اضطرابات أسوان تعزلها عن باقي مصر

خلافات «النوبيين» و«الهلايل» تتسبب في قطع طرق رئيسة جنوب البلاد

سيدات يمررن بجوار إحدى مدرعات الجيش في مدينة أسوان أمس عقب اشتباكات قبلية عنيفة مستمرة منذ يوم الجمعة الماضي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات (أ.ب)
سيدات يمررن بجوار إحدى مدرعات الجيش في مدينة أسوان أمس عقب اشتباكات قبلية عنيفة مستمرة منذ يوم الجمعة الماضي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات (أ.ب)
TT

اضطرابات أسوان تعزلها عن باقي مصر

سيدات يمررن بجوار إحدى مدرعات الجيش في مدينة أسوان أمس عقب اشتباكات قبلية عنيفة مستمرة منذ يوم الجمعة الماضي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات (أ.ب)
سيدات يمررن بجوار إحدى مدرعات الجيش في مدينة أسوان أمس عقب اشتباكات قبلية عنيفة مستمرة منذ يوم الجمعة الماضي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات (أ.ب)

قتل ثلاثة مواطنين أمس في تجدد لاشتباكات قبلية في محافظة أسوان جنوب مصر، في وقت أفادت فيه مصادر مسؤولة أن الحكومة تدرس فرض حظر التجوال بالمحافظة، بعد فشل محاولات لتهدئة الخلافات بين قبيلتي «النوبيين» و«الهلايل»، وهو ما أدى أمس أيضا لقطع طرق رئيسة في أسوان، من بينها خطوط السكك الحديدية الرئيسة التي تربط المحافظة بشمال مصر.
وكانت اشتباكات اندلعت بين العائلتين منذ يوم الجمعة الماضي وأسفرت عن مقتل 23 وإصابة 40 آخرين، بحسب إحصائية مديرية الصحة بأسوان. وذكر مصدر أمني أن الاشتباكات اندلعت «بسبب خلاف نشب بين طلاب ينتمون للقبيلتين في مدرسة صناعية عقب معاكسة إحدى الفتيات، وقيام كلا الطرفين بكتابة عبارات مسيئة ضد الطرف الآخر على جدران المنازل والشوارع في نجع الشعبية بمنطقة السيل الريفي».
وتجددت، أمس (الأحد)، المناوشات بالأسلحة النارية بين القبيلتين، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص جدد، جرى نقلهم إلى مستشفى أسوان الجامعي، إضافة إلى نحو عشرة مصابين. وقال شاهد عيان إن «الاشتباكات وقعت في عدد من المناطق القريبة من موقع الاشتباكات، وسمع دوي لإطلاق النار في شارعي 8 و9 بالسيل الريفي، كما تردد سماع دوي لإطلاق نار بمنطقة مشرحة أسوان».
ويأتي هذا وسط أنباء عن اتجاه السلطات المصرية لفرض حظر التجول في المحافظة، بسبب تجدد الاشتباكات بين القبيلتين. وقال مصدر مسؤول في المحافظة لـ«الشرق الأوسط»، إن «محافظ أسوان مصطفى يسري أجرى اتصالا برئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، وطلب فرض حظر التجوال في المحافظة بأكملها»، مضيفا أن «رئيس الوزراء يتابع الموقف بنفسه ووعد بدراسة الطلب من الناحية الأمنية».
وبينما تحدث شهود عيان أمس عن «انسحاب الأمن من موقع الأحداث في منطقة السيل الريفي، وقيام أبناء القبيلتين بقطع الطرق الرئيسة في أسوان وحرق عدد من سيارات المواطنين وقطع خطوط السكك الحديدية وإشعال النار في أكثر من ثمانية منازل»، قالت مصادر أمنية في أسوان لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الأمن فرضت السيطرة الأمنية بصوره كاملة على المحافظة»، لافتة إلى أن الأمن سيعمل على منع تجدد الاشتباكات مرة أخرى.
