مراكز أمنية وسفارة روسيا بوسط دمشق في مرمى قذائف المعارضة

حكومة الائتلاف المؤقتة: وعود التسليح رهن ترتيب بيتنا الداخلي

سوري يركض مبتعدا بعد سقوط برميل متفجر على حي الصاخور في حلب أمس (أ.ب)
سوري يركض مبتعدا بعد سقوط برميل متفجر على حي الصاخور في حلب أمس (أ.ب)
TT

مراكز أمنية وسفارة روسيا بوسط دمشق في مرمى قذائف المعارضة

سوري يركض مبتعدا بعد سقوط برميل متفجر على حي الصاخور في حلب أمس (أ.ب)
سوري يركض مبتعدا بعد سقوط برميل متفجر على حي الصاخور في حلب أمس (أ.ب)

استمر سقوط قذائف الهاون على عدد من مناطق العاصمة السورية دمشق ووصلت، أمس، إلى حي يضم مراكز أمنية، بينما سقطت إحداها قرب السفارة الروسية في حي المزرعة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفيما سيطر مقاتلو المعارضة على منطقة استراتيجية قرب خان شيخون في ريف إدلب، أعلنت «الجبهة الإسلامية» التي تضم أكبر تكتل إسلامي معارض، في ريف القنيطرة تمكنها من قتل 11 مقاتلا من حزب الله اللبناني، وذلك خلال تسللهم إلى مدخل قرية الدواية الصغيرة بريف القنيطرة الجنوبي.
وقالت الجبهة في بيان إنها «نصبت كمينا لمقاتلي الحزب في أحد المنازل التي تسللوا إليها»، كما أضافت أن «مقاتليها تصدوا لتعزيزات أرسلها حزب الله لسحب جثث عناصره القتلى، فقتل 20 مقاتلا آخر من حزب الله بالإضافة إلى جرح آخرين».
في غضون ذلك، تواصل سقوط قذائف الهاون على دمشق، وقال المرصد السوري إن قذيفتي هاون سقطتا في محيط مبنى الأركان في منطقة الأمويين في دمشق، كما سقطت قذيفة قرب مبنى السفارة الروسية في المزرعة» من دون تسجيل إصابات.
ووصلت القذائف إلى «منطقة الفحامة»، التي تضم مراكز أمنية عدة، وعلى حي الشاغور في جنوب العاصمة، ومنطقتي الطبالة والدويلعة الشعبيتين اللتين تسكنهما غالبية من المسيحيين والدروز عند أطراف العاصمة، وفق ما ذكر المرصد.
وفي حين أعلنت «الهيئة العامة للثورة» أن إحدى القذائف سقطت «مقابل قيادة الشرطة، مما أدى إلى اندلاع حريق كبير، تبعه انتشار أمني كثيف وتوافد لسيارات الإطفاء والإسعاف»، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن قذائف الهاون طالت «حي الإطفائية ودار الأوبرا وصالة الفيحاء الرياضية» في دمشق، مما تسبب بأضرار مادية وإصابات، متهمة «إرهابيين» بإطلاقها، معلنة أن قذائف الهاون التي أطلقت أول من أمس على منطقتي باب توما والبحصة تسببت بإصابة 22 شخصا بجروح.
وكانت مجموعات المعارضة المسلحة بدأت منذ ثلاثة أيام باستهداف أحياء العاصمة بقذائف الهاون، فيما ترافق ذلك مع تصعيد القوات النظامية عملياتها العسكرية في ريف دمشق، لا سيما في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة من قوات النظام منذ أشهر.
واحتدمت أمس المعارك وعمليات القصف والتصعيد في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وأفاد المرصد باستمرار «الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي الكتائب في بلدة المليحة ومحيطها». وكان المرصد وناشطون أشاروا أول من أمس إلى محاولات من قوات النظام لاقتحام البلدة التي تتعرض لقصف جوي ومدفعي.
وتقع المليحة بالقرب من بلدة جرمانا المحسوبة على النظام، والتي ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أمس، أنها تعرضت لـ«اعتداءات إرهابية بقذائف هاون» تسببت بإصابة 13 شخصا بجروح.
وتعاني بلدات وقرى الغوطة الشرقية نقصا حادا في المواد الغذائية والأدوية، وتوفي طفل أمس نتيجة سوء التغذية في المنطقة، بحسب المرصد.
في موازاة ذلك، واصل مقاتلو المعارضة تضييق الحصار على معسكر وادي الضيف، أحد آخر معاقل القوات النظامية في ريف إدلب الجنوبي. ووقعت مواجهات عنيفة بين القوات النظامية من جهة و«جبهة النصرة» ومقاتلين من كتائب أخرى من جهة ثانية، في محيط حواجز للقوات النظامية بين مدينة خان شيخون وبلدة بابولين، حيث تمكنت المعارضة من السيطرة عليها، وهي منطقة استراتيجية على الأوتستراد الدولي الذي يصل وسط البلاد بإدلب والذي يعتبر طريق إمداد استراتيجي يؤدي إلى معسكري وادي الضيف والحامدية في ريف إدلب.
وكان مقاتلو المعارضة بدأوا هذه المعركة قبل شهرين بسيطرتهم على بلدة مورك في ريف حماه الشمالي الواقعة أيضا على طريق الإمداد بين وسط سوريا وشمالها.
وفي غضون ذلك، لا تزال حملة البراميل المتفجرة التي بدأها النظام على حلب مستمرة في مناطق في حي مساكن هنانو قرب حي الصاخور، وأدت أول من أمس، إلى مقتل 18 شخصا في قصف جوي على أحياء الشعار والميسر والصاخور.
ووصف «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة» هذه الحملة التي استهدفت الأحياء السكنية والأسواق الشعبية منذ أربعة أيام بـ«الشرسة»، بحسب ما جاء في بيان، مشيرا إلى «إلقاء أكثر من 101 برميل متفجر على أحياء حلب المختلفة كان أشدها فتكا، تلك التي سقطت على أحياء الشعار والصاخور والشيخ مقصود والشيخ نجار، نظرا للكثافة السكانية في تلك المناطق»، كما أحصى الائتلاف المعارضة «سقوط ما لا يقل عن 180 قتيلا خلال الأيام الأربعة الماضية».
واستدعت الأوضاع في حلب من قبل ناشطي المعارضة إطلاق حملة من مختلف أنحاء العالم على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان «أنقذوا حلب»، وذلك لـ«إظهار جرائم النظام ضد المدنيين في حلب، والتي تتمثل بالقصف العشوائي على المناطق السكنية»، كما طالب الناشطون عن طريق الحملة بـ«حماية المدنيين في المدينة وإنقاذ ما تبقى منها».

