي مفتاح المنطقة العربية. وفيما يلي نص الحوار:

* كيف كانت زيارتكم إلى مصر الشهر الماضي؟
- كان لقاء مثمرا للغاية. فلقد استقبلني الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس وزرائه وجمعتنا محادثات دافئة وودية مع وزير الخارجية سامح شكري. كما قمت بزيارة مبنى جامعة الدول العربية وأمينها العام السيد أحمد أبو الغيط. واسمح لي أن أقول أولا إن زيارتي لمصر جاءت ترسيخا للعلاقات المتبادلة بين البلدين، وكانت اللقاءات تحسبا للقمة المقبلة التي ستعقد في أكتوبر (تشرين الأول) بالقاهرة وتضم كلا من رئيس الوزراء اليوناني والرئيس القبرصي والرئيس المصري في سياق التنسيق الاستراتيجي الثلاثي الذي تتشكل معالمه بين هذه البلدان الثلاثة، وهو استمرار لما كان قد تقرر في أثينا العام الماضي.
وأحد الأهداف المرجوة من القمة المقبلة يعد جزءا من التعاون المشترك في مجال الأمن، والتعاون القائم بالفعل فيما يتعلق بقضايا الأمن بين البلدان الثلاثة من حيث مكافحة الإرهاب والتهديدات غير المتناظرة التي تواجه كل بلد منها على حدة. ولقد قررنا سويا في أثينا أنه ينبغي أن يكون هناك نوع من النتائج الملموسة واتفقنا بعد ذلك على مجالات سبل مكافحة الإرهاب وخاصة «داعش»، وقررنا المساعدة في زراعة أشجار الزيتون في شبه جزيرة سيناء، وإنشاء المزارع السمكية في مناطق معينة تحددها مصر، وخصوصا في محافظة بورسعيد. ومن أجل ذلك أردت التأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام على نحو ما قررناه حتى يمكننا الإعلان الرسمي عن هذه النتائج. وهناك مجالات أخرى للتعاون بين هذه البلدان الثلاثة، ومن بينها تبادل الاجتماعات الوزارية التي تمت. وسنستقبل خلال هذا الأسبوع السيد وزير البترول المصري في زيارة رسمية إلى قبرص. ومصر هي من دول الجوار، ومن أهم وأكبر الدول في المنطقة، وتعتبر مركزا محوريا في أمن واستقرار المنطقة، وإننا نقدر كثيرا العلاقات الاستراتيجية التي تجمعنا بالقاهرة والتي تهدف إلى المساهمة في الاستقرار والأمن في منطقتنا، ولا سيما في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط وما وراءه. ومن الناحية التقليدية، كانت مصر وقبرص من الدول ذات العلاقات الوثيقة والعميقة منذ عهد الرئيسين مكاريوس وعبد الناصر، ولقد أعيد تنشيط العلاقات الثنائية بين البلدين خلال السنوات القليلة الماضية. وإنني فخور حين أقول إنني أول وزير بالاتحاد الأوروبي يقوم بزيارة القاهرة في الثالث من سبتمبر (أيلول) من عام 2013 بعد شهرين فقط من الثورة الثانية للشعب المصري. سيكون المؤتمر المقبل في القاهرة إيذانا بتنفيذ المشروعات التي تقررت أول الأمر في أثينا العام الماضي.
* كيف سمعتم بمحاولة الانقلاب العسكري في تركيا؟
- أبلغنا بمحاولة للانقلاب العسكري تجري في تركيا عبر وسائل الإعلام بطبيعة الحال. وكنا قلقين للغاية من تداعيات الموقف. وكنا الأولى بالقلق من أية دولة أخرى نظرا لأننا لا نريد حكما عسكريا جديدا في تركيا، فهو من الأمور غير المقبولة جملة وتفصيلا ويعد أمرا رجعيا بالنسبة للفترة الراهنة التي نمر بها. ولقد شعرنا بنوع من الارتياح عند الإعلان عن فشل الانقلاب هناك، كما شعرنا بالارتياح كذلك لاستمرار الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في تولي زمام البلاد. وكان هذا أول رد فعل من جانبنا على الأحداث. كنا قلقين للغاية لوجود جيش تركي قوامه 43 ألف جندي على أراضي جزيرة قبرص، وعندما تكون قوة بهذا الحجم من دون قيادة أو أوامر لعدة ساعات، فلا يعلم أحد من هناك ومن يدعم من. ولذا، وبطبيعة الحال، كنا في قلق عميق.
