غارات انتقامية للطيران الروسي والسوري على أحياء حلب الشرقية تقتل 19 مدنيًا

المعارضة تحبط هجمات للنظام على الجبهة الجنوبية وتتوعّد بتحرير كامل المدينة

أحد سكان حي (طريق الباب) في حلب يتفحص الدمار الذي لحق بمبنى استهدف بغارات جوية من قبل النظام أمس (أ.ف.ب)
أحد سكان حي (طريق الباب) في حلب يتفحص الدمار الذي لحق بمبنى استهدف بغارات جوية من قبل النظام أمس (أ.ف.ب)
TT

غارات انتقامية للطيران الروسي والسوري على أحياء حلب الشرقية تقتل 19 مدنيًا

أحد سكان حي (طريق الباب) في حلب يتفحص الدمار الذي لحق بمبنى استهدف بغارات جوية من قبل النظام أمس (أ.ف.ب)
أحد سكان حي (طريق الباب) في حلب يتفحص الدمار الذي لحق بمبنى استهدف بغارات جوية من قبل النظام أمس (أ.ف.ب)

استعاض النظام السوري وحلفاؤه عن إخفاقاتهم في تحقيق أي تقدم ميداني على جبهات حلب الغربية - الجنوبية، بتكثيف الغارات الجوية للطيران الروسي والسوري على مناطق سيطرة المعارضة، حيث قُصفت أمس الأحياء الشرقية للمدينة، مما أسفر عن مقتل 19 مدنيًا بينهم ثلاثة أطفال، كما قتل 12 عنصرًا من فصائل المعارضة، جراء غارات نفذتها طائرات روسية على موكب على طريق الراموسة في جنوب غربي المدينة. في وقت أحبطت الفصائل هجمات عدّة للنظام والميليشيات التابعة له على محاور الجبهة الجنوبية، وتوعدّت بتحرير ما تبقى من مناطق خاضعة لسيطرة النظام في حلب.
وأعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة «الصحافة الفرنسية»، أن «19 مدنيًا على الأقل قتلوا بينهم ثلاثة أطفال، وأصيب العشرات جراء غارات نفذتها طائرات لم يعرف إذا كانت سورية أو روسية على حيي طريق الباب والصاخور شرقي مدينة حلب». فيما قال مراسل الوكالة في الأحياء الشرقية إن «الغارات لم تهدأ ليل الاثنين الثلاثاء وفي ساعات الصباح».
وما دام أن المدنيين يشكلون الحاضنة الشعبية للفصائل المعارضة، فإن هؤلاء سيبقون هدفًا مباشرا للقصف الجوي، وفق ما أكد نائب ملهم عكيدي، نائب القائد العام لتجمع «فاستقم كما أمرت» الذي اعتبر أن النظام وحلفاءه «يسارعون إلى الانتقام من المدنيين، عند كل خسارة تلحق بهم في أي منطقة، وهذا ما حصل بعد خسارته منطقة الراموسة ومجمع كلية المدفعية والمدرسة الفندقية وكلية التسليح». وأكد عكيدي أن «الطائرات الروسية وطائرات النظام نفذت ما يزيد عن مائتي غارة منذ ليل أمس (الاثنين) حتى الصباح، على الأحياء الشرقية لحلب، مما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى جميعهم من المدنيين».
وتمكنت الفصائل المسلّحة في السادس من الشهر الحالي من التقدم في جنوب غربي حلب، ما سمح لها بقطع طريق الإمداد الرئيسي لقوات النظام إلى الأحياء الغربية الذي يمر عبر منطقة الراموسة، وفك الحصار عن الأحياء الشرقية لحلب، وباتت الفصائل تستخدم طريق الراموسة كطريق إمداد إلى الأحياء الشرقية، لكن هذا الطريق غير آمن بسبب المعارك العنيفة في محيطه واستهدافه بالغارات.
واللافت أن كل محاولات النظام لاستعادة موقع واحد من المواقع الهامة والاستراتيجية التي خسرتها غربي حلب باءت بالفشل، رغم الكثافة النارية الجوية، عبر مئات الغارات الجوية التي تشنها طائرات النظام والطائرات الروسية على هذه المواقع، حيث أعلن مصدر في الجيش السوري الحرّ أن «الثوار بات لديهم ما يكفي من التحصيات والتعزيزات التي تمنع النظام من استعادة أي نقطة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفصائل الثورية تمكنت خلال الأيام الماضية من صدّ كل هجمات النظام ومقاتلي المرتزقة العراقية واللبنانية والإيرانية، على محاور العامرية والدباغات والـ1070». وقال في الساعات الأخيرة: «انتقل الثوار من حالة الدفاع إلى الهجوم، وضربوا منطقة معمل الإسمنت وجمعية الزهراء، لكن للأسف لم يحصل التقدم المطلوب»، واعدا بأن «الثوار سيحررون هذه المواقع الأساسية».
وفي السياق نفسه، أشار ملهم عكيدي إلى أنه «منذ كسر الثوار الحصار عن مدينة حلب وفتحوا طريق الراموسة الذي يصل المدينة بريفها الغربي والجنوبي، لا يزال الطيران الروسي يستهدف أي شيء يتحرك على الأرض»، لافتًا إلى أن الغارات الجوية «تحاول التعويض عن فشل العمل الميداني، والحدّ قدر الإمكان من تحرك الثوار في الراموسة، وتقليص إيصال المساعدات إلى المدنيين في الأحياء الشرقية للمدينة».
وتشهد مدينة حلب ومحيطها منذ أسبوعين معارك يحشد فيها طرفا النزاع آلاف المقاتلين هي الأكثر عنفا منذ عام 2012. تاريخ انقسامها بين أحياء شرقية تحت سيطرة الفصائل وغربية تحت سيطرة قوات النظام.
وعلى جبهة حماه، تمكنت فصائل المعارضة فجر أمس، من قتل قائد الحملة العسكرية التي تشنّها قوات النظام على بلدتي الزارة وحربنفسة بريف حماه الجنوبي. وذكرت قناة «أورينت نيوز» المعارضة على موقعها الإلكتروني، أن «فصائل المعارضة قتلت العميد الركن محمد عثمان، قائد حملة النظام في ريف حماه الجنوبي مع عدد من عناصره، وذلك أثناء تصدي الفصائل لمحاولة الميليشيات الشيعية اقتحام بلدتي الزارة وحربنفسة، بالتزامن مع استهداف المنطقة بعشرات الصواريخ وقذائف المدفعية»، مشيرة إلى أن محمد عثمان هو «ثالث قائد عسكري لحملات النظام على ريف حماه الجنوبي تنجح المعارضة في قتله».
إلى ذلك، سيطرت «قوات سوريا الديمقراطية»، أمس، على ثلاث قرى في ريف منبج بريف حلب الشرقي وطرد مسلحي تنظيم داعش منها. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر مقربة من قوات سوريا الديمقراطية، أن هذه القوات «سيطرت على ثلاث قرى هي إيلان الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية لمدينة منبج، وقريتا الغرة الكبيرة والغرة الصغيرة الواقعتان جنوب شرقي منبج، وتبعد عن المدينة نحو 20 كيلومترا». وكانت قوات سوريا الديمقراطية أعلنت بعد السيطرة على مدينة منبج يوم الجمعة الماضي أن حملتها سوف تستمر حتى يتم تحرير كل ريف منبج من تنظيم داعش.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.