مفوضية اللاجئين: 3 ملايين نازح داخل اليمن

62 % يعتمدون على كرم الأقارب والأصدقاء

طفلان يمنيان في مخيم للنازحين بعمران (إ.ب.أ)
طفلان يمنيان في مخيم للنازحين بعمران (إ.ب.أ)
TT

مفوضية اللاجئين: 3 ملايين نازح داخل اليمن

طفلان يمنيان في مخيم للنازحين بعمران (إ.ب.أ)
طفلان يمنيان في مخيم للنازحين بعمران (إ.ب.أ)

قالت مفوضية اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة إن التهجير القسري في أنحاء اليمن في ازدياد، حيث وصل عدد المهجرين قسريا بسبب الصراع حتى الآن 3.154.572 من السكان ويشمل هذا العدد ما يقارب 2.205.102 من النازحين داخليا في البلاد، حيث إن هناك 949.470 نازحا ممن حاولوا العودة إلى ديارهم.
وكشف البيان الذي أعده فريق تقني مختص معني بحركة السكان وصدر أمس (الجمعة) عن زيادة مضطردة في أعداد المهجرين قسريا كلما تصاعد الصراع وتفاقمت الأوضاع الإنسانية في البلاد.
ولفت التقرير إلى ارتفاع نسبة النزوح الداخلي في كل أرجاء البلاد، إذ بلغت نسبتها 7 في المائة منذ أبريل (نيسان) الماضي، أي ما يقارب 152.009 آلاف من الفارين من العنف خلال تلك الفترة. وذكرت إيتا سخويتي، نائبة ممثل مفوضية اللاجئين في اليمن، أن «الأزمة الراهنة تجبر المزيد والمزيد من الناس على ترك منازلهم بحثا عن الأمان. حيث إن أكثر من ثلاثة ملايين شخص يعيشون حاليا حياة عابرة غير مستقرة تحفها المخاطر، ويكافح هؤلاء من أجل تلبية الاحتياجات الأساسية».
وأكد التقرير أن عددا كبيرا من النازحين يحاولون العودة إلى ديارهم، أي أن نسبة الزيادة تصل إلى 24 في المائة وقدرت ذلك بنحو 184.491 شخصا.
وأفاد أن محاولات العودة لا تزال مترددة يشوبها الحذر الشديد حيث يترقب السكان تحسنا ملموسا في الصراع القائم.
وشدد ممثل منظمة الهجرة الدولية في اليمن، لوران ديبوك، على ضرورة اعتبار «النازحين العائدين ضمن دورة النزوح المستمر»؛ «لطالما لم يتمكنوا من استعادة الاستقرار المستدام ولطالما استمروا في احتياجاتهم الشديدة، لافتا إلى أن هذا الحال ينطبق أيضا فيما يتعلق بمصالح المجتمع المضيف من غير النازحين».
وأبرز التقرير صورة مقلقة لحياة أولئك النازحين، حيث يشير إلى وجود تحديات حقيقية متعلقة بالاحتياجات الأساسية والضرورية للاستمرار على قيد الحياة، ومنها الاحتياجات الغذائية، يليها المأوى ومياه الشرب.
وأوضح أن استمرار النزوح لفترات طويلة يؤثر سلبا على المجتمعات المحلية التي تستضيف النازحين من السكان: «وهذا يشكل ضغطا لزيادة الطلب على الموارد الشحيحة أصلا، حيث يعتمد 62 في المائة من النازحين على كرم عائلاتهم وأصدقائهم القائمين على استضافتهم».
وأشار إلى أنه مع استمرار الصراع بلا هوادة فإن ذلك يطيل من متوسط الفترة الزمنية التي يقضيها النازحون بعيدا عن ديارهم، فمعظم النازحين، الذين تقدر نسبتهم بـ89 في المائة قضوا مالا يقل عن 10 أشهر بعيدا عن ديارهم.
وتضمن التقرير أيضا بيانات النزوح الذي تعود أسبابه إلى الكوارث الطبيعية، فحاليا لا يزال هناك 24.744 شخصا ممن نزحوا بسبب الأعاصير والفيضانات ومنذ ذلك الحين عاد منهم 41.730 شخصا.
وقدرت نسبة النزوح بين سكان اليمن ممن أجبرتهم الكوارث الطبيعية والنزاعات على النزوح بـ8 في المائة، وهذا العدد ما زال نازحا حتى اللحظة.
يذكر أن محتوى التقرير تم جمع بياناته من نظام تتبع حركة السكان في مفوضية اللاجئين ومن مصفوفة منظمة الهجرة الدولية المختصة بالنزوح، مما يتيح نشر التقديرات الشاملة لعدد النازحين من السكان والمتغيرات ذات الصلة في اليمن حتى الآن.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.