وفي نفس السياق، يتجه «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» إلى تعديل بعض البنود في نظامه الأساسي خلال اجتماع هيئته العامة الذي يختتم غدا في مدينة إسطنبول التركية. ومن المقرر أن ينص التعديل على تشكيل «لجان متابعة»، مهمتها مراقبة أعمال الحكومة المؤقتة وتقويمها، إضافة إلى منح نواب رئيس الائتلاف صلاحيات ومهام بهدف «تفعيل عمل الائتلاف».
وتأتي عملية تعديل النظام الأساسي للائتلاف في سياق توسعة الهيئة السياسية التي تضم 19 عضوا، بحسب ما أكد عبد الرحمن الحاج، عضو الائتلاف الوطني المعارض، لـ«الشرق الأوسط»، موضحا أنه «من ضمن التعديلات التي ستشمل البند الذي يحدد عدد أعضاء الهيئة السياسية سيجري وضع بنود جديدة تتعلق بتشكيل لجان تتابع عمل الوزارات في الحكومة المؤقتة وتلعب دور الرقابة والمحاسبة».
وأشار الحاج إلى أن «التعديلات ستجيز كذلك منح نواب رئيس الائتلاف صلاحيات كي يمارسوا مهام سياسية تصب في مصلحة المعارضة»، لافتا إلى أن «الهدف من تعديل النظام الأساسي هو إضافة المزيد من الفاعلية داخل مؤسساته».
ومن المفترض أن تجري عملية التصويت على التعديل اليوم (الأحد)، إذ رجح عبد الرحمن إقرارها بأغلبية أصوات أعضاء الهيئة العامة التي تضم 123 عضوا. ويشمل النظام الأساسي للائتلاف المعارض 42 مادة تتعلق بتنظيم العمل والمهام بين مؤسساته. وسبق أن عدل النظام الأساسي في السادس من يوليو (تموز) من العام الماضي، بالشكل الذي يحدد صلاحيات الرئيس والأمين العام ونواب الرئيس الثلاثة والهيئة السياسية.
وفي هذا السياق، كشف مصدر في الائتلاف المعارض لـ«الشرق الأوسط» عن وجود خلافات بين وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة أسعد مصطفى ورئيس الحكومة أحمد طعمة حول اسم وزير الداخلية، مما أدى إلى تأجيل تعيين شخصية لهذا المنصب.
ورجح المصدر أن «يشغل عدنان حزوري، وهو طبيب من أصول تركمانية لا ينتمي إلى أي كتلة سياسية في الائتلاف، منصب وزير الصحة»، لافتا إلى أن «حظوظ الدكتور محيي الدين بنانة، من المستقلين، عالية جدا لشغل منصب وزير التربية والتعليم رغم أن رئيس كتلة الديمقراطيين ميشيل كيلو رشح غسان مرتضى في مواجهته».
وشهدت اجتماعات الهيئة العامة أمس، نقاشات مطولة حول نتائج مشاركة الائتلاف المعارض في مؤتمر «جنيف2» والخطوات المقبلة التي تترتب على هذه المشاركة بحسب ما قال الحاج في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «النقاشات تناولت أيضا الوضع العسكري، إذ جرى الاستماع إلى تقرير قدمه وزير الدفاع مصطفى حول الأوضاع الميدانية في كافة المناطق السورية».
وكانت الهيئة العامة للائتلاف بدأت اجتماعاتها لمناقشة آخر التطورات السياسية والعسكرية وإجراء انتخابات هيئة سياسية جديدة، إضافة إلى انتخاب وزراء الحكومة المؤقتة الثلاثة لكل من قطاع الصحة والتعليم والداخلية»، بحسب بيان رسمي صدر عن الائتلاف.
وكان الائتلاف المعارض فشل إثر تشكيله الحكومة المؤقتة في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في تسمية ثلاثة مرشحين، هم عمار القربي الذي كان مرشحا لشغل منصب وزير الداخلية، ومحمد جميل جران للصحة، وعبد الرحمن الحاج وزيرا للتربية والتعليم، إذ لم يحصل أي منهم على الحد الأدنى من الأصوات المحددة بـ63 صوتا، وفق ما أعلنه الائتلاف آنذاك، مما استدعى متابعة أعمال وزارتي الصحة والتعليم من قبل مساعدين عينهم رئيس الحكومة، في حين تولى متابعة عمل وزارة الداخلية وزير الدفاع أسعد مصطفى.

