قوات السراج تستعد لمرحلة ما بعد سرت وسباق على تحرير المدن من الارهابيين

حفتر ينبئ بإنهاء بنغازي خلال أيام

سحب دخان تتصاعد اثر قتال بين قوات حكومة الوفاق وعناصر داعش (رويترز)
سحب دخان تتصاعد اثر قتال بين قوات حكومة الوفاق وعناصر داعش (رويترز)
TT

قوات السراج تستعد لمرحلة ما بعد سرت وسباق على تحرير المدن من الارهابيين

سحب دخان تتصاعد اثر قتال بين قوات حكومة الوفاق وعناصر داعش (رويترز)
سحب دخان تتصاعد اثر قتال بين قوات حكومة الوفاق وعناصر داعش (رويترز)

سباق على تحرير المدن من المتطرفين، هكذا بدا المشهد العسكري أمس في ليبيا، بعدما حث الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الليبي قواته على سرعة حسم المعارك ضد الجماعات الإرهابية في مدينة بنغازي شرق البلاد، بينما قالت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة في الغرب إنها تستعد لمرحلة ما بعد تحرير سرت من قبضة تنظيم داعش.
وأبلغ العميد محمد الغصري الناطق الرسمي باسم هذه القوات «الشرق الأوسط» أن هناك اتجاها لتعيين حاكم عسكري للمدينة الساحلية عقب انتهاء الاشتباكات المسلحة ضد عناصر التنظيم المتطرف. وكشف الغصري عبر الهاتف النقاب عن أنه «سيتم ترشيح آمر عسكري لسرت من طرفنا وتعتمده الحكومة»، لكنه امتنع عن الكشف عن مزيد من التفاصيل. وأضاف: «معركة سرت تعتبر محسومة بالنسبة لنا ومنتهية من الناحية العسكرية، اليوم (أمس) دخلنا إلى الحي رقم 2 وسيطرنا عليه وتقدمنا باتجاه الحي رقم 1 ولم يعد هناك متبقيا سوى الحي رقم 3 وتنتهي عمليا المعركة».
لكنه قال: «المشكلة التي تواجهنا الآن هي اتجاه عناصر (داعش) إلى استخدام النساء والأطفال ليس فقط كدروع بشرية وإنما كمفخخات انتحارية».
وتابع: «يجبرون النساء والأطفال على ارتداء أحزمة ناسفة والاتجاه نحو قواتنا في محاولة لتعطيل تقدمها»، مشيرا إلى أن الطائرات العسكرية الأميركية نفذت أمس غارات جوية لقصف مواقع تابعة لـ«داعش» في مناطق القتال ولاستهداف القناصين الذين نشرهم التنظيم لتعطيل تقدم قوات عملية البينان المرصوص. وأوضح أن قواته نجحت في التعامل مع سيارتين مفخختين وتفجيرهما عن بعد في إطار الاشتباكات الدائرة ضد عناصر «داعش» داخل مدينة سرت مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي.
وكان الغصري قد قال في وقت سابق لوكالة الأنباء الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، إن لدى هذه القوات خطة لتفويض آمر عسكري لمنطقة سرت على أن يقوم الآمر بإعادة المؤسسات الحكومية للعمل وضمها للحكومة في مدة لا تتجاوز ستة أشهر، ليتم عقبها تسليم المؤسسات إلى المجلس البلدي.
ويشكل الحي رقم 1 الواقع في وسط سرت مع الحي رقم 3 الواقع إلى الشرق، آخر جيوب الجهاديين في المدينة الساحلية. وكانت دبابات ومدرعات تابعة للقوات الموالية للحكومة بدأت أمس بالتقدم في الحي رقم 2 الواقع في الشطر الغربي من سرت تحت غطاء ناري من مدافع الهاون ومدافع الميدان.
ومنذ انطلاقها في شهر مايو (أيار) الماضي، قتل في عملية «البنيان المرصوص» أكثر من 300 من مقاتلي القوات الحكومية وأصيب أكثر من 1800 بجروح، بينهم 150 جروحهم خطرة. وبعد ثلاثة أشهر على بدء العملية التي تستهدف استعادة سرت التي أصبحت منذ منتصف العام المنصرم معقلا لتنظيم داعش في ليبيا، أعلنت القوات الموالية لحكومة السراج الأسبوع الماضي السيطرة على مقر قيادة التنظيم في مجمع واغادوغو للمؤتمرات.
إلى ذلك، طالب الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي قواته التي تخوض معارك يومية في مدينة بنغازي في شرق البلاد بسرعة حسم المعركة، وقال حفتر في كلمة عبر أجهزة اللاسلكي من داخل غرفة عمليات الكرامة في منطقة بنينا: «أرى أنكم ستقومون بتحرير ما تبقى من مدينة بنغازي في أيام معدودة».
