العواقب الكارثية لعدم التدخل في سوريا بعد استخدام الأسد للكيماوي

دمار مادي وبشري وسياسي غير مسبوق.. وتهديدات أمنية وصعود للفاشية

سكان حي في حلب القديمة يتفحصون الدمار الذي لحق ببيوتهم بعد غارة  من الطيران الحربي للنظام منتصف شهر اغسطس (رويترز)
سكان حي في حلب القديمة يتفحصون الدمار الذي لحق ببيوتهم بعد غارة من الطيران الحربي للنظام منتصف شهر اغسطس (رويترز)
TT

العواقب الكارثية لعدم التدخل في سوريا بعد استخدام الأسد للكيماوي

سكان حي في حلب القديمة يتفحصون الدمار الذي لحق ببيوتهم بعد غارة  من الطيران الحربي للنظام منتصف شهر اغسطس (رويترز)
سكان حي في حلب القديمة يتفحصون الدمار الذي لحق ببيوتهم بعد غارة من الطيران الحربي للنظام منتصف شهر اغسطس (رويترز)

لا أدري ما الذي كان ليحدث لو أن رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون لم يقدم منذ ثلاث سنوات على إجراء تصويت داخل مجلس العموم حول التدخل في سوريا انتهى، بحماقة، بخسارته. ربما لو كان أبدى مزيدا من الاهتمام بالأمر، وبدا أكثر إثارة للاهتمام وأخبر زملاءه بأن عليهم العودة من عطلاتهم ربما كان حينها سينجح. وربما كان سيعقب هذا التصويت تدخلا في سوريا. وربما كان هذا الإجراء سيسهم في وضع نهاية للصراع الدائر هنا. أو ربما كان سيمنى بالفشل. في الحقيقة إننا لن نعلم على وجه اليقين ماذا كان سيحدث، لكن ما نعلمه تمام العلم ما حدث بدلا من ذلك. لقد سحبت بريطانيا دعمها لمهمة كانت ترمي لمنع بشار الأسد، الطاغية السوري، من استخدام الأسلحة الكيميائية.
وبعد أن شعر بالفزع حيال نتيجة التصويت داخل مجلس العموم، بدل الرئيس أوباما رأيه. وكان وزير الخارجية جون كيري قد دعا في صباح اليوم السابق 30 أغسطس (آب) 2013 للتحرك، معلنًا أن: «التاريخ يعج بأسماء الزعماء الذين حذروا من مغبة الوقوف بلا حراك واللامبالاة، وبشكل خاص من الصمت في اللحظات الحرجة».
ومع ذلك، فإنه بحلول اليوم التالي، أعلن الرئيس أوباما إلغاء جميع الخطط المتعلقة بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا. أما الفرنسيون، فبعدما باغتهم هذا الإعلان، بدا واضحا أنهم لا يرغبون في الإقدام على أي شيء بمفردهم، وبالتالي آثروا الانسحاب آسفين.
في هذا السياق، قال وزير الخارجية الفرنسي في تصريحات للصحافي جيفري غولدبرغ من «ذي أتلانتيك»: «لقد كانت مفاجأة كبرى. ولو كنا نفذنا خطط القصف كما كان معدا سلفا، أعتقد لكان الوضع سيختلف كثيرا اليوم».
وأود التأكيد مجددا هنا: ربما كان التدخل العسكري الأميركي - البريطاني - الفرنسي لينتهي بنتائج كارثية. ولو كان ذلك حدث، كنا سنتحسر اليوم على هذه التداعيات الكارثية. بيد أنه في بعض الأحيان يكون من المهم التحسر على العواقب الكارثية لعدم التدخل أيضا، فبعد ثلاث سنوات أصبحنا مدركين تماما اليوم ما أفرزته سياسة عدم التدخل:
على مستوى اللاجئين: تبعا لما أعلنه المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنه بحلول 16 أغسطس، كان هناك 4.8 مليون لاجئ سوري مسجل. ومن المعتقد وجود مليونين آخرين داخل سوريا مشردين من منازلهم.
والمعتقد أن ثلاثة أرباع من فروا من منازلهم من النساء والأطفال لا يملكون سوى ملابسهم التي يرتدونها. ومن أجل تقريب الصورة، يكفي القول بأن الحروب اليوغسلافية التي اشتعلت خلال تسعينات القرن الماضي خلفت 2.3 مليون لاجئ، ما شكل أسوأ أزمة لاجئين منذ أربعينيات القرن، أما الأزمة السورية فوصلت إلى ثلاثة أضعاف هذا الرقم.
الدمار المادي: تعرضت المدن القديمة حلب وبصرى وتدمر لدمار يتعذر إصلاحه. كما تعرضت دمشق لأضرار فادحة، وتعرضت البنية التحتية من طرق وجسور ومصانع بمختلف أرجاء البلاد للدمار. أما المدارس والمستشفيات فقد جرت تسويتها بالأرض. في الشهر الماضي فقط، قصفت القوات الحكومية أربعة مستشفيات مؤقتة وبنكا للدم في حلب. زعزعة استقرار المنطقة: تتركز الغالبية العظمى من اللاجئين في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، حيث شكلوا ضغطا اقتصاديا وسياسيا هائلا على الدول الأكثر فقرا وهشاشة. وتشير الأرقام إلى أن خمس المقيمين بلبنان هم من اللاجئين السوريين، وهي أعداد بإمكانها إحداث خلل في التوازن السياسي الحساس بالبلاد. من ناحية أخرى، اندلعت أعمال شغب في مخيمات اللاجئين في الأردن. أما داخل تركيا، فإن التداعيات الجانبية للحرب السورية على البلاد تضمنت تفاقم التوتر مع الأقلية الكردية ومجموعات أخرى داخل البلاد، بجانب ارتفاع معدلات الجريمة والتهريب والقلاقل على امتداد الحدود.
كما اضطرت تركيا، الدولة العضو في «الناتو»، إلى التورط أكثر في الحرب السورية. وحال شن «داعش» هجوما ضد تركيا، فإن «الناتو» بأكمله قد يتصدى للرد.
زعزعة استقرار أوروبا: كانت الحرب في سوريا واحدة من الأسباب التي دفعت مئات الآلاف من اللاجئين للسعي إلى الوصول إلى أوروبا بالقوارب عبر البحر المتوسط أو برا سيرا على الأقدام عبر البلقان.
من ناحيتها، قدرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في مايو (أيار) أن أكثر من ألفي شخص، من سوريا، وكذلك دول أفريقية، تعرضوا للغرق عام 2016 فقط، ما يزيد على من غرقوا خلال الفترة ذاتها عام 2015. وتتدفق سيول اللاجئين على الجزر الواقعة خارج سواحل اليونان وإيطاليا. وكان من شأن عدم استعداد الاتحاد الأوروبي أو عجزه عن كبح جماح هذا التدفق تقويض مصداقيته المؤسساتية.
تنامي كراهية الأجانب عبر أرجاء أوروبا: أثارت مشاهد مئات الآلاف يبحرون ويسيرون نحو أوروبا موجة غير مسبوقة من مشاعر العداء تجاه الأجانب. وتركت هذه الموجة والخطاب المناهض للاجئين تأثيرا في نتائج انتخابات النمسا وبولندا، بجانب لعبها دورا في تصويت البريطانيين لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. كما تعمد أحزاب اليمين المتطرف والأخرى القومية داخل المجر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، بنجاح، لاستغلال الخوف من اللاجئين السوريين في كسب دعم شعبي لها. وكذلك الحال مع دونالد ترامب داخل الولايات المتحدة.
موجز القول: إن ثمة دمارا ماديا وبشريا وسياسيا غير مسبوق قائما الآن، بجانب تهديدات أمنية مستمرة، وصعود التوجهات الفاشية. ربما تكون هذه النتائج أقل وطأة مما كان يخشاه البرلمان البريطاني والرئيس الأميركي من وراء التدخل العسكري، لكن المؤكد أن ما نعاينه الآن أبعد ما يكون عن سياسة ناجحة.
*خدمة واشنطن بوست - خاص بـ«الشرط الأوسط»



الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

خلال لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال قمة في القاهرة 27 ديسمبر 2023 (رويترز)
خلال لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال قمة في القاهرة 27 ديسمبر 2023 (رويترز)
TT

الرئيس المصري وملك الأردن يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة

خلال لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال قمة في القاهرة 27 ديسمبر 2023 (رويترز)
خلال لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال قمة في القاهرة 27 ديسمبر 2023 (رويترز)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم الأربعاء، ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على غزة.

جاء ذلك في لقاء عقده الطرفان في القاهرة، اليوم، وفق وكالة الأنباء الأردنية «بترا».

وشدد الجانبان، خلال لقاء ثنائي تبعه لقاء موسّع، على ضرورة مضاعفة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون اعتراض أو تأخير، وضمان وصولها؛ للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية، لافتين إلى الدور المحوري لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، في هذا الإطار.

كما أكدا أهمية البناء على مُخرجات القمة العربية والإسلامية غير العادية، التي عُقدت مؤخراً في الرياض، للتوصل إلى تهدئة شاملة بالمنطقة، ومنع توسع دائرة العنف، مُعربين عن التطلع إلى نجاح مؤتمر القاهرة الوزاري لدعم الاستجابة الإنسانية في غزة، الذي سيُعقَد في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وأعرب الملك الأردني عن تقديره جهود مصر لاستعادة الاستقرار في الإقليم، في حين ثمَّن الرئيس المصري الجهود الأردنية المستمرة لتقديم الدعم إلى الأشقاء الفلسطينيين.

وجدَّد الطرفان تأكيدهما الرفض الكامل لتصفية القضية الفلسطينية، أو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مشددين على أن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، هو متطلب أساسي لتنفيذ حل الدولتين، وضمان استعادة الاستقرار في المنطقة.

وأكد الملك الأردني ضرورة وقف الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، والاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.

وشدد الجانبان على ضرورة الحفاظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه، ووقوف البلدين مع الشعب اللبناني.