تركيا تطلق «درع الفرات» لتطهير حدودها من «داعش» و«التنظيمات الإرهابية»

قوات «الحر» المدعومة من أنقرة والتحالف الدولي تسيطر على جرابلس * المعركة انخراط تركي مباشر في النزاع السوري

جنود أتراك يقفون فوق دبابة عند الحدود السورية ضمن العملية العسكرية لطرد تنظيم داعش من مدينة جرابلس أمس (إ.ب.أ)
جنود أتراك يقفون فوق دبابة عند الحدود السورية ضمن العملية العسكرية لطرد تنظيم داعش من مدينة جرابلس أمس (إ.ب.أ)
TT

تركيا تطلق «درع الفرات» لتطهير حدودها من «داعش» و«التنظيمات الإرهابية»

جنود أتراك يقفون فوق دبابة عند الحدود السورية ضمن العملية العسكرية لطرد تنظيم داعش من مدينة جرابلس أمس (إ.ب.أ)
جنود أتراك يقفون فوق دبابة عند الحدود السورية ضمن العملية العسكرية لطرد تنظيم داعش من مدينة جرابلس أمس (إ.ب.أ)

بدأت تركيا، أمس، أول تدخل مباشر لها في العمليات الدائرة في سوريا عبر عملية عسكرية أطلقت عليها «درع الفرات» بمشاركة التحالف الدولي لضرب «داعش».
ودعمت تركيا عن طريق دباباتها وطائرات «إف 16» عناصر من الجيش السوري الحر لدخول مدينة جرابلس وتطهيرها من عناصر تنظيم داعش الإرهابي الذي بات يشكل خطرا كبيرا على المناطق التركية القريبة من الحدود السورية.
وأعلنت قوات المعارضة السورية سيطرتها بشكل شبه كامل على مدينة جرابلس عقب فرار عناصر «داعش» منها، في حين قالت تركيا إن العملية العسكرية تستهدف جميع التنظيمات الإرهابية، في إشارة إلى إمكانية أن تطول قوات حزب الاتحاد الديمقراطي السوري (الكردي)، ووحدات حماية الشعب الكردية، التي تسعى لإقامة كيان فيدرالي على حدود تركيا.
وأفادت مصادر عسكرية أن القوات التركية أرسلت تعزيزات لتأمين الحدود ودعم المعارضة، مؤلفة من دبابات ومركبات مدرعة من مدينة كوجالي شمال غربي تركيا إلى المناطق الحدودية في مدينة غازي عنتاب، في إطار العملية العسكرية التي سميت «درع الفرات».
ونشرت وكالة «الأناضول» التركية صورا لمقاتلي المعارضة وهم يدخلون قرية الحجيلية دون مقاومة، وقامت قوات المعارضة بتأمين محيط القرية استعدادا للانطلاق منها إلى مركز جرابلس بهدف المشاركة في عملية طرد «داعش» من المدينة.
وسبق هجوم المعارضة توغل محدود للقوات الخاصة التركية داخل جرابلس وقصف مدفعي وصاروخي كثيف من الجيش التركي، إضافة لدعم جوي من طائرات التحالف الدولي وطائرات تركية استهدفت مواقع «داعش».
وكانت مدرعات الجيش التركي عبرت أمس الحدود إلى سوريا عقب تحرك مقاتلات «إف 16» والمدفعية صوب مدينة جرابلس السورية الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي وبدأت بقصف مواقع تابعة للتنظيم داخل المدينة.
وتم نقل ثلاثة من عناصر الجيش السوري الحر أصيبوا خلال العمليات العسكرية إلى مدينة غازي عنتاب التركية لتلقي العلاج.
وقال مواطن له أقارب داخل مدينة جرابلس، في مداخلة هاتفية لقناة «سي إن إن» التركية، إن عناصر «داعش» هربت من المدينة.
