تقارير غربية: الأمم المتحدة منحت عقودًا إنسانية لمقربين من الأسد

قالت إن 900 مليون دولار من أصل 1.1 مليار وزعها النظام في عام 2015

طفل سوري تعلق بخلفية سيارة للهلال الأحمر السوري أوصلت مساعدات لبلدة حرستا شمال شرقي دمشق أول من أمس (أ.ف.ب)
طفل سوري تعلق بخلفية سيارة للهلال الأحمر السوري أوصلت مساعدات لبلدة حرستا شمال شرقي دمشق أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تقارير غربية: الأمم المتحدة منحت عقودًا إنسانية لمقربين من الأسد

طفل سوري تعلق بخلفية سيارة للهلال الأحمر السوري أوصلت مساعدات لبلدة حرستا شمال شرقي دمشق أول من أمس (أ.ف.ب)
طفل سوري تعلق بخلفية سيارة للهلال الأحمر السوري أوصلت مساعدات لبلدة حرستا شمال شرقي دمشق أول من أمس (أ.ف.ب)

أثارت التقارير الغربية التي وثقت بالأرقام انحياز الأمم المتحدة إلى النظام السوري بموضوع المساعدات الإنسانية استياء عارما في صفوف قوى المعارضة والناشطين على الأرض في الداخل السوري الذين لم ينفكوا طوال السنوات الماضية يتحدثون عن دعم أممي لنظام بشار الأسد يُساهم باستمراره، إلى جانب الدعم العسكري الذي تقدمه له إيران وروسيا وغيرهما من الدول والميليشيات.
وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية فإن الأمم المتحدة منحت عقودا بعشرات الملايين من الدولارات لمنظمات أو أفراد مقربين من رئيس النظام السوري، بهدف القيام بمهمتها الإنسانية، وذلك رغم العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال رينود ليندرز، الخبير في الدراسات الحربية في «كينغز كوليج» بالعاصمة البريطانية لندن، إن الأمم المتحدة قدمت مساعدات إنسانية بقيمة 1.1 مليار دولار عام 2015 إلى سوريا، مشددًا على أن 900 مليون دولار من إجمالي تلك المساعدات ذهبت إلى مناطق مختلفة في البلاد بواسطة النظام السوري، وذلك وفق معطيات بحثٍ أجراه «ليندرز»، وسينشر في وقت قريب. في الوقت الذي تقول فيه المعارضة إنها نبهت إلى هذا الأمر مرارا، ولم يتم الأخذ بتحذيراتها.
ورد متحدثون باسم الأمم المتحدة على هذه التقارير وأكدوا «العمل مع جميع أطراف النزاع، لأن المنظمة الدولية تعمل في كل الأزمات». وقال ينس لاركي، المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إنه «إذا لم يتم قبول واقع أن الحكومة السورية هي التي تقرر من هي الجهات التي يمكن أن تتعامل معها الأمم المتحدة، فوكالات الأمم المتحدة لا تستطيع إنقاذ هذا القدر من الأرواح البشرية، كما تفعل حاليا بنقل مساعدات أساسية لسكان البلاد».
واعتبر عبد الباسط سيدا، عضو الائتلاف المعارض ورئيس المجلس الوطني السوري سابقا، أن «ما أوردته التقارير قلناه منذ اليوم الأول لاندلاع الأزمة في سوريا، بأن الأمم المتحدة تعمل بموجب القواعد التي تعود إلى الحرب الباردة، وبالتالي فقراراتها يعطلها فيتو معين، كما أن مندوبيها الـ3 فشلوا في مهماتهم، لتتحول بذلك المنظمة الدولية عبئا على الثورة والشعب السوري بدلا من أن تكون عونا له ولباقي الشعوب». وقال سيدا لـ«الشرق الأوسط»: «بدل أن تأخذ الأمم المتحدة مواقف حازمة للتصدي لانتهاكات وتجاوزات النظام التي ترتقي لجرائم حرب، إذا بها تحاول التخفيف من حدة الانتقادات التي تطاله، لتؤكد بذلك أنّها منظمة لا تصلح لهذه المرحلة».
وبحسب «الغارديان» صرفت الأمم المتحدة أكثر من 13 مليون دولار للحكومة السورية لتنمية الزراعة، رغم حظر الاتحاد الأوروبي التجارة مع الوزارات المعنية بهذه المساعدات. من جهتها أنفقت منظمة الصحة العالمية أكثر من خمسة ملايين دولار لدعم بنك الدم الوطني السوري التابع لوزارة الدفاع السورية.
