ملتقى الشباب المسيحي والمسلم بمصر يبرئ الأديان من أعمال التخريب في بيان مشترك للعالم

المشاركون من 15 دولة يوصون بتحجيم موارد الإرهابيين.. وتحصين الشباب ضد فكر جماعات التطرف

جانب من المشاركين في الملتقى الأول للشباب المسيحي والمسلم بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
جانب من المشاركين في الملتقى الأول للشباب المسيحي والمسلم بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

ملتقى الشباب المسيحي والمسلم بمصر يبرئ الأديان من أعمال التخريب في بيان مشترك للعالم

جانب من المشاركين في الملتقى الأول للشباب المسيحي والمسلم بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة («الشرق الأوسط»)
جانب من المشاركين في الملتقى الأول للشباب المسيحي والمسلم بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة («الشرق الأوسط»)

أطلق الملتقى الدولي الأول للشباب المسيحي والمسلم حول «دور الأديان في بناء السلام ومواجهة التطرف والإرهاب» الذي يعقد في العاصمة المصرية القاهرة، بيانا مشتركا للعالم أمس، يبرئ فيه الأديان السماوية من الأعمال التخريبية التي تقوم بها الجماعات المتطرفة خاصة تنظيم داعش الإرهابي.
وأوصى المشاركون في فعاليات الملتقى في يومه الثاني من الشباب المنتمين لـ15 دولة بأوروبا وأفريقيا ودول الشرق الأوسط، بضرورة مواجهة الأفكار المنحرفة لتحصين الشباب من جماعات العنف، والحد من ميزانية الإرهابيين وأسلحتهم بدلا من إلقاء المسؤولية على منظمة أو دولة بعينها.
وبينما قال مصدر كنسي إن الإرهاب ليس هو الإسلام.. وإن الدول تتعرض لحروب ليس فقط بالأسلحة؛ لكن عن طريق إضعاف شبابها، أكد مسؤول مصري أنه «يتم الآن الإعداد لمؤتمر عالمي للسلام في القاهرة برعاية الأزهر والفاتيكان».
وتختتم فعاليات الملتقى الدولي التي استمرت ثلاثة أيام، اليوم (الأحد)، في إطار التعاون بين الأزهر ومجلس الكنائس العالمي بمقر مشيخة الأزهر بالدراسة، بمشاركة 40 شابا وفتاة تحت سن 30 عاما، وتركزت فعاليات اليوم الثاني للملتقى أمس على قيم المواطنة والتعايش المشترك، ودور المؤسسات الدينية في بناء السلام، إضافة إلى آليات مشاركة الشباب في العدالة الاجتماعية وبناء السلام، والخطاب الديني وأثره في خلق التوتر والعنف أو الوفاق والسلام.
وقال مصدر في الملتقى إن المشاركين «سوف يضعون في ختام فعاليات الملتقى أسسا حقيقية لمشاركة شبابية فعالة في بناء السلام، فضلا عن الخروج بفهم أعمق مشترك لإصدار بيان للعالم يؤكد أن الأديان براء من الأعمال التخريبية، وأن الأديان كلها تدعو إلى التسامح.
وقال مراقبون إن تنظيم داعش الإرهابي يستغل النزعة الدينية لدى الشباب ورغبتهم في الشهادة والفوز بالجنة في تفخيخ أنفسهم، مضيفين أن «داعش» يُسيطر على الآباء من عناصره ويجبرهم على إقناع أبنائهم بتفجير أنفسهم في سبيل نشر أفكار التنظيم.
وعن توصيات الملتقى العالمي، قال المصدر نفسه، إن التوصيات سوف تركز على أهمية مد جسور التواصل بين المسلمين والمسيحيين، لحل جميع المشكلات التي من الممكن أن تؤرق المجتمعات عامة والشباب بخاصة. وكذا التأكيد على أن الإسلام دين يحترم كل الديانات والرسالات ويحترم ثقافتها، ولا يكون إسلام المرء صحيحا دون أن يؤمن بكل الرسالات والأنبياء. فضلا عن ضرورة تنشئة الشباب على منهج التعدد وقبول الآخر، من خلال دراسته لمختلف المذاهب الإسلامية، ودراسة العقائد والفلسفات والأديان الأخرى، وهو ما يجعله متقبلا للرأي والرأي الآخر.
وقال المصدر نفسه، إن تنظيم داعش يحمل أبناءه على التفكير العاطفي وليس التفكير المنطقي، إذ إن نمط التفكير المنطقي من شأنه البحث عن علل لفهم الأشياء وبالتالي فهو خطر على تنظيم يتعامل مع أفراده كقطيع يُساق إلى الذبح وهم فرحون دون أي اعتراض، لذلك فالتنظيم يحمل أفراده على نمط التفكير العاطفي الذي غالبا ما يحسم أصحابه مواقفهم بطريقة «من ليس معنا فهو عدونا يجب قتله».