وأشارت القناة إلى تصاعد الأدخنة من المدينة السورية في ظل قصف مواقع تابعة للتنظيم بداخلها، مؤكدة أن وحدات المدفعية كانت تقصف على بعد 10 كيلومترات من جنوب المدينة خلال اللحظات الأولى من العملية العسكرية. وقالت مصادر عسكرية تركية إن عملية «درع الفرات» التي انطلقت فجر أمس ركزت على أهداف محددة مسبقا في جرابلس بمحافظة حلب شمال سوريا وأسفرت عن إصابة 82 هدفا.
وذكرت المصادر أن الهدف من العملية العسكرية، التي بدأتها قوة المهام الخاصة المشتركة في القوات المسلحة التركية، والقوات الجوية للتحالف الدولي على مدينة جرابلس، هو تأمين الحدود التركية ودعم قوات التحالف في حربها ضد «داعش» وضمان وحدة الأراضي السورية.
وأفادت أنه في الرابعة من صباح أمس الأربعاء، بتوقيت تركيا (غرينتش + 3)، بدأ القصف باستخدام المدافع وراجمات الصواريخ التركية المتمركزة على الحدود مع سوريا، وبعدها بخمس دقائق بدأ العمل على فتح نقاط للمرور على الخط الحدودي، في أماكن عدة تم تحديدها مسبقا، وفي الساعة 05:45 صباحا توقف قصف المدافع وراجمات الصواريخ.
وأضافت المصادر أنه تم شن الغارة الجوية الأولى في الساعة 06:08 صباحا، ثم نُفذت غارتان أخريان في الساعة 06:10 و06:30 صباحا بتوقيت تركيا.
كما تم تشكيل نقاط عبور لبدء العملية البرية وعبور وحدات الدبابات المرابطة على الحدود.
وأوضحت المصادر أن رئيس الأركان التركي الفريق أول، خلوصي أكار، والرئيس الثاني للأركان الفريق أول، أوميت دوندار، يتابعان سير العملية منذ بدايتها من مركز قيادة العمليات في مقر رئاسة الأركان التركية في أنقرة، في حين يتابعها قادة القوات من مراكز قيادة قواتهم.
وكان الجيش السوري الحر هو أول من فرض سيطرته على المدينة عقب اندلاع الأزمة السورية، أعقبها سيطرة «الجبهة الإسلامية» عليها، ليستولى عليها تنظيم داعش الإرهابي في عام 2014.
وفي العام الماضي قامت ميليشيات «داعش» بزرع المتفجرات في نقاط قريبة للحدود التركية بغرض التصدي للهجمات المرتقبة من قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وأحاطوا المدينة بالخنادق.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن «العملية التي بدأها الجيش التركي صباح أمس، شمال سوريا، تستهدف المنظمات الإرهابية».
وأضاف، في كلمة أمام احتفال لذوي الاحتياجات الخاصة بالقصر الرئاسي في أنقرة، أن تركيا مصممة على الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وأنها ستتولى الأمر بنفسها إذا اقتضى الأمر لحماية وحدة أراضي سوريا.
وأضاف أن تركيا لا تريد سوى مساعدة شعب سوريا وليس لها نيات أخرى، مؤكدا أنه لا يمكن حل الأزمة في سوريا من دون تركيا.
وأوضح أن العملية، التي أطلق عليها اسم درع الفرات «تستهدف المنظمات مثل (داعش) وحزب الاتحاد الديمقراطي (الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية)»، مشيرا إلى أن تركيا تعتبر «داعش» ومنظمة حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب السورية، ومنظمة فتح الله غولن (حركة الخدمة التي تتبع الداعية التركي فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي)، جميعها تنظيمات إرهابية لا فرق بينها.
وتطرق إردوغان في حديثه إلى تصريحات زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم بقوله: «البعض يتحدانا بتوقع ما سيحل بتركيا في سوريا. أقول لهم فكروا أولا بما سيحل بكم. أيا كان من سيهدد أمن بلادنا فإن تركيا ستظل قائمة بجيشها وشعبها وحاميها».
