مخاوف من عدم مواكبة الأجور في بريطانيا لزيادة الأسعار العام المقبل

أسعار النقل والفنادق والكحوليات تدفع التضخم إلى أعلى مستوى في يوليو

مخاوف من عدم مواكبة الأجور في بريطانيا لزيادة الأسعار العام المقبل
TT

مخاوف من عدم مواكبة الأجور في بريطانيا لزيادة الأسعار العام المقبل

مخاوف من عدم مواكبة الأجور في بريطانيا لزيادة الأسعار العام المقبل

في أول مؤشرات من نوعها تقيس التأثير الحقيقي لنتائج التصويت البريطاني في يونيو (حزيران) الماضي، سجل معدل التضخم تسارعا في يوليو (تموز) المنقضي، ليبلغ أعلى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، مدعوما بزيادة أسعار النقل والخدمات الفندقية والمشروبات الكحولية، في الوقت الذي أرجع فيه محللون تسارع التضخم إلى تدني سعر صرف الجنيه الإسترليني الذي تسبب في رفع أسعار بعض المنتجات المستوردة.
وقال مكتب الإحصاء الوطني، أمس الثلاثاء، إن معدل التضخم في يوليو وصل إلى 0.6 في المائة بوتيرة سنوية، بعد تسجيل 0.5 في المائة في يونيو، وأكد المكتب في بيان أنه ليس هناك تأثيرات مباشرة من «البريكست»، لكن بيانات أمس أظهرت أن الشركات قد تضررت من ارتفاع أسعار المدخلات بسبب ضعف الإسترليني؛ الأمر الذي من المتوقع أن يزيد من الضغوط التضخمية في الشهور المقبلة.
وفاق معدل التضخم في يوليو بقليل توقعات الخبراء الاقتصاديين الذين تحدثوا عن ارتفاع في الأسعار بنسبة 0.5 في المائة، وفق متوسط وضعته وكالة بلومبرغ، وأوضح مكتب الإحصاءات أن التضخم نجم عن «عدة قطاعات، أبرزها الفنادق والمطاعم»، وهو القطاع الذي كانت له أكبر مساهمة في ارتفاع الأسعار على مدى سنة، كما نجم ارتفاع أسعار الاستهلاك عن الكحول والتبغ والتربية ووسائل الاتصالات، في المقابل، واجه التضخم تراجع أسعار المشروبات غير الكحولية.
وقال مايك بريستوود، المسؤول عن الأسعار في مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني: «لم يظهر أي تأثير واضح على بيانات أسعار المستهلكين أمس، عقب نتائج الاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي».
في الوقت ذاته يخشى مدخرو ومستثمرو المعاشات التقاعدية من تفاقم الأوضاع في بريطانيا وضعف العملة التي تزيد من احتمالات ارتفاع معدلات الخسارة، وفي استطلاع أجرته «الشرق الأوسط» في عينه قوامها 15 خبيرا ومحللا من كبار المتعاملين بالسوق، يتوقع المحللون أن الأجور ستفشل في مواكبة ارتفاع الأسعار العام المقبل، مما سينعكس على معدل الدخول الحقيقية الذي سيشهد هبوطا مرة أخرى.
وقفز مؤشر أسعار التجزئة بنحو 1.9 في المائة في يوليو من 1.7 في المائة في الشهر الأسبق، وارتفعت أسعار المواصلات بنحو 1.6 في المائة في يوليو، مقارنة بارتفاع بنحو 1.2 في الفترة نفسها من العام الماضي، وارتفعت أسعار المشروبات الكحولية والتبغ بنحو 0.5 في المائة، فيما ارتفعت أسعار الفنادق والمطاعم بنحو 0.4 في المائة مقارنة بارتفاع بنحو 0.1 في المائة في الفترة نفسها قبل عام.
في حين شهد البنك المركزي البريطاني بعض الارتياح بعد ظهر أمس، بعدما نجح في شراء جديد للسندات بقيمة 1.7 مليار إسترليني بمدد طويلة الأجل، على العكس عمليات شراء البنك الأسبوع الماضي، الذي فسره البنك بأن برنامج التحفيز الكمي على المسار الصحيح.
وقال فرانسس أوروا، المحلل الاقتصادي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، من المرجح أن يلي ضعف الجنيه زيادات أكبر من خلال ارتفاع تكاليف أسعار السلع، مضيفا أن قرار ترك الاتحاد الأوروبي كان تهديدا حقيقيا لفرص العمل والنمو.
وأكد أوروا أن على الحكومة أن تتخذ إجراءات عاجلة لضمان حماية مواطنيها من تحمل تكلفة أعباء البريكست، فيجب التحرك لزيادة الاستثمار في البنية التحتية، وبناء منازل جديدة والإعلان عن خطط لمزيد من السكك الحديدية عالية السرعة وإعطاء الضوء الأخضر لمشروع المدرج الثالث في مطار هيثرو بالعاصمة لندن.
وارتفع الإسترليني، أمس، من أقل مستوى له في ثلاث سنوات مقابل اليورو، ومن أدنى مستوى له في خمسة أسابيع أمام الدولار، بعد أن جاءت بيانات التضخم أعلى قليلا من التوقعات.
وسجل الإسترليني أعلى مستوى له في الجلسة مقابل الدولار عند 1.2994 دولار مرتفعا بنحو 0.8 في المائة مقارنة مع 1.2937 دولار قبل البيانات، وكانت العملة البريطانية قد سجلت أقل مستوى لها في خمسة أسابيع عند 1.2865 دولار مساء الاثنين الماضي.
واستقر اليورو عند 86.82 بنس بعدما سجل 87.09 بنس قبل صدور البيانات، وسجل اليورو أعلى مستوى له في ثلاثة أعوام عند 87.245 بنس في وقت سابق في تعاملات لندن.



