ليبيا: مجلس النواب يتجاهل انتقادات مجلس الدولة.. والسراج يلتزم الصمت

بعد رفضه منح الثقة للحكومة الجديدة

ليبي يعاين الخراب الذي حل بمبنى في سرت بعد أن أعادت القوات المدعومة دوليا السيطرة عليه وطردت تنظيم داعش منه (رويترز)
ليبي يعاين الخراب الذي حل بمبنى في سرت بعد أن أعادت القوات المدعومة دوليا السيطرة عليه وطردت تنظيم داعش منه (رويترز)
TT

ليبيا: مجلس النواب يتجاهل انتقادات مجلس الدولة.. والسراج يلتزم الصمت

ليبي يعاين الخراب الذي حل بمبنى في سرت بعد أن أعادت القوات المدعومة دوليا السيطرة عليه وطردت تنظيم داعش منه (رويترز)
ليبي يعاين الخراب الذي حل بمبنى في سرت بعد أن أعادت القوات المدعومة دوليا السيطرة عليه وطردت تنظيم داعش منه (رويترز)

لليوم الثاني على التوالي التزمت حكومة الوفاق الوطني في ليبيا برئاسة فائز السراج الصمت بعد تصويت مجلس النواب الليبي بالأغلبية على رفضه منحها الثقة، فيما عبر المجلس الأعلى للدولة عن رفضه لما وصفه بالعبث السياسي والممارسات المتناقضة وغير المسؤولة التي يقوم بها رئيس مجلس النواب، والأقلية المتطرفة التي تدعمه.
ودعا مجلس الدولة من مقره في العاصمة الليبية طرابلس الأغلبية داخل مجلس النواب إلى تحمل مسؤولياتهم وإعلاء مصلحة الوطن وتصحيح مسار مجلسهم حتى يستطيع دعم الجهود القائمة من أجل عودة الأمن والاستقرار للبلاد، لافتا إلى أهمية مضاعفة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق وجميع مؤسسات الدولة لجهودهم من أجل دعم مسار الوفاق، وإيجاد الحلول الناجعة والعاجلة للتحديات الاقتصادية والأمنية والخدمية التي تواجه البلاد.
لكن مجلس النواب تجاهل هذه الانتقادات وعقد في المقابل جلسة أمس خصصها للاستماع للحكومة الانتقالية بحضور رئيسها عبد الله الثني ووزير الداخلية اللواء محمد الفاخري ومحافظ مصرف ليبيا المركزي علي الحبري، بالإضافة إلى رئيس المؤسسة الليبية للنفط.
وقال الثني خلال الجلسة إن أزمة السيولة التي تعانيها المنطقة الشرقية ترجع إلى إيقاف تصدير النفط، معتبرا أن هذا أدى إلى وقف بذلك الإيراد الوحيد للدولة.
وكان معارضو حكومة السراج المدعومة من بعثة الأمم المتحدة قد وجهوا إليها ضربة سياسية أول من أمس بالتصويت برفضها في جلسة نادرة للبرلمان الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له، رغم رفض مؤيدي الحكومة للإجراء باعتباره غير دستوري.
ومنذ شهور تسعى حكومة السراج، وهي ثمرة اتفاق الصخيرات الذي رعته الأمم المتحدة وأبرم نهاية العام الماضي، إلى الحصول على ثقة البرلمان في وقت تحاول فيه مد نفوذها وسلطتها إلى خارج العاصمة.
وتعول الدول الغربية على هذه الحكومة لإنهاء الفراغ الأمني الذي تعيشه البلاد وإحياء إنتاج النفط ووقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، لكن أصحاب النفوذ في الشرق يقولون إنها تحاول تقويض الجيش.
وضغطت حكومة السراج والأمم المتحدة والدول الغربية بقوة من أجل إجراء التصويت، وأعربوا عن إحباطهم عندما أرجئت جلسات البرلمان أكثر من مرة في مدينة طبرق أو أعيقت مع تزايد قوة المعارضة لحكومة الوفاق الوطني في شرق ليبيا.
وفي السابق اشتكى مؤيدو الحكومة الجديدة الذين لم يحضر كثير منهم الجلسة الأخيرة، من أن المعارضين منعوا عمليات التصويت بالقوة والتهديدات.
إلى ذلك، أعلن الجيش الليبي عن غنم ذخائر وأسلحة كانت محمله على جرافة تابعة للجماعات الإرهابية بالقرب من مصيف الأسيل غرب بنغازي في الشرق. وقال مسؤول عسكري لوكالة الأنباء المحلية إن القوات البحرية وكتيبة شهداء الزاوية التابعتين للجيش نجحتا في عملية مشتركة من تدمير الجرافة في عرض البحر، لافتا إلى أن الجماعات الإرهابية بدأت في الانهيار أمام تقدم قوات الجيش بمساندة قوات المدفعية ومقاتلات سلاح الجو الليبي.
وفى مدينة سرت، أعلن المركز الإعلامي لعملية البنيان المرصوص‎ الموالية لحكومة السراج أن الكتيبة 77 قامت، أمس، بتسليم كميات من الذهب والأموال والأسلحة وجدتها داخل ما يعرف بديوان الحسبة الخاص بتنظيم داعش الذي سيطرت عليه أول من أمس.
وبينما استعادت القوات الموالية لحكومة السراج مدينة سرت بالكامل تقريبا من متشددي تنظيم داعش، حاولت الحكومة تحقيق إنجاز في مجالات أخرى، لكنها فقدت التأييد لعجزها عن حل أزمة السيولة المالية، وتكرار انقطاع التيار الكهربائي، بالإضافة إلى مشكلات أخرى.
وأحد أسباب معارضة حكومة الوفاق في الشرق هو رفض القائمين على السلطة هناك منح حكومة طرابلس صلاحيات في التعيينات العسكرية.
وتدعم الفصائل المهيمنة في الشرق القوات التي يقودها الفريق خليفة حفتر الذي يشن حملة عسكرية ضد الإسلاميين وغيرهم من المعارضين في بنغازي ومناطق بشرق البلاد، حيث تقول الفصائل إن حكومة الوفاق تعتمد على جماعات مسلحة تميل إلى الإسلاميين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.