* هل أعلنتم حالة التأهب القصوى باعتبار أن هناك أكثر من 40 ألف جندي تركي يتمركزون على أراضي جزيرتكم في شمال قبرص؟
- لم نعلن حالة التأهب القصوى. ولم نكن نريد أن نتخذ أية تحركات من شأنها استفزاز الجانب الآخر. وكنا محافظين على ضبط النفس لأقصى درجة ممكنة. أجل، اتخذت قوات الحرس الوطني بعض التدابير الاحترازية، ولكنها كانت في حدود التدابير المناسبة التي لا تسبب أي قدر من القلق للجانب التركي من قبرص.
* هل تحدثتم مع المسؤولين الأتراك خلال أو عقب محاولة الانقلاب؟
- تحدثنا بصورة غير رسمية مع القيادة التركية القبرصية خلال الانقلاب. وتبادلنا الأنباء معهم بأن الأمر الراهن لا تأثير له علينا.
* هل توافقون على أن محاولة الانقلاب في 15 يوليو (تموز) في تركيا ربما تكون دفعة إلى الأمام في طريق تسوية المشكلة القبرصية باعتبارها وسيلة من وسائل استعادة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؟
- ظلت المفاوضات في قبرص بين زعماء الطائفتين الكبيرتين جارية وبدرجة من التقدم الملموس طيلة الوقت. وتحتاج الأفكار إلى نوع من النضوج قبل أن تتحول إلى وسيلة من التقارب الفعلي. وكلما طال أمد المحادثات زادت وتيرة المخاطر من وقوع أحداث أو أمور غير مرغوب فيها، مثالا بتداعيات الانقلاب العسكري الفاشل. ولكن يجدر بنا القول إن هناك اجتماعات عقدت في أعقاب المحاولة الفاشلة بين الرئيس نيكوس اناستاسيادس والسيد مصطفى أقينجي، والتي ظهر من خلالها أنه لا شيء يؤثر سلبيا على المحادثات الجارية بين الجانبين.
والرغبة الصريحة التي أعرب عنها كلا الزعيمين هي الانتهاء من جولة المحادثات خلال العام الحالي، وتلك هي الرغبة الصريحة المعلنة. ودعوني أقول الآن إنه تم الاتفاق على 95 أو 98 في المائة من المسائل المشتركة ولم يتبق إلا القليل مما يمكن التفاوض بشأنه في عام 2017، وتكمن المشكلة إذا ما واجهنا حالة من الجمود ولم نتجاوزها سويا. فلقد حققنا قدرا معتبرا من التقدم حتى الآن.
* بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، كان المسؤولون القبارصة يشيرون إلى أنه ليس من الممكن لتركيا أن تضطلع بدورها المهم في الأمن وضمانات اتفاق التسوية القبرصي - التركي. فما رأيكم في ذلك؟
- كنا نقول هذا الأمر حتى قبل وقوع محاولة الانقلاب الفاشلة. وكنا نقول إننا نسعى نحو نظام أمني، بعد الاتفاق، من شأنه أن يجعل القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك يشعرون بنفس الدرجة من الأمان على حد سواء. أي الاتفاقية التي توحي، بوسيلة من الوسائل، بدرجة ملموسة من الأمن المتماثل بين الجانبين. ويتحتم علينا العثور على طريقة تُشعر كلا منا بالأمن على حد سواء.