واستمعت النيابة لأقوال عدد من شهود العيان والمصابين في الأحداث، والذين أدلوا بأسماء ومواصفات عدد من المتهمين. ومن جانبه، قال مصدر قضائي في أسوان إن «المستشار هشام بركات، النائب العام المصري، انتقل إلى أسوان لمتابعة التحقيقات في الأحداث، وإن النيابة أمرت بضبط وإحضار 12 متهما في الأحداث». وقالت النيابة إنه «من مناظرة الجثث تبين أن الوفاة ناتجة عن الإصابة بطلقات نارية وآثار ذبح وطعن بآلات حادة».
وزار محافظ أسوان منطقة السيل الريفي والمناطق المحيطة بها أمس، للاطمئنان على استقرار الأوضاع الأمنية، وطالب قوات الأمن بتنظيم دوريات على مدار اليوم من القوات المسلحة والشرطة لتمشيط كافة مداخل ومخارج منطقة السيل الريفي لبسط الأمن بالشكل المطلوب ومنع وقوع أي مناوشات أو احتكاكات لعبور هذه الفترة الحرجة، موضحا أنه من المقرر عقد اجتماع موسع مع الجهات الأمنية والمعنية لتشكيل لجنة تقصي الحقائق التي أقرها رئيس الوزراء لسرعة الوصول إلى الأسباب الحقيقية وراء الأحداث، لكن شهود عيان قالوا إن «أهالي القبيلتين منعوا المحافظ من الوصول إلى منطقة الأحداث، وهتفوا ضده وضد الشرطة».
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إنهم شاهدوا «طائرات عسكرية في سماء مدينة أسوان أمس، بعد سماع دوي إطلاق نار عشوائي في عدة مناطق بالمدينة، وانتشرت قوات الشرطة ومدرعات الجيش على مداخل ومخارج الشوارع المؤدية إلى منطقة السيل الريفي لتأمينها ومنع تجدد الاشتباكات».
وأضاف أحد شهود العيان أن «الأحداث تجددت أمس بعد انسحاب الشرطة من منطقة السيل.. وكبار العائلات والقيادات الشعبية والأمنية يكثفون جهودهم للتهدئة بين طرفي النزاع، وبدأوا في زيارات بين كبار العائلات وجمعيات أبناء دابود وبني هلال لإقناعهم بتسلم جثث الضحايا ودفنها».
وأكد محمد توفيق، أحد الشهود، إن «أسوان أصبحت معزولة الآن بعد أن قطع أبناء القبيلتين طريق أسوان القاهرة الرئيس عند مدخل مدينة أسوان، وقطعوا طريق الكورنيش وأحرقوا عددا من السيارات وقطعوا خطوط السكة الحديد، وأن شوارع أسوان خلت من المارة خوفا من أحداث العنف»، فيما قالت مصادر محلية إنها «أوقفت حركة القطارات من وإلى أسوان حفاظا على حياة المواطنين».
من جهتها، قررت جامعة أسوان برئاسة الدكتور منصور كباش، تعليق الدراسة في كليات الجامعة لمدة يومين اعتبارا من اليوم (الاثنين)، نظرا للظروف الراهنة التي تشهدها مدينة أسوان بسبب الاشتباكات.
في غضون ذلك، طالب الأزهر الشريف أطراف النزاع في أسوان بأن يحقنوا دماءهم، وأن يجلسوا فورا إلى حكمائهم لإزالة أسباب الكراهية والبغضاء بينهم، وأن يفسحوا لسيادة الشرع والقانون بينهم. وقال الأزهر في بيان له أمس، إنه «وهو يتابع آثار العصبية البغيضة وخطوات الشيطان التي تسيطر على مجرى الأحداث في أرض يعرف عن أهلها منذ القدم طيب النفس وشهامة الخلق، ليتألم ألما شديدا من التهوين والاستخفاف بالدماء التي تنزف على الأرض». وتابع البيان: «يثق الأزهر الشريف في قدرة أهل الحكمة والإصلاح في احتواء الشقاق ورأب الصدع بين أبناء الوطن الواحد».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.