يُذكر أن صالح مسلم نشر تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أعلن فيها أن «تركيا دخلت مستنقع سوريا وستهزم مثلما هزم تنظيم داعش الإرهابي، وأن تركيا ستفقد كثيرا في مستنقع سوريا»، على حد تعبيره.
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن «هدفنا هو طرد تنظيم داعش الإرهابي نحو الجنوب، وخططنا لذلك منذ البداية مع الولايات المتحدة الأميركية.. المعارضة السورية المعتدلة دخلت أيضًا إلى هناك (منطقة العمليات)، وتقوم دباباتنا باللازم من أجل ضمان عبورها».
وأضاف أنه لا بد أن تنتقل عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الموجودة داخل قوات سوريا الديمقراطية، إلى شرق الفرات في أسرع وقت ممكن، هذا ما وعدت به الولايات المتحدة، وهذا ما اتفقنا عليه، وفي حال لم يحدث ذلك سنقوم بعمل اللازم.
وفي هذا السياق، أعلن نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، في أنقرة، أمس، أن حزب الاتحاد الديمقراطي لن يجد دعما من الولايات المتحدة إذا حاول الانتقال إلى غرب الفرات.
وتسيطر جماعات كردية على مساحات في شمال سوريا حيث أقامت حكما ذاتيا فعليا منذ بدء الحرب السورية. وسيطرت وحدات حماية الشعب، وهي الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، سيطرة شبه كاملة يوم الثلاثاء على مدينة الحسكة التي تبعد نحو 250 كيلومترا شرق جرابلس.
وأقلق تنامي النفوذ الكردي تركيا التي تقاتل منظمة حزب العمال الكردستاني في جنوب شرقي البلاد.
وانتزع تحالف قوات سوريا الديمقراطية، الذي يضم وحدات حماية الشعب، السيطرة على مدينة منبج إلى الجنوب مباشرة من جرابلس من تنظيم داعش الشهر الماضي.
وقال مسؤول بارز بالحكومة الأميركية رافق بايدن في زيارته، أمس، أنقرة، إن الولايات المتحدة تريد مساعدة تركيا في إبعاد تنظيم داعش عن حدودها وإنها توفر غطاء جويا وتنسق مع الأتراك في خططهم بشأن جرابلس. وقال إن القصف يصيب تنظيم داعش وليس القوات الكردية.
وأقر المسؤول الأميريكي بأن تركيا لم تسعد بعملية منبج، لكنه قال إن واشنطن أكدت انسحاب الأكراد فور تطهير المدينة، وهو ما قال عنه إنه قد يستغرق أسابيع، وإنهم لن يتقدموا باتجاه الشمال.
وقال المسؤول: «لقد وضعنا حدا لتقدم الأكراد شمالا أو على الأقل سنقوم بذلك إذا احتاجوا (الأتراك) أي دعم منا».
وجاءت عملية «درع الفرات» بعد إطلاق عشر قذائف مورتر على الأقل من جرابلس على كاركميش في غازي عنتاب والمناطق المحيطة بها في الأيام القليلة الماضية، مما دفع السكان للفرار من ديارهم.
وأكد جاويش أوغلو، خلال تصريحاته، أن العملية تهدف إلى تطهير الجانب الآخر من الحدود التركية من عناصر تنظيم داعش الإرهابي وتمشيط المنطقة من الشمال إلى الجنوب. جاء هذا التصريح خلال مؤتمر صحافي عقده مولود جاويش أوغلو مع نظيرته وزيرة خارجية أستونيا، مارينا كالجوراند، في السكن الرسمي لوزراة الخارجية.
وقال الائتلاف في بيان إن «مقاتلي الجيش الحر هم من يتولون العمليات القتالية الميدانية»، مؤكدًا «دعمه الجيش السوري الحر الذي بدأ، بمشاركة عدد من الفصائل المقاتلة في حلب، هجومًا على مدينة جرابلس، لتحريرها من تنظيم داعش الإرهابي».
