الطريق إلى «المراقشة».. آخر معاقل «القاعدة» في أبين

80% من مديريات المحافظة تعود إلى سلطة الدولة بدعم التحالف

أحد عناصر الأمن اليمني في زنجبار عاصمة أبين بعد تطهيرها من الإرهاب الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
أحد عناصر الأمن اليمني في زنجبار عاصمة أبين بعد تطهيرها من الإرهاب الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

الطريق إلى «المراقشة».. آخر معاقل «القاعدة» في أبين

أحد عناصر الأمن اليمني في زنجبار عاصمة أبين بعد تطهيرها من الإرهاب الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
أحد عناصر الأمن اليمني في زنجبار عاصمة أبين بعد تطهيرها من الإرهاب الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)

باتت القوات الأمنية اليوم تفرض سيطرتها الكاملة على ما نسبته أكثر من 80 في المائة من مساحة محافظة أبين الاستراتيجية، ولم يتبق سوى 3 مدن ريفية من أصل 11 مدينة تضمها المحافظة الساحلية، وذلك خلال أقل من أسبوعين من انطلاق الحملة العسكرية لتطهيرها من الجماعات الإرهابية بدعم وإسناد قوات التحالف العربي بعدن، وفقا لمصادر أمنية.
وبدأت الحياة تدب في المدينة التي كانت خارجة عن سلطة الدولة والنظام والقانون، وسط ترحيب السكان المحليين، واستمرار الحملات العسكرية وحملات الدهم حتى تطهير كل شبر في المدينة بحسب تصريحات مدير شرطة المحافظة عبد الله الفضلي.
فيما تواصل قوات الحزام الأمني بمحافظة أبين (80 كيلومترا شمال شرقي عدن) بدعم وإسناد من قوات التحالف فرض كامل سيطرتها على مديريات ساحل وريف أبين قواتها ونقاطها الأمنية على امتداد سواحل المحافظة حتى حدود محافظة شبوة، وذلك بعد يومين من إعلان سيطرتها الكاملة على مدينتي أحور والمحفد الساحليتين.
وكشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر محلية في مدينة زنجبار، عاصمة أبين، عن استعدادات مكثفة تجريها قوات الحزام الأمني والمقاومة بالتنسيق مع قوات التحالف العربي، لدخول حملة عسكرية ضخمة إلى منطقة «خبر المراقشة» القريبة من مدينة شقرة الساحلية جنوب زنجبار لاستكمال عمليات التطهير للجماعات الإرهابية بالمدينة.
وتعد «خبر المراقشة» منطقة استراتيجية «ساحلية - جبلية»، المعقل الرئيسي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ومسقط رأس زعيم التنظيم الإرهابي في أبين جلال بلعيدي، الذي قتل في غارة جوية لطائرة من دون طيار في شهر فبراير (شباط) من العام الحالي 2016.
وكانت قوات الجيش والمقاومة بمحافظة أبين قد أعلنت، أول من أمس، السيطرة الكاملة لقواتها على مديرية المحفد شمال شرقي المحافظة الساحلية، وكذا مديرية أحور الساحلية، وتطهيرهما من الجماعات الإرهابية بدعم من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، حيث شرعت القوات الأمنية بتمشيط المدينة، ونشر قواتها لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة ذات السلسلة الجبلية الوعرة والاستراتيجية الممتدة إلى مدينة العرم التابعة لمديرية حبان بمحافظة شبوة.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال مدير عام الإعلام بمحافظة أبين ياسر العزب إن القوات الأمنية والجيش والمقاومة المسنودة بقوات التحالف العربي سيطرت حتى اللحظة على ما نسبته 80 في المائة من مدن المحافظة التي تضم 11 مديرية جميعها تحت سيطرة قوات الحزام الأمني عدا مدن 3 مديريات ريفية هي مناطق يافع السفلى «سرار، ورصد، وسباح».
وأكد العزب أن القوات الأمنية مستمرة في حملاتها العسكرية حتى يتم تطهير كل شبر في أبين من الجماعات الإرهابية، وأن الوضع الأمني مستتب جدا وسط جهود حثيثة وبدعم من قوات التحالف العربي لاستعادة هيبة الدولة إلى أبين وتفعيل مراكز الشرطة والمرافق الحكومية في تواصل، وسط ترحيب شعبي ورسمي بانتشار القوات الأمنية واستتباب الأمن والاستقرار بالمحافظة، على حد قوله.