هذا و تعول المعارضة السورية على الدعم العسكري في هذه المرحلة أكثر من أي وقت سابق، على اعتبار أن الوعود التي سبق أن تلقتها من الدول الداعمة لها بشكل عام ومن أميركا بشكل خاص، لم توضع حيز التنفيذ، فيما يبدو القرار النهائي بهذا الشأن ينتظر انتهاء المعارضة من تنظيم «بيتها العسكري» لضمان توزيع هذا السلاح. وهذا ما أكده المنسق الإعلامي في وزارة الدفاع بالحكومة المؤقتة، كنان محمد، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هيئة الأركان تلقت وعودا جدية بالتسليح في الفترة الأخيرة، لكن من المفترض أن يبدأ التنفيذ بعد استكمال التعيينات في الحكومة ولا سيما تعيين وزير الداخلية وإنهاء تشكيل غرف العمليات وقادة الجبهات في المحافظات، بحيث لن يعود أمام الداعمين أي حجج من شأنها تأخير المساعدات العسكرية، ولا سيما تلك المتعلقة بوصول السلاح إلى الجماعات المتطرفة.
وأوضح محمد أن «كل ما يجري العمل عليه في هيئة الأركان ووزارة الدفاع الآن من شأنه تنظيم هذا السلاح الذي يفترض أن تتولى توزيعه غرف العمليات في كل محافظة». وفي حين رفض القول إن الدعم العسكري سيصل إلى منطقة دون غيرها، مشددا على أن هذا الأمر تتولاه إدارة العمليات، أكد محمد أن كل الأسلحة من شأنها أن تساعد المعارضة عسكريا وميدانيا، لكن يبقى لصواريخ «أرض - جو»، الدور الأهم في المعارك ضد النظام الذي يعتمد في حربه ضد المعارضة على الطيران الحربي.
من جهته، يلفت مصدر في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، إلى أن وعود التسليح ليست جديدة، وهي كانت بدأت بشكل فعلي إثر فشل مباحثات «جنيف 2» للسلام بعدما تأكد الأميركيون أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، فقرروا عندها التوجه نحو خيار الدعم العسكري بالتوافق والتنسيق مع الدول المؤثرة في المنطقة.
وتوقع المصدر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تزيد دائرة التدريبات العسكرية لمقاتلي المعارضة في الأردن، حيث كانت بدأت قبل نحو سنة ونصف السنة. وفي حين أكد أن الدعم العسكري لن يقتصر فقط على الجبهة الجنوبية رافضا الكشف عن المناطق الأخرى التي سيصل إليها السلاح، أشار إلى أن المشكلة في هذا الدعم الذي يتضمن مضادا للدروع، هي أنه لن يشمل على مضادات للطيران، وهو السلاح الذي يلعب في كل مرة دورا حاسما في المعارك.
وكان مصدران أمنيان أميركيان أعلنا أن الولايات المتحدة تضع اللمسات الأخيرة على خطة لزيادة تدريب مقاتلي المعارضة السورية وإرسال شحنات من الأسلحة الصغيرة لهم، وذلك في الوقت الذي تكسب فيه القوات الحكومية السورية زخما بعد انهيار «محادثات السلام» في مؤتمر «جنيف2»، الذي تدعمه الولايات المتحدة.
وقال المسؤولان المطلعان على الخطة لوكالة «رويترز» إن الولايات المتحدة ستزيد المساعدات وسترسل هذه الشحنات لجماعات المقاتلين المعتدلة والتي توجد معظمها في الأردن بالإضافة إلى الحدود الجنوبية السورية.
ورجح المسؤولان أن تكون تلك الإمدادات الإضافية متواضعة ولن تشمل صواريخ «أرض جو»، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة تخشى من احتمال وصول الأسلحة المتطورة التي ترسل إلى مقاتلي المعارضة المؤيدين للغرب إلى «جماعات متشددة» يمكن أن تستخدمها لمهاجمة إسرائيل أو طائرات مدنية، وهو السبب نفسه الذي يحول دون شمول هذه المساعدات على هذا النوع من الصواريخ.
وكان مقاتلو المعارضة السورية حثوا إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على توفير أسلحة متطورة تشمل صواريخ «أرض - جو» وممارسة ضغوط عسكرية أقوى على الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه الذي كثف قصف الأحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في الأشهر الأخيرة.



