المصممة الأسترالية للباس البحر «البوركيني» تعتبره وسيلة اندماج

مدينة نيس الفرنسية تمنع بدورها لباس البحر الإسلامي

بعد مدينة كان التي منعت لباس البحر الإسلامي في 28 يوليو أصدرت عدة مدن في جنوب شرقي البلاد وشمالها قرارات تحظر لباس البحر الإسلامي (أ.ف.ب)
بعد مدينة كان التي منعت لباس البحر الإسلامي في 28 يوليو أصدرت عدة مدن في جنوب شرقي البلاد وشمالها قرارات تحظر لباس البحر الإسلامي (أ.ف.ب)
TT

المصممة الأسترالية للباس البحر «البوركيني» تعتبره وسيلة اندماج

بعد مدينة كان التي منعت لباس البحر الإسلامي في 28 يوليو أصدرت عدة مدن في جنوب شرقي البلاد وشمالها قرارات تحظر لباس البحر الإسلامي (أ.ف.ب)
بعد مدينة كان التي منعت لباس البحر الإسلامي في 28 يوليو أصدرت عدة مدن في جنوب شرقي البلاد وشمالها قرارات تحظر لباس البحر الإسلامي (أ.ف.ب)

ازداد الجدل هذه الأيام حول زي السباحة «البوركيني» الذي تفضله نساء مسلمات، وبخاصة بعد منعه من بعض الشواطئ الغربية في مدن فرنسية مثل كان ونيس. وأثار هذا اللباس غضب قسم من الطبقة السياسية الفرنسية، فقد أعرب رئيس الوزراء مانويل فالس عن تأييده قرار رؤساء بلديات معظمهم من اليمين منع ارتدائه على الشواطئ التابعة لبلدياتهم.
ومن جانبها بادرت مصممة الزي، وهي أسترالية، للدفاع عنه وتوضيح الفكرة من خلف تطويره، ففي مقابلة مع الصحافة الفرنسية قالت عاهدة الزناتي، إن هذا الزي المثير للجدل في فرنسا وأستراليا، يشكل أداة اندماج للمسلمات المتدينات يتيح لهن التمتع بشكل تام بالسباحة.
وقالت الزناتي (48 عامًا) إنها صممت قبل أكثر من 10 سنوات في سيدني هذا الزي الذي يغطي الجسد من الرأس إلى أخمص القدمين، بهدف تمكين المسلمات من التمتع بالشاطئ مع احترام مفهومهم لديانتهم.
وأضافت المرأة المحجبة التي تتحدر من أصول لبنانية: «الشاطئ وركوب الأمواج والشمس تمثل جزءا من الثقافة الأسترالية، ولدي إحساس بأنني حرمت من هذه الأنشطة خلال فترة شبابي».
وتابعت أن فكرة هذا اللباس خطرت لها أثناء مشاهدة قريبة لها وهي تلعب كرة الشبكة.
وقالت: «أردت ألا يحرم أي شخص من أنشطة رياضية بسبب قيود تفرض بداعي التعفف».
وفتحت الزناتي، وهي أم لثلاثة أولاد، أول متجر لها في سيدني في 2005.
ومنذ ذلك التاريخ باعت أكثر من 700 ألف بوركيني، وهي تزود تجار جملة في سويسرا وبريطانيا والبحرين وحتى جنوب أفريقيا.
وترافق ظهور هذا اللباس مع أعمال شغب عنيفة اندلعت على شاطئ كرونولا بسيدني، بين شبان من أصول شرق أوسطية وأستراليين أرادوا «استعادة» الشاطئ.
وكان لأعمال العنف هذه وقع الصدمة في أستراليا، ما دفع جمعية المنقذين (سورف لايف سيفينغ أستراليا) إلى تنويع السباحين الذين توظفهم والبدء في توظيف مسلمين.
وتلقت الزناتي بعدها طلبية من هذا اللباس باللونين الأصفر والأحمر، وهي ألوان جمعية المنقذين.
ومكّن «البوركيني» سهام قرا حسن من استخدام المسبح مجددا بعد عقدين من منعها؛ لأنه لم يكن يحق لها ارتداء لباس قطني في المسبح.
وتقول هذه المرأة، وهي أم لستة بينهم ابنتها البالغة 25 عاما وهي مدربة سباحة ترتدي البوركيني: «الأمور تغيرت بسرعة كبيرة مع البوركيني».
وأضافت: «أنا امرأة نشطة جدا. وكلما تدربت أكثر كلما سبحت أكثر، وكلما ارتديت البوركيني كلما ازدادت فرحتي».
وقالت إن من يسبحون حولها كانوا في البداية ينظرون إليها مشدوهين، ثم بات الأمر عاديا، مشيرة إلى أن بعض النسوة وضمنهن غير مسلمات، يطرحن عليها أسئلة بشأن هذا اللباس، ويفكرن في اقتنائه تحسبا لأشعة الشمس الحارقة في أستراليا.
وتنشط فاطمة طه، وهي أستاذة لياقة بدنية، في حصص تمارين رياضية في الماء مخصصة للنساء في غرب سيدني. وهي ترى أن البوركيني يساعد في مشاركة بعض المسلمات.
وأبدت الزناتي أسفها إزاء النظرة السلبية لهذا اللباس في فرنسا. وقالت إن السياسيين الفرنسيين «يستخدمون كلمة (بوركيني) كمصطلح سلبي إسلامي، في حين أنها مجرد كلمة».
وأضافت: «إنها كلمة اخترعتها لتسمية منتج أصنعه. لا نخفي قنابل تحت اللباس، ولا يستخدم في تدريب إرهابيين».
وتابعت أن «الغرض من اللباس هو الاستجابة لحاجة محددة. البوركيني نوع من اللباس لنشاط محدد. وإذا كان هذا يساعد، فنحن نرتدي بيكيني تحته».
وكانت بلدية مدينة نيس قد أعلنت أمس بدورها حظر لباس البحر الإسلامي على شواطئها.
وبعد مدينة كان التي منعت لباس البحر الإسلامي في 28 يوليو (تموز)، أصدرت عدة مدن في جنوب شرقي البلاد وشمالها قرارات تحظر لباس البحر الإسلامي. وحذت نيس حذوها، وكان المعاون الأول للمدينة قد وجّه رسالة للحكومة يطلب فيها إصدار تشريع في هذا الخصوص في 11 يوليو.
ورأى رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الأربعاء، أن ظهور لباس البحر الإسلامي مؤخرا، «ترجمة لمشروع سياسي مضاد للمجتمع يقوم أساسا على إخضاع المرأة».
إلا أن رابطة حقوق الإنسان والتجمع لمكافحة كره الإسلام في فرنسا، يعتبران أن حظر لباس البحر الإسلامي تمييزي، ورفعا شكاوى ضد هذا الإجراء. ودافعا يوم الجمعة عن موقفهما أمام محكمة نيس الإدارية التي ستصدر قرارها الاثنين. وقال محامي رابطة حقوق الإنسان باتريس سبينوزي، إن هذا الحظر يعد «مساسا خطيرا غير شرعي للحريات الأساسية، وحرية الرأي والعقيدة والتنقل واختيار الملابس».
ونادرا ما تشاهد نساء بلباس البحر الإسلامي على الشواطئ الفرنسية، لكن على سواحل المتوسط قلة من المسلمات تبقى محجبات على الشواطئ.
وكانت فرنسا التي تعيش بها أكبر جالية مسلمة في أوروبا، قد منعت في 2010 ارتداء النقاب في الأماكن العامة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».