معرض «#جيل» ينقل الوجه الإبداعي السعودي للجمهور الأميركي

تشارك فيه مجموعة ضخمة من الأسماء الفنية في المملكة

أعمال الفنان عبد الناصر الغارم في معرض «#جيل» في سان فرانسيسكو
أعمال الفنان عبد الناصر الغارم في معرض «#جيل» في سان فرانسيسكو
TT

معرض «#جيل» ينقل الوجه الإبداعي السعودي للجمهور الأميركي

أعمال الفنان عبد الناصر الغارم في معرض «#جيل» في سان فرانسيسكو
أعمال الفنان عبد الناصر الغارم في معرض «#جيل» في سان فرانسيسكو

ترسم مجموعة واعدة من المواهب السعودية لوحة للمشهد الإبداعي في المملكة عبر معرض لأعمالهم يقام حاليا في مدينة سان فرانسيسكو. ويحسب للمنظمين أنهم فتحوا آفاقا جديدة للفن القادم من المملكة ليتحدوا به الكثير من الأفكار والانطباعات النمطية التي تسود في الغرب. المعرض يقام برعاية مركز الملك عبد العزيز الثقافي وبشراكة مع استوديو غارم الذي أسسه الفنان السعودي عبد الناصر الغارم. يستمر المعرض الذي انطلق من متحف ستيشن في هيوستن ومر بمدينة آسبن بكولوردو، لينهي جولته في السادس من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
يضم المعرض مجموعة ضخمة من الأعمال سجلت إعجابا وتقديرا من الجمهور العربي حين عرضها للمرة الأولى في السعودية، منها أعمال للفنان عبد الناصر الغارم مثل «لا دموع بعد اليوم» و«الصراط» والتي ميزت مسيرة الغارم ووضعته في مقدمة صف الفنانين السعوديين المعاصرين. من الفنانين المشاركين أيضًا الفنان عجلان غارم والذي يشارك بعمل عرض من قبل لندن وهو «للجنة أبواب عدة» ويصور مسجد بني من دون جدران في وسط الصحراء، العمل حمل تفسيرات كثيرة ربما من أهمها التيارات المتطرفة واستخدامها لدور العبادة لنشر الفكر المتطرف. العمل موحي ويجذب البصر، خاصة وأن عناصر التنفيذ محدودة ولكنها تحمل رسالة واضحة تماما كوضوح عناصر الصورة.
الفنانة منال الضويان تشارك في المعرض بعملها المميز «شجرة العائلة»، الذي عرض للمرة الأولى في جدة، وكانت الفنانة قد علقت وقتها على عملها قائلة إنه يقدم «شجرة العائلة هي الحياة والتاريخ من المنظور النسائي، الرجال قدموا لنا رؤية لتاريخ المجتمع السعودي متأثرة بعوامل خارجية يعايشونها مثل السياسة والعلاقات الاجتماعية، لكن النساء لهن تاريخ مختلف، فهن يعشن في البيوت، يمكننا رصد التاريخ الشعبي، العادات والتقاليد عن طريقهن. شجرة العائلة التي أقدمها ستضم أيضًا التراث الشفهي وأغاني الأطفال والحكايات والقصص المتوارثة عن الأمهات والجدات، كل تلك العناصر ترسم لنا صورة لتقاليد وعادات المجتمع السعودي من وجهة نظر المرأة». العمل الذي شاركت في تكوينه نساء سعوديات من أجيال مختلفة يحمل بجانب العنصر الجمالي المبهر، هو أيضًا يصور تسعة أجيال من النساء السعوديات كتبن أسماءهن على أوراق شجر ذهبية توالت منتظمة في عقد ضخم يخرج للعلن اسم امرأة سعودية كانت لها حياة كاملة وأثرت في أجيال بعدها.
الفنان راشد الشعشعي قدم في المعرض عمله «شهي» والمكون من قطع من سجاد مقطعة على هيئة حلقات، السجادة كرمز للثقافة العربية وتقسيمها قد يشير للصراعات السياسية التي أدت لتقسيم المنطقة.
الجميل في معرض «#جيل» هو أنه يقدم أكثر من جيل من الفنانين، ويجمعهم الفن والتعبير الخلاق عن المجتمع السعودي، من الأعمال المشاركة عمل «محارم» للفنان أيمن يسري وعمل للفنان راشد الشعشعي والفنانة دانه عورتاني ونجود العنبري وشاويس وظافر الشهري وعهد العمودي وأحمد عنقاوي ونغيمشي.
ومن جانبه، علق الدكتور خالد اليحيي مدير البرامج في مركز الملك عبد العزيز الثقافي على المعرض المتجول أنه يهدف لـ«توفير منصة لخلق خطاب بديل لتحقيق التعاطف الثقافي بين المجتمعات».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».