«حكايا مسك».. 8 آلاف طفل يتعلمون أساليب ملهمة في صناعة القصص

ورش للتدريب على تقنيات الرسم الإلكتروني وبناء العلامة التجارية على شبكات التواصل

طفلتان تتدربان على الرسم في المؤلف الصغير
طفلتان تتدربان على الرسم في المؤلف الصغير
TT

«حكايا مسك».. 8 آلاف طفل يتعلمون أساليب ملهمة في صناعة القصص

طفلتان تتدربان على الرسم في المؤلف الصغير
طفلتان تتدربان على الرسم في المؤلف الصغير

خصصت فعاليات «حكايا مسك» التي تنظمها مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز (مسك الخيرية)، حيزًا كبيرًا لمشاركة الأطفال، وذلك عبر «قسم المؤلف الصغير»، الذي تولى مختصون فيه تدريب 8147 طفلاً خلال الأيام الثلاثة الأولى من الفعاليات على أساليب تعليمية ملهمة في صناعة الحكايا.
وشملت الفعاليات تدريب الأطفال على نقل الفكرة إلى حيز الواقع عبر كتابة الجمل، وتوظيف الرسوم لصناعة قصة مصورة متكاملة، إضافة إلى تعليمهم أساليب حديثة في كيفية التعبير عمّا يجول في أذهانهم.
وشهدت فعاليات «حكايا مسك» حضور 43755 زائرًا وزائرة خلال الأيام الثلاثة الأولى، توزعوا بين الفعاليات المتنوعة، ومنها الأقسام الإبداعية وهي أقسام الكتابة، والرسم، ومعمل الأنميشن، واستوديو الإنتاج التي حضرها خلال الأيام الثلاثة الأولى 11135 شابًا وشابة، شملت ورش عمل وحلقات نقاش قدمها شباب سعوديون عن كيفية نجاحهم في مشاريعهم.
وتنوعت مواضيع ورش العمل في هذه الأقسام بين قواعد وأشكال الحوار الروائي، وكتابة النص الهزلي، وكيفية بناء العلامة التجارية للأشخاص على الشبكات الاجتماعية، ورسم الشخصيات، واستخدام أدوات رسم الشخصيات، ورسم الاسكتشات وتوزيع العناصر بالصفحة، وتقنيات الرسم الإلكتروني، وتحويل السيناريو إلى قصة مصورة، وتقمص شخصية كرتونية، وتوظيف الأصوات في الرسوم المتحركة، وإدارة الإنتاج، وتصوير حياة الناس بالهاتف والكاميرا الاحترافية.
وفي قسم «حكايا شباب» قدّم الراوي الشاب سلطان الموسى قصصًا متنوعة من التاريخ، مستخرجًا منها حكم وعبر لإلهام الشباب، في حين خصص آخرون وقتًا لمشاهدة الأعمال الإبداعية التي يقوم عليها مبدعون، سواء في مجال الرسم أو النحت والنقش.
وشاهد زوار «مسرح حكايا» مسرحيات كوميدية قدمتها فرق سعودية شابة، منها مسرحية «سكلولو»، وفيلم «شكوى»، وفيلم «ماطور».
وفي قسم «حكايا مرابطين» الذي يستضيف كل يوم إعلاميين كان لهم تجارب ومواقف في تغطياتهم الإعلامية على الحد الجنوبي للسعودية، تحدث المراسل الحربي هاني الصفيان الذي يعمل لصالح قناة «العربية»، عن القصص التي عايشها طيلة عام كامل، مشيرًا إلى أن ما يعيشه المرابطون من حماسة انعكس إيجابًا على عمله. وتابع: «كنت أتردد كثيرًا على إحدى الكتائب لتصوير الأحداث، والتقيت الشهيد علي عبده التابع للقوات الخاصة الذي طلب مني عدم الخروج مع كتيبته ذلك اليوم لأن الموقع خطير، وأكد لي أنه سينتصر في ذلك اليوم لكنه سيستشهد، وفعلاً استشهد رحمه الله».
وأضاف الصفيان أن «الشهيد» كان يضع في صورة في تطبيق واتساب تحمل عبارة: «وجه رصاصك على جسدي أموت أنا اليوم ويحيا غدًا وطني».
*****هايدي تستوقف الزوار
استهوت دميتا «غراندايزر» و«هايدي» اليابانيتان، اللتان عرضتهما مجموعة «ساكورا المملكة» المشاركة في «حكايا مسك»، جيل الثمانينات.
وذكرت شذى الدوس ممثلة المجموعة التي تهتم بنشر ثقافتي الرياض وطوكيو، أن أكثر من توقف لدى الدميتين وأقبل على شرائهما هم في العقد الثالث، ممن عايشوا العرض الأول لهذين الفيلمين أيام الصغر.
غير أن ذلك لا يلغي حقيقة وقوف العشرات من صغار السن عند دميتي غراندايز وهايدي اللتين شكلتا في وقت من الأوقات مصدر إلهام لجيل الثمانينات، طبقا للدوس، مستفيدين من اصطحاب آبائهم وأمهاتهم لهم بتوجيه الأسئلة عن تلك الحقبة، والأجواء المرافقة لأحداث الفيلمين.
إلى جانب هاتين الشخصيتين، عرضت المجموعة في «سوق حكايا» شخصيات كرتونية أخرى أنتجت حديثًا، مستهدفة الجيل الحالي.
وتستفيد الكثير من شركات الإنتاج التلفزيوني العاملة في صناعة «الأنميشن» من الشخصيات الأكثر تأثيرا في أوساط المشاهدين، لتشكل عنصر جذب لهم، حيث لوحظ استفادة أحد تلك الشركات من شخصية «هزار» التي قدمها الممثل السعودي فهد الحيان، وقدمتها في أحد نشراتها التعريفية بطريقة كرتونية بتقنية الأنميشن.
وفي الطرف الآخر من سوق حكايا مسك، كان عبد الرحمن القاضي يقف إلى جانب مكتبته المهتمة بإنتاج القصص الخاصة بالأطفال وتحمل شعار «كان يا ما كان». وأكد القاضي وجود تباين في اهتمامات العائلة السعودية تجاه قصة الطفل، ففي الوقت الذي يركز فيه الآباء والأمهات على محتوى القصة، ينجذب أطفالهم بشكل أكبر إلى ما تحتويه من رسومات.
* الموهبة مصدر رزق
وإلى جانب كونها مساحة للإبداع، كانت فعاليات «حكايا مسك»، فرصة لتسويق إبداعات الرسامين، وهواة التعامل مع فنون الرسم بكافة أشكاله، حيث يوفر «سوق حكايا»، أرضية خصبة للراغبين في تسويق منتجاتهم من اللوحات الفنية التي استخدمت فيها الأدوات المتاحة كافة، في وقت برزت فيه لوحة رسمت بـ«الزعفران» لتسجل نفسها واحدة من أغلى اللوحات المعروضة حيث بلغ سعرها نحو 2500 ريال.
وعند مدخل السوق، يقابلك شباب من الجنسين، يبدون سعداء بعملهم الألوان والفرشاة، خصوصًا عندما يضعون كلمة «مباع» على أي من اللوحات المعروضة في أجنحتهم التي تتزين جنباتها برسوماتهم الإبداعية.
اللوحات الفنية ليست الرقم الوحيد الجاذب في «سوق حكايا»، إذ تواجه مزاحمة من بعض الأنشطة الأخرى كتجارة بيع الكتب والرسم على الأكواب.
وفي زاوية ليست بعيدة عن سوق حكايا، وتحديدًا في منصة الرسم، يقف مجموعة من الشباب السعوديين لاستعراض منتجاتهم من القمصان «التيشرت» المصممة والمطبوعة رقميا، حيث تمكنوا في اليومين الأول والثاني من فعاليات «حكايا مسك»، من بيع 1500 منتج، تجاوزت مبيعاتها 5 آلاف ريال سعودي.
وأوضحت المجموعة التي تتخذ «قلم رصاص» شعارًا لها على لسان مديرها، سعيد عبود، أن جميع طاقم المجموعة سعوديون، وضعوا في صلب اهتماماتهم تحويل موهبتهم إلى مصدر رزق.
وفي ذات القسم، تحدثت المدربة عائشة بادويلان في ورشة عمل عن الرسم الكرتوني بواسطة الرسم الرقمي، قدمت من خلاله نصائح عن آلية الرسم، وعن تكنيك مدارس تلك الرسومات، كما بينت مصطلحات التي تسهل للحضور البحث الذاتي.
* باعة متجولون
أتاحت «حكايا مسك» لبعض الباعة المتجولين فرصة البيع في ثمانية أجنحة تتوسط الفعاليات، ويجذب شباب وفتيات سعوديين، امتهنوا التجارة الحرة في بيع المأكولات والمشروبات، الزوار لتجربة الأكلات التي يعدونها.
وذكر مطلق عبد الله أحد الباعة الذين استفادوا من الفرصة التي قدمتها فعاليات حكايا مسك للباعة المتجولين، أن سوق العربات المتنقلة في السعودية سوق ناشئة، ومع ما يواجهه المستثمر في هذا القطاع من معوقات إلا أن المجتمع داعم قوي، مشيرا إلى أن عملاءه يحفزونه للعمل بتشجيعهم المعنوي الدائم له ولشقيقه نواف.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».