سرقة المقاومة!

TT

سرقة المقاومة!

نظام «ماكنتوش» الثوري في تشغيل الحاسب الآلي الذي اخترعه ستيف جوبز، وأتى بالأيقونات التي تساعد المستخدم في توجيه أوامره مع استخدام جهاز «الفأرة»، الذي يتحكم في الحراك على الشاشة، كان صرعة عظيمة ونقلة نوعية في التقنية، حتى جاء من «سرق» الفكرة تمامًا، واستنسخها في شكل برنامج «ويندوز» لصالح شركة «مايكروسوفت»، وهي التي اعتبرت في وقتها، كما ورد في وسائل الإعلام، أكبر عملية «سطو» على فكرة. ولكن يبدو أن العالم لم يكن وقتها قد تعرف على حسن نصر الله زعيم تنظيم ميليشيا «حزب الله» الإرهابي. فهو الآخر قام بعملية «سطو» أسطورية على فكرة المقاومة في لبنان، ولم يُنسَ، وقد يكون من المفيد أن نتذكر مجددًا، عندما دخلت أرتال قوات العدو الإسرائيلي إلى الجنوب اللبناني، كان بعض مدعي المقاومة اليوم (الذين التحقوا لاحقًا بتنظيم «حزب الله» الإرهابي) ينثرون حبات الأرز على دبابات الجيش الإسرائيلي حفاوة واحتفالاً بقدومها.
التحرير واقعيًا وعمليًا تم تحقيقه وبنسبة 75 في المائة من الأراضي الجنوبية في لبنان على أيدي جبهة المقاومة الوطنية، التي كانت تُعرف باسم «جمول»، وهذه الجبهة الوطنية، التي كانت تضم في صفوفها جميع اللبنانيين بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم وطوائفهم، لم ترفع قط سوى العلم اللبناني، ولم تَدِن بالولاء إلا لزعماء لبنانيين، ولم يخرج منها عميل واحد ولا جاسوس واحد ولا تاجر «كبتاغون» واحد، ولا تاجر حشيش واحد، ولا مهرب سلاح، ولا غاسل أموال، ولا متسلط في أجهزة الدولة.
كانت مقاومة صادقة واجهت تحديات صعبة جدًا، وفي موقف معروف صاح قائد المقاومة وقتها، جورج حاوي، في مقاتليه الذين كانوا يشكون من سوء الأوضاع وندرة السلاح والذخيرة، فقال: «يا رفاق، دبروا حالكم»، وقتها لم يكن هناك دولة داعمة بـ«المال الطاهر» ولا صواريخ ولا تقنية استثنائية، ومع كل تلك المصاعب والتحديات انتصرت المقاومة الوطنية، وحررت الأرض بشرف وكرامة.
ولكن حزب الله «تسلق» على هذا الواقع كله، وكان السطو الممنهج على فكرة المقاومة، وبالتالي «سرق» التنظيم الإرهابي هذا الإنجاز والانتصار وحوّله لنفسه، وبالتدريج جرت «مذهبة» المقاومة وتحجيمها في إطار الحزب الإرهابي وحده فقط، ومع الوقت تم تغيير «شكل» المقاومة و«ثقافتها» لتصبح جزءًا من مشروع إيراني، تُرفع فيها أعلام غير لبنانية، وصور لزعامات غير لبنانية، وأصبح المشروع الجديد طائفيًا بالكامل يتبع لطائفة واحدة وليس حتى لدين ولا للبلد، كما كانت المقاومة «وطنية» بحق في يوم من الأيام.
«حزب الله» بانسحاب إسرائيل حرر الـ20 في المائة الباقية من أراضي لبنان المحتل، وظل يروّج عبر أبواقه المأجورة أنه حرر جميع الأراضي اللبنانية، وفي كذبة تضاف لسجل التضليل الممنهج الذي تخصص فيه بجدارة واستحقاق. حسن نصر الله «لطش» المقاومة كفكرة ولبسها وصدق نفسه، ولكن الأيام تفضحه بشكل متواصل، لأن الحقائق لا يمكن إخفاؤها أبدًا. والآن كلما يأتي ذكر المقاومة مع اسم حسن نصر الله، واسم تنظيم «حزب الله» الإرهابي، لا يملك من يعلم بحقائق الأمور سوى أن يضحك ساخرًا.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.