مستوطنون في قطاع غزة يطالبون بالعودة في الذكرى الـ11 لإخلائهم

الأمم المتحدة: إسرائيل تسرع وتيرة هدم المنشآت الفلسطينية

مستوطنون في قطاع غزة يطالبون بالعودة في الذكرى الـ11 لإخلائهم
TT

مستوطنون في قطاع غزة يطالبون بالعودة في الذكرى الـ11 لإخلائهم

مستوطنون في قطاع غزة يطالبون بالعودة في الذكرى الـ11 لإخلائهم

أعلنت مجموعة من المستوطنين اليهود، الذين تم إخلاؤهم قبل 11 عاما من مستوطنات قطاع غزة، أنهم وضعوا «خطة كفاح» تستهدف إعادتهم إلى المستوطنات المهجورة.
جاء ذلك خلال نشاطات أقاموها الليلة الماضية بمناسبة الذكرى السنوية للإخلاء، التي تضمنت مهرجانا كبيرا حضره المئات يمثلون عدة قوى من أحزاب وتنظيمات اليمين المتطرف، كما أقيمت 11 مظاهرة على الحدود مع قطاع غزة، في مناطق تطل على تجمعات الاستيطان، وقال بعضهم إنهم يكتفون ببناء مستوطنات حول قطاع غزة، لكن هناك من استغل هذه المناسبة وطالب بالعودة إلى المستوطنات نفسها.
وكان رئيس الوزراء الأسبق، أرئيل شارون، قد وضع خطة الانسحاب من قطاع غزة من طرف واحد في سنة 2005. وبعد ذلك قام إيهود أولمرت بتنفيذها عندما مرض شارون وتولى الحكم عنه. وقد أراد شارون حينها صد الضغوط الدولية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. وقد نجحت خطته تلك، إذ اعتبر العالم الانسحاب من غزة خطوة في الاتجاه الصحيح، مع أنها نفذت من دون اتفاق أو تنسيق مع السلطة الفلسطينية.
لكن قوى اليمين الإسرائيلي لم تغفر لشارون ولا أولمرت هذه الخطوة، وما زالوا يعتبرونها خطأ فاحشا، مهد لسيطرة حماس على الحكم وإطلاق الصواريخ على إسرائيل. إلا أن رئيس حكومة اليمين المتطرف بنيامين نتنياهو، امتنع عن إعادة احتلال قطاع غزة. وهذه أول مرة تنطلق من صفوف معسكره اليميني مطالب بإعادة الاستيطان.
ويرى المراقبون أن هذا المطلب لا يعتبر جماهيريا، إذ إن من مجموع 8000 مستوطن عاشوا في مستوطنات قطاع غزة، لم يحضر إلا بضع مئات لإحياء ذكرى الترحيل أمس.
وحتى هؤلاء الذين حضروا جاء معظمهم للاحتجاج وليس للمطالبة بالعودة، إذ إن 180 عائلة من المستوطنين لم يتح لهم بعد السكن في بيوت ثابتة. ومع ذلك يقول عامي جاي، أحد قادة هؤلاء المستوطنين، إن «أحدا لم ينس بيته في المستوطنات، والحلم بالعودة يرافق الجميع»، معلنا أن المبادرة للعودة تحظى بدعم كبير من المواطنين، وأضاف موضحا أنه «منذ أن أطلقنا هذه الدعوة، انضم إلينا في الشبكات الاجتماعية أكثر من 7000 مواطن يهودي من إسرائيل. وقد شكلنا مجلسا محليا يعمل على إعداد خطة العودة بالتدريج. وفي البداية نريد أن نمهد الأرض ونسحبها من حركة حماس التي بدأت مشروعا لتوزيعها على رجالاتها في القطاع، وسط عملية فساد ضخمة». وادعى أن «هناك فلسطينيين يؤيدون أن نعود إلى المكان، ويعتبرون ذلك بارقة أمل اقتصادية للسكان العرب وجزءا من مكافحة الفساد في حكومة حماس».
من جهة ثانية، أفادت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أمس أن إسرائيل هدمت في 2016 عددا من المنازل والمنشآت الفلسطينية، يتجاوز ما قامت به طوال العام 2015 في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.
وأورد مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة أنه منذ بداية 2016 تم هدم 726 منشأة، ما خلف 1020 نازحا، مقابل 531 عملية هدم وتشريد 688 فلسطينيا على مدى عام 2015.
والبنى التي تشير إليها الأمم المتحدة تشمل منازل وأمكنة لتربية الحيوانات أو تجهيزات مثل اللوحات الشمسية. ويقوم مانحون أجانب بتمويل بعض هذه البنى، بينهم الاتحاد الأوروبي، أو دول مختلفة تؤكد أنها تتحرك لتلبية الحاجات الإنسانية الملحة لدى سكان يعانون احتلالا عسكريا، وتتقلص وسائل معيشتهم مع استمرار الاستيطان أو العمليات العسكرية الإسرائيلية.
ومن جهتها، ترد إسرائيل بأنها تهدم منشآت غير مرخص لها، مكررة سيادتها على القدس الشرقية التي احتلتها وضمتها، والاتفاقات مع الفلسطينيين التي تمنحها السيطرة الكاملة الإدارية والأمنية على المنطقة «ج»، أي الضفة الغربية المحتلة.
وأوضح مكتب الأمم المتحدة أنه خلال الأسبوع الماضي وحده «هدمت السلطات الإسرائيلية أو أجبرت مالكين على أن يهدموا بأنفسهم 42 بناء لافتقارها إلى ترخيص بناء، ما تسبب بتشريد 30 شخصا، وأثر على حياة أكثر من 1200 شخص» في القدس الشرقية والضفة الغربية.
ومنذ 1988، تم تنفيذ 2800 أمر هدم، علما بأن عائلات فلسطينية لا تزال مهددة بأوامر مماثلة يناهز عددها 11 ألفا، بحسب الأمم المتحدة. فيما نددت الخارجية الفرنسية، أول من أمس، بعمليات الهدم التي طالت الأسبوع الفائت بنى تمولها فرنسا في قرية النبي صموئيل في الضفة، مذكرة بأنها المرة الثالثة التي يتم فيها هدم أو مصادرة مبان تمولها فرنسا في 2016. وأعربت عن «قلقها البالغ حيال تسارع وتيرة هدم ومصادرة المنشآت الإنسانية».
وفي واشنطن، وجهت الدبلوماسية الأميركية تحذيرا جديدا في شأن قرية سوسيا في جنوب الضفة الغربية المهددة بالإزالة. وقالت الخارجية الأميركية إنه «إذا نفذت الحكومة الإسرائيلية عمليات الهدم في سوسيا، فذلك سيكون مقلقا جدا وسيكون له تأثير سلبي جدا على حياة السكان الفلسطينيين الذين سبق أن نزحوا مرارا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.