في السياق نفسه، قال وزير الداخلية التركي، أفكان آلا، إن تركيا لا يمكنها أن تظلّ مكتوفة الأيدي حيال ما يجري في شمال سوريا من تهديد مباشر على أمن حدودها ومواطنيها، مبينًا أن منطقة كاركاميش المتاخمة لمدينة جرابلس السورية، تلقّت أول من أمس 9 قذائف هاون أُطلقت من قِبل تنظيم داعش الإرهابي.
ورصدت صحيفة «بيرجون» التركية معسكرا تابعا للمخابرات التركية في المنطقة الحدودية لبلدة كاركاميش يضم بداخله عناصر الجيش السوري الحر.
ونقلت الصحيفة عن مصادر محلية أن المعسكر التابع للمخابرات التركية، الذي يضم حاويات تابعة لإدارة الأزمات والكوارث الطبيعية التابعة لرئاسة مجلس الوزراء التركي، يستضيف من 600 إلى ألفين من عناصر الجيش السوري الحر ويقع في منطقة فيستكليك التي تعد منطقة الصفر على الحدود التركية السورية في غازي عنتاب.
في الوقت نفسه، جددت تركيا نفيها السماح لروسيا باستخدام قاعدة إنجرليك الجوية جنوب البلاد، وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية، في مقابلة تلفزيونية، إن «قاعدة إنجرليك هي قاعدة أطلسية، ولا يمكن لروسيا أن تستخدم القاعدة لأنها ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي».
وأعلن رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، دعمه مشاركة بلاده في العملية العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي في مدينة «جرابلس» السورية، واشترط أن يكون ذلك ضمن القوانين الدولية.
وقال كليتشدار أوغلو: «نحن نرى أن إرسال تركيا قوات مسلحة لدولة أجنبية غير صحيح، لكن يمكن أن يكون ذلك بقدر ما تتيحه القوانين الدولية، وفي حال تم إرسال الجيش إلى هناك بمرحلة خارج إطار القوانين الدولية فإن ثمن ذلك يكون كبيرًا جدًا».
وخرقت تركيا أمس، الموانع الدولية التي حالت دون انخراطها بشكل مباشر في الحرب السورية، حيث توغلت دباباتها إلى داخل الأراضي السورية، وأطلقت عملية عسكرية إلى جانب قوات سوريا المعارضة، تهدف لطرد تنظيم داعش من منطقة الشريط الحدودي مع تركيا، وإبعاد الأكراد عن تلك المنطقة الحيوية.
وفي حين بدا أن العملية المدعومة من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب تحظى بضوء أخضر أميركي وروسي وإيراني، ندد النظام السوري بالعملية، معتبرًا أنها «خرق لسيادة أراضيه»، ليلتقي بذلك مع موقف الأكراد، إذ وصف مصدر كردي العملية بأنها «تجاوز للقوانين الدولية»، مضيفًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن العملية «تمثل خرقًا كبيرًا على مستوى المشهد السوري».
وجاءت العملية التي حملت عنوان «درع الفرات»، بعد تطورات لافتة حصلت خلال الأسبوعين الأخيرين، أهمها اللقاءات التي عقدت بين مسؤولين إيرانيين ومسؤولين أتراك، تلاها ترحيب أنقرة بقصف جوي نفذته طائرات النظام السوري ضد أهداف تابعة للأكراد في مدينة الحسكة الأسبوع الماضي. وإزاء تلك التطورات، ظهر أن هناك ضوءًا أخضر إيرانيًا لانخراط تركيا بشكل مباشر في الحرب السورية، يستهدف إبعاد تنظيم داعش عن حدودها في شمال سوريا، ومنع وصل مناطق نفوذ الأكراد بين شمال شرقي سوريا في الحسكة، وشمال غربها في منطقة عفرين.