من جهته، قال الأنبا يوليوس رئيس أسقفية الخدمات بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر، إن «الإرهاب يواجه المسلم والمسيحي على السواء، فالإرهاب ليس هو الإسلام، والقنبلة لا تفرق بين مسلم ومسيحي فكلنا واحد»، لافتا إلى أن رفض بعض الكنائس استقبال اللاجئين لكونهم غير مسيحيين أمر خاطئ، فهو لاجئ حرب ولديه مشكلة ليست دينية.
وأضاف يوليوس خلال مشاركته أمس في الملتقى الأول للشباب المسيحي والمسلم، أن بناء السلام والعدالة الاجتماعية حلم يراود جميع البلدان وتسعى إلى تحقيقه؛ لكنه ليس حلما فهو خطوات وواقع نعيش فيه، فالسلام يتحقق في كل بلد حسب تحدياته وإمكانياته وحسب طبيعة أهله.
لافتا إلى أن البلاد تتعرض لحروب ليس فقط بالأسلحة؛ لكن عن طريق الشباب والعمل على إضعافه، فقوة الشباب في التغلب على الرذائل والعيش مع الله، فلا نستطيع أن نرد حربا بحرب، لا بد للسلام أن ينتصر، فبناء السلام لن يأتي إلا بالشباب وعملهم في التنمية. مضيفا أن الكنيسة المصرية كونت لجنة لتطوير المناهج لجميع المراحل التعليمية، بحيث يصبح الطفل متكاملا ويتعلم أنه مسيحي مصري، وتم عمل دورات تدريبية للكهنة والآباء لتجديد الخطاب الديني والحث على السلام في المجتمع.
وقال الدكتور كمال بريقع أستاذ المواد الشرعية بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، خلال كلمته، إن الضمائر في اللغة العربية تغير من المعنى وتجعله غير واضح، لذا المعيار الأول في الفتوى في الدين أن يكون على دراية باللغة العربية وتفسير القرآن والطرق والقوانين الأساسية في الإسلام واستنتاج القانون الضمني في النص لأن نصوص القرآن لها قوانين تحكمها؛ بل هو شيء ضمني يتماشى مع الحدث والواقع.
موضحا أن الدول الغربية هي من تصنع السلاح وليس العرب، فالأفضل أن نتحدث عن كيفية الحد من ميزانية الإرهابيين وأسلحتهم بدلا من أن نلقي بالمسؤولية على منظمة أو دولة بعينها، مشددا على ضرورة التفرقة بين دين وآيديولوجيا الجماعات المتطرفة، حتى لا نتهم الدين الإسلامي أو المسيحي بدعم الإرهاب، لمجرد قول أحدهم بأنه ينتمي لدين معين.
بينما قال أيمن نصري منسق مجلس الكنائس العالمي، منسق عام ملتقى الشباب المسيحي والمسلم، إن الشباب هم الأقدر على توجيه رسالة التسامح للعالم، مشددا على أننا في مرحلة خطيرة جدا الآن.. والحوار بين الجميع هو الحل.
في غضون ذلك، أعلن وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان، عن أنه يتم الآن الإعداد لمؤتمر عالمي للسلام برعاية الأزهر والفاتيكان، مؤكدا أن الدين لا يسوغ للمسلم أن يظلم غيره أو يضيق عليه أو يحقره أو يقلل من شأنه، مؤكدا أن الإسلام أرسى علاقة خاصة بين المسلمين والمسيحيين.
واستأنف الأزهر الحوار مع الفاتيكان التي تمثل أعلى سلطة دينية في الغرب، في مارس (آذار) الماضي عقب قطيعة دامت لسنوات، بسبب ربط بابا الفاتيكان السابق العنف بالإسلام، والتقى شيخ الأزهر في لقاء عالمي، بابا الفاتيكان فرنسيس الأول في العاصمة الإيطالية روما، وبحثا جهود نشر السلام والتعايش المشترك.
وتعود قطيعة الأزهر والفاتيكان إلى احتفالات رأس السنة (الكريسماس) عام 2011 والتي كانت قد شهدت انفجارا أمام كنيسة القديسين ماري جرجس والأنبا بطرس بمحافظة الإسكندرية، عن طريق انفجار بعبوة ناسفة، أسفرت عن مقتل 21 وإصابة 80 آخرين، ما دعا البعض في الغرب لاستغلال الأمر، لإشعال التوتر والغضب بين المسلمين والمسيحيين في مصر.
وقال شومان، إن هناك تبادلا للتهاني في كل المناسبات والأعياد بين علماء الأزهر ورجال الكنيسة، وذلك دليل على الود والمحبة بين الجانبين، مؤكدا أن شيخ الأزهر استطاع فتح الحوار من جديد بين الأزهر والفاتيكان من خلال زيارته لبابا الفاتيكان في مارس الماضي.
مضيفا: أن «الأزهر يرفض أي ممارسات تصدر عن بعض الجهلاء سواء من الجانب المسلم أو المسيحي، قد تؤدي إلى تأجيج الفتن أو إدخال البغض بين الجانبين»، مؤكدا أن الأزهر يعمل من أجل الإنسانية جمعاء.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.