مصادر في أنقرة تؤكد لقاءات تركية سورية بوساطة إيرانية

يلدريم يدعو إلى {صفحة جديدة} في سوريا بمشاركة دول المنطقة وروسيا وأميركا

مقاتلان في فيلق الرحمن الفصيل الاسلامي المعارض في ريف دمشق، يشاركان بمعركة ضد قوات النظام في بلدة جوبر، امس (غيتي)
مقاتلان في فيلق الرحمن الفصيل الاسلامي المعارض في ريف دمشق، يشاركان بمعركة ضد قوات النظام في بلدة جوبر، امس (غيتي)
TT

مصادر في أنقرة تؤكد لقاءات تركية سورية بوساطة إيرانية

مقاتلان في فيلق الرحمن الفصيل الاسلامي المعارض في ريف دمشق، يشاركان بمعركة ضد قوات النظام في بلدة جوبر، امس (غيتي)
مقاتلان في فيلق الرحمن الفصيل الاسلامي المعارض في ريف دمشق، يشاركان بمعركة ضد قوات النظام في بلدة جوبر، امس (غيتي)

وصل مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين جابري أنصاري، أمس، إلى أنقرة على رأس وفد رسمي لبحث آخر تطورات الأزمة السورية، فيما تسربت أنباء عن لقاءات تركية سوريا بوساطة من إيران للتقريب بين أنقرة ودمشق وصولا إلى التطبيع الكامل.
ووفقا لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) فإن أنصاري سيبحث في أنقرة أبرز قضايا المنطقة ذات الاهتمام المشترك، وسيدور المحور الرئيسي للمباحثات حول حل الأزمة السورية.
وأشارت الوكالة إلى أن «تطورا جديدا حدث في سياسة الحكومة التركية تجاه الأزمة السورية، حيث أعلنت أنها على استعداد للتعاون مع إيران وروسيا حول الأزمة السورية».
بموازاة ذلك أكدت مصادر متطابقة في كل من أنقرة وطهران، ما تردد عن مفاوضات سرية بين مسؤولين في نظام بشار الأسد وشخصيات تركية، وأن هذه المفاوضات قد تنتهي بمصالحة بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب إردوغان، وذلك في أعقاب التغييرات التي تشهدها السياسة التركية إزاء سوريا.
وكشفت المصادر أن من يقود هذه المفاوضات من الجانب التركي إسماعيل حقي، أحد أبرز الدبلوماسيين الأتراك، وهو جنرال متقاعد أشرف على اتفاقية أضنة المبرمة مع أنقرة عام 1998 بين سوريا وتركيا خلال أزمة زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان المسجون منذ 17 عاما بجزيرة إيمرالي التركية.
وتولى الجنرال حقي في السابق أيضا منصب مساعد رئيس المخابرات التركية وتم سجنه من عام 2011 إلى 2013، بعد اتهامه بالتورط في مؤامرة ارجينكون الانقلابية الفاشلة، ويتولى حاليًا منصب نائب رئيس حزب الوطن اليساري التركي، الذي يترأسه دغو برنتشيك والذي كان أكد من قبل أن العلاقات بين تركيا وروسيا ستعود إلى طبيعتها وأن هناك مفاوضات جارية بين شخصيات من البلدين بوساطة إيرانية، وحافظ على علاقاته مع نظام بشار الأسد رغم الأزمة السورية التي أدت إلى توتر العلاقات مع تركيا.
ولفتت المصادر إلى أن حقي زار دمشق تزامنا مع لقاءات أخرى في الجزائر في مايو (أيار) الماضي قام بها جنرال متقاعد آخر، وأن حقي التقى عددا من كبار المسؤولين في دمشق بينهم الرجل الثاني في حزب البعث عبد الله الأحمر، ورئيس مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك، ووزير الخارجية وليد المعلم، ونائبه فيصل مقداد، وأبلغهم بأن أنقرة لا تزال ترفض بقاء الأسد في السلطة، لكنها ترفض تقسيم سوريا وتشكيل نظام فيدرالي، وهو الأمر الذي يسعى الأكراد لتحقيقه في سوريا.
ولمحت المصادر إلى إمكانية أن يخفف الرئيس التركي إردوغان من حدة موقفه المتشدد من الأسد شريطة تعاونه في منع قيام أي كيان كردي شمال سوريا.
في سياق مواز، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم ضرورة قيام كل من تركيا كدولة جارة لسوريا والدول المعنية، وعلى رأسها إيران وروسيا والولايات المتحدة والسعودية ودول الخليج، بفتح صفحة جديدة في سوريا عبر لعب كل تلك الدول دورًا حول صيغة جديدة بخصوص الأزمة السورية دون إضاعة مزيد من الوقت.