* عقد الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس أول جلسة للمناقشات خلال الأسبوع الماضي بشأن الأراضي، والأمن، والضمانات. وكانت المرة الأخيرة التي نوقشت فيها تلك القضايا على مائدة المفاوضات في عام 2004. وبعد العطلة الصيفية، من المتوقع للزعماء من الجانبين الاجتماع لثماني مرات أخرى على مدى الأسابيع المقبلة، حيث يكرسون جزءا من المناقشات الثنائية لمعالجة تلك القضايا المهمة. فهل يمكن أن نتوقع التوصل لاتفاق في أي وقت قريب؟
- أعتقد أنه إذا توافرت لدينا الإرادة السياسية، وإذا تمكنا من الوصول إلى تفاهم مشترك بشأن قضية الأراضي والأمن، وهما من القضايا التي لم يتطرق إليها الجانبان بصرف النظر عن التطرق الأول للقضية، فسوف يكون المجال مفتوحا لأن نرى نهاية لهذا الطريق الطويل قريبا. وسوف يحدث هذا الأمر من دون شك خلال الأيام والأسابيع المقبلة. وفي يوم 14 سبتمبر (أيلول)، بعد سبع جلسات من المناقشات، سيقرر الزعماء من الجانبين الخطوات التالية المزمع اتخاذها. فإننا نبدأ بمعالجة النقاط الأولية من وجهة نظر الجانبين، ثم نحاول تضييق الفجوات والثغرات المشتركة في محاولة للوصول إلى درجة التقارب المنشودة. وذلك الأمر يحتاج إلى القليل من الوقت.
* كيف تتعامل قبرص مع أزمة الهجرة التي تواجه دول الاتحاد الأوروبي، والتي تضررت منها اليونان على نحو قاس وخاصة في الأسابيع الأخيرة؟
- قبرص هي أقرب دولة من دول الاتحاد الأوروبي إلى سوريا. وعلى الرغم من ذلك، ونظرا لكون قبرص جزيرة، لم تنلنا نيران الحرب الأهلية السورية حتى الآن. وبالتالي لم نتأثر كثيرا بأزمة المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط. قد يأتينا قارب للمهاجرين بين الفينة والفينة. ولكن نظرا لأننا جزيرة، فلسنا على درجة عالية من الجاذبية بالنسبة للمهاجرين. والسبب الحقيقي وراء ذلك أن المهاجرين يسعون للوصول إلى الدول الغنية في الاتحاد الأوروبي، مثالا بألمانيا والسويد وغيرهما. وهم لا يسعون للمجيء إلى قبرص لأن وصولهم إلى هنا يعني أن يظلوا عالقين هنا. فليس لهم هنا سوى حق اللجوء السياسي وبموجبه لا يمكنهم مغادرة الجزيرة.
ولا يمكنهم الذهاب إلى أبعد من ذلك. ولقد قرر الاتحاد الأوروبي سياسة التوزيع العادل للمهاجرين بين الدول الأعضاء في الاتحاد. أما بالنسبة لقبرص، ووفقا لقوانين الاتحاد، فمن المقرر لنا أن نستقبل 500 مهاجر فقط. ولقد طلب منا الاتحاد الأوروبي مرتين الذهاب واستقدام المهاجرين الموجودين على البر الرئيسي في أوروبا، ولم يقبل منهم المجيء سوى 6 مهاجرين فقط. ولقد تلقينا الدعوة مجددا لاستقدام 129 مهاجرا آخرين من اليونان، أما الباقون فقد رفضوا المجيء إلى الجزيرة.
* صرحت شركة النفط والغاز الإيطالية العملاقة (إيني) بأنها سوف تبدأ أعمال الحفر الاستكشافية قبالة سواحل جنوب قبرص بدءا من العام المقبل، وذلك في أعقاب الاجتماع المنعقد بين رئيس الشركة والرئيس القبرصي. فكيف لذلك الأمر أن يؤثر على قبرص؟
- تعلمون جيدا أنه بعد الكشف المهم في المنطقة الاقتصادية الحصرية المصرية استخدمت شركة إيني نموذجا جيولوجيا جديدا في هذا الاكتشاف، والذي أثبت أنه ينبغي أن يكون هناك المزيد من احتياطيات الغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، سواء في المنطقة الاقتصادية الحصرية المصرية أو القبرصية أو الإسرائيلية، تاركا لبنان بمفردها والتي قد تكون لها احتياطياتها المحتملة. وبالتالي أعربت العديد من الشركات عن رغبتها في أعمال الحفر في المنطقة، ومن بينها شركة إيني بالنسبة للمناطق الاقتصادية الحصرية الثلاث التي تم تعيينها إليهم.
