بغداد تستمر في حرمان اللاجئين الفلسطينيين من الحج

برلماني عراقي لـ «الشرق الأوسط»: ما تقوم به الحكومة عمل غير إنساني

بغداد تستمر في حرمان اللاجئين الفلسطينيين من الحج
TT

بغداد تستمر في حرمان اللاجئين الفلسطينيين من الحج

بغداد تستمر في حرمان اللاجئين الفلسطينيين من الحج

كشفت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الحكومة العراقية، رفضت منح تأشيرات للاجئين الفلسطينيين الذين يرغبون بأداء مناسك الحج، وأوضحت المصادر أنه لا يمكن تبرير ذلك، خصوصا أن اللاجئين لم يدخلوا قرعة الحج منذ 13 عاما، وجرى الحديث مع السلطات هناك حول الأمر، إلا أنها لم تسجل أي تحرك إيجابي.
ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في العراق من ظروف إنسانية صعبة، أدت في خضم الصراع الطائفي، إلى مقتل أكثر من 300 منهم خلال السنوات الأخيرة، ضمن سياسة الاعتداء على الوجود الفلسطيني هناك وفق تأكيد المصادر، التي أشارت إلى اختطاف واختفاء أكثر من 40 شخصا، واعتقال 50 آخرين بتهم مختلفة، وأضافت أن «كثيرا منهم أخذت أقوالهم تحت التعذيب الشديد، ومنهم من وقّع على أوراق بيضاء عُبئت بالتهم بعد ذلك».
وأضافت المصدر الفلسطيني، الذي تحتفظ «الشرق الأوسط» باسمه وطلبه عدم نشر اسمه، بأنه منذ عام 2003، وبعد التغيير الذي حدث في العراق، جرى بدء التعامل مع الفلسطيني على أساس أنه لاجئ جديد، وطبقت عليه القوانين التي تقيد حركته وحقوقه، واتضح أن ذلك يعود إلى تصنيف الفلسطينيين بأنهم أنصار لنظام الرئيس الأسبق صدام حسين، ومن فدائيي صدام وتجب معاقبتهم، وطال الأمر ما هو أبعد من ذلك، حيث لم يتم إرسال أي فلسطيني لأداء فريضة الحج منذ 13 عاما، ولم يدخلوا ضمن القرعة العراقية الخاصة بالمناسك.
ولم يقتصر الوضع على ذلك، بل عانى اللاجئ الفلسطيني أثناء مرحلة الصراع الطائفي من خلال إدراجه في خانة الطرف السني، وهي مضايقات دعت نسبة كبيرة من اللاجئين إلى الهجرة من هناك، وتقلصت أعدادهم من 35 ألفا في عام 2003، إلى ما لا يتجاوز ستة آلاف لاجئ اليوم.
من جهته، أكدت لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في البرلمان العراقي، أن «المقيمين الفلسطينيين في العراق ليس لهم الحق طوال السنوات الماضية، بعد تحديد حصص كل دولة حسب سكانها، أن يكونوا ضمن حصة العراق لأنهم ينطبق عليهم وصف الأجانب».
وقال سليم صالح خضر، عضو البرلمان العراقي عن الاتحاد الإسلامي الكردستاني وعضو لجنة الأوقاف والشؤون الدينية لـ«الشرق الأوسط» إن «الواجب الإنساني والإسلامي يتطلب تخصيص حصص لهم بطرق استثنائية، لكن هذا لم يحصل وهو أمر نراه غير منصف ويحتاج إلى حل سريع» مبينا أن «لجنة الأوقاف والشؤون الدينية ستتحرك باتجاه حسم هذا الموضوع، علما أنه لم يعرض علينا بشكل رسمي كما أن الفلسطينيين أنفسهم لم يتحركوا إلى لجنتنا ولا نعرف إن كانوا يتحركون على الجهات الحكومية الرسمية».