وأضاف يلدريم في تصريحات، مساء الاثنين، عقب اجتماع مجلس الوزراء التركي أن تركيا لها حدود مشتركة بطول أكثر من 1250 كلم، مع سوريا والعراق وأن هناك تطورات على الحدود مع كلا البلدين من ناحية وجود تنظيمات إرهابية، وحالة عدم الاستقرار التي يشهدانها، إلى جانب جهود تُبذل من أجل نقل تلك الحالة إلى تركيا، وأنه تباحث مع زعيمي المعارضة التركية الاثنين حول الكيفية التي ستتحرك بها تركيا في هذا الصدد خلال الفترة المقبلة.
وقال: «للأسف سوريا تستنزف طاقتها يومًا بعد يوم جراء حرب داخلية مستمرة منذ نحو ست سنوات. الملايين من السوريين الأبرياء أجبروا على ترك بلدهم، ونحو 500 ألف إنسان قتلوا جراء هذه الحرب التي لا معنى لها. لذا فإن وقف نزيف الدم وضمان إعادة السلام والاستقرار إلى سوريا، يعتبران بالنسبة لنا أولوية ومسألة غاية في الأهمية يتعين القيام بها».
ودعا يلدريم جميع الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية إلى الالتقاء، واستخدام لغة العقل، من أجل إيقاف نزيف الدم في سوريا، وتشكيل نظام حكم في البلاد يشارك فيه جميع السوريين. وأكد رئيس الوزراء التركي أن موقف بلاده واضح جدًا حيال سوريا، وهو عدم تقسيم البلاد، والمحافظة على وحدة أراضيها، وعدم السماح بتشكيل أي كيان يكون لصالح أي مجموعة إثنية.
ولفت إلى أن الجميع يرى أن هناك جهودًا لتشكيل كيان كردي في جنوب تركيا، وأن هذا من شأنه أن يمهد الطريق لظهور كيانات أخرى في مناطق أخرى، مشددًا على أن تركيا لن تقبل بهذا الشيء أبدًا، وكما أن السوريين أيضًا لا يقبلون ذلك من الأساس.
وأكد يلدريم ضرورة تشكيل حكومة شاملة في سوريا، تحتضن الجميع، وتشارك فيها كل المجموعات في البلاد، ليس على أساس إثني، وعلى ضرورة حماية وحدة الأراضي السورية، مبينًا أنه بذلك يمكن إزالة الخصومات.
وفي معرض رده على سؤال حول تشكيل قوات وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ممرا كرديا على الحدود السورية التركية، قال يلدريم: «نحن في تركيا تهمنا وحدة التراب السوري جدا، وهذا لا يهمنا نحن فحسب، بل يهم إيران والدول الأخرى أيضا». وأضاف: «محاولة تشكيل دويلات منفصلة هناك، أو وجود فكرة في هذا الاتجاه، يعني أن الوضع الحالي في سوريا سيستمر لعشرات السنين، وهذا يعني أيضا ألا تقوم لهذه الدولة التي شهدت دمارا كبيرا، قائمة مرة أخرى».
وتابع: «استقبلنا في بلادنا 3 ملايين سوري، وهناك عدد مماثل في لبنان والأردن ودول أخرى، لذا لا بد أن يكون لهؤلاء كلمة فيما يتعلق بمستقبل بلادهم، وتشكيل دولة سوريا تمثل جميع المكونات في البلاد».
وحول إمكانية تشكيل تحالف ثلاثي تركي روسي إيراني في سوريا، قال يلدريم: «أساسا روسيا داخل المسألة السورية، لذا من الطبيعي أن تتحرك روسيا مع تركيا وإيران في حل الأزمة السورية، وهذا موضوع ينبغي بحثه».
وأشار يلدريم إلى أن بلاده تتابع وتؤيد الاستعدادات الرامية لتحرير مدينة الموصل شمالي العراق وإنهاء أنشطة تنظيم داعش الإرهابي في البلد الجار.



19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
TT

19 مليون يمني يحتاجون إلى مساعدات غذائية في العام المقبل

ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)
ملايين الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق الحوثيين ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء (الأمم المتحدة)

أفادت بيانات دولية حديثة بأن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن سيرتفع إلى 19 مليون شخص مع حلول العام المقبل، مع استمرار الملايين في مواجهة فجوات في انعدام الأمن الغذائي.

