مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة

دراسة تضيء على مشكلات المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري وتوصي بإصلاحات

مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة
TT

مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة

مساعٍ لتوحيد صفوف الفصائل العسكرية لرفع مستوى تأثيرها تمهيدًا لجولات تفاوضية مقبلة

تسعى قوات المعارضة السورية لتوحيد صفوفها ورفع مستوى تأثيرها السياسي، لمواكبة المتغيرات الدولية المتسارعة، وتمهيدًا لحفظ دور مؤثر لها خلال العملية السياسية المقبلة، التي يتوقع باحثون سوريون أن تبدأ بشكل جدي في ربيع العام المقبل 2017.
المركز البحثي السوري المعارض «جسور»، كشف في دراسة أعدها ونشرها أمس، عن أن المعطيات تُشير إلى اقتراب الفصائل العسكرية الرئيسية في سوريا، من تشكيل جسم مشترك يقوم على تمثيلها سياسيا، بدعم من بعض الدول الإقليمية. ورأى أن مثل هذا الكيان يُعطي دفعًا للحل العسكري الذي ترغب فيه، أو لسحب البساط من تحت المؤسسات السياسية الأخرى. وهو ما يعني فعليًا سحب الشرعية من الائتلاف والهيئة على حد سواء، ما لم تتمكن المؤسستان من التعاطي مع هذه المعطيات بصورة فعالة واستباقية.
وقال المركز، في الدراسة التي حملت توصيف «تقدير موقف»، إن ظهور جسم مشترك للفصائل العسكرية «سيساعد في تعزيز موقع هيئة التنسيق الوطنية في بيئة المعارضة السياسية، باعتبارها الممثل للشرائح التي لا تمثّلها الفصائل وأنصارها، بعكس الائتلاف والهيئة العليا»، مشيرًا في الوقت ذاته، وحسب توقعات المركز، إلى أن التجاذب قد يستمر بين الائتلاف و«الهيئة العليا للمفاوضات» بما سيؤثّر «على شرعية وحضور كل منهما»، ويلفت إلى أنه «لا يُعتقد أن تشهد الساحة الدولية دعوة جدية لأي حل سياسي قبل ربيع 2017. ما يعني أن الفرص المتاحة لكلا المؤسستين ستكون محدودة أصلاً على المدى القصير والمتوسط».
المدير العام لمركز «جسور» محمد سرميني، قال موضحًا، إن فصائل «الجيش السوري الحر» التي تعمل منذ فترة بشكل مشترك على تنسيق البيانات التي تصدرها «رأت أنه من الضروري العمل على أمرين، هما: وحدة القرار السياسي، ووحدة القرار العسكري»، وتحدث عن «تضافر الجهود لإنجاز وحدة القرار السياسي». وتابع سرميني لـ«الشرق الأوسط» أنه بناء عليه «تم تشكيل لجنة مصغرة من مندوبي الفصائل المؤثرة (التي يبلغ عددها 22 فصيلاً وقّعت البيانات الأخيرة بشكل مشترك) وبدأت إعداد تصور عن هيئة سياسية تمثل الفصائل، ستكون مرجعية سياسية لها، ومن خلالها تأخذ مواقف في القرارات السياسية العامة، وفيما يتعلق بتمثيلها في المؤسسات السياسية».
وأضاف أن تلك المساعي تنطلق من واقع أن الفصائل، رغم حضورها، لا تتمتع بتأثير سياسي، بل تقتصر مشاركاتها على إبداء رأي يبدو أنه غير ملزم. وتجد تلك الفصائل التي تتمتع بحيثية كبيرة على الأرض، أنها غير قادرة على أن تكون شريكة في صناعة القرار السياسي، بالنظر إلى أن نسبة تمثيلها في الهيئة العليا للمفاوضات كانت متدنية، كذلك لم تجد لنفسها تمثيلاً بارزًا في الائتلاف السوري، حيث «تشعر بأن الائتلاف جسم غريب عنها وهي غير فاعلة فيه».
وحسب سرميني، فإن «بقاء الفصائل بشكلها الحالي من غير تمثيل سياسي بارز لها في المؤسسات السياسية، لن يغير نظرة المجتمع الدولي لها بوصفها ميليشيات، ذلك أن الدول الغربية تتعاطى مع المؤسسات الرسمية لناحية الأخذ برأيها، لذلك إذا لم تكن ضمن المنظومة السياسية المعترف بها، فإن كلامها يصعب أن يكون له وزن سياسي».