مشاريع سعودية واتفاقيات حيوية لتعزيز التعافي في اليمن

مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)
مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)
TT

مشاريع سعودية واتفاقيات حيوية لتعزيز التعافي في اليمن

مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)
مساعدات السعودية لليمن وصلت إلى كل المناطق والمحافظات (سبأ)

كثف مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من تنفيذ برامجه الإنسانية والتنموية في عدد من المحافظات اليمنية، حيث نفذ نحو 12 مشروعاً ووقّع اتفاقيتين جديدتين في مجالات التعليم، والصحة، والمياه، والتمكين المهني، والزراعة، في إطار الجهود السعودية المستمرة لدعم الشعب اليمني وتحسين سبل العيش وتعزيز التعافي الاقتصادي.

وشملت التدخلات مجالات متعددة تستهدف مختلف شرائح المجتمع، وتعمل على تحقيق التنمية المستدامة، ودعم القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والخدمات والمياه، إضافة إلى تمكين النساء والشباب مهنياً واقتصادياً في المحافظات المحررة.

وفي هذا السياق، احتفى مشروع إعادة إدماج الأطفال المرتبطين سابقاً بالنزاع المسلح بتخريج الدفعة الثالثة المكونة من 25 طفلاً ضمن برنامج "كفاك" للعام 2024–2025، الممول من المركز، ليصل إجمالي المستفيدين إلى 150 طفلاً.

وشملت البرامج المقدمة لهم أنشطة تعليمية وثقافية ورياضية، إضافة إلى جلسات الدعم النفسي والاجتماعي والرعاية الصحية، فيما أُدرج أولياء الأمور في برامج تدريب مهني ومنحوا أدوات تمكين اقتصادي لتحسين أوضاعهم المعيشية وتعزيز استقرار أسرهم.

وفي العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، دشنت وزارة الصحة العامة والسكان مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا بتمويل من المركز، وتنفيذ مؤسسة طيبة للتنمية، بالتنسيق مع وزارة النقل وهيئة الطيران المدني.

ويستفيد من المشروع أكثر من مليون و153 ألف شخص في المناطق الأكثر تضرراً، ويستمر لمدة ستة أشهر، بهدف خفض معدلات الإصابة والحد من انتشار الوباء، من خلال إنشاء فرق طبية متخصصة لفحص ومراقبة المسافرين في أربع محافظات بينها عدن وحضرموت، وتعزيز الإجراءات الوقائية في المنافذ الجوية والبرية.

تمكين اقتصادي ومهني

شهدت محافظات شبوة ومأرب وتعز ولحج تنفيذ مشروعات متنوعة في مجال التمكين المهني والاقتصادي بتمويل من مركز الملك سلمان، وتنفيذ مؤسسة ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية. ففي مدينة عتق بمحافظة شبوة، سُلّمت حقائب أدوات المهنة لـ80 امرأة من خريجات الدورات التدريبية الهادفة إلى تحسين سبل العيش.

وفي مأرب، تسلّمت 90 متدربة أدوات مهنية بعد استكمالهن برامج تدريب استمرت 184 يوماً في مجالات الصناعات الغذائية والخياطة والتصوير وصناعة العطور والبخور وتغليف الهدايا، إلى جانب دورة إضافية في ريادة الأعمال لتأهيلهن لإدارة مشاريعهن الخاصة.

أما في تعز، فقد دُشن مشروع جديد يستهدف تدريب وتوزيع أدوات المهنة لـ125 متدربة في سبعة مجالات مختلفة لتأهيلهن لسوق العمل وتعزيز فرص الدخل المستدام.

مركز الملك سلمان يقود حراكاً تنمويا لمساعدة الشعب اليمني (سبأ)

وفي محافظة لحج، تم توزيع أدوات المهنة للنساء ضمن مشروع التمكين الاقتصادي لتحسين سبل العيش، الذي يهدف إلى خلق فرص عمل مدرّة للدخل في مجالات الخياطة والصناعات الغذائية والتجميلية وتربية المواشي، بما يسهم في رفع مستوى الدخل وتحقيق الاستقرار الاجتماعي للأسر المستفيدة.

