باريس تستعجل إطلاق «مؤسسة الإسلام في فرنسا» رغم الأجواء المتشنجة

وزير الداخلية يريد «جسرًا» بين المسلمين والجمهورية

باريس تستعجل إطلاق «مؤسسة الإسلام في فرنسا» رغم الأجواء المتشنجة
TT

باريس تستعجل إطلاق «مؤسسة الإسلام في فرنسا» رغم الأجواء المتشنجة

باريس تستعجل إطلاق «مؤسسة الإسلام في فرنسا» رغم الأجواء المتشنجة

بعيدا عن ضوضاء الجدل الذي أثاره «البوركيني» بين المدافعين عنه والرافضين له، نجح وزير الداخلية الفرنسي وشؤون العبادة، أمس، في توفير جو ملائم للحوار بين الدولة وممثلي مسلمي فرنسا، في إطار البحث عن صيغ إطلاق «مؤسسة الإسلام في فرنسا».
والطريق إلى ذلك يمر، وفق برنار كازنوف، عبر إيجاد «مؤسسة الإسلام في فرنسا» التي ستعود رئاستها لوزير الداخلية الأسبق وعضو مجلس الشيوخ جان بيار شوفنمان، إضافة إلى جمعية تناط بها مهمة توفير الأموال اللازمة لبناء المساجد في فرنسا وتأهيل الأئمة، وأخيرا إيجاد معاهد متخصصة.
وتأتي فعاليات يوم أمس استكمالا لما كان قد بدأه كازنوف الذي تعود إليه شؤون الأديان قبل عدة أشهر، عندما عمد إلى تنظيم مشاورات واسعة ومكثفة مع طيف من المسؤولين عن الجالية المسلمة ومن المتخصصين بالشؤون الإسلامية والنواب والمجتمع المدني. والدافع إلى ذلك كان بلا شك تكرار العمليات الإرهابية التي ضربت فرنسا منذ بداية العام الماضي وتحججها بالإسلام فضلا عن تأجج شعور العداء للمسلمين واستقواء اليمين المتطرف واليمين المتشدد. وبرزت للدولة الحاجة لإيجاد «محاور» عن المسلمين يتمتع بالمصداقية، وهو ما يستشعره مسؤولو المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أنفسهم.
ما يميز ما حصل أمس عما جرى سابقا أن المشاورات التي أجراها وزير الداخلية وفريقه مع مسؤولين دينيين وبرلمانيين ووجوه إسلامية بارزة وأكاديميين يراد منها أن تفضي إلى تدابير «عملية»، تهدف إطلاق «مؤسسة الإسلام في فرنسا» رسميا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.
وفي مقابلة مع صحيفة «لا كروا» نشرت أمس، أكد كازنوف أن رئاسة «المؤسسة» ستعود إلى شوفينمان البالغ من العمر 77 عاما الذي قبل المهمة باعتبارها «أساسية» في المرحلة الراهنة. وإلى جانب الوزير الأسبق، سيتولى الإدارة مجلس مشكل من 11 عضوا بينهم ثلاثة عن وزارات الداخلية والتعليم والثقافة واثنان يمثلان المانحين والسادس شخص رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، والآخرون متنوعون هم الكاتب المغربي الطاهر بن جلون، والأكاديمي غالب بن شيخ، ومدير مسجد مدينة كيون كامل قبطان، وامرأة واحدة هي نجوى عردويني - الأطفاني التي ترأس نادي «القرن الحادي والعشرون» والناشطة في الحقل الفكري والاجتماعي.
حتى اليوم، كانت الدولة، ومعها الجالية الفرنسية المسلمة، تواجه صعوبات في توفير الأموال لبناء المساجد في فرنسا باعتبار أن فصل الدولة عن الدين لا يتيح للأولى أن تمول أنشطة دينية مهما تكن. أما الجالية المسلمة التي تشكو دوما من النقص الفاضح في عدد المساجد لاستيعاب المصلين، فكانت تعتمد على التبرعات وعلى الدعم الخارجي. لذا، فإن الهدف الأول من المؤسسة هو «قطع حبل السرة» بينه وبين الخارج، ليس فقط في موضوع التمويل، ولكن أيضا في موضوع تأهيل الأئمة الذين يأتون في غالبيتهم من بلدان «المنشأ». وغرض الحكومة كما هو واضح من تصريحات مسؤوليها «حماية الإسلام الفرنسي من التأثيرات الخارجية ومن النزاعات الطارئة التي تنعكس على أداء مؤسساته في الداخل».
وأبعد من ذلك، تريد باريس أن ترسم الإطار لموقع الإسلام، وهو الديانة الثانية من حيث العدد، في المجتمع.
يقول كازنوف في حديثه الأخير إن المشاورات الموسعة التي أجراها «تمثل مرحلة جديدة لإنجاح مشروع بروز إسلام فرنسا في إطار احترام قيم الجمهورية». بيد أن مشروع إطلاق «مؤسسة الإسلام في فرنسا» ليس جديدا لأنه أطلق في عام 2005 على يدي رئيس الوزراء الأسبق دومينيك دو فيلبان. لكن هذه الهيئة ما لبثت أن غرقت سريعا في نزاعات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي وضعت في عهدته.
وجديد المشروع الحالي أنه ينص على مؤسسة «مدنية» من جهة، وعلى إطلاق جمعية رعوية. الأولى يمكن أن تحصل على مساعدات من الحكومة الفرنسية ومن القطاع الخاص ومن المتبرعين، باعتبار أنها ليست دينية، بل هدفها، وفق شوفينمان، تعريف الإسلام في فرنسا والتشجيع على إطلاق الدراسات والأبحاث ودعم التعليم وتوفير التعليم الأكاديمي المدني للأئمة والمساعدة على التعريف بالإسلام؛ وكلها أهداف ثقافية مدنية. وتشجيعا لانطلاقة «المؤسسة»، ستوفر الحكومة في مرحلة أولى مليون يورو، وسيضاف إلى هذا المبلغ مليون يورو آخر موجود في صندوق المؤسسة السابقة التي لم تستخدمه بسبب الخلافات الداخلية.
أما الهيئة الثانية، فستكون متخصصة في توفير الأموال لبناء المساجد وتعليم وتأهيل الأئمة دينيا، ولن تحصل على تمويل حكومي بل خاص مصادره التبرعات من الأفراد والمؤسسات، وخصوصا من خلال فرض رسم على تجارة اللحم الحلال. يبقى أن المشاورات تهدف كذلك إلى تحديد شكل الضلع الثالث من مساعي دمج الإسلام في البنية الاجتماعية والثقافية الفرنسية من خلال إنشاء معاهد الدراسات المتخصصة بالعلوم الإسلامية.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.