وفي هذا الشأن، أكد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية في جنيف، أن الوكالة «لا تعمل مباشرة مع وزارة الدفاع»، مضيفا أن «منظمة الصحة وزعت أكياسا من الدم لبنك الدم السوري بواسطة وزارتي الصحة والتعليم العالي».
وكشفت التقارير أن وكالتين في الأمم المتحدة شريكتان لمنظمة «سيريا تراست تشاريتي» التي تترأسها زوجة الرئيس السوري، أسماء، بمستوى 8.5 مليون دولار.
من جهتها، دفعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) 268 ألف دولار لمنظمة البستان الخيرية التي يديرها رامي مخلوف، قريب الأسد الثري الذي فرضت عليه عقوبات. وقال مسؤولون في الأمم المتحدة، إنه «بسبب عنف النزاع وشدة تعقيده فإن اختيار الشركاء لتلبية الحاجات الإنسانية الملحة للشعب، محدود»، وأشاروا إلى أنه «عندما يكون علينا الاختيار بين تقديم سلع أو خدمات عبر مؤسسات قد تكون مرتبطة بالحكومة أو ترك مدنيين دون مساعدة حيوية هم بأمس الحاجة إليها، فالخيار واضح، واجبنا يقضي بمساعدة المدنيين».
ونقلت «الغارديان» عن مسؤول عمل في دمشق أن فرق الأمم المتحدة العاملة في سوريا «كانت تعرف منذ البداية أنه لا الحكومة السورية ولا المنظمات المعتمدة من قبلها للعمل مع الأمم المتحدة، تلتزم بمبادئ العمل الإنساني أو الاستقلالية والحياد»، فالأمم المتحدة، حسب المسؤول: «تركت هذه المبادئ جانبا، لتلبي مطالب الحكومة السورية بشأن المساعدات الإنسانية».
وبحسب الناشط وعضو «مجلس محافظة حلب الحرة»، منذر سلال، فإن «الأمم المتحدة والدول التي تسيطر على قرارها ترفض حتى الساعة إدخال المساعدات إلى مدينة حلب عبر طريق الراموسة التي نجحت فصائل المعارضة بتأمينه بديلا عن طريق الكاستيلو، وهم يصرون على اعتماد الممر الذي تحت سيطرة قوات النظام». وقال سلال لـ«الشرق الأوسط»: «هم يسعون ومن خلال هذا الإجراء للي ذراع المعارضة أولا، ولإتاحة الفرصة أمام قوات الأسد لوضع يدها على جزء من الحصص الغذائية كما يحصل في معظم المناطق السورية عادة».
ويشتكي ناشطون سوريون ومسؤولون إغاثيون بشكل مستمر من إقدام النظام على تفتيش المساعدات التي ترسلها الأمم المتحدة عادة إلى المناطق المحاصرة ومصادرة بعض المواد والأدوية، وإرسال ما تبقى إلى المدنيين الموجودين في المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة.
ويرى الدكتور رينود ليندرز، الخبير في الدراسات الحربية في «كينغز كوليج»، بلندن، أن الأمم المتحدة مطالبة بإعادة النظر في استراتيجيتها، لأنها أضحت قريبة بشكل مفضوح من النظام، وفقا لما نقلته الصحيفة.
في المقابل، اعتبر العميد الركن المتقاعد، الدكتور هشام جابر، رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة»، في اتصال لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الساعة لا قرار من الأمم المتحدة بعدم التعامل مع الدولة السورية ومؤسساتها، بخلاف الاتحاد الأوروبي الذي يبقى سيد نفسه في هذا المجال، ما يوجب تفهم واقع تعاون المنظمة الدولية مع المؤسسات التابعة للحكومة السوري بإطار مساعدات ذات طابع إنساني وتنموي».



لبنان يكثف الاتصالات الدبلوماسية لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف النار

TT

لبنان يكثف الاتصالات الدبلوماسية لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف النار

بيروت سجلت ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)
بيروت سجلت ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، إن حكومته كثفت الاتصالات الدبلوماسية أمس لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار وانسحابها من البلدات اللبنانية الحدودية.

