اتفاق الحسكة يترنّح بعد سيطرة «الآسايش» على إدارات رسمية وطرد موظفيها

الأكراد يتهمون النظام بالتنصل من اتفاق حميميم.. والرهان على متغيّرات التدخل التركي

اتفاق الحسكة يترنّح بعد سيطرة «الآسايش» على إدارات رسمية وطرد موظفيها
TT

اتفاق الحسكة يترنّح بعد سيطرة «الآسايش» على إدارات رسمية وطرد موظفيها

اتفاق الحسكة يترنّح بعد سيطرة «الآسايش» على إدارات رسمية وطرد موظفيها

رافقت الشكوك مجددًا اتفاق الحسكة الذي تمّ التوصل إليه، أخيرا، بين النظام السوري ووحدات حماية الشعب الكردي في قاعدة حميميم الجوية برعاية روسيّة، بعد سيطرة القوات الكردية، أمس، على المقرّات الرسمية في حيي غويران والنشوة المتاخمين للمربّع الأمني المتبقي للنظام في المدينة، وطرد الموظفين، فيما اتهمت القوات الكردية نظام الأسد بالإخلال ببنود اتفاق حميميم، وعدم الإيفاء بتعهداته بسحب جنوده وعناصر ميليشيات الدفاع الوطني من أحياء المدينة.
وأعلن مصدر رسمي تابع للنظام السوري في محافظة الحسكة في شمال شرقي سوريا، لوكالة الأنباء الألمانية، أن «مسلحي الشرطة الكردية (الآسايش) منعوا العاملين في الدوائر الرسمية الواقعة في حيي غويران والنشوة من الدخول إلى دوائرهم وطردهم»، متهمًا الآسايش بـ«سرقة محتويات الدوائر بشكل كامل ونقلها إلى مدينة الدرباسية شمال مدينة الحسكة، بما فيها كليتا الاقتصاد والهندسة المدنية». وقال إن «قوات الآسايش حولت مقر الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش إلى مقر لما يسمونه الأمن العام»، لافتا إلى أنه «تم تركيز أكثر من حاجز وسط حي غويران والمفارق الرئيسية، خلافًا لما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الذي عقد في قاعدة حميميم الجوية برعاية روسية».
لكن الجانب الكردي سارع إلى تحميل النظام مسؤولية ما آلت إليه الأمور، واعتبر عبد السلام أحمد القيادي في «حركة المجتمع الديمقراطي» الكردية في الحسكة، أن التوتر الجديد سببه «عدم قيام النظام بتنفيذ بنود اتفاق حميميم، خصوصًا ما يتعلّق بتسليم حماية الأمن الداخلي للمدينة إلى شرطة الآسايش». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «قوات النظام وعناصر ميليشيات الدفاع الوطني لا يزالون منتشرين في السوق والأحياء، في الوقت الذي وفت وحدات الحماية بتعهداتها، وقامت بفتح طريق الحسكة ــ القامشلي وبتسليم جثث قتلى النظام».
ويبدو أن ثمة أسبابًا جوهرية وراء تلكؤ النظام التأخر بتنفيذ بنود الاتفاق، بحسب القيادي الكردي الذي قال: «النظام لا يزال مترددًا بتنفيذ الاتفاق، ويسعى إلى الالتفاف عليه، خصوصًا بعد الهجوم التركي على جرابلس، وهجوم تنظيم داعش على الشدادي»، معتبرًا أن «دأب النظام يبقى استغلال الفرص للتحلّل من التزاماته».
وتوصلت قوات الأسد ومسلحو «الآسايش» منتصف الأسبوع الماضي، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، نص على تبادل الأسرى وخروج جيش النظام ومسلّحي ميليشيات الدفاع الوطني ووحدات الحماية الكردية من مدينة الحسكة، والإبقاء على قوات «الآسايش» الكردية والشرطة والأجهزة الأمنية التابعة للنظام في مواقعها، إضافة إلى فتح الطرقات بين مدينة الحسكة وخارجها، خصوصًا باتجاه القامشلي.
وكشف المصدر التابع للنظام أن الأخير «يتجه إلى حل فرع جامعة الفرات ونقل جميع طلابه إلى المحافظات الأخرى، وتوقيف إصدار كل الوثائق الرسمية الخاصة بمديرية الأحوال المدنية، وإيقاف العمل في فرع الهجرة والجوازات، وتحويل إصدار الوثائق إلى دمشق بسبب خروج هذه الدوائر عن السيطرة، ورفع علم غير علم الجمهورية العربية السورية». وأضاف أن الأهالي متخوفون من تجدد الاشتباكات اليوم، باعتباره آخر موعد لتنفيذ بنود اتفاق حميميم.
وفيما لم تعرف خلفيات نقل النظام للإدارات الرسمية من الحسكة، رأى القيادي الكردي عبد السلام أحمد، أن «الصورة ليست واضحة ما إذا كان النظام بصدد إجلاء المؤسسات الإدارات إلى خارج الحسكة». لكنه لفت إلى أن وحدات الحماية «مصرّة على أن تكون كل الأحياء المحيطة بالمربع الأمني والتي تتركز فيها دائرة النفوس ودائرة الهجرة وفروع الجامعات تحت سيطرة وحدات الحماية». وعمّا إذا كان ثمة تخوف من عودة الاشتباكات قال أحمد: «المعلومات التي تردنا أن النظام يعيد تدشيم مواقعه في محيط الحسكة، وهذا يعني أنه يستعدّ للقتال». لكنّه ذكّر بأن منطقة «روج آفا» هي «تحت سيطرة التحالف الدولي، والأميركيون حريصون على العلاقة الجيدة مع قوات سوريا الديمقراطية، ولن يسمحوا للنظام باستئناف هجماته على الحسكة، فالخطوط الحمراء لا تزال مرسومة أمامه في هذه المدينة».
إلى ذلك، نقلت الوكالة الألمانية عن مصدر أمني سوري، أن «سلسلة اجتماعات تعقد حاليا مع الجانب الكردي من أجل مناقشة وتنفيذ بنود الاتفاق، وأبرزها موضوع المعتقلين والأسرى، والذي لم يتم الانتهاء منه بسبب وجود مفقودين من الطرفين ومصيرهم مجهول».
وتبادلت القوات الحكومية يوم الجمعة الماضي دفعة من الأسرى والمعتقلين، حيث أطلقت الأجهزة الأمنية سراح 10 معتقلين لديها، بينما تسلمت 150 أسيرا غالبيتهم من قوات الدفاع الوطني كانت «الآسايش» اعتقلتهم خلال الفترة الماضية. وما تزال قوات «الآسايش» تطالب بتسعة مفقودين من عناصرها حيث تتهم القوات الحكومية باعتقالهم وإخفائهم.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.