مطعم «الحاج حسين» يقدم الكباب الممزوج بالنوستالجيا

أشهر عنوان في الفلوجة يُولد من جديد

من أشهر عناوين الأكل في المدينة - مائدة على وقع إطلاق النار - عنوان للكباب في الفلوجة
من أشهر عناوين الأكل في المدينة - مائدة على وقع إطلاق النار - عنوان للكباب في الفلوجة
TT

مطعم «الحاج حسين» يقدم الكباب الممزوج بالنوستالجيا

من أشهر عناوين الأكل في المدينة - مائدة على وقع إطلاق النار - عنوان للكباب في الفلوجة
من أشهر عناوين الأكل في المدينة - مائدة على وقع إطلاق النار - عنوان للكباب في الفلوجة

قبل أن تأخذ مدينة الفلوجة شهرة عالمية بالجهاديين المقاتلين فيها منذ أمد طويل، كانت تحظى بشهرة في جميع أنحاء العراق بسبب الكباب الذي تقدمه، والذي يُعد من اللحم الضان السمين والممزوج بالبصل المشوي على سيخ فوق النار المفتوحة، ويقدم مع القليل من السماق في مطعم يحمل اسم «الحاج حسين».
وعلى ما يبدو، فقد ارتاد الجميع مطعم الحاج حسين، من السكان المحليين والجنود والسياح ورجال الأعمال المسافرين على طريق بغداد - عمان السريع الذي يمر عبر المدينة. وبدءًا من عام 2003، ارتاده الصحافيون الذين يغطون الحرب هناك، وكذلك الجنود الأميركيون والمتمردون الذين حاربوهم، وقد تناول جميعهم الطعام هناك في الوقت نفسه.
وقد أصابت القنابل المطعم عدة مرات وألحقت به الأضرار، ودكته إحدى الغارات الجوية الأميركية ذات مرة وسوته بالأرض تمامًا. ثم أُعيد بناؤه مرة أخرى، ليُجرى احتضانه كرمز لإعادة ميلاد الفلوجة بعد سنوات من الحرب، غير أنه هُجر عندما سقطت المدينة في يد الدولة الإسلامية، منذ أكثر من عامين.
والآن بُعث مطعم الكباب المحبوب إلى الحياة من جديد، ولكن هذه المرة في بغداد في مبنى حديث البناء مكون من ثلاثة طوابق في حي المنصور الراقي.
وأدخل المطعم تجديدًا على مشهد المطاعم الرائجة في العاصمة، ويقدم كبابا ممتازا مع جرعة من النوستالجيا والحنين إلى وقت كان ينطلق فيه البغداديون إلى الفلوجة لتناول طعام الغداء في مطعم «الحاج حسين». ويقول محمد حسين، الذي يدير أعمال الأسرة منذ ثلاثينات القرن الماضي، عندما كانت الفلوجة لا تزال مدينة قائمة على الزراعة والتهريب وتتميز بالتقاليد القبلية، ولم تكن أبدًا ملاذًا للجهادية، «كانت هذه هي حرفة جدي».
ويتميز المطعم بالإضاءة الجيدة البراقة، وباكتظاظه بالرواد في معظم الليالي، كما يتولى أصحاب المطعم خدمة الرواد بأنفسهم لمدة تتراوح ما بين 15 إلى 20 دقيقة أو نحو ذلك، وهو أمر لا يكاد يحدث في العراق.
غير أن المطعم قد جرى هجره لمدة سنتين ونصف، على حد قول حسين. وعندما حققت القوات العراقية مكاسب داخل الفلوجة، بدأت الناس على الفور تقريبًا بالتحدث عن مطعم «الحاج حسين». وأصدرت الشرطة الاتحادية فيديو تقول فيه إنها تحارب على مقربة من المطعم، وظهرت فيه واجهة بلون الصدأ توضح الضرر الذي لحق بالمطعم وإن لم يتم تدميره بالكامل. وعلى شاشات التلفزيون الرسمي للبلاد، أعرب معلقون عن أملهم في أن تُجرى إعادة افتتاح المطعم قريبًا في الفلوجة.
وبالإضافة إلى تقديمه أكوامًا من أطباق الكباب الشهير، يقدم المطبخ أيضًا التمر المغلف بعجينة السمسم، والبطيخ والحمص والخيار وسلطة الطماطم والمخللات والحساء. كما أُدخلت أصناف جديدة على القائمة التي كانت تقدم في الفلوجة، مثل: سمك الشبوط المشوي، المعروف باسم «المسقوف»، ووجبة الدجاج والأرز اليمنية التي تسمى «المندي»، وطبق المقلوبة الفلسطيني الأصل، وهو عبارة عن طبق مكون من الدجاج والباذنجان والأرز.