ونقل بيان لرئاسة الوزراء عن ميقاتي قوله «شددنا في خلال هذه الاتصالات على أولوية استتباب الأوضاع لعودة النازحين إلى بلداتهم ومناطقهم وتوسعة انتشار الجيش في الجنوب».

وأوضح أن إعلان قيادة الجيش اليوم عن الحاجة إلى جنود متطوعين للالتحاق بالوحدات المقاتلة "يندرج في سياق تنفيذ قرار مجلس الوزراء بزيادة أفراد الجيش لتعزيز انتشاره في مختلف مناطق الجنوب".

وفي الأسبوع الماضي، قال الجيش اللبناني إنه يعمل على استكمال انتشاره في جنوب البلاد مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله حيز التنفيذ فجر الأربعاء الماضي.

واجتمع ميقاتي أمس الاثنين في بيروت مع الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، الذي سيرأس لجنة المراقبة، ودعا إلى ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية في أسرع وقت.

وقال مصدران مطلعان لـ«رويترز» إن الجنرال جيوم بونشين ممثل فرنسا في اللجنة سيصل إلى بيروت غداً الأربعاء، وإن اللجنة ستعقد أول اجتماع لها يوم الخميس.

وذكر أحد المصدرين: «هناك حاجة ملحة لبدء عمل اللجنة قبل فوات الأوان»، مشيراً إلى تكثيف إسرائيل التدريجي لهجماتها رغم الهدنة.

وقال ميلر إن لجنة المراقبة ستبدأ عملها «في الأيام المقبلة».

وقالت السلطات اللبنانية إن ما لا يقل عن 12 شخصاً لاقوا حتفهم في هجمات إسرائيلية أمس الاثنين، وهو اليوم الأشد دموية منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن من بين القتلى ستة أشخاص في بلدة حاريص الجنوبية وأربعة في بلدة طلوسة بالجنوب.

وقال مصدران سياسيان لبنانيان لـ«رويترز»، في وقت سابق اليوم، إن اثنين من كبار المسؤولين اللبنانيين طالبا واشنطن وباريس بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار، بعدما شنت عشرات العمليات العسكرية على الأراضي اللبنانية.

وزادت هشاشة وضع وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين الطرفين بعد أقل من أسبوع على دخوله حيز التنفيذ نتيجة هجمات إسرائيلية على جنوب لبنان أسفرت عن سقوط قتلى، وإطلاق جماعة «حزب الله» صواريخ على موقع عسكري إسرائيلي أمس الاثنين.

وقال المصدران إن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف الوثيق لـ«حزب الله» الذي تفاوض باسم لبنان من أجل التوصل للاتفاق، تحدثا إلى مسؤولين في البيت الأبيض والرئاسة الفرنسية في وقت متأخر أمس، وعبرا عن قلقهما بشأن وضع وقف إطلاق النار.

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الرئاسة أو وزارة الخارجية في فرنسا. وتحدث وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، أمس، وأكد ضرورة التزام الطرفين بوقف إطلاق النار.

وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، للصحافيين أمس الاثنين، إن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال «سارياً»، مضيفاً أن الولايات المتحدة «كانت تتوقع حدوث انتهاكات».

ويلزم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، إسرائيل بوقف عمليتها العسكرية الهجومية في لبنان، في حين يفرض على لبنان منع الجماعات المسلحة مثل «حزب الله» من شن هجمات على إسرائيل. كما ينص الاتفاق على أن تنسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان خلال 60 يوماً.

وتتولى لجنة مراقبة، برئاسة الولايات المتحدة، مسؤولية متابعة الهدنة والتحقق من التزام الطرفين بها والمساعدة في تطبيقها، لكنها لم تبدأ العمل بعد.

وحث برى أمس الاثنين اللجنة المكلفة بمراقبة الهدنة على بدء عملها «بشكل عاجل»، قائلاً إن بيروت سجلت حتى الآن ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار.

وتقول إسرائيل إن أنشطتها العسكرية المستمرة في لبنان تهدف إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وإنها لا تنتهك التزامها بالهدنة.