ولقد جرت منافسة بالنسبة للمناطق الجديدة في قبرص عادت بنتائج جيدة للغاية، حيث أعربت شركات مثل إكسون موبيل، وشركة على علاقة بالشركة القطرية للنفط، وشركة توتال عن اهتمامها بالأمر. ونظرا لأن العديد من الشركات قد أعربت عن رغبتها في الأمر، فسوف يكون هناك إعلان امتيازات جديدة ومهمة خلال العام المقبل وتكليف بعض الشركات بأعمال الحفر في مناطق معينة.
وهذا من الأمور ذات الأهمية الكبيرة. ليس بالنسبة للآفاق الاقتصادية المنتظرة فحسب، ولكن بالنسبة لازدهار مستقبل الجزيرة والذي سوف يعود بالفائدة على الطائفتين الكبيرتين في قبرص، وسوف يكون من العوامل المضافة لضرورة الاتحاد وعدم الانقسام.
بدءا من مارس (آذار) عام 2017 فصاعدا، سوف يكون الأمر لدى الشركات النفطية لاتخاذ القرار فيه. فهناك خيار خطوط الأنابيب التي يمكن مرورها عبر تركيا إذا ما كان هناك حل للمشكلة القبرصية. كما أن هناك ذلك المشروع المتعلق باليونان. وهناك أيضا خيار الغاز الطبيعي المسال لتصدير الغاز بواسطة الناقلات، في حالة وجود محطة للغاز الطبيعي المسال بطبيعة الحال. وهناك محطتان من ذلك النوع في انتظارها في مصر. ونحن نجري المفاوضات حاليا بشأن المنطقة المكتشفة حديثا مع الجانب المصري بغرض الانضمام إليها من خلال خط أنابيب الغاز.
* كيف تؤثر عضوية مصر في مجلس الأمن الدولي لعام 2016/2017 على آفاق المفاوضات بشأن المشكلة القبرصية؟
- إنها مساعدة كبيرة بشأن قضايانا وطرحها أمام مجلس الأمن الدولي مرتين في العام. إننا نحصل على مساعدة هائلة سواء في مجلس الأمن الدولي وفي منظمة المؤتمر الإسلامي على حد سواء.
* كنتم قد اجتمعتم أيضا مع السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية. فكيف هي العلاقات القبرصية مع جامعة الدول العربية؟
- إن قبرص، باعتبارها عضوا في الاتحاد الأوروبي، تثمن وتقدر كثيرا الحوار الاستراتيجي القائم ما بين أوروبا والعالم العربي. وبالنسبة إلينا، فإن العالم العربي هو أقرب تجمع من البلدان إلى جزيرتنا، وهو الشريك الواضح والأساسي في العمل المشترك. وزيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية كانت من الأهمية الكبرى للتأكيد على أواصر الصداقة المتبادلة، ودعمنا لمجالات التعاون والتنسيق المشترك بين الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، ولكي أشرح لسيادته أيضا الانفتاح الاستراتيجي القبرصي، والسياسة الخارجية الاستراتيجية لدى قبرص، من حيث التواصل مع كافة الدول العربية.
* هناك سفارة جديدة لدولة الإمارات العربية المتحدة افتتحت في قبرص. فهل يعد ذلك إشارة على بداية عهد جديد من العلاقات المشتركة مع دول مجلس التعاون الخليجي؟
- كما تعلمون جيدا فإن قبرص لديها سفارات قائمة بالفعل في الكويت وحتى سلطنة عمان، والآن هناك سفارة لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة. ولقد بعثت المملكة العربية السعودية بخطابات المصداقية الدبلوماسية خلال العام الماضي من العاصمة اليونانية أثينا.
ولدينا سفارة قبرصية في العاصمة الرياض، وفي الكويت، وفي الإمارات العربية المتحدة، وفي سلطنة عمان. وتقدم أول سفير أردني مقيم في قبرص بأوراق اعتماده للسيد الرئيس اناستاسيادس. وتعلمون بالطبع أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني سوف يقوم بزيارة رسمية إلى قبرص السادس من الشهر الحالي. هناك مجال كامل من النشاط الدبلوماسي وتحسين العلاقات مع كافة دول مجلس التعاون الخليجي ومختلف الدول العربية في المنطقة. وهناك اثنتا عشرة سفارة عربية في قبرص، بما في ذلك سفارات لسوريا وليبيا.
