حكومة بن دغر تنتقد منسق الشؤون الإنسانية وتؤكد التزامها بالقانون الدولي

الداخلية اليمنية توسع خدماتها بإصدار جوازات سفر وبطاقات في المدن المحررة

يمني هارب من مغبة الانقلاب يطل من مخبئه في مخيم نازحين قرب صنعاء (رويترز)
يمني هارب من مغبة الانقلاب يطل من مخبئه في مخيم نازحين قرب صنعاء (رويترز)
TT

حكومة بن دغر تنتقد منسق الشؤون الإنسانية وتؤكد التزامها بالقانون الدولي

يمني هارب من مغبة الانقلاب يطل من مخبئه في مخيم نازحين قرب صنعاء (رويترز)
يمني هارب من مغبة الانقلاب يطل من مخبئه في مخيم نازحين قرب صنعاء (رويترز)

انتقدت الحكومة اليمنية منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة بصنعاء جيمي ماكغولدريك، والذي وفق بيان الحكومة ما زال مستمرا في إصدار بيانات تتصف بالعمومية، ومساواته بين الضحية والجلاد ودونما تحديد المسؤول الرئيس عن مأساة اليمنيين.
وقال البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «تابعت الحكومة اليمنية بيان منسق الشؤون الإنسانية في اليمن الصادر 12 أغسطس (آب)، وإذ تقدر الحكومة اليمنية حرص وقلق المنسق الدولي، تؤكد أنها تعمل بكل جدية من أجل إنهاء العنف باليمن الذي جاء كله نتيجة الانقلاب على مؤسسات الدولة والخروج عن القانون من قبل ميليشيات الحوثي وصالح».
وأضاف: «كان من الإنصاف على البيان وهو يبدي حرصه على الشعب اليمني أن يؤكد هذه الحقيقة وأن الحرب كلها نتيجة لانقلاب واعتداءات مستمرة من المتمردين على القانون، ومن الإنصاف أيضا أن يذكر البيان أن حالة الحرب وبما فيها دعم دول التحالف هو رد على هذه الاعتداءات الجسيمة والممنهجة من ميليشيات الحوثي وصالح».
وتابع: «كما أن الحكومة تستغرب أن يذكر البيان حالة العنف ويربطها فقط بالأيام القليلة الماضية، الأمر الذي يثير استغرابا واضحا عن انعدام القلق العميق أيضا خلال العام والنصف من الحصار القاتل لتعز والمعارك الدامية التي تشنها هذه الميليشيات على مختلف المدن اليمنية، ومن المثير للدهشة أن يذكر البيان نضوب الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية ولا يشير بوضوح إلى من قام بذلك».
وأشار إلى أن ميليشيات الحوثي وصالح قامت بعمل ممنهج خلال الأشهر الماضية في الاستيلاء على الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية بالبنك المركزي اليمني وتعريض الخزانة العامة للإفلاس دون أي اكتراث بالعواقب الوخيمة على اقتصاد البلد وحياة المواطنين رغم مناشدات الحكومة وتحذيرها المستمر لذلك.
وأوضح أن بيان المنسقية ترك الإشارة غامضة لهذه الجريمة التي تضرب مستقبل البلاد وليس الحاضر فقط ودون أن يوضح الحقيقة الواضحة، إذ إن إشارته الغامضة غير منصفة، بل ويضع البعض في حالة سوء فهم مقصود يضر بالحقيقة ولا يجرم من ارتكب الجريمة بحق اليمنيين.
وأكدت الحكومة في بيانها التزامها بقواعد القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وحرصها على عدم العنف باليمن والذي سيتوقف مع انتهاء السبب الحقيقي له وهو الانقلاب على الشرعية والتمرد على القوانين من قبل الميليشيات المتمردة.