سوق العمل في أوروبا تشهد تراجعاً بالربع الثالث

عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
TT

سوق العمل في أوروبا تشهد تراجعاً بالربع الثالث

عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)

شهدت سوق العمل في أوروبا تراجعاً بالربع الثالث من العام، مما يشير إلى استمرار التراجع في ضغوط التضخم، وهو ما قد يبرر مزيداً من خفض أسعار الفائدة، بحسب بيانات صدرت الاثنين.

وتباطأ ارتفاع تكاليف العمالة في منطقة اليورو إلى 4.6 في المائة في الربع الثالث، مقارنة بـ5.2 في المائة في الربع السابق، في حين انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة من 2.6 في المائة، وهو تراجع مستمر منذ معظم العامين الماضيين، وفقاً لبيانات «يوروستات».

وتُعزى ضغوط سوق العمل الضيقة إلى دورها الكبير في تقييد سياسة البنك المركزي الأوروبي بشأن خفض أسعار الفائدة، خوفاً من أن تؤدي زيادة الأجور بشكل سريع إلى ارتفاع تكاليف قطاع الخدمات المحلي. ومع ذلك، بدأ الاقتصاد في التباطؤ، حيث بدأ العمال في تخفيف مطالباتهم بالأجور من أجل الحفاظ على وظائفهم، وهو ما يعزز الحجة التي تقدّمها كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، لدعم مزيد من التيسير في السياسة النقدية.

وبينما لا تزال الشركات تحافظ على معدلات توظيف مرتفعة، فإنها أوقفت عمليات التوظيف الجديدة بشكل حاد، وذلك مع تكدس العمالة في محاولة لضمان توفر القوى العاملة الكافية للتحسن المنتظر.

وفيما يتعلق بأكبر اقتصادات منطقة اليورو، سجلت ألمانيا أكبر انخفاض في تضخم تكلفة العمالة، حيث تراجع الرقم إلى 4.2 في المائة في الربع الثالث من 6 في المائة بالربع السابق. وتشير الاتفاقيات المبرمة مع أكبر النقابات العمالية في ألمانيا إلى انخفاض أكبر في الأشهر المقبلة، حيث يُتوقع أن ينكمش أكبر اقتصاد في المنطقة للعام الثاني على التوالي في عام 2024 بسبب ضعف الطلب على الصادرات، وارتفاع تكاليف الطاقة.

وعلى الرغم من تعافي الأجور المعدلة حسب التضخم إلى حد كبير إلى مستويات ما قبل الزيادة الكبيرة في نمو الأسعار، فإن العمال لم يتلقوا زيادات ملحوظة في الأجور، حيث تدعي الشركات أن نمو الإنتاجية كان ضعيفاً للغاية، ولا يوجد ما يبرر مزيداً من الزيادة في الدخل الحقيقي. كما انخفض معدل الشواغر الوظيفية، حيث سجل أقل من 2 في المائة في قطاع التصنيع، فيما انخفض أو استقر في معظم الفئات الوظيفية الأخرى.