أسرة مصطفى أمين تهدي مكتبته للجامعة الأميركية بالقاهرة

تضم مخطوطات بخط يده وخمسة آلاف كتاب

صورة تجمع مصطفى أمين مع عبد الحليم حافظ وأم كلثوم («الشرق الأوسط»)
صورة تجمع مصطفى أمين مع عبد الحليم حافظ وأم كلثوم («الشرق الأوسط»)
TT

أسرة مصطفى أمين تهدي مكتبته للجامعة الأميركية بالقاهرة

صورة تجمع مصطفى أمين مع عبد الحليم حافظ وأم كلثوم («الشرق الأوسط»)
صورة تجمع مصطفى أمين مع عبد الحليم حافظ وأم كلثوم («الشرق الأوسط»)

يوميات ومؤلفات بخط يد الكاتب الصحافي الكبير الراحل مصطفى أمين، مؤسس صحيفة «أخبار اليوم»، أهدتها أسرته لمكتبة وأرشيف الكتب النادرة والمجموعات الخاصة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، فضلا عن 5 آلاف كتاب بعدة لغات من مكتبته الخاصة.
وتضم المجموعة التي تبرعت بها زوجته إيزيس طنطاوي، جميع الكتب التي قام بتأليفها، إضافة إلى سير ذاتية وروايات ومسرحيات، هذا إلى جانب الوثائق الأصلية من أرشيف أمين الشخصي، مثل نسخة من وصيته، ومذكراته اليومية، ومسودات الكتب، وسيناريوهات المسلسلات التلفزيونية، ومراسلات شخصية، ومخطوطات، وصور، وشرائح، وكذلك وثائق عن التاريخ الاجتماعي والسياسة الدولية.
«إن الكتب والمخطوطات الخاصة بهذه المجموعة تمثل إضافة للبرامج الدراسية الحالية والمستقبلية ولمناهج الجامعة» على حد قول فيليب كروم، العميد المشارك لمكتبة وأرشيف الكتب النادرة والمجموعات الخاصة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، في بيان صحافي مضيفا: «نقوم بتدريس الصحافة، لذلك فمن المهم لطلابنا معرفة طريقة عمل ومعيشة صحافيين بارزين مثل الراحل مصطفى أمين، كما أن الباحثين الجادين لا يرغبون في قراءة تلك المعلومات على الإنترنت بل يريدون رؤية الوثائق الأصلية، ففي أي عمل كتابي، يعد ملمس الوثيقة على نفس القدر من أهمية المحتوى».
ويؤكد كروم: «إن توثيق المجموعات المهداة من الأفراد الذين تركوا بصمة في مصر، أمر هام للحفاظ على التاريخ»، لافتا: «إن الحصول على المواد النادرة والمحفوظات يضيف قيمة لمجموعتنا الخاصة من الكتب، حيث نعمل على تسهيل عمل الباحثين في إنتاج عمل أصلي وعالي الجودة». ويشير كروم إلى أن بعض المواد يتم تحميلها على المكتبة الرقمية الخاصة بالمكتبة وأرشيف الكتب النادرة والمجموعات الخاصة، لتكون متاحة عبر الإنترنت، مضيفا: «نحن حريصون على الحفاظ على تاريخ مصر والمنطقة».
وتضم المجموعة المهداة لمكتبة الجامعة الأميركية يوميات أمين التي كتبها خلال الفترة التي قضاها في السجن.
تقوم هذه المجموعات بتثقيف الطلاب بتجارب حياة الصحافي، كما تقول إيمان مورجان، مديرة المجموعات والفهرسة المكتبية: «تعرف هذه المجموعات طلابنا بطريقة تفكير الصحافيين بشكل عام وطبيعة علاقاتهم بالزعماء الأجانب، وهو ما يضيف بُعدًا آخر لشخصيتهم، إنها مثل لعبة البحث عن الكنز».
ولد مصطفى أمين وشقيقه علي في 21 فبراير (شباط) عام 1914، في منزل خال والدتهما الزعيم سعد زغلول، وهو البيت المعروف باسم «بيت الأمة»، وكان أمين قد درس في الجامعة الأميركية بالقاهرة في كلية العلوم والفنون بداية من عام 1928، وحصل على الماجستير في العلوم السياسية من جامعة «جورج تاون» عام 1938، كما حصل على الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية من الجامعة الأميركية بالقاهرة عام 1987 «لتفانيه في تعزيز حرية التعبير في الصحافة كرئيس تحرير لأكبر صحيفة أسبوعية في العالم العربي».
ويعتبر مصطفى وشقيقه التوأم علي أمين في نظر كثيرين «آباء الصحافة العربية الحديثة». ولد شغفهما بالمهنة عندما كانا في سن الثامنة بإصدارهما مجلة «حقوق» لنشر أخبار منزلهما، ثم قام الأخوان مصطفى وعلي بإنشاء 4 من أكثر الصحف توزيعًا في مصر، وهي «أخبار اليوم»، و«آخر لحظة»، و«الجيل»، و«الأخبار»، إضافة إلى إعادة إصدار مجلة «آخر ساعة»، والتي كتب بها مصطفى أمين عمودًا أسبوعيًا، وشغل منصب رئيس تحريرها.
قدم أمين في معظم موضوعاته الصحافية فكرة الصحافة الحرة والليبرالية الغربية، وتجاهل الأجندة السياسية للحكومة، وانتقد حكامًا مثل الملك فاروق، مما أدى في النهاية إلى سجنه عام 1939. كما تم اعتقاله أيضًا في عام 1965 من قبل الرئيس جمال عبد الناصر.
تجدر الإشارة إلى أن مكتبة وأرشيف الكتب النادرة والمجموعات الخاصة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، تضم مجموعات شخصية مهداة من الأمين العام السابق للأمم المتحدة، بطرس بطرس غالي، والصحافي المصري أنيس منصور.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».