وحشدت تركيا، إلى جانب دباباتها وآلياتها العسكرية، آلاف المقاتلين من فصائل المعارضة السورية «المعتدلة»، وانطلقوا في عملية عسكرية واسعة تلت تمهيدًا بالمدفعية الثقيلة والغارات الجوية، بحسب ما قال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط». وأثمر التوغل، في الساعات الأولى، أمس، قطعًا لخط سيطرة «داعش» على المناطق الحدودية مع تركيا، وذلك بالسيطرة على أربع قرى حدودية غرب مدينة جرابلس، بحسب ما قال رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فيما ذكر ناشطون أن القوات المشاركة بالعملية «سيطرت على مدينة جرابلس بالكامل».
وتمتد سيطرة «داعش» على المناطق الحدودية من جرابلس على الضفة الغربية لنهر الفرات (شرقًا)، باتجاه بلدة الراعي (غربا) الواقعة في ريف حلب الشمالي، إلى العمق داخل الأراضي السورية إلى ريف أعزاز، ومدينة الباب التي تبعد نحو 70 كيلومترًا عن الحدود التركية. وكانت فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا، سيطرت الأسبوع الماضي على مدينة الراعي الحدودية مع تركيا وبعض القرى حولها.
والعملية التي أطلق عليها اسم «درع الفرات» تهدف إلى «إنهاء» المشكلات على الحدود التركية ولا تستهدف فقط تنظيم داعش، وإنما المقاتلين الأكراد، كما أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. وأفادت وكالة أنباء «أناضول» التركية المقربة من الحكومة أن فصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة سيطرت على قرية ككلجة على بعد خمسة كيلومترات من جرابلس في الهجوم، وتمتد القرية إلى 3 كيلومترات داخل الأراضي السورية.
من جهته، قال القيادي في «فرقة السلطان مراد»، أحمد عثمان، إحدى فصائل المعارضة السورية: «بدأت الأعمال العسكرية صباح اليوم بتمهيد من المدفعية التركية لتغطية العمل في منطقة جرابلس وبعد عدة ساعات توغلت قواتنا في محورين، المحور الشمالي والمحور الغربي»، مشيرًا إلى أن «المرحلة الثانية تبدأ بعد ساعات للدخول إلى بلدة جرابلس» التي تحدث ناشطون مساء عن السيطرة الكاملة عليها.
وأفادت شبكة «إن تي في» التلفزيونية الخاصة أن طائرات إف - 16 تركية وطائرات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، ألقت قنابل على أهداف لتنظيم داعش في جرابلس، في أول هجوم من نوعه منذ أن أسقطت القوات الجوية التركية طائرة حربية روسية في نوفمبر (تشرين الثاني) فوق الحدود التركية السورية.
وتضاربت الأنباء حول أعداد المقاتلين المشاركين في العملية بين ألفي مقاتل، و6 آلاف مقاتل، بحسب ما قال مصدر سوري معارض يشارك في العملية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن «اللواء 51» التابع للجيش السوري الحر، الذي تم تشكيله قبل 3 أشهر، والمقرب من تركيا «يشكل رأس الحربة في الهجوم»، لافتًا إلى مشاركة «فرقة السلطان مراد وفصائل الجبهة الشامية وحركة أحرار الشام في المعركة»، علما بأن «الأحرار»، لم يشاركوا في معركة استعادة السيطرة على مدينة الراعي الأسبوع الماضي.
وانطلق الهجوم، بحسب المصدر، بتمهيد مدفعي كثيف، من داخل الأراضي التركية، وعبر المشاة الحدود التركية - السورية، ليسيطروا على أربع قرى، والالتفاف على مدينة جرابلس لإطلاق هجوم عليها من الجنوب والغرب والشمال.
من جهته، قال القيادي في المجلس العسكري لمدينة الباب وريفها المشارك في العملية، محمد إبراهيم طويل، إن العملية «مستمرة لطرد الإرهاب»، مشيرًا إلى أن وجهة المعركة «ستشمل كل الأطراف التي تهدد وحدة سوريا»، مشددًا في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، على أن «الاعتماد في المعركة على القوات البرية التي تمثل الفصائل الثورية».
