تتطابق مواصفات كلية ترينيتي، أو كلية الثالوث، مع نوع معين من مدارس الفنون الليبرالية الموجودة في كثير من المناطق على امتداد الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية. يعود تاريخ المدرسة لعام 1823، حيث صممت مبانيها على الطراز القوطي (طراز مميز من العمارة الأوروبية انتشر في أواخر القرون الوسطى)، ناهيك بسمعتها العريقة.
وباستيعابها نحو 2300 طالب، تسعى الكلية التي تقع بمنطقة هارفارد بولاية كونيتيكيت الأميركية، إلى ضمان أعداد صغيرة بالفصول الدراسية، ليسهل على الطلاب استيعاب الدروس والتعمق فيها، وتكوين روابط وثيقة بين الزملاء والأساتذة.
تتطلع البروفسور جوان بريغر سويني، عميدة كلية ترينيتي منذ عام 2014، إلى تحقيق ذلك، وفي نفس الوقت تسعى إلى تغير نمط إدارة الكلية الخاصة بشكل كلي. تعتقد جوان أنه يتعين على كليات الفنون الليبرالية تبني واقع ديموغرافي ومالي جديدين، إذ يرى الكثيرون أن هناك حدودًا للمصروفات المفروضة على الطلاب، من أجل تغطية النفقات التي تتطلبها الكلية.
وقالت سويني خلال زيارتها الأخيرة لمجلة «واشنطن بوست»: «من المهم أن تكون فطنًا ومرنًا»، مضيفة: «لكن في الواقع، نحن لسنا مؤسسة فطنة ولا مرنة».
تحتل كلية ترينيتي المرتبة الـ43 في قائمة كليات الفنون الليبرالية الوطنية بالولايات المتحدة، وتبلغ الرسوم الدراسية للطالب 52.760 دولار أميركي في العام، لا تشمل غرفة المعيشة والطعام. يستمتع نحو 40 في المائة من الطلاب المحتاجين بمنح دراسية تقدمها الكلية، ويبلغ متوسط قيمة المنحة للطالب الواحد نحو 40 ألف دولار سنويًا. كذلك يتلقى عدد قليل من الطلاب غير المحتاجين منحًا دراسية تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات للطالب الواحد كل عام، مما يؤثر على هامش الربح المفترض أن تجنيه الكلية.
إذن كيف تستطيع كلية ترينيتي زيادة عائداتها؟ يشعر القائمون على الكلية بالقلق من أن زيادة أعداد الطلاب الملتحقين قد تتسبب في تغير شخصية ونمط الكلية. «سوف يكون من الصعب تطوير نوعية التعليم في ضوء زيادة الأعداد»، وفق سويني.
غير أن التوسع في برنامج الماجستير أصبح خيارًا، إذ تقدم الكليات هذه الدرجات في الدراسات الأميركية، واللغة الإنجليزية، والسياسة العامة، والعلوم العصبية.
من المقرر أن تتوسع الكلية في برامج الدوارات الصيفية للطلاب الجدد، ويشمل ذلك إقامة المعسكرات الصيفية، ومن المتوقع أن تتوسع الكلية كذلك في استخدام كنيستها التاريخية في مراسم حفلات الزفاف وغيرها من المناسبات العامة. ومن المتوقع أن تفتح الكلية باب التقديم للطلاب في يناير (كانون الثاني)، للاستفادة من المقاعد التي تتوافر في فصل الخريف عند سفر الطلاب للخارج. وأضافت مديرة الكلية أنه يتعين على الكلية الانتباه إلى أن عددًا متزايدًا من الطلاب قد يتقدم بطلب لإيقاف القيد «لعدة سنوات» أو «لعدة فصور دراسية»، قبل أن يعاودوا الدراسة مجددًا على غرار ما فعلته ماليًا، ابنة الرئيس أوباما، مما يؤثر على المصروفات الدراسية أيضًا.
وكما هو الحال في جميع الكليات الخاصة، تعتبر التبرعات أمرًا ضروريًا، فقد بلغ إجمالي قيمة المنح المقدمة لكلية ترينيتي العام الماضي نحو 560 مليون دولار.
تقدم كلية ترينيتي دورات دراسية عن طريق الإنترنت، إذ إن الكلية عضو في اتحاد «إي دي إكس»، مجموعة معاهد دراسية يقودها معهد ماسيتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة هارفارد، التي تقدم دورات دراسية ضخمة عن طريق الإنترنت من دون مقابل. ويستطيع الدارسون عن بعد ممن يتطلعون للالتحاق بتلك الدورات الحصول على شهادة معتمدة بعد سداد مصروفات رمزية. من بين الدورات المفتوحة على الإنترنت التي تقدمها كلية ترينيتي دورة «العقل اليقظ»، ودورة «رحلة الطريق الفلسفي»، و«حوسبة أبل المتنقلة».
وأفادت بريغر سويني بأن الدورات الدراسية عن طريق الإنترنت قد اجتذبت جمهورًا كبيرًا، وساعدت الكلية على التواصل مع شريحة كبيرة من الخريجين، «وهو ما أسعدنا كثيرًا»، بحسب سويني، مضيفة أن «ذلك عزز وجودنا على الإنترنت».
وتصف سويني الكلية بأنها «كلية فنون ليبرالية ذات نبض حضري»، حيث تقع في عاصمة ولاية كونيتيكيت، وتوفر للطلاب فرصًا للانخراط في مجتمع المدينة والحكومة وصناعة التأمين.
ومن الملاحظ أنها شهدت تغييرًا كبيرًا تحت قيادة سويني. ففي سبتمبر (أيلول)، أصدرت سويني قرارًا بتحويل النوادي الاجتماعية والأندية النسائية إلى جمعيات مختلطة.
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، انضمت الكلية لحركة الاختبار الاختياري، مما أدى إلى إلغاء اختبار اللغة الإنجليزية «سات» و«أكت» الذي يتطلب معدل درجات محددة شرطًا للالتحاق بالكلية. وأفادت سويني بأن «الاختبار الاختياري» سهل من إجراءات الالتحاق بالكلية، حيث اختار نحو 40 في المائة من الطلاب ألا يخضعوا لاختبار النقاط، وهي نسبة أعلى مما توقعه مسؤولو الكلية، مما جعل سويني تعلق بقولها: «شكل لنا ذلك مفاجأة كبيرة».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»
إما الابتكار أو الموت.. كلية فنون ليبرالية أميركية تتطلع لزيادة عائداتها
عميدة كلية ترينيتي: نسعى لبناء واقع ديموغرافي ومالي جديدين لتغطية نفقاتنا
إما الابتكار أو الموت.. كلية فنون ليبرالية أميركية تتطلع لزيادة عائداتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة