«هواجس النفوذ» تطارد الكيانات الصينية في أستراليا

كانبيرا تحظر استثمارات لـ«دواعٍ أمنية».. وبكين تدين وتحذر

شركة «أوسغريد» التي تدير شبكة توزيع الكهرباء في أستراليا محل الخلاف مع الصين (رويترز)
شركة «أوسغريد» التي تدير شبكة توزيع الكهرباء في أستراليا محل الخلاف مع الصين (رويترز)
TT

«هواجس النفوذ» تطارد الكيانات الصينية في أستراليا

شركة «أوسغريد» التي تدير شبكة توزيع الكهرباء في أستراليا محل الخلاف مع الصين (رويترز)
شركة «أوسغريد» التي تدير شبكة توزيع الكهرباء في أستراليا محل الخلاف مع الصين (رويترز)

يبدو أن العلاقة التجارية بين كل من أستراليا والصين بدأ يشوبها نوع من الغموض، فرغم ارتفاع الاستثمارات الصينية في أستراليا خلال الفترة الماضية، بدأت الأخيرة في انتهاج أسلوب من شأنه أن يحد من النفوذ الصيني داخل أراضيها. فالاستثمارات الصينية في البنية التحتية الحيوية في أستراليا لم يعد مُرحب بها مع ارتفاع المخاوف الأمنية من سيطرة الكيانات الصينية على قطاعات حيوية في أستراليا، خاصًة في ظل سمعة الصين السيئة في الهجمات الإلكترونية والتجسس الإلكتروني.
وقررت أستراليا مؤخرًا منع بيع أكبر شبكة كهرباء في البلاد إلى مشترين صينيين مقابل عشرة مليارات دولار أسترالي (7.7 مليار دولار أميركي). وكان وزير الخزانة الأسترالي سكوت موريسون، قال إن صاحبي أفضل عرض لشراء شبكة كهرباء البلاد وهما مؤسسة شبكة الكهرباء الصينية وتشونغ كونغ للبنية التحتية القابضة في هونغ كونغ، سيمنعان من شراء شبكة الكهرباء بسبب مخاوف متعلقة بالأمن القومي.
وصرح موريسون - في بيان رسمي له - قائلاً إن «شركتا (ستيت جريد) الصينية و(شيونغ كونغ إنفرستراكشر) الكائنة في هونغ كونغ قدمتا عرضا مشتركا لتأجير 50.4 في المائة من شبكة (أوسغريد) التي تدير شبكة توزيع الكهرباء في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية لمدة 99 عامًا، وتضم هذه الولاية مدينة سيدني، العاصمة الاقتصادية لأستراليا».
وأضاف أنه خلال مراجعة جوانب الأمن القومي في هذه الصفقة اتضحت خطورة خدمات الاتصالات والطاقة التي توفرها شركة «أوسغريد» للشركات والحكومات في أستراليا، ومراعاة اعتبارات الأمن القومي من شأن الحكومة الاتحادية، مشيرًا إلى أن الحكومة ستواصل جهود بيع شبكة توزيع الكهرباء في الولاية.
وتخشى أستراليا من فكرة أن تمثل سيطرة الصين على شبكة الكهرباء شكلا من أشكال النفوذ في الدولة، فامتلاك الصين للشبكة يوفر لها نفوذا اقتصاديا على أستراليا ونفوذا اجتماعيا أيضًا على السكان. على سبيل المثال، يمكن للصين السيطرة على الاقتصاد الأسترالي من خلال تنظيم أسعار الكهرباء، وكذلك تحديد الكميات المستهلكة من قبل المواطنين والهيئات العاملة في الدولة، علمًا بأن الشبكة تخدم 1.6 مليون منزل وشركة في مدينة سيدني وخارجها. كذلك هناك تخوفات على الشبكة من سيطرة الكيانات الصينية عليها مما يزيد من خطر الهجمات الإلكترونية والتجسس الإلكتروني.
وليست أستراليا وحدها من تتخذ مثل ذلك الإجراء، فكل بلد يفعل هذا الإجراء باختلاف طرق التنفيذ، فالولايات المتحدة لديها قانون «جونز» الذي يصر على أن السفن التي تبحر في الموانئ الأميركية (مع استثناء بعض شحنات النفط في ألاسكا) يجب أن تكون أميركية الصنع، ويتكون طاقمها من قبل الأميركيين. وذلك للمساعدة في الحفاظ على السفن التجارية في حالة وقوع حرب واسعة النطاق.
وردًا من الصين على القرار الأسترالي، قال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية سون جيه وين - في تصريح يوم الجمعة الماضي - إن الإجراءات التي اتبعتها الشركتان الصينيتان هي أنشطة تجارية عادية جاءت وفقًا لمبادئ السوق، مؤكدًا أنهما اتبعتا إجراءات العطاءات الدولية وتعاونتا في كل مراحل الفحص الأمني في أستراليا. وترى بكين أن مثل هذا القرار يعتبر بمثابة حماية تجارية، ويؤثر تأثيرًا كبيرًا على استعداد الشركات الصينية للاستثمار في أستراليا، خاصة أن هذا هو القرار الثاني خلال عام 2016 الذي ترفض فيه أستراليا عروضًا لشراء أصول محلية مهمة من أطراف صينية؛ رغم أن الصين تعد أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية المقترحة في أستراليا، وفقًا لتقرير مجلس مراجعة الاستثمار الأجنبي الصادر في أبريل (نيسان) الماضي.
* خطوات من التضييق
ويأتي قرار منع الصين من صفقة شراء شبكة الكهرباء في أستراليا بعد ثمانية أشهر فقط من دخول اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين حيز التنفيذ. وحث التقرير الاقتصادي المشترك بين أستراليا والصين - الصادر الأسبوع الماضي - كلا البلدين على التفاوض حول اتفاقية الاستثمار الثنائي مع تحديد «القائمة السلبية» التي سيتم استبعاد القطاعات المدرجة بها من الاستثمار الأجنبي لدى أي من الجانبين، وذلك في جزء منه لتجنب تكرار الاحتكاك الدبلوماسي الذي يحدث في الوقت الراهن.
وسبق أن أفشلت الحكومة الأسترالية عرضًا من كونسورتيوم بقيادة شركات صينية لشراء شركة المواشي «كيدمان آند كو» التي تعد أكبر مالك للأراضي الزراعية في أستراليا. وقال وزير الخزانة سكوت موريسون - في أبريل (نيسان) الماضي - إنه تصدى لبيع المزرعة البالغ مساحتها 101 ألف كيلومتر مربع إلى مجموعة شركات بقيادة صينية، ورفض موريسون في وقت سابق بيع المزرعة نفسها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى مؤسسة صينية أخرى.
وأوضح موريسون أن تلك المزرعة - وهي ضعف مساحة بلجيكا - كانت ستشكل أكبر عملية بيع لأرض خاصة في التاريخ، حيث تمثل 2 في المائة من مساحة الأرض الزراعية في أستراليا. وكان من المتوقع أن تباع المزرعة - المكونة من 10 مزارع منفصلة للماشية بنحو 284 مليون دولار أميركي، وكان البيع المقترح لتلك المزرعة إلى الصين قد أثار مخاوف بين الساسة الليبراليين والمحافظين على حد سواء.
وتعتبر الصين من كبار المستثمرين في أستراليا، حيث نمت الاستثمارات الصينية في أستراليا 60 في المائة إلى 15 مليار دولار، وبلغ الاستثمار في عام 2015 ثاني أعلى مستوى له، بعد عام الذروة في 2008. وواصلت الصين في السيطرة على شراء العقارات في أستراليا، وهو ما يمثل 6.85 مليار دولار بما يمثل 45 في المائة من إجمالي الاستثمارات الصينية في أستراليا، وفقًا لتقرير مشترك لجامعتي «كي بي إم جي» و«سيدني».
وبعد القطاع العقاري، تعتبر القطاعات الأكثر تفضيلا من قبل المستثمرين الصينيين في أستراليا هي الطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، والتعدين، والبنية التحتية، والنفط والغاز، والصناعات الزراعية. وتعد أستراليا ثاني بلد أجنبي من حيث الأكثر تفضيلا للمستثمرين الصينيين، بعد الولايات المتحدة، حيث استثمرت الصين في الولايات المتحدة نحو 118 مليار دولار في عام 2015. بزيادة 14.7 في المائة عن العام الأسبق.
* أستراليا ليست وحدها
وتأتي هذه الخطوة الأسترالية المتعلقة بتحجيم النفوذ الصيني داخل اقتصادها، بعد أصدرت السلطات الأميركية اتهامات التجسس ضد أفراد لهم صلة بالصين، بارتكاب جرائم تتراوح بين سرقة تكنولوجيا المفاعلات النووية الأميركية وتهريب ألياف الكربون الخاصة بجهات عسكرية، في محاولة لتصدير تصاميم مركبات تحت الماء بطريقة غير مشروعة. وهؤلاء الأفراد يعملون بمجموعة الطاقة النووية بالصين (CGN)، وهي الشركة الحكومية التي من شأنها أن يكون لها حصة الثلث في مشروع «هينكلي» للطاقة النووية بإنجلترا.
وكذلك أعلنت الحكومة البريطانية - في بداية أغسطس (آب) الحالي - تأجيل إنشاء محطة للطاقة النووية في «هينكلي» غرب إنجلترا - والمتوقع أن تسهم الصين بثلث التمويل المقدر بنحو 18 مليار جنيه إسترليني (23.47 مليار دولار) - وذلك لاعتبار أن مشاركة الصين يمكن أن يهدد الأمن القومي البريطاني.
وكانت بريطانيا قد أعلنت التوصل إلى اتفاق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تمتلك بموجبه مجموعة الشركات الصينية بقيادة مؤسسة الطاقة النووية العامة الحكومية حصة بنسبة 33.5 في المائة من المشروع بينما تملك إلكتريك دو فرانس الفرنسية حصة تبلغ نسبتها 0.66 في المائة، وكان من المفترض أن توقع الحكومة البريطانية والشركة الفرنسية والمؤسسة الصينية الاتفاق يوم 29 يوليو (تموز) الماضي.
وفي حين أن المملكة المتحدة ليست واحدة من أكبر ثلاث وجهات استثمارية تفضيلاً في الصين، تعتبر بريطانيا الأكثر جذبًا للاستثمارات الصينية في أوروبا، والتي تجذب استثمارات صينية أكثر من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا مجتمعة. وقد أدخل المستثمرون الصينيون 38 مليار دولار (29 مليار جنيه إسترليني) في كل شيء؛ بدءًا من العقارات إلى البنوك وأندية كرة القدم في بريطانيا منذ عام 2005، وفقا للأرقام الصادرة عن معهد أميركان إنتربرايز، ومؤسسة التراث.



السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.