ودعت المنظمات الدولية تحري الحقيقة في تفاصيل ما ينشر باسمها وعدم الاعتماد كما جاء في مقدمة البيان على تقارير إعلامية محلية، والعودة إلى أي معلومات إلى الجهات الحكومية الرسمية التي تعمل مع المنظمات الدولية بكل صدق وشفافية وستقدم كل العون من أجل الحقيقة، مشيرة إلى تقدير الحكومة لجهود المنظمات التابعة للأمم المتحدة والتي وصفتها بالعظيمة ولا يمكن نكرانها.
بدوره، دعا وزير الإدارة المحلية رئيس لجنة الإغاثة العليا، عبد الرقيب فتح سيف منظمات الأمم المتحدة لممارسة مهامها وفقًا لاتفاقية جنيف الرابعة، والملحقات المرتبطة بها والتي تلزمها بحماية المدنيين أثناء الحرب، وإيصال كل أنواع الإغاثة إليهم، والإعلان عمن يعيق الأعمال الإنسانية باليمن.
وقال السكرتير الإعلامي في رئاسة الوزراء غمدان الشريف، لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات الانقلابية سبب رئيسي لكل ما وصلت إليه البلاد من أوضاع مأساوية، مستغربا مساواة من انقلب على السلطة الشرعية ورفض مقررات السلام ومؤتمر الحوار الوطني وقرارات الشرعية الدولية وبين سلطة شرعية منقلب عليها عسكريا من جماعات مسلحة قبلية وسلالية ما زالت تعيش خارج نسق التحضر والمأسسة والنظام.
وأضاف أنه لا مقارنة بين الميليشيات الانقلابية وسلطة شرعية تم الانقلاب عليها بقوة السلاح وما زالت خارج البلاد حتى اللحظة الراهنة، مؤكدا بتحمل الميليشيات كامل تبعات الانقلاب من حرب وعنف واستنزاف وتدمير لمؤسسات الدولة ولمكاسبها التي تحققت طوال عقود من الزمن.
وفي سياق آخر، أكد نائب وزير الداخلية اللواء علي ناصر لخشع، أن مراكز الإصدار الآلي ستبدأ بصرف الجوازات الجديدة خلال الأيام القادمة، وبمجرد وصول أول دفعة للجوازات الجديدة من العاصمة السعودية الرياض.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن فروع مصلحة الهجرة والجوازات في المحافظات المحررة ومنها عدن والمكلا ستدشن العمل بالجواز الجديد قريبا، لافتا لأن الوزارة فقط بانتظار وصول تلك الكميات المقرر وصولها على متن طائرة خاصة خلال الأيام القادمة.
وأضاف نائب الوزير أن إصدار الجوازات الجديدة يأتي اتساقا مع تحضيرات جارية لطباعة جميع الوثائق والسندات الخاصة بالأحوال المدنية بما فيها البطاقة الشخصية وعلى غرار ما يتم بالنسبة للجوازات.
ميدانيا، اطلع رئيس الحكومة اليمنية، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، على التطورات العسكرية في محافظة مأرب شرقي العاصمة اليمنية صنعاء، وطبيعة الاشتباكات الدائرة بين المقاومة والميليشيات الانقلابية، وكذا الصعوبات والتحديات التي تواجه المقاومة في جبهة مأرب.
وأشاد بن دغر خلال لقائه بالمشرف على جبهة الجدعان بمحافظة مأرب الشيخ علوي الباشا بن زبع بأدوار أبناء محافظة مأرب ومقاومتهم المستبسلة في مختلف جبهات القتال ضد الانقلابيين ومشاريعهم الرخيصة وفق تعبيره.
وقال بن دغر إن «محافظة مأرب سطرت أروع الأمثلة في الدفاع عن الجمهورية وحرية الإنسان اليمني من خلال دحرها الميليشيا الانقلابية». وأكد المشرف على جبهة الجدعان أن الحكومة تولي مأرب اهتماما خاصا، وأنها ماضية في دعم المقاومة والجيش إلى أن يتحقق النصر، مثمنا التضحيات التي يجسدها رجال المقاومة والجيش الوطني واستبسالهم للدفاع عن مقدرات الوطن.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.