*خدمة «نيويورك تايمز»



الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
TT

الفول المصري... حلو وحار

طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)
طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك، وفي كل الأحوال البصل الأخضر أو الناشف المشطور حلقات ضيف مائدتك، إن راق لك ذلك.

فطبق الفول «حدوتة» مصرية، تُروى كل صباح بملايين التفاصيل المختلفة، لكي يلبي شهية محبيه لبدء يومهم. فقد يختلف طعمه وفق طريقة الإعداد من «قِدرة» إلى أخرى، وطريقة تقديمه حسب نوعيات الزيت والتوابل، إلا أن كلمة النهاية واحدة: «فول مدمس... تعالى وغمس».

"عربة الفول" تقدم الطبق الشعبي بأصنافه التقليدية (تصوير: الشرق الأوسط)

سواء قصدت «عربة فول» في أحد الأحياء أو اتجهت إلى مطاعم المأكولات الشعبية، ستجد طبق الفول في انتظارك، يستقبلك بنكهاته المتعددة، التي تجذبك لـ«تغميسه»، فالخيارات التي يتيحها ذلك الطبق الشعبي لعشاقه عديدة.

من ناحية الشكل، هناك من يفضلون حبة الفول «صحيحة»، وآخرون يرغبونها مهروسة.

أما عن ناحية المذاق، فيمكن تصنيف أطباق الفول وفق الإضافات والنكهات إلى العديد من الأنواع، ولعل الفول بالطحينة أو بالليمون، هما أكثر الإضافات المحببة لكثيرين، سواء عند إعداده منزلياً أو خارجياً. أما عن التوابل، فهناك من يفضل الفول بالكمون أو الشطة، التي تضاف إلى الملح والفلفل بوصفها مكونات رئيسية في تحضيره. بينما تأتي إضافات الخضراوات لكي تعطي تفضيلات أخرى، مثل البصل والفلفل الأخضر والطماطم.

طبق الفول يختلف مذاقه وفق طريقة الإعداد وطريقة التقديم (مطعم سعد الحرامي)

«حلو أم حار»؟، هو السؤال الأول الذي يوجهه جمعة محمد، صاحب إحدى عربات الفول الشهيرة بشارع قصر العيني بالقاهرة، للمترددين عليه، في إشارة إلى نوعَيْه الأشهر وفق طريقتي تقديمه التقليديتين، فطبق فول بالزيت الحلو يعني إضافة زيت الذرة التقليدي عند تقديمه، أما «الحار» فهو زيت بذور الكتان.

يقول جمعة لـ«الشرق الأوسط»: «الحار والحلو هما أصل الفول في مصر، ثم يأتي في المرتبة الثانية الفول بزيت الزيتون، وبالزبدة، وهي الأنواع الأربعة التي أقدمها وتقدمها أيضاً أي عربة أخرى»، مبيناً أن ما يجعل طبق الفول يجتذب الزبائن ليس فقط نوعه، بل أيضاً «يد البائع» الذي يمتلك سر المهنة، في ضبط ما يعرف بـ«التحويجة» أو «التحبيشة» التي تضاف إلى طبق الفول.

طاجن فول بالسجق (مطعم سعد الحرامي)

وبينما يُلبي البائع الخمسيني طلبات زبائنه المتزاحمين أمام عربته الخشبية، التي كتب عليها عبارة ساخرة تقول: «إن خلص الفول أنا مش مسؤول»، يشير إلى أنه مؤخراً انتشرت أنواع أخرى تقدمها مطاعم الفول استجابة للأذواق المختلفة، وأبرزها الفول بالسجق، وبالبسطرمة، وأخيراً بالزبادي.

