ليبيا: تصعيد سياسي خطير بين البرلمان وحكومة الوفاق الوطني

اتخذ أمس الصراع السياسي بين البرلمان الليبي والحكومة طابعًا خطيرًا، بعد أن طالب المستشار عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي، ومقاطعان لاجتماعات المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، من رئيس الحكومة فائز السراج التنحي عن منصبه، فيما اشترط عضو مقاطع لمجلس حكومة السراج لحضوره اجتماع المجلس أن يعقد في مقر آخر بخلاف العاصمة طرابلس، التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة.
واعتبر صالح في تصريحات بثتها وكالة «الأنباء الليبية» الموالية له، أن القرارات الصادرة عن المجلس الرئاسي للسراج في حكم العدم، وقال إنه يطلب من السراج التنحي عن منصبه وترك المجال لغيره، على حد تعبيره. ونفى صالح أن يكون البرلمان الموجود بمدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي قد منح فرصة ثالثة لمجلس السراج لعرض تشكيلة وزارية جديدة لحكومته على البرلمان، لافتًا إلى أن أحد أعضاء البرلمان اقترح هذا، لكن طلبه رفض من بقية الأعضاء.
وأكد صالح أن التشكيلة الحكومية الجديدة يجب أن يتم اختيارها بالتوافق من قبل الأعضاء التسعة بالمجلس الرئاسي طبقًا لاتفاق الصخيرات الذي وقع في المغرب نهاية العام الماضي، على أن يتم إرسالها مع السير الذاتية للوزراء خلال 10 إلى 15 يومًا، وأن هذه تعتبر فرصة أخيرة لهذا المجلس.
وأبدى صالح استياءه من إصرار السراج على المضي في خرق الدستور والاتفاق السياسي، وعدم استغلال فرصة عدم منح الثقة لحكومته لإيقاف تفويض الوزراء العاملين بخلاف الدستور.
وانتقد تأييد رئيس بعثة الأمم المتحدة، مارتن كوبلر، لما وصفه بخروقات المجلس الرئاسي، مؤكدًا أنه يحلم بأن يكون حاكمًا لليبيا ويتدخل في من يبيع النفط، ومن يكون القائد الأعلى للجيش، ويعطي هذه الصفة للمجلس الرئاسي ويزيد من الانقسام في البلاد.
ورأى أن كوبلر «لم يعد قادرًا على لعب دور إيجابي في حل الأزمة في ليبيا»، مقترحًا ضم شخصيات عربية ودولية أخرى لضمان الحيادية في حل الأزمة، متهمًا كوبلر بأنه لا يحترم إرادة مجلس النواب الممثل لإرادة جميع أبناء الشعب.
وأضاف: «الدعم الدولي المقدم للسراج غير مشروع، وعلى المجتمع الدولي التوقف عن التدخل في الشؤون الليبية ومحاولة فرض حكومة وصاية، وترك الشعب الليبي ليقرر من يحكمه عبر شرعية البرلمان المنتخب».
من جهته، قال علي القطراني، العضو المقاطع لاجتماعات مجلس حكومة السراج، إنه لن يشارك في أي اجتماع للمجلس، ما لم يكن مكان الاجتماع في مدينة ليبية تسيطر عليها الشرطة والجيش النظاميان.
وأعرب القطراني، في بيان أصدره مساء أول من أمس، عن مخاوفه المتعلقة باستمرار النفوذ السياسي لجماعات مسلحة في ليبيا المنتجة للنفط، وقال إن أكثر ما يقلقه هو حقوق منطقة برقة وهي المنطقة الشرقية من ليبيا وسكانها الذين يمثلهم وتضحيات أبنائهم في الشرطة والجيش. وأوضح أنه أدهشه انتقال المجلس الرئاسي من تونس إلى طرابلس في شهر مارس (آذار) الماضي، رغم أن اتفاق الصخيرات المدعوم من الأمم المتحدة ينص على أن مقر اجتماعات المجلس الرئاسي سيكون العاصمة الليبية طرابلس، لكن فقط بعد أن تغادرها الجماعات المسلحة.
وتعول الدول الغربية على حكومة السراج باعتبارها الخيار الأفضل للتعامل مع حالة الفوضى السياسية والفراغ الأمني والانهيار الاقتصادي الذي تشهده ليبيا منذ الانتفاضة الليبية التي أطاحت بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي قبل خمس سنوات.
ونتيجة لاتفاق الصخيرات الذي توسطت فيه الأمم المتحدة ووُقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وصلت حكومة السراج إلى العاصمة الليبية طرابلس بغرب البلاد بعد ذلك بثلاثة أشهر وبدأت تدريجيًا في تعيين الوزراء.
لكنها فشلت في كسب تأييد البرلمان القائم من قبل تشكيلها في الشرق وهو أمر يعتبر ضروريًا لتتمكن من بسط نفوذها في مختلف أرجاء البلاد.
وقال المجلس الرئاسي الأسبوع الماضي إنه سيعيد إرسال قائمة بالوزراء للبرلمان في الشرق، بعد أن صوّت مشرعون هناك للمرة الثانية على رفضها.
وغادر البرلمان الذي يتخذ من شرق ليبيا مقرًا له، طرابلس عام 2014 عندما سيطرت عليها قوى معارضة مسلحة وأقامت فيها مؤسسات موازية، فيما حلّت حكومة السراج محل الحكومة السابقة في طرابلس لكنها تواجه صعوبة في كسب تأييد شعبي.
إلى ذلك، قالت القوات الموالية لحكومة السراج والتي تقاتل تنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية، إنها فقدت 18 من عناصرها وأصيب 120 آخرون بجروح في معارك اندلعت مع توغل القوات الحكومية في المعقلين الأخيرين للمتطرفين.
ونشر المستشفى الميداني الخاص بالقوات الحكومية في سرت التي تبعد 450 كيلومترًا شرق العاصمة طرابلس على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أسماء 18 عنصرًا من هذه القوات قضوا في سرت، معلنًا أيضًا أن عدد المصابين وصل إلى 120.
ودخلت قوات حكومة السراج المعقلين الأخيرين للتنظيم المتطرف في سرت مع انطلاق المرحلة الأخيرة من عملية استعادة المدينة من الإرهابيين، والتي سبقها حشد عسكري عند مداخل المعقلين، حيث يشارك نحو ألف مقاتل في الهجوم الذي تشنه هذه القوات في الحي رقم 1 شمالاً والحي رقم 3 شرقًا.