كما سلّم المركز أدوات مهنية لـ650 مستفيدة في سبع محافظات هي مأرب، حضرموت، لحج، المهرة، شبوة، تعز وسقطرى، ضمن مشروع التمكين المهني لتحسين سبل العيش الذي يستهدف 1500 مستفيد ومستفيدة.

تعزيز التعليم

في قطاع التعليم، وزّع مركز الملك سلمان حقائب تعليمية ورياضية وإسعافات أولية على ثمان مدارس في مديريتي الحوطة وتبن بمحافظة لحج، ضمن مشروع تعزيز العملية التعليمية، الهادف إلى تحسين بيئة التعليم ودعم الأنشطة المدرسية ورفع جاهزية المدارس للاستجابة للحالات الطارئة. كما شمل المشروع توزيع زي مدرسي وحقائب للطلاب وتنفيذ دورات تدريبية للكادر التربوي لرفع الكفاءة التعليمية.

مشروعات السعودية في اليمن عززت من جودة الخدمات الصحية (سبأ)

وفي محافظتي أبين ولحج، وزّع المركز 270 حقيبة تدريبية للمعلمين و61 سبورة جدارية وحقائب نظافة مدرسية في سبع مدارس ضمن مشروع تحسين البيئة التعليمية للأطفال النازحين والمجتمع المضيف، الذي يشمل أربع محافظات هي أبين، لحج، تعز، والضالع.

كما جرى في مديريتي المخا وموزع بمحافظة تعز توزيع المستلزمات التعليمية على أكثر من 3 آلاف طالب وطالبة، تضمنت الزي المدرسي وحقائب النظافة الشخصية لتشجيعهم على مواصلة التعليم وتخفيف الأعباء عن أسرهم.

الصحة والخدمات

في المجال الصحي، دشّن المركز في هيئة مستشفى سيئون مشروع "بداية" لتقديم خدمات صحية تخصصية للنساء وأسرهن عبر مؤسسة الأمل الثقافية الاجتماعية النسوية، مستفيداً منه 21 أسرة في وادي حضرموت.

ويقدم المشروع استشارات وفحوصات طبية وأدوية مجانية، إلى جانب جلسات توعية صحية وتطعيم الأطفال وتحسين خدمات الرعاية الأولية لـ180 حالة في مجالات الصحة الإنجابية والنفسية.

تدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن ساهمت في رفع مستوى الخدمات الصحية (المركز)

أما في محافظة مأرب، فتم مناقشة متطلبات مشروع تحسين خدمات المياه في هيئة مستشفى مأرب العام، والذي تنفذه مؤسسة يماني بتمويل من المركز.

ويشمل المشروع إعادة تأهيل بئر قائمة وربطها بمنظومة طاقة شمسية، وحفر بئر جديدة بعمق 180 متراً، وإنشاء خزانين برجين ومحطة تحلية بقدرة إنتاجية 20 ألف لتر في الساعة، بما يضمن توفير مياه آمنة لأكثر من 24 ألف فرد من الكادر الطبي والمرضى والزوار.

وفي السياق ذاته، وقّع مركز الملك سلمان اتفاقية تعاون جديدة مع مؤسسة محلية لتأهيل شبكة المياه في مستشفى مأرب، تشمل إنشاء بئرين ومنظومة طاقة شمسية وخزانين برجين ومحطة تحلية متكاملة.

كما وُقّعت اتفاقية أخرى لتأهيل المياه في منطقتي الحرج وهمام بمديرية الخب والشعف في محافظة الجوف، تتضمن إنشاء شبكتي ضخ وتوزيع للمياه، وحفر بئر جديدة، وتأهيل محطة التحلية القائمة، وإنشاء نقاط لتوزيع المياه المحلاة للسكان المحليين والمارين.

العمل الإنساني السعودي في اليمن انتقل من الإغاثة الطارئة إلى التنمية المستدامة (سبأ)

وفي القطاع الزراعي، شهدت محافظة حضرموت تدشين مشروع الزراعة المستدامة والتمكين الزراعي والسمكي، الهادف إلى رفع إنتاجية المزارعين وتعزيز الأمن الغذائي.

وشمل التدخل تسليم 55 آلية زراعية متنوعة بينها حراثات وآلات رشّ وجزّ المحاصيل، إلى جانب تدريب المزارعين على استخدامها وصيانتها، وتوفير المحروقات اللازمة لتشغيلها بما يضمن الاستفادة المستدامة منها.

وتأتي هذه المشاريع ضمن الجهود الإنسانية والتنموية المتواصلة التي تقدمها السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الهادفة إلى تحسين مستوى الخدمات الأساسية، وتخفيف معاناة اليمنيين، وتعزيز الاعتماد على الذات في مختلف المجالات التنموية، بما يسهم في تحقيق التعافي الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي في البلاد.