* ماذا عن سفارة المملكة العربية السعودية؟
- أرجو ونتطلع أن تكون هناك سفارة للمملكة العربية السعودية في قبرص قريبا وأن يرفرف العالم السعودي في سماء بلادنا قريبا. ولقد كانت خطوة أولى ومهمة للغاية من الجانب السعودي أن يبعث بخطابات المصداقية الدبلوماسية إلينا بشأن افتتاح سفارة للمملكة في بلادنا.

* وزير الخارجية القبرصي كاسوليديس في سطور
- ولد السيد يوانيس كاسوليديس في العاشر من أغسطس (آب) عام 1948 في العاصمة القبرصية نيقوسيا.
- درس الطب في جامعة ليون الفرنسية وتخصص في علاج أمراض الشيخوخة في لندن. وشارك في مظاهرات مايو (أيار) الطلابية عام 1968، وأسس ثم ترأس اتحاد الطلاب القبارصة في فرنسا.
- خدم السيد يوانيس كاسوليديس في حزب التجمع الديمقراطي (يمين الوسط) من مختلف المناصب، بما في ذلك منصب رئيس تنظيم الشباب في الحزب. وفي عام 1991 انتخب عضوا في مجلس النواب بالبرلمان القبرصي.
- وعندما فاز غلافكوس كليريدس بمنصب رئيس البلاد في مارس (آذار) من عام 1993، شغل السيد يوانيس كاسوليديس منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وهو المنصب الذي ظل يخدم فيه حتى عام 1997 عندما عُين وقتئذ في منصب وزير الشؤون الخارجية حتى نهاية فترة حكم الرئيس كليريدس في فبراير (شباط) من عام 2003.
- خلال شغله لمنصب وزير خارجية قبرص، كان السيد يوانيس كاسوليديس على رأس الجهود الدبلوماسية التي ميزت البداية، والمسار، والنهاية لمفاوضات انضمام قبرص إلى دول الاتحاد الأوروبي.
- انتخب السيد يوانيس كاسوليديس في يونيو (حزيران) من عام 2004، وللمرة الأولى، عضوا في البرلمان الأوروبي حيث حصل على نسبة غير مسبوقة من التأييد عبر التصويت. ثم عُين عضوا كامل العضوية في لجنة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وخدم من خلال ذلك في مناصب عدة، من بينها رئاسة لجنة حقوق الإنسان المخصصة في الصحراء الغربية. كما خدم عضوا في مكتب حزب الشعب الأوروبي.
- خاض السيد يوانيس كاسوليديس غمار انتخابات الرئاسة في بلاده عام 2008. وفاز في الجولة الأولى من الانتخابات، ثم خاض انتخابات الإعادة في مواجهة المرشح الفائز في النهاية السيد ديمتريس كريستوفياس. ولقد حقق السيد يوانيس كاسوليديس نسبة تصويت بلغت 47 في المائة فقط من مجموع أصوات الناخبين، ولم يحظ إلا بتأييد حزب التجمع الديمقراطي فقط.
- في يونيو (حزيران) من عام 2009 أعيد انتخاب السيد يوانيس كاسوليديس عضوا في البرلمان الأوروبي، حيث كسر رقمه القياسي الأسبق من حيث عدد الأصوات. ولقد انتخب نائبا لرئيس حزب الشعب الأوروبي في مجموعته داخل البرلمان الأوروبي، ثم عُين رئيسا لمجموعة عمل الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي. ولقد أعيد انتخابه مرة أخرى لشغل نفس المنصب في عام 2012.
- يجيد السيد كاسوليديس اللغات الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية بإتقان. ولقد عمل على تأليف كتاب بعنوان: «قبرص والاتحاد الأوروبي.. شاهد على مفاوضات الانضمام».
- كاسوليديس متزوج من السيدة ايمي كاسوليدو وهي طبيبة التخدير ولديهما ابنة واحدة تدعى جوانا.
ولقد تولى كاسوليديس منصبه وزيرا لخارجية الجمهورية القبرصية في الأول من مارس عام 2013 وحتى الآن.
- السفارات العربية المقيمة في الجمهورية القبرصية:
سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة
سفارة سلطنة عمان
سفارة دولة الكويت
سفارة دولة قطر



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.