وقالت وكالة الأنباء المحلية إن حفتر حث كل الوحدات على ضرورة التقدم والثبات لدك آخر ما تبقى من معاقل الإرهاب وحسم المعركة في أقرب وقت.
وما زالت قوات الجيش الليبي تخوض معارك شرسة ضد المتطرفين في آخر معاقلهم الرئيسية في محور القوارشة غرب مدينة بنغازي، فيما قال الناطق الرسمي باسم قوات الصاعقة إنها فقدت 10 من عناصرها من بينهم قائد ميداني بارز، بالإضافة إلى إصابة 34 آخرين.
وتمثل الألغام التي زرعتها التشكيلات الإرهابية سبب الإعاقة الأبرز لتقدم قوات الجيش الليبي باتجاه الإعلان عن التحرير الكامل لمدينة بنغازي والقضاء على التشكيلات الإرهابية كافة بداخلها.
إلى ذلك، أعلن عبد الرزاق الناظوري رئيس الأركان العامة للجيش الليبي إن قواته ستؤمن موانئ وحقولا نفطية رئيسية «لحمايتها»، مما يشير إلى صراع محتمل مع حكومة مدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس تأخذ خطوات لاستئناف إنتاج الخام.
وهدد الناظوري مجددا باستهداف ناقلات النفط التي ليس لديها تصريح من السلطات الشرقية بالرسو في الموانئ، وقال لوكالة «رويترز»: «ميناء زويتينة والسدرة.. ورأس لانوف كلهن سندخلهن إن شاء الله».
وأضاف: «حماية حقول النفط والموانئ النفطية هذا سبب دخول الجيش وليس للاحتلال أو بديل عن المرتزقة ولا السارقين المارقين.. حماية للموانئ النفطية».
لكنه لفت في المقابل إلى أن الغرض «ليس تهديد دولة بعينه ولكن نحن اليد الحامية لمكتسبات الشعب الليبي»، مشيرا إلى أن جميع الحقول النفطية في شرق البلاد تحت سيطرة قوات حفتر.
كما دافع الناظوري عن قرار اتخذ الأسبوع الماضي لاستبدال مجلس بلدي في بنغازي بمسؤول أمني الأمر الذي أثار مخاوف من زيادة السيطرة العسكرية في الشرق.
والموانئ الثلاثة يحتلها حرس المنشآت النفطية الذي وقع اتفاقا مع حكومة السراج في نهاية الشهر الماضي لتمكين سلطات طرابلس من استئناف الإنتاج في خطوة كبرى نحو بسط سيطرتها في أنحاء البلاد.
وكانت كتيبة تابعة للجيش الوطني الليبي دخلت زويتينة في استعراض للقوة غير أنها لم تصل إلى الميناء النفطي الذي يسيطر عليه حرس المنشآت النفطية.
وطردت كتائب مصراتة المتحالفة مع حكومة الوفاق تنظيم داعش من معقلهم السابق في شمال أفريقيا في سرت إلى حد بعيد مما أثار مخاوف من زيادة حدة الانقسامات بين فصائل الغرب والشرق الأمر الذي قد يعيد إشعال حرب أهلية اندلعت في 2014.
ولأسباب من بينها حصار الموانئ الشرقية بات إنتاج ليبيا من النفط يبلغ حاليا نحو مائتي ألف برميل يوميا وهو جزء بسيط من 1.6 مليون برميل كانت الدولة العضو في منظمة أوبك تنتجها يوميا قبل انتقاضة 2011 التي أطاحت بالقذافي.
وجاء الاتفاق مع إبراهيم الجضران رئيس حرس المنشآت النفطية في إطار جهود زيادة الإنتاج وتخفيف حدة الأزمة المالية وتعزيز ثروات حكومة السراج التي تسعى جاهدة لفرض سلطتها.
لكن الاتفاق أثار الجدل في ظل تحذير المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة طرابلس من أن المدفوعات المالية إلى قوات الجضران قد تمثل سابقة خطيرة.
كما جاهر مكتب المؤسسة في بنغازي وهو موال لحكومة وبرلمان شرق ليبيا، وكان من المفترض أن يتوحد مع فرع طرابلس، برفض الاتفاق مما زاد من حالة عدم اليقين بشأن إمكانية استئناف الصادرات.
وأدى التنافس بين حكومتين في ليبيا وحلفائهما المسلحين وكذلك هجمات المتشددين منذ انتفاضة 2011 ضد القذافي إلى تعطل مستمر في قطاع النفط الليبي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.