الحكومة اليمنية تُحذّر من تهديدات الحوثيين للطيران المدني

الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)
الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)
TT

الحكومة اليمنية تُحذّر من تهديدات الحوثيين للطيران المدني

الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)
الحوثيون يحتفظون بمركز الملاحة الجوية في صنعاء ويستخدمونه لتهديد الطيران (إعلام محلي)

حذّرت الحكومة اليمنية من تصاعد تهديدات الحوثيين لقطاع الطيران المدني، مؤكدة أن استمرار سيطرة الجماعة على مركز الملاحة الجوية في صنعاء يُمثل خطراً مباشراً على أمن وسلامة الطيران في اليمن والدول المجاورة.

وجاءت التصريحات اليمنية على لسان وزير النقل عبد السلام حُميد خلال لقائه في العاصمة المؤقتة عدن، المستشار الاقتصادي لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن ريديك جان؛ حيث ناقش الجانبان -حسب الإعلام الرسمي- الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، وجهود الحكومة في إدارة قطاعي النقل والملاحة.

وأشار وزير النقل اليمني إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن تسببت في رفع رسوم التأمين البحري إلى 16 ضعفاً، داعياً الأمم المتحدة إلى التدخل لخفض هذه التكاليف التي تُثقل كاهل الاقتصاد اليمني والسكان.

وقال حميد: «إن ميليشيات الحوثي لا تزال تستولي على مركز الملاحة الجوية في صنعاء، وتستخدمه لابتزاز شركات الطيران وتهديد حركة الطيران المدني»، محذّراً من أن ذلك يُشكّل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية المتعلقة بأمن وسلامة الطيران.

وزير النقل اليمني يطلب من الأمم المتحدة المساعدة في خفض رسوم التأمين (إعلام حكومي)

ودعا الوزير اليمني الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط جدية على الحوثيين لإيقاف تهديداتهم للطيران المدني ونقل هذه الانتهاكات ضمن إحاطة المبعوث الأممي المقبلة أمام مجلس الأمن.

وأشار إلى أن الجماعة الحوثية تسعى إلى استغلال المطارات والمنافذ في أغراض غير مشروعة، من بينها تهريب شحنات عسكرية ومعدات لتصنيع الطائرات المسيّرة. واستشهد بضبط 50 حاوية تضم مواد ومعدات عسكرية في ميناء الحاويات بعدن خلال الأشهر الماضية.

منفذ للجميع

ولفت وزير النقل اليمني عبد السلام حميد إلى أن مطار عدن يُمثل منفذاً وطنياً لجميع اليمنيين، إذ إن غالبية المسافرين عبره من المحافظات الخاضعة للحوثيين، مؤكداً أن الحكومة ملتزمة بتوفير الخدمات لجميع المواطنين دون تمييز.

كما استعرض الجهود الحكومية، بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، لإيداع مبلغ تأميني في بنك لندن عام 2023 بقيمة 50 مليون دولار لتغطية رسوم التأمين البحري، وخفض تكلفته على السفن المتجهة إلى المواني اليمنية بعد تصنيفها مناطق عالية الخطورة.

غير أن الوزير أوضح أن الحكومة اضطرت لاحقاً إلى سحب الوديعة لتغطية احتياجات طارئة بسبب توقف صادرات النفط وتأثير حرب غزة، وما تلتها من تهديدات حوثية للتجارة والملاحة الدولية.

تكلفة التأمين البحري تضاعفت بسبب استهداف الحوثيين الملاحة في البحر الأحمر (إعلام حكومي)

وقال إن هذه التهديدات تسببت في ارتفاع غير مسبوق في رسوم التأمين البحري تجاوز 16 ضعفاً، وهو ما انعكس سلباً على أسعار السلع والمواد الغذائية والمعيشة اليومية للمواطنين.

وطالب وزير النقل اليمني الأمم المتحدة بالقيام بدور أكثر فاعلية في خفض رسوم التأمين على المطارات والمواني والمنافذ اليمنية، عبر تنسيق الجهود مع المنظمات الدولية وشركات التأمين لتخفيف المعاناة الإنسانية، خصوصاً في ظل تراجع التمويل الإنساني بنسبة وصلت إلى نحو 70 في المائة من البرامج الأممية داخل اليمن.

جهود الإصلاحات

وحسب المصادر الرسمية اليمنية، تطرّق لقاء حميد مع المسؤول الأممي أيضاً إلى جهود الحكومة في الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتعزيز موارد الدولة وتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي اليمني في عدن، تنفيذاً لتوجيهات مجلس القيادة الرئاسي بمعالجة الاختلالات المالية وإغلاق المنافذ غير المشروعة.

وأشار الوزير إلى أن الحكومة في بلاده بدأت تنفيذ قرارات لإغلاق مشروعات ومنافذ تستخدم في التهريب، مثل مشروع ميناء قنا في شبوة، وتحويل ميناء الشحر إلى ميناء سمكي فقط، إضافة إلى إغلاق منفذ رأس العارة الذي استُخدم سابقاً في تهريب البضائع.