كما يشير إلى الفول الإسكندراني الذي تشتهر به الإسكندرية والمحافظات الساحلية المصرية، حيث يعدّ بخلطة خاصة تتكون من مجموعة من البهارات والخضراوات، مثل البصل والطماطم والثوم والفلفل الألوان، التي تقطع إلى قطع صغيرة وتشوح وتضاف إلى الفول.

الفول يحتفظ بمذاقه الأصلي بلمسات مبتكرة (المصدر: هيئة تنمية الصادرات)

ويلفت جمعة إلى أن طبق الفول التقليدي شهد ابتكارات عديدة مؤخراً، في محاولة لجذب الزبائن، ومعه تعددت أنواعه بتنويع الإضافات والمكونات غير التقليدية.

بترك عربة الفول وما تقدمه من أنواع تقليدية، وبالانتقال إلى وسط القاهرة، فنحن أمام أشهر بائع فول في مصر، أو مطعم «سعد الحرامي»، الذي يقصده المشاهير والمثقفون والزوار الأجانب والسائحون من كل الأنحاء، لتذوق الفول والمأكولات الشعبية المصرية لديه، التي تحتفظ بمذاقها التقليدي الأصلي بلمسة مبتكرة، يشتهر بها المطعم.

طاجن فول بالقشدة (مطعم سعد الحرامي)

يبّين سعد (الذي يلقب بـ«الحرامي» تندراً، وهو اللقب الذي أطلقه عليه الفنان فريد شوقي)، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن الأنواع المعتادة للفول في مصر لا تتعدى 12 نوعاً، مؤكداً أنه بعد التطورات التي قام بإدخالها على الطبق الشعبي خلال السنوات الأخيرة، فإن «لديه حالياً 70 نوعاً من الفول».

ويشير إلى أنه قبل 10 سنوات، عمد إلى الابتكار في الطبق الشعبي مع اشتداد المنافسة مع غيره من المطاعم، وتمثل هذا الابتكار في تحويل الفول من طبق في صورته التقليدية إلى وضعه في طاجن فخاري يتم إدخاله إلى الأفران للنضج بداخلها، ما طوّع الفول إلى استقبال أصناف أخرى داخل الطاجن، لم يمكن له أن يتقبلها بخلاف ذلك بحالته العادية، حيث تم إضافة العديد من المكونات للفول.

من أبرز الطواجن التي تضمها قائمة المطعم طاجن الفول بالسجق، وبالجمبري، وبالدجاج، والبيض، و«لية الخروف»، وبالموتزاريلا، وباللحم المفروم، وبالعكاوي. كما تحول الفول داخل المطعم إلى صنف من الحلويات، بعد إدخال مكونات حلوة المذاق، حيث نجد ضمن قائمة المطعم: الفول بالقشدة، وبالقشدة والعجوة، وبالمكسرات، أما الجديد الذي يجرى التحضير له فهو الفول بالمكسرات وشمع العسل.

رغم كافة هذه الأصناف فإن صاحب المطعم يشير إلى أن الفول الحار والحلو هما الأكثر إقبالاً لديه، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية التي تدفع المصريين في الأغلب إلى هذين النوعين التقليديين لسعرهما المناسب، مبيناً أن بعض أطباقه يتجاوز سعرها مائة جنيه (الدولار يساوي 48.6 جنيه مصري)، وبالتالي لا تكون ملائمة لجميع الفئات.

ويبّين أن نجاح أطباقه يعود لسببين؛ الأول «نفَس» الصانع لديه، والثاني «تركيبة العطارة» أو خلطة التوابل والبهارات، التي تتم إضافتها بنسب معينة قام بتحديدها بنفسه، لافتاً إلى أن كل طاجن له تركيبته الخاصة أو التوابل التي تناسبه، فهناك طاجن يقبل الكمون، وآخر لا يناسبه إلا الفلفل الأسود أو الحبهان أو القرفة وهكذا، لافتاً إلى أنها عملية أُتقنت بالخبرة المتراكمة التي تزيد على 40 عاماً، والتجريب المتواصل.

يفخر العم سعد بأن مطعمه صاحب الريادة في الابتكار، مشيراً إلى أنه رغم كل المحاولات التي يقوم بها منافسوه لتقليده فإنهم لم يستطيعوا ذلك، مختتماً حديثه قائلاً بثقة: «يقلدونني نعم. ينافسونني لا».