الدراسة التي حملت عنوان «المعارضة السياسية والخيارات المتاحة في المشهد السوري»، توقفت عند مشكلات المعارضة وخياراتها. وتوقفت بالذات عند ما وصفته بـ«الخفوت في المشهد السوري من جانبه السياسي في الشهور السبعة الأولى من عام 2016. ولم يشهد الصخب الذي عرفه في السنوات السابقة، سواء من ناحية الصراعات الداخلية المعلنة، أو من ناحية التجاذبات بين الكيانات السياسية المختلفة».
وإذ تحدثت الدراسة عن «صراعات صامتة» بين الكتل السياسية المختلفة داخل الائتلاف وخارجه، في إشارة إلى التباينات مع «الهيئة العليا للمفاوضات»، قال معدّوها إن أداء المعارضة السياسية وحضورها «يرتبط» بعدد من المحددات الداخلية والخارجية. و«هي التي تُساهم في رسم معالم المشهد المعارض في كل مرحلة»، بينها «البيئة الدولية، مع تحوّل المشهد السوري في سنواته الأخيرة إلى حالة من التدويل المعلن، وتأدية الفاعلين الإقليميين دورًا رئيسيًا في تفعيل أو تعطيل المؤسسات السياسية للمعارضة»، فضلاً عن «تأثير إنجازات فصائل المعارضة المسلحة وإخفاقاتها، وكذلك الأحداث والانتهاكات (مثل المجازر الكبرى) على الحضور السوري في المشهد السياسي والإعلامي».
لا يجد مركز «جسور» حرجًا في الإضاءة على تلك المشكلات، بالنظر إلى أنها تتحدث عن معطيات حرجة. ويقول سرميني إن «هذا النوع من الدراسات موجه لصناع القرار المحليين والدوليين»، كما أنه «موجه للفصائل العسكرية»، موضحًا أن تقديمها «ضروري لأن السوريين ضمن المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، باتوا الحلقة الأضعف». وأضاف: «إذا لم يكن هناك تحرك سياسي وعسكري معارض للعب دور حقيقي، فإن الحل المفروض لن يكون للسوريين دور في اتخاذ القرار به، ونحن كسوريين نرفض أن نكون مجرد أداة تنفيذية لقرارات يتخذها الآخرون».
من ناحية ثانية، تمثل الدراسة صدمة لأطراف المعارضة لتوحيد صفوفها خلال الفترة المتبقية لتفعيل قضية الحل السياسي مرة أخرى، التي يرجح «جسور» أن تنطلق جديًا في منتصف العام المقبل 2017. وحسب سرميني: «في المعطيات السياسية، يصعب أن يكون هناك حل سياسي أو العودة إلى طاولة المفاوضات قبل تلك الفترة، كونه مرتبطًا بالمشهد الأميركي المقبل في ظل تغيير في الإدارة الأميركية وحصول ترتيب جديد»، فضلاً عن «المتغيرات الإقليمية التي لا يتوقع أن تصل إلى تفاهمات قبل هذا الوقت»، لجهة حالات التقارب الروسي والتركي والإيراني، التي لا تزال في بداياتها. وتُضاف إلى «المتغيرات العسكرية على الأرض، في ظل الجمود السياسي القائم، وعدم حصول أي خرق أو تقدم على مستوى الملف الإنساني».
تأهبًا لذلك، أوصى المركز «الائتلاف» السوري بإجراء إصلاح جذري في بنيته وتركيبته، بحيث يضمن للفصائل الفاعلة تمثيلاً حقيقيًا وتشاركيًا، بما يوقف بحثها عن تمثيل تشاركي خارج «الائتلاف»، على أن «تشمل عملية إعادة الهيكلة المطلوبة منح الفصائل الرئيسية حق التمثيل العسكري في الائتلاف، ومنحها مقاعد ذات أغلبية ضامنة أو معطّلة». كذلك «ينبغي على الائتلاف إجراء مراجعة مباشرة لدور الحكومة المؤقتة»، والإعلان عن مواقف سياسية واضحة تمكّنه من تمييز حضوره عن المؤسسات الإعلامية.
من ناحية أخرى، أوصى المركز «الهيئة العليا للمفاوضات» بإنتاج نظام أساسي خاص بها، يُحدد آليات لصناعة القرار فيها، وآلية لاختيار هيئتها العليا ورئيسها، وكيفية توسيع الهيئة وتداول العضوية فيها. كما أوصى الفصائل المسلحة بالوصول إلى صيغة مشتركة مع الائتلاف، تضمن للفصائل مشاركة فاعلة في صنع القرار، والتوقف عن تقديم رسائل سلبية إلى المجتمع الدولي، وإجراء مراجعة شاملة لخطابها السياسي، وأن تعمل بشكل مشترك مع الكيانات السياسية والمدنية في سوريا وخارجها، بما يمكن الفصائل من ترشيد أدائها السياسي، ويوفر لها قاعدة تشاركية تُساعدها على الاندماج في أي حل سياسي مقبل.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.