دبي تمهد لافتتاح دار أوبرا بعرض فني للإسباني بلاسيدو دومينغو

تكلفت 330 مليون دولار وستسهم في تعزيز الحركة الفنية بالإمارة الخليجية

الشيخ محمد بن راشد خلال تفقده «دبي أوبرا» أول من أمس (وام)
الشيخ محمد بن راشد خلال تفقده «دبي أوبرا» أول من أمس (وام)
TT

دبي تمهد لافتتاح دار أوبرا بعرض فني للإسباني بلاسيدو دومينغو

الشيخ محمد بن راشد خلال تفقده «دبي أوبرا» أول من أمس (وام)
الشيخ محمد بن راشد خلال تفقده «دبي أوبرا» أول من أمس (وام)

ينتظر أن تشكل دار «دبي أوبرا» معلمًا حضاريًا يعزز من حضور الإمارة الخليجية في حركتها الثقافية، وانعكاسات ذلك على الحياة الاجتماعية والاقتصادية فيها، التي تأتي ضمن مساعي دبي لترسيخ مكانتها السياحية وجهةً للفنون العالمية.
وقال محمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة «إعمار العقارية»، إن الشركة استثمرت 1.2 مليار درهم (330 مليون دولار) لتطوير «دبي أوبرا»، التي تشكل تحفة معمارية وصرحا حضاريا سيكون له دور مهم في إثراء الحركة الثقافية، وستكون له انعكاساته على الحياة الاجتماعية والقطاعات الاقتصادية في الإمارة.
وشهدت «دبي أوبرا»، في افتتاحها التمهيدي ليلة أول من أمس، أول عروضها الفنية التي أحياها فنان الأوبرا الإسباني بلاسيدو دومينغو، ولفت العبار إلى أن مشروع «دبي أوبرا» يعكس التزام «إعمار» بالعمل على تحقيق رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الرامية إلى تعزيز مكانة دبي وجهة ثقافية عالمية جاذبة للمواهب والإبداعات من مختلف أنحاء العالم.
وزاد: «كما يأتي منسجمًا مع (رؤية دبي السياحية 2020) التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد الساعية لاستقطاب وجذب 20 مليون سائح من مختلف أنحاء العالم بداية العقد المقبل».
وذكر أن «الصروح الثقافية والفنية هي المحفز الأكبر لحركة الإبداع الفني والثقافي، والمحرك الرئيسي لتعزيز التناغم والانسجام المجتمعي، وهي اللغة المشتركة التي تربط أفراد المجتمع على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، بل إنها المساهم الأكبر في تعزيز مفاهيم التنوع وترسيخ قيم التسامح في المجتمعات، وذلك من خلال استقطابها المواهب العالمية ومزجها بين ثقافات مختلفة ومتنوعة».
وأضاف أنه «مع تسارع نمو المشهد الثقافي والحياة الفنية في دبي وازدياد عدد المعارض والفعاليات الفنية، فإن مشروع (دبي أوبرا) سيشكل نقطة تحول حقيقية تسهم في تحفيز نمو الحركة الفنية الإبداعية إلى آفاق جديدة ترقى إلى العالمية في الإمارة».
وشدد العبار على أن «(دبي أوبرا) ستسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي في إمارة دبي، فهي تقام ضمن منطقة وسط مدينة دبي، أحد أكبر المشاريع الاستثمارية في دبي بقيمة 20 مليار دولار، التي تعد حاليا من أكثر المناطق على مستوى العالم جذبا للزوار».
ونوه بأن آثار عروض «دبي أوبرا» لن تقتصر على تنشيط الحركة الثقافية والفنية فقط، بل ستساهم أيضا في تعزيز مكانة دبي بوصفها وجهة عالمية في صناعة الفنون المسرحية. وأوضح العبار أن «دبي أوبرا» ستصبح «منصة مثالية لجيل المستقبل من المواهب الفنية، ومنبرا لتشجيع المواهب المحلية على مزيد من الإبداع لإثراء الحياة الثقافية للإمارات عالميا».
وأشار العبار إلى أن العروض الافتتاحية لـ«دبي أوبرا» ستستقطب نخبة من النجوم وأساطير الفن العالميين، «بمن فيهم دومينغو الذي يحظى بشعبية واسعة على مستوى العالم، ويمتلك رصيدا كبيرا من المعجبين، ولذلك ستشكل (دبي أوبرا) حافرا للسياحة الثقافية التي تعد حاليا أحد أسرع القطاعات نموا في العالم».
وتشير التقديرات الحالية إلى أن الأنشطة التراثية والثقافية تستقطب سائحا واحدا من بين كل 5 سياح في أوروبا، بينما تعد الدافع الرئيسي في سفر ما نسبته 80 في المائة من السياح الأميركيين، وتعد الصناعات الإبداعية أحد أهم محركات النمو الاقتصادي العالمي حاليا. وبحسب الدراسات الصادرة مؤخرا، يشكل إنتاج أوروبا الفني والثقافي ما نسبته 4.5 في المائة من ناتجها المحلي، ويستحوذ على 8 في المائة من العمالة فيها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».