عضو الائتلاف الوطني السوري، أحمد رمضان، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن معركة «درع الفرات جرى التحضير لها منذ أسابيع من الجيش السوري الحر وتشارك فيها 9 فصائل عسكرية مع نحو ألفي مقاتل»، مشيرًا إلى أنها المرة الأولى التي يحظى فيها الجيش الحر بغطاء جوي وناري من قبل التحالف في معركته ضد الإرهاب. وعزا رمضان أهمية المواجهة إلى وقف عمليات التهجير التي ينفذها «داعش» و«العمال الكردستاني» للسوريين من مختلف المكونات: «بمن فيهم السريان الآشوريون والعرب والتركمان والكرد، الذين أرغموا من قبل النظام وحلفائه والإرهاب على مغادرة قراهم ومنعوا من العودة إليها».
وقال إن «معركة تحرير جرابلس ستكون مقدمة لإقامة سياج آمن في المنطقة يحول دون تهجير السكان ويمنح فرصة لعودة آلاف المهجرين، ويحبط محاولات قوى انفصالية لفرض أمر واقع بالاستناد إلى أطراف خارجية».
وأكد رمضان أنه «ستكون للعملية مراحل أخرى تركز على إبعاد خطر الإرهاب وتحرير بلدات مهمة في ريف حلب، ومنع (العمال الكردستاني)، الذي يشكل غير السوريين فيه نحو 50 في المائة من مقاتليه، من التمدد نحو حلب أو منطقة غرب الفرات وإعلان كيان خارج إطار سوريا الموحدة».
وأكد القيادي السوري المعارض أن «الوجود العسكري الحالي سيكون محدودًا ومؤقتًا ومرهونًا بتوفير الدعم اللازم لقوات الجيش السوري الحر، التي منع عنها السلاح النوعي اللازم لخوض معارك كبرى».
وعما إذا كانت العملية، التي تحظى بدعم دولي، ستحرك ملف محادثات السلام في سوريا، قال رمضان إن أي «تقدم في عملية السلام مرهون بمدى التغيُر في مواقف كل من روسيا وإيران، خصوصا وقف دعم النظام في عمليات القتل التي يقوم بها، والتوجه نحو دعم التسوية، والدفع نحو انتقال سياسي مباشر، ونظام بشار لم يعد لاعبا مهما في المشهد، بقدر ما يتم تحريكه من قبل الروسي والإيراني، ولذا فإن النقاش يتناول الآن كيفية تجريد الأسد من صلاحياته، وهو أمر متفق عليه، والموعد الذي سيعلن فيه مغادرته للسلطة نهائيا»، لافتًا إلى أن هناك «انفتاحًا روسيًا حول هذه النقطة مقابل حزمة مصالح، وإيران تريد أن تكون طرفًا في التفاهم بحثًا عن مصالحها أيضا، وقال مسؤولون فيها إن بشار ليس هو العامل المهم لديهم».
وببيان خجول، طالبت وزارة الخارجية بحكومة نظام الأسد، الأمم المتحدة، بإنهاء ما أسمته «العدوان التركي على الأراضي السورية»، وطالبت «بضرورة احترام الجانب التركي والتحالف الأميركي القرارات الدولية، وبخاصة ما يتعلق منها بإغلاق الحدود».
جاء ذلك ردا على إطلاق تركيا، يوم أمس، عملية عسكرية أطلقت عليها اسم «درع الفرات» داخل أراضي شمال سوريا، بالتزامن مع ذكرى معركة «مرج دابق» التي انتصر فيها العثمانيون على المماليك الشركس عام 1516.
وأكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية في حكومة نظام الأسد، أن دبابات ومدرعات تركية عبرت عند الحدود السورية - التركية، صباح أمس الأربعاء، إلى مدينة جرابلس «تحت غطاء جوي من طيران التحالف الأميركي الذي تقوده واشنطن».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.