تزامن ذلك مع بيان وقَّعت عليه أكثر من 10 دول يحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في هذا البلد الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

الأطفال والنساء يشكلون 75 % من المحتاجين للمساعدات في اليمن (الأمم المتحدة)

وأكد البيان الذي وقَّعت عليه 11 دولة، بينها فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، على وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفها جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية، وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

وطالب بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية، وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وفي حاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.

وضع مُزرٍ

رأت الدول العشر الموقِّعة على البيان أن الوضع «المزري» في اليمن يتفاقم بسبب المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف والتصحر، فضلاً عن أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة والفيضانات المفاجئة. وقالت إن هذا البلد يعد واحداً من أكثر البلدان التي تعاني من نقص المياه في العالم، ويُعد الحصول على مياه الشرب أحد أهم التحديات التي تواجه السكان.

وعلاوة على ذلك، أعاد البيان التذكير بأن الأمطار الغزيرة والفيضانات أدت إلى زيادة المخاطر التي تشكلها الألغام الأرضية وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، وزاد من خطر انتقال الكوليرا من خلال تلوث إمدادات المياه.

الفيضانات في اليمن أدت إلى زيادة مخاطر انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كما أدى استنزاف احتياطات المياه الجوفية، وزيادة وتيرة وشدة الأحداث الجوية المتطرفة إلى تدهور الأراضي الزراعية، ويؤدي هذا بدوره - بحسب البيان - إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وهو محرك للنزوح والصراع المحلي، خصوصاً مع زيادة المنافسة على الموارد النادرة.

ونبهت الدول الموقعة على البيان من خطورة التحديات والأزمات المترابطة التي تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في اليمن. وقالت إنها تدرك «الارتباطات المتعددة الأوجه» بين تغيُّر المناخ والصراع والنزوح وزيادة الفقر والضعف، والتي تسهم جميعها في تدهور الوضع الأمني والإنساني. وأضافت أنها ستعمل على معالجتها لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية الفورية وغير المقيدة جنباً إلى جنب مع تحقيق مستقبل مستقر ومستدام للبلاد.

وجددت هذه الدول دعمها لتحقيق التسوية السياسية الشاملة في اليمن تحت رعاية المبعوث الأممي الخاص؛ لأنها «تُعد السبيل الوحيد» لتحقيق السلام المستدام والاستقرار الطويل الأمد، ومعالجة هذه التحديات، مع أهمية تشجيع مشاركة المرأة في كل هذه الجهود.

اتساع المجاعة

توقعت شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة أن يرتفع عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن إلى نحو 19 مليون شخص بحلول شهر مارس (آذار) من العام المقبل، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، وأكدت أن الملايين سيواجهون فجوات غذائية.

وفي تقرير لها حول توقعات الأمن الغذائي في اليمن حتى مايو (أيار) عام 2025؛ أشارت الشبكة إلى أن الأسر اليمنية لا تزال تعاني من الآثار طويلة الأمد للحرب المستمرة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية السيئة للغاية في مختلف المحافظات.

وبيّنت الشبكة أن بيئة الأعمال في البلاد تواصل التدهور، مع نقص العملة في مناطق سيطرة الحوثيين، بينما تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً انخفاضاً في قيمة العملة وارتفاعاً في التضخم.

أعداد المحتاجين للمساعدات في اليمن زادت بسبب التغيرات المناخية والتدهور الاقتصادي (الأمم المتحدة)

وتوقعت أن تستمر الأزمة الغذائية في اليمن على المستوى الوطني، مع بلوغ احتياجات المساعدة ذروتها في فترة الموسم شبه العجاف خلال شهري فبراير (شباط) ومارس المقبلين، وأكدت أن ملايين الأسر في مختلف المحافظات، خصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ستواجه فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء.

وأوضحت الشبكة أن ذلك يأتي مع استمرار حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي) أو مرحلة الطوارئ، وهي المرحلة الرابعة التي تبعد مرحلة وحيدة عن المجاعة. وحذرت من أن استمرار وقف توزيع المساعدات الغذائية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين سيزيد من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي.

إضافة إلى ذلك، أكدت الأمم المتحدة أن آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات، والتي يقودها صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وغيرهما من الشركاء الإنسانيين، تلعب دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات العاجلة الناشئة عن الصراع والكوارث الناجمة عن المناخ في اليمن.

وذكرت أنه منذ مطلع العام الحالي نزح نحو 489545 فرداً بسبب الصراع المسلح والظروف الجوية القاسية، تأثر 93.8 في المائة منهم بشدة، أو نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 6.2 في المائة (30198 فرداً) بسبب الصراع.