ورأى الوزير حميد أن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية يُمثل خطوة ضرورية لاستعادة التوازن المالي وقدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين، مشدداً على أهمية تطوير البنية التحتية للنقل البري.

حطام طائرة يمنية في مطار صنعاء إثر ضربات إسرائيلية (أرشيفية - رويترز)

وأكّد حميد أن إعادة تأهيل طريق «عدن - الضالع - صنعاء» تُمثل أولوية كبرى لتسهيل حركة النقل التجاري والإنساني وتعزيز نشاط ميناء عدن الحيوي، داعياً إلى تمويل دولي لمشروع الصيانة، بالتنسيق مع وزارة الأشغال العامة وصندوق صيانة الطرق.

ونسب الإعلام الرسمي إلى المستشار الاقتصادي لمكتب المبعوث الأممي أنه أثنى على وضوح الطرح اليمني، وتحديد التحديات بدقة، مؤكداً حرص المبعوث الأممي على نقل هذه القضايا في إحاطته المقبلة أمام مجلس الأمن، ودعم الجهود الحكومية الرامية إلى خفض تكاليف التأمين وتحسين الطرقات وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية بما يُسهم في دعم الاستقرار الإنساني والاقتصادي في البلاد.


اتهامات للحوثيين بتحويل أكبر شركة اتصالات إلى غنيمة لكبار القادة

المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)
المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)
TT

اتهامات للحوثيين بتحويل أكبر شركة اتصالات إلى غنيمة لكبار القادة

المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)
المقر الرئيسي لشركة «يمن موبايل» الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

تمرُّ شركة «يمن موبايل»، أكبر شركة اتصالات خاضعة للحوثيين، بمرحلة غير مسبوقة من التدهور الإداري والمالي والفني، وسط صراع نفوذ محتدم بين أجنحة الجماعة التي حوّلت الشركة إلى غنيمة مالية وسياسية تخدم مصالحها، على حساب الموظفين والمساهمين والمشتركين. وفق ما أفادت به مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

وإذ تطرق أحدث تقرير لفريق الخبراء الأمميين إلى هيمنة الحوثيين على قطاع الاتصالات وتحويله إلى أداة للقمع والسيطرة والإثراء، فإن المصادر تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن ما يتم داخل الشركة «ليس مجرد سوء إدارة»، بل عملية تدمير ممنهجة تهدف إلى إقصاء الكفاءات، وتفريغ المؤسسة من خبراتها الوطنية، وإحلال عناصر حوثية تفتقر إلى المؤهلات، لكنها تتمتع بالولاء المطلق للجماعة.

وأوضحت المصادر أنه منذ تعيين الجماعة القيادي عبد الخالق الحسام رئيساً لمجلس إدارة الشركة، بدأت مرحلة جديدة من الانحدار. فالحسام - بحسب المصادر - لا يمتلك أي مؤهل إداري أو فني، وكان قد أُقيل في عام 2019 من منصب نائب مدير فرع؛ بسبب تورطه في قضايا فساد، قبل أن يُعاد إلى الواجهة ليتحكم في شركة يبلغ دخلها اليومي أكثر من مليار ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً في مناطق سيطرة الحوثيين).

قادة الجماعة الحوثية استغلوا شركات الاتصالات للإثراء وتمويل المجهود الحربي (إعلام حوثي)

وتشير المصادر إلى أن الحسام، بدلاً من إنقاذ الشركة (يمن موبايل)، بدأ منذ توليه المنصب بسحب صلاحيات المديرين التنفيذيين، وحرمانهم من الحوافز والمكافآت؛ لدفعهم إلى الاستقالة، تمهيداً لتعيين عناصر حوثية من خارج الشركة، لا تحمل سوى الولاء للجماعة.

ولم يتوقف الانحدار عند حدود الإدارة، بل شمل - وفق المصادر- تعطيل العقود والشراكات السابقة مع شركات ومقاولين من خارج منظومة الحوثي؛ بهدف إسقاط الثقة بالشركة، وتهيئة الطريق أمام متعهدين تابعين للجماعة.

هذه القرارات - وفقاً لمصادر اقتصادية - أدت إلى انهيار مشروعات استراتيجية وتعطيل التزامات قائمة، وتراجع حاد في سمعة الشركة التي باتت بوابة لقادة الجماعة من أجل الإثراء.

فساد صارخ

في الوقت الذي تتراجع فيه الإيرادات وتنهار الخدمات التي تقدمها الشركة، تقول المصادر إن القيادي الحوثي الحسام يصرف مئات ملايين الريالات اليمنية من أموال الشركة لصالح قيادة الجماعة، تحت ذرائع مشروعات وهمية ونفقات شخصية باهظة تشمل شراء سيارات فارهة، وتأثيث فلل وشقق خاصة.

وطبقاً لتعبير أحد الموظفين: «لم تعد الشركة تُدار بوصفها مؤسسةً وطنيةً، بل صندوقاً مالياً تحت تصرف القيادات الحوثية، في ظل غياب تام للرقابة والمساءلة».