وأشار خضر إلى إن «هذا الأمر حتى لو كان من الناحية الرسمية مبررا، لكنه من الناحية الإنسانية والشرعية أمر لا يمكن أن يبرر، ويحتاج إلى مراجعة، وهو عبارة عن تقصير، بل أستطيع القول إنه إجحاف بحق مسلمين لا بد لهم من أداء هذه الفريضة العظيمة وقد اضطرتهم ظروفهم إلى المجيء إلى العراق».
على صعيد متصل، أكد مصدر عراقي لـ«الشرق الأوسط»، طلب عدم الكشف عن اسمه، وهو مقرب من هيئة الحج العراقية، أن «السبب الرئيس هو أن حصة الحج مقررة للعراقيين وحسب عدد السكان، علما أن الأعداد التي تشمل سنويا العراقيين أقل بكثير من عدد الراغبين في أداء فريضة الحج، حيث هناك من لا يزال ينتظر دوره منذ سنوات؛ وهو ما يؤدي إلى حصول إشكالات في هذا الأمر». وردا على سؤال بشأن عدم منح الفلسطينيين تأشيرة للحج بسبب كونهم مصنفين ضمن مؤيدي النظام السابق؟ قال المصدر المطلع إن «النظرة إلى الفلسطينيين في العراق خلال السنوات الأخيرة لم تعد مثلها بعد سقوط النظام السابق عام 2003، حيث تعرضوا بالفعل إلى الكثير من عمليات التنكيل لهذا السبب، لكن الآن وبسبب المتغيرات السياسية التي حصلت مؤخرا وتحسن العلاقة الرسمية بين الحكومتين العراقية والفلسطينية، فإن هذا التصنيف لم يعد قائما، ولكن السبب الرئيسي يعود إلى كون الحصة عراقية ولا تعطى للأجانب؛ لأن هذا يؤدي إلى إخلال بنسبة العراق، إضافة إلى وجود عامل فني، وهو أن نظام التسجيل في العراق على الحج يعتمد على وجود أربعة مستمسكات، هي الجنسية وشهادة الجنسية وبطاقة السكن والبطاقة التموينية، والأجانب لا يمتلكون إلى هذه الوثائق».
وصدر في عام 2001 أول قانون ينظم التعامل مع الفلسطينيين، وهو قرار رقم 202، الذي يتضمن معاملة الفلسطيني المقيم إقامة دائمة معاملة العراقي في كل شيء، ومنحهم امتيازات عدة، استثنت فقط حصولهم على الجنسية، لكن القانون يضمن تقديم كل المتطلبات الحياتية لهم، من مسكن وعمل وتعليم وصحة وشؤون اجتماعية، ولم يدخلوا في إطار قانون اللاجئين السياسيين، حيث منحوا بطاقة إقامة دائمة إلى أن يعودوا إلى فلسطين، لكن الظروف تغيرت خلال الفترة الأخيرة.
وتسعى السلطة الفلسطينية بالتواصل مع نظيرتها في العراق، إلى إعادة الاعتبار إلى قرار مجلس قيادة الثورة السابق 202، وقرار مجلس القضاء الأعلى، والمستشار القانوني لرئيس الجمهورية، وقرار مجلس الوزراء، بتأكيد معاملة الفلسطيني معاملة العراقي؛ أملا في تحسن الأوضاع من جديد.
ويمر الغالبية العظمى من فلسطينيي العراق بضائقات مالية، كما أن معلومات دبلوماسية أكدت أن بعض الضباط الأمنيين يعدون أن كل فلسطيني مشروع إرهابي، ويلصقون به التهم دون وجه حق، كما تعرضوا لحالات قتل واعتقال من جانب بعض الميليشيات المسلحة، وواجهوا ابتزازا من قبل ممثلي بعض العشائر الذين يستغلون الظروف الأمنية الصعبة في بلادهم، بتهديد الفلسطينيين، وغلق محالهم التجارية، والشقق التي يعيشون فيها.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.