الأمم المتحدة تحذّر من تفشّي مرض السحايا في مضايا

دي ميستورا يطرح مبادرة سياسية جديدة على الأمم المتحدة هذا الشهر

الأمم المتحدة تحذّر من تفشّي مرض السحايا في مضايا
TT

الأمم المتحدة تحذّر من تفشّي مرض السحايا في مضايا

الأمم المتحدة تحذّر من تفشّي مرض السحايا في مضايا

أعلنت الأمم المتحدة أن العمليات العسكرية في سوريا، حالت دون إجلاء سكان من بلدة مضايا في ريف دمشق الغربي، وسط تفشّي مرض السحايا في البلدة المحاصرة. وقال يان إيجلاند مستشار مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا للشؤون الإنسانية، إن القتال «منع الإجلاء المزمع لسكان من بلدة مضايا السورية وسط تفشي مرض التهاب السحايا».
بدوره، أعلن الناشط في مضايا أبو المهاجر، أن «مرض السحايا بات أزمة كبيرة وخطيرة تضاف إلى أزمات البلدة المتراكمة».
وأعلن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك 12 إصابة بمرض السحايا، جلّهم من الأطفال، وهؤلاء تتفاقم معاناتهم في غياب العلاجات الناجعة والمضادات الحيوية»، لافتًا إلى أن «موجة الحرّ الأخيرة تسببت بانتشار هذا الداء، وغياب العلاجات ساهم في انتشاره». وقال: «نحاول إسعاف المرضى بأساليب بدائية، عبر الكمّادات والمياه الباردة لخفيف الحرارة، خصوصًا للأطفال».
وقال أبو المهاجر: «منذ مدّة ونحن نصرخ ونستغيث، ولا مجيب». وأضاف: «تلقينا اتصالات من مؤسسات طبية وإنسانية، وعدتنا بإدخال طبيب وأدوية مناسبة، لكنها عادت وأبلغتنا باستحالة الدخول لأن النظام وحزب الله منعوها من الدخول»، مشيرًا إلى أن «حزب الله لو استطاع منه الهواء والماء عنا لما تردد في ذلك».
وكشف الناشط المعارض في مضايا أن «أعراض سوء التغذية عادت لتظهر على المحاصرين والأطفال، مثل الانتفاخ والاصفرار وصعوبة الحركة»، معتبرًا أن «ما تتعرض له مضايا هو أبعد من حصار نظام وميليشيات، إنه قرار دولي بتهجيرنا من ديارنا وأرضنا، والدليل الساطع ما حصل في داريا».
من جهته، أعلن ستيفان دي ميستورا، أمس، أن «محادثات بين مسؤولين أميركيين وروس كبار، تهدف إلى التوصل لاتفاق واسع لوقف إطلاق النار في سوريا، من المرجح أن تستمر حتى مطلع الأسبوع مع اشتداد حدة الصراع». وقال للصحافيين في جنيف «نأمل أن تصل المفاوضات التي استمرت فترة طويلة جدا إلى نتيجة في وقت قصير».
ودعا المبعوث الأممي القوى العالمية والإقليمية إلى «المساعدة في تمهيد الطريق أمام تهدئة أسبوعية للقتال في حلب». وكشف عن أنه يعتزم «طرح مبادرة سياسية جديدة لاطلاع الجمعية العامة للأمم المتحدة على تطورات الصراع في وقت لاحق هذا الشهر، وذلك مع تبدد الآمال في استئناف محادثات السلام بنهاية أغسطس (آب)» من دون أن يذكر طبيعة هذه المبادرة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن دي ميستورا، انتقاده «استراتيجية» إخلاء مدن محاصرة في سوريا على غرار داريا، المعقل السابق للفصائل المقاتلة في ريف دمشق والتي كانت خاضعة لحصار استمر أربع سنوات.
وأعلن دي ميستورا للصحافيين في ختام اجتماع لمجموعة العمل حول المساعدات الإنسانية إلى سوريا في جنيف «أشارككم مخاوفكم إزاء حقيقة أنه بعد داريا، هناك مخاطر بحصول أكثر من داريا ويمكن أن تكون هذه استراتيجية أحد الأطراف حاليا».
من جانبه، قال يان إيجلاند، إن «الأمل لا يزال قائما في التوصل إلى هدنة مدتها 48 ساعة في مدينة حلب شمال سوريا للسماح بتوصيل المساعدات». وقال: «إن القتال منع الإجلاء المزمع لسكان من بلدة مضايا السورية وسط تفشي مرض التهاب السحايا».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.