وتشير تقارير داخلية إلى أن «يمن موبايل» فقدت نحو 15 في المائة من إيراداتها خلال 4 أشهر فقط من تولي الحسام المنصب، وهو تراجع غير مسبوق منذ تأسيس الشركة. كما ازدادت شكاوى المشتركين من سوء الخدمة، وانقطاع الشبكة حتى في العاصمة المختطفة، صنعاء.

طفل يمني في مقبرة بصنعاء أنشأها الحوثيون لقتلاهم (إ.ب.أ)

وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقها خبراء الاتصالات بشأن خطورة ما يحدث، فإن قيادة الجماعة تجاهلتها تماماً، لأن الهدف - وفقاً للمراقبين - يتمثل في إعادة تشكيل الشركة بما يخدم مشروعها الانقلابي مالياً وسياسياً.

وامتدت تداعيات الفساد - وفق المصادر - إلى كل الأطراف ذات العلاقة بالشركة، حيث حُرم الموظفون من حقوقهم، وتضرر المشتركون من تراجع الخدمة، وواجه التجار والمقاولون عراقيل متعمَّدة لتنفيذ العقود الموقَّعة معهم، وهو ما انعكس على قيمة أسهم الشركة وثقة المساهمين فيها.

وتضيف المصادر أن خطة الجماعة الحوثية مستمرة منذ سنوات في إحكام السيطرة على مفاصل الشركة عبر تعيين موالين لها في المواقع الحساسة، وتحويلها إلى ذراع مالية تموّل أنشطتها، بما في ذلك أعمال التعبئة العسكرية والطائفية.

نهب مستمر

تقول المصادر في صنعاء إن الشركة قبل رئيس مجلس إدارتها الجديد الحسام، كانت تخضع لإدارة عصام الحملي، وهو الآخر من القيادات الحوثية. وفي عهده تم صرف نحو 16 مليار ريال يمني (نحو 30 مليون دولار) تحت غطاء «تأهيل مباني الشبكات وأبراج الاتصالات»، رغم أن غالبية تلك المباني ليست مملوكة للشركة، بل مؤجَّرة.

مليارات الريالات اليمنية تنفقها الجماعة الحوثية على أعمال الحشد والتعبئة والتطييف (أ.ف.ب)

وكان موظفو «يمن موبايل» يأملون أن تكون مرحلة الحسام مختلفة، لكنهم فوجئوا - بحسب قولهم - باستمرار نهج الفساد ذاته، مع إضافة سياسة إقصاء وتهميش ممنهجة طالت حتى أصحاب الخبرات الطويلة في الاتصالات.

وأمام هذا الانهيار المتسارع، يرى موظفو «يمن موبايل» أن شركتهم أصبحت رهينةً لأطماع الجماعة الحوثية، وأن إنقاذها لم يعد مطلباً إدارياً فحسب، بل أصبح ضرورة وطنية لحماية ما تبقَّى من مؤسسات الدولة، ووقف العبث الذي يهدد قطاع الاتصالات، ويمس حياة ملايين اليمنيين.

دعم أممي للاتهامات

يأتي ذلك في ظل ما أكده تقرير الخبراء الأمميين الأخير بشأن اليمن، من أن الحوثيين «يسيطرون بالكامل على قطاع الاتصالات في مناطق نفوذهم، ويحولون عائداته إلى تمويل عملياتهم العسكرية والسياسية». وأشار التقرير إلى أن الجماعة تمتلك منظومة متقدمة من أدوات المراقبة والتنصت، تُمكّنها من اعتراض المكالمات والبيانات ومراقبة الناشطين والإعلاميين.

مقر شركة «تيليمن» المزوّد الرئيسي لخدمة الاتصالات الخاضعة للحوثيين في صنعاء (إكس)

كما كشف التقرير عن أن إيرادات الاتصالات - بما فيها من شركات مثل «يمن موبايل» و«تيليمن» - تُحوَّل إلى ما تُعرف بـ«الهيئة العامة للزكاة» التابعة للجماعة، خارج أي رقابة مصرفية أو حكومية، لتصبح أحد أهم مصادر التمويل المستقلة للحوثيين. وأكد أن الجماعة تمنع أي تدقيق مالي أو إداري على موارد القطاع، وتستخدم تلك الموارد لتمويل «أنشطة التجنيد والتعبئة العسكرية».

وربط تقرير الخبراء الأمميين بين هذا الاستحواذ الحوثي وتفشي الفساد في مفاصل الاتصالات، مشيراً إلى أن القطاع بات يُدار من قبل شبكة مالية مغلقة ترتبط بمكتب زعيم الجماعة مباشرة. وأوضح أن هذه السيطرة مكَّنت الحوثيين من استخدام البنية التحتية للاتصالات أداةً للهيمنة والقمع، من خلال مراقبة الاتصالات، وحجب المواقع الإلكترونية، وإقصاء الكفاءات الوطنية.