وأضاف: «نأمل أن يكون الانتشار الأمني دائما في عموم مدن المحافظة حتى تستعيد المدينة هيبة الدولة وسلطة النظام والقانون، حيث يعول سكان المحافظة على قوات الحزام الأمني ودعم التحالف العربي لها لاستكمال عمليات التطهير وتفعيل المعسكرات والمقار الأمنية لتعقب الجيوب الإرهابية وحفظ أمن واستقرار المحافظة الساحلية الاستراتيجية»، لافتا إلى أن الحياة بدأت تدب في المحافظة بشكل طبيعي، وخلال أقل من أسبوعين من تطهير أبين من الإرهابيين.
بدوره، قال ذو يزن مخشف لـ«الشرق الأوسط» إن استكمال قوات الجيش والأمن السيطرة التامة على محافظة أبين بجميع مناطقها وريفها في وقت قياسي دلالة على صدق نوايا السلطة الشرعية ومن يمثلها على الأرض في المحافظات الجنوبية المحررة لإعادة البلاد إلى طبيعتها والتخلص من كل أشكال المظاهر والقضايا التي تعبث بأمنها والأمن القومي للمنطقة.
ولفت مخشف إلى تسجيل السلطة الشرعية ضربة قوية وعلامة مضيئة في ذلك النصر الكبير تشاركهم فيها دول التحالف العربي كما يبرز حجم التعاون اللامحدود بين الطرفين ليحفظ في تاريخهم. ويعطي استعادة بلدتي أحور والمحفد كآخر مناطق تابعة لمحافظة أبين وانتزاعها من أيدي مسلحي القاعدة دافعا كبيرا للدولة للمضي قدما في استكمال برامج إعادة الأوضاع في المحافظات المحررة وتطبيعها بتثبيت سلطاتها الدولة القوية كتفعيل دور أقسام الشرطة ونشر القوة العسكرية الأزمة، وهو ما ستبدأ خطواتها خلال الأيام المقبلة. وتوقع مخشف في سياق حديثه أيضا بدء السلطات المحلية إعادة الخدمات الأساسية تدريجيا وتشغيل مكاتب الوزارات وبالخصوص ذات النشاط الاجتماعي والتنموي، بحيث تقترب إلى تلمس احتياجات المواطنين ومتطلباتهم، وفي جهة ثانية تسعى إلى محاولة حلحلة أزمات القضايا التي يعانونها، على حد تعبيره.
ودشنت قوات الحزام الأمني في أبين حملتها العسكرية لتطهير أبين من الجماعات الإرهابية في منتصف شهر أغسطس (آب) الحالي، وذلك بدعم وإشراف من قوات التحالف العربي العربي، حيث نجحت الحملة العسكرية من السيطرة على عاصمة المحافظة زنجبار بعد أقل من 10 ساعات من انطلاق الحملة من عدن بقيادة مدير شرطة أبين عبد الله الفضلي وقائد قوات الحزام الأمني بالمحافظة عبد اللطيف السيد.
وكانت الجماعات الإرهابية تسيطر على محافظة أبين خصوصا مديرتي زنجبار وجعار كبرى مديريات المدينة الساحلية منذ ما بعد حرب مارس (آذار) 2015، التي شنتها ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح ضد أبين والجنوب، مستغلة بذلك الفراغ الأمني وأوضاع الحرب مع الميليشيات الانقلابية.
وتشهد المحافظة جهودا حثيثة لقيادة السلطة المحلية والأمنية في أبين وبدعم كبير من التحالف لإعادة المدينة إلى وضعها الطبيعي، وتفعيل مراكز الشرطة والمعسكرات والمؤسسات الحكومية للعمل، حيث تعيش أبين أوضاعًا أمنية مستتبة وعادت للحياة بشكلها الطبيعي، وبدأت المرافق الحكومية بفتح أبوابها وتقديم خدماتها للمدينة خلال أقل من أسبوع من تطهير المحافظة من التنظيم الإرهابي.
وما زالت قوات الحزام الأمني تواصل حملاتها العسكرية ضد الجماعات الإرهابية بعد أن تمكنت من تطهير ما نسبته 80 في المائة من مدن وأرياف المحافظة الساحلية، وسط إجراءات أمنية مشددة وحملات دهم واعتقالات للجيوب الإرهابية في أحور وزنجبار وجعار ولودر وموديه والمحفد، وتمكنت من ضبط معامل لصناعة العبوات الناسفة والسيارات المفخخة وإحباط عمليات إرهابية واعتقال عدد من العناصر الإرهابية في المدينة.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.