مسؤول إيراني: صياغة الاتفاق النووي النهائي أواخر الشهر الحالي

واشنطن تسمح لـ«بوينغ» بتصدير قطع غيار إلى طهران لأول مرة منذ 1979

ارشيفية
ارشيفية
TT

مسؤول إيراني: صياغة الاتفاق النووي النهائي أواخر الشهر الحالي

ارشيفية
ارشيفية

وصفت طهران أمس المحادثات الفنية التي تجري على مستوى الخبراء بينها وبين الدول الست الكبرى حول برنامجها النووي بـ«المفيدة»، مشيرة إلى أن صياغة الاتفاق النهائي حول هذا الملف المعقد قد تبدأ خلال أسابيع.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن رئيس الوفد الفني الإيراني حميد بعيدي نجاد إشادته بالمحادثات «المفيدة» التي جرت بين الطرفين في فيينا واستغرقت ثلاثة أيام. وأضاف: «إن المواقف من الناحية الفنية تساعد على فهم أفضل لمواقف الطرفين».
ويضاف هذا اللقاء على مستوى الخبراء إلى لقاء جديد مرتقب بين الطرفين على مستوى المسؤولين السياسيين في فيينا ابتداء من الثلاثاء المقبل.
والهدف من لقاء الثلاثاء، وهو الثالث منذ مطلع السنة الحالية، الانطلاق من الاتفاق المؤقت الذي وقع بجنيف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 بين الطرفين للوصول إلى اتفاق نهائي يضع حدا لمواجهة بين إيران والدول الكبرى حول طابع برنامجها النووي وما إذا كان يتضمن شقا عسكريا أم لا.
وأكد بعيدي نجاد من جهة ثانية لوكالة «إيسنار» أن «وفد إيران مع وفد الدول الست سيباشران صياغة نص الاتفاق النهائي» خلال الاجتماع المقبل المتوقع بين آخر أبريل (نيسان) وأوائل مايو (أيار).
وكانت دبلوماسية أميركية مشاركة في هذه المحادثات أعلنت الجمعة أن واشنطن تتوقع بدء صياغة هذا الاتفاق خلال الاجتماع المقبل مطلع مايو.
وقالت هذه الدبلوماسية: «نحاول الحصول على أفضل توليفة من الإجراءات لضمان عدم قدرة إيران على التزود بسلاح نووي والتأكد أن برنامجها النووي سلمي بالكامل».
وتابعت: «نعمل على جسر الهوة القائمة لنرى ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى هذه الإجراءات. وسنكثف عملنا خلال الفترة المقبلة».
من جهة ثانية، عدت هذه الدبلوماسية الأميركية أن التفاوض بين إيران وروسيا حول بناء مفاعل نووي مقابل النفط سيعد «متعارضا» مع اتفاق جنيف، «ويمكن أن يتسبب في فرض عقوبات أميركية جديدة على الأشخاص المعنيين» بهذا الاتفاق المحتمل.
ويرى الأميركيون أن اتفاقا من هذا النوع بين موسكو وطهران يقوض جهود واشنطن الهادفة إلى قطع الموارد المالية عن طهران.
وترأس بعيدي نجاد الوفد الإيراني، بينما ترأس أستيفان کلمنت وفد مجموعة «5+1»، حسبما ذكرت أمس وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا).
يشار إلى أن إيران ومجموعة «5+1» (التي تضم بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين إضافة إلى ألمانيا) تجريان محادثات على مستوى الخبراء بشأن تنفيذ اتفاق مبدئي توصل إليه الجانبان في نوفمبر الماضي بشأن الحد من الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على طهران.
وفي تطور آخر، أعلن ناطق باسم «بوينغ» لوكالة الصحافة الفرنسية أن السلطات الأميركية سمحت للمجموعة ببيع إيران قطع غيار لطائرات تجارية للمرة الأولى منذ فرض الحظر على طهران في 1979. وقال المتحدث إن هذا الترخيص «محدد بفترة زمنية» ويسمح لـ«بوينغ» «بتسليم قطع غيار متعلقة بأغراض السلامة فقط». وأضاف المتحدث أنه ما زال لا يسمح لـ«بوينغ» حتى الآن ببيع إيران طائرات جديدة.
وتابع أن هذا الترخيص منحته وزارة الخزانة الأميركية في إطار الاتفاق المرحلي الذي أبرم في نوفمبر الماضي بين إيران ومجموعة «5+1» (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وأكدت شركة «جنرال إلكتريك» أنها حصلت على إذن من الحكومة الأميركية لإصلاح 18 محرك طائرة بيعوا لإيران في أواخر السبعينات بموجب اتفاق جرى التوصل إليه في يناير (كانون الثاني) للتخفيف المؤقت للعقوبات.
وقال ريك كيندي، المتحدث باسم «جنرال إلكتريك»، إن وزارة الخزانة الأميركية وافقت على طلب الشركة إصلاح تلك المحركات في منشآت مملوكة للشركة أو شركة «إم تي يو» الألمانية لمحركات الطائرات المرخص لها بالقيام بهذا العمل.
وأضاف أن مسؤولي «جنرال إلكتريك» سيلتقون مسؤولين من شركتي الطيران الوطنية الإيرانية و«إم تي يو» في إسطنبول الأسبوع المقبل لبحث احتياجات إيران.
وينص الاتفاق المرحلي الذي جرى التوصل إليه مع طهران لستة أشهر على تعليق بعض النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضها الغرب على هذا البلد المتهم بالسعي لامتلاك سلاح ذري تحت غطاء برنامجه النووي.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».